افضل مواضيع جميلة بالصور

قصة النبي صالح باختصار

صالح
في منطقة الحجر التي تقع بين الحجاز والشام، والتي تسمى الان (بمدائن صالح) كانت تعيش قبيلة مشهورة تسمى ثمود، يرجع اصلها الى سام بن نوح، وكانت لهم حضارة عمرانية واضحة المعالم، فقد نحتوا الجبال واتخذوها بيوتا، يسكنون فيها في الشتاء؛ لتحميهم من الامطار والعواصف التي تاتي اليهم من حين لاخر واتخذوا من السهول قصورا يقيمون فيها في الصيف.
وانعم الله -عز وجل- عليهم بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، فاعطاهم الارض الخصبة، والماء العذب الغزير، والحدائق والنخيل، والزروع والثمار، ولكنهم قابلوا النعمة بالجحود والنكران، فكفروا بالله -سبحانه- ولم يشكروه على نعمه وعبدوا الاصنام، وجعلوها شريكة لله، وقدموا اليها القرابين، وذبحوا لها الذبائح وتضرعوا لها، واخذوا يدعونها، فاراد الله هدايتهم، فارسل اليهم نبيا منهم، هو صالح -عليه السلام- وكان رجلا كريما تقيا محبوبا لديهم.
وبدا صالح يدعوهم الى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك ما هم فيه من عبادة الاصنام، فقال لهم: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره} [الاعراف:73] فرفض قومه ذلك، وقالوا له: يا صالح قد كنت بيننا رجلا فاضلا كريما محبوبا نستشيرك في جميع امورنا لعلمك وعقلك وصدقك، فماذا حدث لك؟! وقال رجل من القوم: يا صالح ما الذي دعاك لان تامرنا ان نترك ديننا الذي وجدنا عليه اباءنا واجدادنا، ونتبع دينا جديدا ؟! وقال اخر: يا صالح قد خاب رجاؤنا فيك، وصرت في راينا رجلا مختل التفكير.
كل هذه الاتهامات وجهت لنبي الله صالح -عليه السلام- فلم يقابل اساءتهم له باساءة مثلها، ولم يياس من استهزائهم به وعدم استجابتهم له، بل ظل يتمسك بدين الله رغم كلامهم، ويدعوهم الى عبادة الله الواحد الاحد، ويذكرهم بما حدث للامم التي قبلهم، وما حل بهم من العذاب بسبب كفرهم وعنادهم، فقال لهم: {واذكروا اذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبواكم في الارض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا الاء الله ولا تعثوا في الارض مفسدين} [الاعراف: 74] ثم اخذ صالح يذكرهم بنعم الله عليهم، فقال لهم: {اتتركون في ما هاهنا امنين . في جنات وعيون . وزروع ونخيل طلعها هضيم} [الشعراء:146-148].
ثم اراد ان يبين لهم الطريق الصحيح لعبادة الله، وانهم لو استغفروا الله وتابوا اليه فان الله سيقبل توبتهم، فقال : {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره هو انشاكم من الارض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا اليه ان ربي قريب مجيب} [هود: 61] فامنت به طائفة من الفقراء والمساكين، وكفرت طائفة الاغنياء، واستكبروا وكذبوه، وقالوا: {ابشرا منا واحدا نتبعه انا اذا لفي ضلال وسعر . اؤلقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب اشر} [القمر: 24-25].
وحاولت الفئة الكافرة ذات يوم ان تصرف الذين امنوا بصالح عن دينهم وتجعلهم يشكون في رسالته، فقالوا لهم: {اتعلمون ان صالحا مرسل من ربه} _[الاعراف:75] اي: هل تاكدتم انه رسول من عند الله؟ فاعلنت الفئة المؤمنة تمسكها بما انزل على صالح وبما جاء به من ربه، وقالوا: {انا بما ارسل به مؤمنون} [الاعراف: 75] فاصرت الفئة الكافرة على ضلالها وقالوا معلنين كفرهم وضلالهم: {انا بالذي امنتم به كافرون} [الاعراف: 76] ولما راى
صالح -عليه السلام- اصرارهم على الضلال والكفر قال لهم: {يا قوم ارايتم ان كنت على بينة من ربي واتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله ان عصيته فما تزيدونني غير تخسير} [هود: 63].
وكان صالح -عليه السلام- يخاطب قومه باخلاق الداعي الكريمة، وادابه الرفيعة ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة تارة، ويجادلهم تارة اخرى في موضع
الجدال، مؤكدا على ان عبادة الله هي الحق، والطريق المستقيم. ولكن
