افضل مواضيع جميلة بالصور

هل تجرؤين ؟ لجيسكا ستيل

 

  • الملخص

    -اذن انت الانسة ديكنسون 000 المصدر الوحيد لمشاكلى فى الوقت الحاضر ؟
    لم تفهم لورا السكرتيرة البسيطة كيف تشغل بال روب ماكفرسون رئيس مجلس الادارة العظيم الى هذه الدرجة ، ولكنها ادركت ان مستقبلها محكوم بالدمار من هذا الرجل ، ومع هذا قبلت التحدى :
    -حياتى الخاصة ملكى سيد ماكفرسون 000 ولن اقبل ان يفرض على احد شيئا !
    000 وهكذا بدات الحرب ، واستعمل فيها الطرفان كافة انواع الاسلحة ، واثبت روب ماكفرسون ان لاشئ يقف فى طريقه عندما يريد امرا

    فصول الرواية
    1-العدو الخفي 0
    2-سباق مع الخوف 0
    3-انت لا شئ !
    4-وذاب جبل الجليد 0
    5-جميلة ولكن 000
    6-في وجه الريح 0
    7-رجل اخر للوارا 0
    8-لغة الجسد 0
    9-هديتها الوحيدة
  • 1-العدو الخفي 0
    ما ان دخلت لوارا عبر باب المبنى الحديث الذى يحوى مكاتب شركة دارموند حتى رفعت ذقنها عاليا وبشكل اكثر قليلا من المعتاد ، وقطعت المدخل المفروش بالسجاد السميك ، لتتوجه فورا الى مكتب الاستعلامات 0
    قالت للشابة الانيقة المظهر ، الموظفة هناك : انا لوارا ويلكنسون .. لدى موعد مع السيدة شارب 0
    ردت الفتاة بلطف : فى الثانية عشرة والنصف .. اليس كذلك ؟ انت مبكرة بضع دقائق .. لكن اذا احببت ان تستقلى المصعد الى الاعلى طابق فى المبنى ، فستجدين السيدة شارب ، ثالث باب الى اليسار 0
    شكرتها لوارا وتحركت باتجاه المصعد .. بدات معدتها تتقلص حين انطلق المصعد ، لكنها كانت تعرف ان السبب لم يكن منه ، فهى بالكاد تحس انه يتحرك .. خرجت من المصعد فى الطابق الاعلى ، وحين لم تشاهد احدا حولها اخذت بضعة انفاس تهدئ بها روعها قبل ان تتجه الى الباب الذى وصفته لها موظفة الاستقبال .. دقها الثابت على الباب اجيب عليه على فورا : ادخل 0
    دخلت لوارا ، ولم تخدعها ابدا الابتسامة التى شاهدتها على وجه المراة التى رفعت راسها عن عملها على الطابعة وقالت : انسة ويلكنسون ؟ عظيم ، لن يتاخر عليك .. لو سمحت بالجلوس بضع دقائق 0
    ادركت لوارا انها لم تستدع الى هنا لمقابلة السيدة شارب ، لكن لمقابلته هو .. كائنا من كان ، وان ابتسامة المراة لها كانت حقيقية . جلست حيث اشارت السيدة شارب ، لابد انها سكرتيرته .. هل هو مدير دائرة الموظفين اذا ؟
    -اتمانعين لو اكملت الطباعة ؟ لايبدو اننى ناجحة فى شئ هذا اليوم 0
    نظرت لوارا الى المراة ، فقدرت بانها فى منتصف الثلاثينات من عمرها .. واجابت : لا .. بالطبع لا امانع 0
    ثم ادارت نظرها فى الغرفة 0
    ولانها اعتادت على مظهر مكتبها القائم فى شركة غولدر وبروك لا يمكنها الا ان تصف مكتب السيدة شارب بالمخملى المترف : ظلال رقيقة من اللون الاخضر الفاتح تغطى الجدران ، السجاد على الارض اخضر قاتم ، وبامكانها المراهنة على ان السيدة شارب لم تمزق يوما جواربها النايلون وراء هذه الطاولة الاكثر حداثة 0
