افضل مواضيع جميلة بالصور

هل يجوز للاب طرد ابنه من البيت

يقع كثير من الاباء في خطا فادح عندما يقررون -اما في لحظة غضب او بعد تفكير طويل- ان يطردوا ابناءهم من البيت متخيلين ان في هذا الطرد حلا او مقدمة حل لما يعانونه من مشاكل مع هؤلاء الابناء، وتزداد فداحة هذا الخطا عندما يصدر من اهل الخير والصلاح.

اننا في كثير من الاحيان نقدم على افعال لظننا ان اقدامنا عليها مظهر من مظاهر القوة والمبادرة الى الفعل، لكنها في حقيقة الامر ليست سوى مظهر من مظاهر الضعف والعجز عن حل المشكلات، ومسالة طرد الابناء من البيوت خير مثال على ذلك.

عندما كان المجتمع اكثر قوة وتماسكا ومحافظة على الاعراف والتقاليد الصحيحة المستمدة في كثير منها من تعاليم الشرع الحنيف، كان طرد الابن من البيت ان حصل يمثل هزة عنيفة للابن تدفعه لتوسيط اهل الخير والصلاح من الجيران والاقارب كي يعفو الاب ويصفح، وفي المقابل كان المجتمع يؤدي دوره المنوط به فيسعى لراب الصدع ويعيد الابن للبيت مقابل وعد منه بالحرص على بر الوالدين وترك ما يغضبهما، اما اليوم فمع اتساع رقعة العمران وتعقد العلاقات الاجتماعية وتشعبها، ومع كثرة العوامل المؤثرة التي تسهم في توجيه سلوك الابناء، فان الابن المطرود سيجد كثيرا من هذه العوامل يدفعه لا في اتجاه البيت سعيا لارضاء والده بل في الاتجاه المعاكس تماما حيث التشجيع على مواصلة التمرد على الاب وتزيين ذلك له وتصوير الاب على انه المخطئ وانه من ينبغي ان يصحح خطاه بالركض خلف ابنه والتوسل اليه للعودة الى البيت، وفي ظل كثرة اسباب الفساد المتاحة بيسر وسهولة هذه الايام فان طرد الابن من البيت قد يعني بصورة غير مباشرة دفع الابن للوقوع فريسة سهلة في شباك الفساد والمفسدين.

بعض الصالحين قد يقدم على طرد ابنه من المنزل لتقصيره في اداء بعض الصلوات في المسجد، او لتكاسله عن بعضها، او لاكتشافه انه يدخن او غير ذلك، لكن السؤال المهم هو: هل بطرد الابن سيصير الابن محافظا على الصلاة وسيقلع عن التدخين، ام ان هذا الطرد سيؤدي به الى ترك الصلاة بالكلية او التمادي في التدخين وما هو اسوا ؟

بعبارة اخرى، هل الطرد حل للمشكلة ام انه سيؤدي الى تفاقمها او الى حدوث مشاكل اخرى؟

ان البيت الصالح والبيئة الصالحة في زماننا اشبه ما تكون بسفينة نوح التي تجري في موج كالجبال من الفتن والخطوب، ويجب على الاباء والامهات الحرص على الابناء كل الحرص كي يركبوا في السفينة؛ لقد لبث نوح عليه الصلاة والسلام يدعو قومه الف سنة الا خمسين عاما، تسعمائة وخمسين عاما يدعوهم الى الله عز وجل بلا كلل او ملل بكل وسيلة اتيحت له {قال رب اني دعوت قومي ليلا ونهارا (5)… ثم اني دعوتهم جهارا (8) ثم اني اعلنت لهم واسررت لهم اسرارا (9)} [سورة نوح] ومع كل ذلك قال الله تعالى {وما امن معه الا قليل} [سورة هود:40]، وهذا بلا شك من الابتلاء لهذا الرسول الكريم واشد منه ان يكون ابنه-اقرب الناس اليه نسبا- وزوجه -اقرب الناس اليه سببا- من الذين لم يؤمنوا.