قومه تمادوا في كفرهم، واخذوا يدبرون له المكائد والحيل حتى لا يؤمن به اكثر الناس، وذات يوم كان صالح -عليه السلام- يدعوهم الى عبادة الله، ويبين لهم نعم الله الكثيرة، وانه يجب شكره وحمده عليها، فقالوا له: يا صالح ما انت الا بشر مثلنا، واذا كنت تدعي انك رسول الله، فلابد ان تاتينا بمعجزة واية.
فسالهم صالح -عليه السلام- عن المعجزة التي يريدونها، فاشاروا على صخرة بجوارهم، وقالوا له: اخرج لنا من هذه الصخرة ناقة طويلة عشراء، واخذوا يصفون الناقة المطلوبة ويعددون صفاتها، حتى يعجز صالح عن
تحقيق طلبهم، فقال لهم صالح: ارايتم ان اجبتكم الى ما سالتم اتؤمنون بي وتصدقونني وتعبدون الله الذي خلقكم؟ فقالوا له: نعم، وعاهدوه
على ذلك، فقام صالح -عليه السلام- وصلى لله -سبحانه- ثم دعا ربه ان يجيبهم الى ما طلبوا.
وبعد لحظات حدثت المعجزة، فخرجت الناقة العظيمة من الصخرة التي اشاروا اليها، فكانت برهانا ساطعا، ودليلا قويا على نبوة صالح، ولما راى قوم صالح هذه الناقة بمنظرها الهائل امن بعض قومه، واستمر اكثرهم على كفرهم وضلالهم، ثم اوحى الله الى صالح ان يامر قومه بان لا يتعرضوا للناقة بسوء، فقال لهم صالح: {هذه ناقة الله لكم اية فذروها تاكل في ارض الله ولا تمسوها بسوء فياخذكم عذاب اليم} [الاعراف: 73].
واستمر الحال على هذا وقتا طويلا، والناقة تشرب ماء البئر يوما، ويشربون هم يوما، وفي اليوم الذي تشرب ولا يشربون كانوا يحلبونها فتعطيهم لبنا يكفيهم جميعا، لكن الشيطان اغواهم، فزين لهم طريق الشر، وتجاهلوا تحذير صالح لهم فاتفقوا على قتل الناقة، وكان عدد الذين اجمعوا على قتل الناقة تسعة افراد، قال تعالى: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون}
[النمل: 48] ثم اتفقوا مع باقي القوم على تنفيذ مؤامرتهم، وقد تولى القيام بهذا الامر اشقاهم واكثرهم فسادا، وقيل اسمه قدار بن سالف..
وفي الصباح، تجمع قوم صالح في مكان فسيح ينتظرون مرور الناقة لتنفيذ مؤامرتهم، وبعد لحظات مرت الناقة العظيمة فتقدم احدهم منها، وضربها بسهم حاد اصابها في ساقها، فوقعت على الارض، فضربها قدار بن سالف بالسيف
حتى ماتت، وعلم صالح بما فعل قومه الذين اصروا على السخرية منه
والاستهزاء به، واوحى الله اليه ان العذاب سوف ينزل بقومه بعد
ثلاثة ايام، فقال صالح -عليه السلام- لهم: {تمتعوا في داركم ثلاثة ايام}
_[هود:65] ولكن القوم كذبوه واستمروا في سخريتهم منه والاستهزاء به، ولما دخل الليل اجتمعت الفئة الكافرة من قوم صالح، واخذوا يتشاورون في قتل صالح، حتى يتخلصوا منه مثلما تخلصوا من الناقة، ولكن الله -عز وجل- عجل العذاب لهؤلاء المفسدين التسعة، فارسل عليهم حجارة اصابتهم واهلكتهم..
ومرت الايام الثلاثة، وخرج الكافرون في صباح اليوم الثالث ينتظرون ما سيحل عليهم من العذاب والنكال، وفي لحظات جاءتهم صيحة شديدة من
السماء، وهزة عنيفة من اسفلهم، فزهقت ارواحهم، واصبحوا في دارهم هالكين مصروعين.. قال تعالى: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ان في ذلك لاية لقوم يعلمون . وانجينا الذين امنوا وكانوا يتقون} [النمل: 52-53] وهكذا اهلك
الله -عز وجل- قوم صالح بسبب كفرهم وعنادهم وقتلهم لناقة الله، والاستهزاء بنبيهم صالح -عليه السلام- وعدم ايمانهم به، وبعد ان اهلك الله الكافرين من ثمود، وقف صالح -عليه السلام- ومن معه من المؤمنين ينظرون اليهم، فقال صالح -عليه السلام- : {يا قوم لقد ابلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين} _[الاعراف: 79].
ولقد مر النبي -صلى الله عليه وسلم- على ديار ثمود (المعروفة الان بمدائن صالح) وهو ذاهب الى تبوك سنة تسع من الهجرة، فامر اصحابه ان يمروا عليها خاشعين خائفين، كراهة ان يصيبهم ما اصاب اهلها، وامرهم بعدم دخول القرية الظالمة وعدم الشرب من مائها. [متفق عليه].

  • قصة النبي صالح بختصار
السابق
مطبخ الاعضاء
التالي
نسبة الحمل بعد المنشطات