    لطالما افسدت جواربها بسبب طاولتها العتيقة .. حتى انها فقدت القدرة على العد لكثرة المرات التى تمزقت فيها الجوارب من قوائم طاولتها وطاولة رئيسها فى مكتبه الملاصق لمكتبها . وتذكرت انها اضطرت اكثر من مرة الى شراء اوراق زجاج لتنعم الخشب ، وبعد ازالة الخشونة من الطاولات ، وضعت لصوقا لاخفاء الشظايا الحادة غير المرتبة 0
    ذلك الصباح ، من يوم الاثنين ، كانت قد دخلت المكتب ، لكنها لم تتجه فورا كما تفعل الى طاولتها ، بل توقفت بالباب ، تنظر حولها الى الجدران الصفراء .. ماذا سيقول السيد مكدونالد ، رئيسها الجديد حين يراها ؟ حاولت ان ترى مكتبها عبر
    عينيه . من المؤكد انه ليس مما اعتاد عليه .. والمكتب المخصص له المجاور لمكتبها نسخة مماثلة عن مكتبها هذا ، لون الدهان نفسه ، قذر داكن ، مع انها لم تلاحظ هذا حتى اليوم . وماذا سيقول عن الطاولات العتيقة المزرية ؟
    شركة دارموند .. اوستراليا والتى من المفترض ان تكون الان المكتب الرئيسى ، تقع فى الناحية الاخرى من سيدنى ، وسيجد السيد مكدونالد ان مكتبه الجديد يختلف كثيرا عن مكتبه القديم .. فقد القت نظرة على مبنى شركة دارموند بعد ان اصبح من الواضح ان عملية شرائها لشركة غولدر وبروك امر جدى ، ووجدت ان المبنى حديث وواجهته من الزجاج الملون .. ولاحظت بناءه القوى ، الذى يبدو انه سيبقى راسخا لسنوات طوال ، على عكس المبنى الذى يحوى مكاتب شركة غولدر وبروك ، والمعرض للسقوط بين لحظة واخرى 0
    ابتعدت عن الباب نحو داخل الغرفة .. تفكر بالسرعة التى سارت فيها الامور بعد قبول عرض شركة دارموند .. من الافضل لها ان تبدا عملها الان ، لان السيد مكدونالد سيصل قريبا .. فهذا هو يومه الاول هنا .. لكن ، امامها الكثير من العمل تشغل نفسها به 0
    ابعدت حقيبة يدها .. رئيسها ، السيد غولدر ، تقاعد يوم الجمعة الفائت .. واليوم سيبدا العهد الجديد . فى البداية ظنت ان شركة دارموند كانت ترغم السيد غولدر على الرحيل ، الى ان قال لها بنفسه ، انه يتطلع بشوق الى اليوم الذى سيوقف فيه عمله ، ليقضى وقتا اطول مع زوجته المريضة ، ثم ، وبعد ان استوعبت حديثه عن التقاعد ، احست بالقلق على مركزها فى الشركة .. فمع كل مظاهر الافلاس ، تدفع الشركة افضل راتب من بين الكثير من الشركات المعروفة .. ورايبها هذا لم يكن ضروريا لها فقط ، بل كذلك لجولى والاولاد .. ولايمكنها تحمل شهر واحد من البطالة بحثا عن وظيفة تعطيها مرتبا مماثلا 0
    لكن خوفها هذا تلاشى قليلا حين قال لها السيد غولدر ان الشركة الرئيسية دارموند سترسل من يحل مكانه ، وانه قابل هيوز ماكدونالد ، وانه سيعجبها 0