حري بالاباء الذين قد يظنون ان في طرد الابناء حلا ان يتاملوا مشهدا مهيبا قصه القران الكريم، انه المشهد الاخير بين نوح عليه السلام وابنه قبل ان يبتلعه الطوفان، لقد ادرك عليه السلام الخطر العظيم المحدق بابنه في هذه اللحظة الحرجة التي تفصل بينه وبين الجنة او النار فناداه بارق عبارة نداء المشفق المحب فقال: (يا بني)! وكان يمكن ان يناديه باسمه يا فلان لكنه اراد ان يلين قلبه وان يذكره بابوته التي لن ياتيه منها الا كل خير، ثم انه لم يدعه في هذا الموقف للايمان رغم طول ما دعاه اليه من قبل خوفا منه عليه السلام ان ياتي جواب ابنه بالاعراض عن الهدى كما كان يعرض طوال السنين الماضية فيختم له بالكفر لكنه عدل عن ذلك الى قوله: {يا بني اركب معنا}، يعني لا اريد منك الان سوى الركوب لتنجو من الغرق فها انت ترى الموج حولنا من كل مكان ولا نجاة لك الا بالركوب معنا، ثم يقول: {ولا تكن مع الكافرين} [هود: الاية42] فلم يقل: (ولا تكن من الكافرين) كي لا يكون عونا للشيطان عليه فيزداد عتوا ونفورا، وكذلك خشية ان يكون هذا هو حكمه في نهاية المطاف، فلما راى انخداع ابنه بما يراه في الجبل من عصمة من الغرق، قال: {لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم} [هود: من الاية43] ولم يقل لن يعصمك الجبل، فلم يخاطبه بعينه بهذا الخطاب بل جعلها قضية عامة شفقة عليه، ثم ذكره برحمة الله رجاء ان يكون من اهلها.

فاعد النظر مليا في هذا الموقف النبوي، وقارنه موقف ذلك النبي الكريم باولئك الذين يبادرون الى طرد ابنائهم ولعنتهم عند حدوث خطوب لا تقاس بما احدثه ابن نوح!
ان طرد الاب ابنه يعني ان كل حبال الحوار والاقناع قد انقطعت، لكن نوحا عليه السلام لم يقطع الحوار مع ابنه ابدا، فبرغم اعراض الابن عن الاستجابة له عليه السلام الا انه بقي يسعى في هدايته ونجاته الى اخر لحظة متاحة، ولم يقطع حبل الحوار الذي بينه وبين ابنه من تلقاء نفسه، بل ما انقطعت دعوته له الا بامر خارج عن ارادته {وحال بينهما الموج فكان من المغرقين} [هود:43]، وعلى الرغم من ذلك بقي عليه السلام متعلقا بالامل لوعد الله له ان ينجيه واهله فقال: {رب ان ابني من اهلي وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين} [هود:45]، فلم يفعل ما يفعله كثير من الاباء او الامهات من الدعوة على ابنائهم وهو الامر الذي نهى عنه الشارع وحذر منه خشية ان تكون ساعة اجابة ولات حين مندم، بل دعا ربه سبحانه وتعالى بخير ابنه على ما كان منه.

نعم قد يكون في بقاء الابن المشاكس في البيت عدد من المفاسد، لكن طرده من البيت قد يؤدي الى مفاسد اكبر من ذلك بكثير وهو الامر الذي ينبغي ان يتفطن له الاباء، فيدفعوا اكبر المفسدتين بتحمل ادناهما، بل ان الاب لو شعر ان زيادة انكاره او نصحه لابنه سيؤدي الى ان يهجر الابن البيت فعليه ان يخفف من ذلك ويتحين الفرص المناسبة ويسدد ويقارب، وهذا ما فعله نوح عليه السلام فقد علم ان غرق ابنه على الكفر اكبر مفسدة يقع فيها الابن، فسعى لانقاذه من الغرق بركوبه معه ولو كان على الكفر، فبنجاته من الغرق يبقى الامل موجودا في ايمانه وصلاح شانه.

هذا هو مقتضى الحكمة والربانية في مثل هذه المواقف، وما سوى ذلك فليس من الحكمة والتعقل بل وليس من تحمل مسؤولية الاولاد التي سيسالنا عنها الله في شيء.
الدكتور / ناصر العمر

 

  • طرد الابن من المنزل بسبب الصلاه
  • هل يحق للاب طرد ابنته من البيت قانونا؟
  • طرد الأب لابنه من البيت في السنة
  • طرد الأب لابنه من البيت
  • رساله للذي يطرد ابنه
  • حكم طرد الابناء
  • حكم طرد الأب لابنه من البيت
  • حكم طرد الأب لإبنته من المنزل
  • هل يمكن للاب طرد بنه من المنزل
  • الاب يطرد ابنه من البيت
السابق
10 اسباب مفاجئة للقلق
التالي
كبشة بنت هوذة