    نظرت لوارا الى ساعتها ، انها العاشرة تماما .. لكن السيد ماكدونالد لم يصل بعد .. ربما مواعيد الدوام مختلفة فى مكاتب دارموند ، ودفنت راسها فى عملها . فى العاشرة والنصف ، مدت يدها دون وعى لترد على الهاتف حين رن جرسه .. وقالت كعادتها : سكرتيرة السيد غولدر تتكلم 0
    لكنها سرعان ما انتبهت ، وادركت انها لم تعد سكرتيرة السيد غولدر .. لكن صوتا انثويا سالها قبل ان تتمكن من تصحيح ما قالته : الانسة ويلكنسون ؟
    -نعم 0
    -صباح الخير ، هنا مكاتب شركة دارموند اوستراليا 0
    تغضن وجه لوارا تعجبا .. لكنها قررت ان السيد ماكدونالد لابد قد زار مكتبه القديم قبل المجئ الى هنا . وتوقعت ان تطلب السيدة منها الانتظار لتصلها به . تفكير جيد منه ان يتصل ليقول انه سيتاخر .. لكن الصوت الثابت القادر ، كما يبدو ، تابع : ايمكنك المجئ الى هنا فى الساعة الثانية عشرة والنصف ؟
    لم تستطع لوارا اخفاء دهشتها : اتريدين منى المجئ الى مكاتبكم ؟
  • -فى الثانية عشرة والنصف ، اذاكان الموعد مناسبا 0
    -حسنا .. اجل ..
    وتساءلت ماذا سيكون الرد لو قالت انها لن تستطيع . وكادت تطرح السؤال البديهى حول سبب طلبها للحضور الى دارموند . لكن الصوت اكمل تعليماته : اسالى عن السيدة شارب .. وداعا انسة ويلكنسون 0
    اعادت لوارا السماعة الى مكانها ، وقد تاه فكرها تماما عن اى عمل يمكن ان تقوم به . ما الداعى لان يطلب منها ان تعبر المدينة ، من اقصاها الى اقصاها ، لكى تقدم نفسها فى المكتب الرئيسى ؟ ومن هى السيدة شارب ؟ واين هو السيد ماكدونالد ؟
    فجاة جثم الخوف على صدرها بعد ان كان قد هجع عندما قال لها السيد غولدر انها ستبقى فى عملها ، الن ياتى السيد ماكدونالد ليتسلم مهامه ؟ وهل ستعتبر زائدة عن حاجة الشركة ، على الرغم من كل ما قيل عن عدم المساس بمراكز الموظفين ؟ اوه .. لا .. لن يفعلوا هذا .. لقد قال السيد غولدر انهم لن يستغنوا عن احد … واخذت بعض المواساة من هذه الفكرة ، لكنها لم تجد الراحة ، فالسيد غولدر لم يعد له شان بالشركة ، ودارموند يمكنها الرجوع عن كلمتها دون ان تستطيع عمل اى شئ 0
    حاولت لوارا ان تنسى هواجسها بواسطة العمل الى ان يحين وقت موعدها .. لكن دون جدوى . كما حاولت ان تبقى هادئة ، تقنع نفسها بغباء هواجسها . فتحت خزانة الملفات واخرجت ملف شركة دارموند تفتش فيه عن كل ورقة مراسلة قد تحمل اسم السيدة شارب ، مع انها لم تكن تتوقع ان تجده .. فما من احد فى مركز متنفذ قد يضيع وقته مع سكرتيرة بسيطة فى شركة من الدرجة الثانية . وذكرت نفسها : انها سكرتيرة من الدرجة الاولى ، بعد ان وافتها الكبرياء لتساعدها ، وقد ظنت ان السيدة شارب هذه هى مديرة شؤون الموظفين فى دارموند .. وانها قد تسمع شيئا فى الثانية عشرة والنصف ، تفضل ان لا تسمعه 0
    استفاقت من تفكيرها لدى سماع صوت الة الطباعة التى تستخدمها السيدة شارب ، والتى بدت لها من احدث الالات . ومع ان السيدة كانت تنقل ما تطبعه عن دفتر الاختزال ، الا ان لوارا لاحظت ان امامها اخر ما ابتكره العلم من الات . عكس طابعتها القديمة الطراز ، والتى تجد احيانا صعوبة فى اكمال الطبع عليها .. وعادت دائرتها الى مكتبها والى ذلك الصباح من يوم الاثنين 0
    كانت قد تفحصت ساعتها مرة اخرى والتقطت حقيبتها متجهة الى غرفة الملابس ..هناك غسلت يديها ، ومشطت شعرها العسلى الاملس حتى مؤخرة عنقها حيث يسترسل من هناك ليتجعد على كتفيها . ثم استقامت بعد اضطرارها للانحناء لتتمكن من النظر الى المراة التى كانت لا تناسب طولها الذى يزيد عن مئة وسبعين سنتيمترا ، ثم تراجعت تنظر الى نفسها فى البذلة الرمادية والقميص الزهرى .. فمها الجميل غير مبتسم .. وما من احد فى دارموند سيعرف شيئا مما تخفى … ستبلغ السادسة والعشرين فى الشهر المقبل ، وهى فى سيدنى منذ اكثر من ست سنوات .. ومنذ ذاك التاريخ ، كانت تخفى طبيعتها الدافئة عن الجميع ،
  • ماعدا عائلتها ، وربما السيد غولدر وجوناس . الصورة التى حدقت بها الان كانت مليئة بالوقار الذى طالما هدفت اليه . وفيها البرود الذى قتل المشاعر المشبوبة لاكثر من فرد من افراد الجنس الاخر . فهى لم تكن تهتم بعلاقات عابرة .. وستمر سنوات قبل ان تفكر بالزواج 0
    برزت نظرة تصميم على وجهها وهى تخرج من غرفة الملابس .. اذا كان مقدرا لها ان تودع وظيفتها ، فستسمع هذه السيدة شارب ، اذا كانت من تظنها ، رايها الصريح بالاساليب التى استخدمتها دارموند لخداع السيد غولدر 0
    فجاة تلاشى كل اهتمام لوارا بافكارها بعد رنين جرس الهاتف الداخلى على طاولة السيدة شارب . وعلمت انها على وشك ان تستدعى الى الباب الاخر الوحيد فى الغرفة عدا الذى دخلت منه .. ضغطت السيدة شارب الزر ، وبدات معدة لوارا تعود الى تقلصها السابق ، ثم توقف التقلص ، بسبب ارتفاع غضب مفاجئ ممزوج بالكرامة ، وقال صوت لطيف من الهاتف الداخلى بكل ثقة بالنفس : ارسلى الانسة ويلكنسون ، ارجوك ، سيدة شارب 0
    لم تعجبها ثقته بنفسه حتى قبل ان تراه .. ما ازعجها انه كان واثقا ان السكرتيرة الصغيرة من شركة غولدر وبروك ، ستترك كل شئ من يدها لتهرع مستجيبة لاستدعائه ، حتى انه لم يسال : هل وصلت الانسة ويلكنسون ؟ لقد كان واثقا انها هنا .. وقفت ، رافعة الراس حتى زاوية متعجرفة . واستدارت السيدة شارب اليها : السيد ماكفرسون سيقابلك الان 0
    -السيد ماكفرسون ؟ روب ماكفرسون ؟
    ابتسمت السيدة شارب : هذا صحيح .. ولاحاجة لابقائه منتظرا 0
    اغمضت لوارا عينيها قليلا ، وقد تشوشت افكارها وهى تستدير الى الباب .. روب ماكفرسون يريد رؤيتها ؟ حتى دون ان تقرا اوراق دارموند هذا الصباح لتقول لها انه رئيس مجلس الادارة ، فانها تتذكر بوضوح توقيعه . كتابته واضحة جريئة ، ولاعيب فيها ، رسائله واضحة مباشرة .. وهو يريد ان يراها !
    توقفت ، اصابعها تمسك مقبض باب مكتبه .. ليس امامها الان اى وقت لكى تعيد ترتيب افكارها المشوشة .. فبعد لحظات ، ستواجه رئيس مجلس ادارة شركة دارموند اوستراليا ، دارموند عبر البحار . والله وحده يعرف كم هى الشركات التابعة لها . رفعت راسها مجددا ، وادارت المقبض لتدخل 0
    على الفور لاحظت ان الرجل الذى كان ينظر اليها هو رجل لا يضيع ذرة وقت . يبدو انها تاخرت لحظات عن اجابة طلبه ( ارسلى الانسة ويلكنسون ) لانه فى هذه اللحظات اصبح مشغولا بمكالمة هاتفية . استدارت لتقفل الباب ، ثم واجهت الغرفة مجددا لترى ان عينيه لازالتا مثبتتين عليها ، على جسدها ثم على وجهها . وبينما صوته السلطوى يصدر الاوامر ، بقيت نظرته كما هى تكمل تفحصه لها . بعض من تكبرها عاودها وهى ترد له نظرته .. خمنت انه طويل القامة اذا وقف ، ورات ان له شعرا اسود كالليل ، وعينين مماثلتين سوادا ، كانت له طلعة خشنة قاسية صارمة ، فمه صارم يعطى الانطباع بالقسوة ، الى ان يتفرس المرء جيدا بشفته السفلى
  • دون سبب ظاهر برزت كلمة العاشق الى راسها ، فاشاحت بصرها عنه لاول مرة . كان هناك دليل على الحساسية فى تلك الشفة السفلى تقول لها انه لم يبلغ سنة الظاهر هذا .. وكم هو .. سبعة وثلاثون .. ثمانية وثلاثون ؟ دون ان تكون له حصته من مغامرات الهوى … وابعدت تفكيرها بسرعة عن مثل هذه الافكار .. مابالها تفكر بمثل هذه الامور ؟ انها متاكدة من عدم اهتمامها من بعيد او قريب بحياته العاطفية .. لكن ، بطريقة غريبة .. كان وجود هذا الرجل يثير فيها احاسيس لم تذكر يوما انها فكرت بوجودها 0
    وقع نظرها على جهاز تسجيل رسائل مماثل للذى راته على مكتب السيدة شارب .. ثم نسيت امره تماما بعد ان عاودها التفكير بسبب استدعائها الى هنا . لايمكن ان يكون السبب هو ابلاغها عدم الحاجة اليها ، وعاودها بعض من ثقتها الضائعة بنفسها .. فلا مجال لان تتصور ان رئيس مجلس الادارة الافخم للشركة الضخمة هذه قد يكون هو من سيقول لها ان خدماتها لم تعد مطلوبة .. ربما كان يريد معرفة شئ نسى ان يسال عنه السيد غولدر .. مع انها لا تظن ان هذا الرجل يمكن ان ينسى شيئا .. ربما يظنها قادرة على اعطائه لرد دون ان يزعج السيد غولدر فى تقاعده .. فهى تعاطت مع الكثير من الامور السرية .. مع ذلك ، لماذا يجب ان تاتى الى هنا لتراه وهو قادر على رفع سماعة الهاتف ومكالمتها .. وتوقفت افكارها فجاة بعد ان انهى مكالمته 0
    اسند ظهره الى كرسيه ، مسترخيا غير مباليا ، لكن وميض المكر كان فى عينيه وهذا لايمكن سوى لابله ان لايلاحظه . مد يده الاكثر من قادرة ، يشير الى مقعد قريب من طاولته ، ولمحت ازرار قميص من البلاتين تجمع اسفل كمهمعا من تحت سترته السوداء 0
    -اجلسى انسة ويلكنسون 0
    كانت لوارا تحس بعينيه تتبعان كل حركاتها وهى تتقدم لتجلس . بدا لها انه لايهتم كثيرا بالمجاملات العادية ، بابتلعت تحيتها التى حضرتها له . وقالت وهى تحس بقليل من قلة الراحة حين لم يضف شيئا على اوامره لها بالجلوس : اردت رؤيتى .. على ما اعتقد 0
    خرجت كلماتها منها باردة ، واحست بسعادة لهذا . حتى انها اعتقدت ان برودة كلماتها كانت تتناسب مع مظهرها المتحذلق ، لكنها شاهدت لمعان شئ فى عينيه ، ولو لوقت متناه فى الصغر ، حين سمع لهجتها ، لكن ذلك الوميض اختفى فورا 0
    -اذا .. انت لوارا ويلكنسون .. اوه .. اجل انسة ويلكنسون .. ارد رؤيتك 0
    ومع ان كلماته كانت رقيقة منخفضة الصوت ، الا انها احست ان هناك لمسة شريرة من العداء فيها . حاولت ان تتذكر لعلها فعلت شيئا خاطئا وهى تعمل لدى السيد غولدر قد لايروق للمالكين الجدد .. عدا بعض الهفوات العادية البسيطة ، كانت الامور فى شركة غولدر وبروك تسير بسهولة ونعومة
    قالت له ، اخذة زمام المبادرة فى ادارة المعركة على ارضه ، لانه كما بدا ، غير مستعجل على تنويرها عن سبب وجودها هنا : تقول هذا وكانك تؤمن اننى مخطئة فى شئ ما 0
    رد عليها كلامها ، دون ان يكون كلامه مستساغا : انا بعيد عن ان احكم على اى خطا لك ، لكن حين يتكرر ذكر اسمك امامى بهذا الالحاح ، خلال الاسابيع السابقة ، حين واجهت مشكلة لوارا ويلكنسون مجددا هذا الصباح .. تبادر لى ان الوقت قد حان لان اراك 0
    تمكنت لوارا ، وفى الوقت المناسب ، من منع عينيها عن الاتساع عجبا لتكشف عن دهشتها . وصدمها ان يكون رئيس مجلس الادارة يعرف اسمها عدا عن انه يظنها مشكلة امامه . وماذا يعنى بالضبط يكلمة اخطاء لها ؟ واستقامت فى مقعدها ، تظهر فى عينيها نظرة عداء مماثلة له : لا استطيع التفكير بسبب يجعلنى موضع نقاش كثير سيد ماكفرسون 0
    تجاهل روب ماكفرسون ملاحظاتها ، وطافت عيناه عليها مجددا ، مع انها واثقة انه لم يفوت اى تفصيل لها من النظرة الاولى ، ثم قال ، متعمدا كما ظنت : لا استطيع القول اننى اجد اى خطا فى ذوق بريستونز 0
    -بريستونز ؟
    لم تحب تقييمه لها ، ولم تحب الحديث الذى بدا ياخذ منحنى شخصيا .. انها هنا للعمل .. ولاتظنه يطريها بقوله انه لا يستطيع ان يجد خطا فى ذوق بريستونز .. ثم من هو بريستونز هذا ؟ الشخص الوحيد الذى تعرفه بهذا الاسم هو جوناس .. بتردد سالت : جوناس …
    فجاة ، زال اى ادعاء باللطف عن الرجل ، واكد لها : جوناس بريستونز ..
    لم يعد هناك اى تساهل فى تصرفاته بعد ان عاد الى مشكلة لوارا ويلنكسون مجددا .. مما اعطاها انطباعا انه ولو كان يعرف جوناس ، فان اسمه ذكر عرضيا .. واكمل يقول : منذ نوقش موضوع شراء شركة غولدر وبروك لاول مرة ، حدثت ضجة جانبية كبيرة حول موضوع لوارا ويلكنسون 0
    -ضجة .. ؟
    حاولت ان تفكر ، لكن الضباب ملا راسها ، وهى التى لم تسمع يوما بشئ مما جرى مع دارموند ولم تقابل يوما احدا من مسؤوليها ، فكيف لها ، وهى سكرتيرة للسيد غولدر ، ان تثير ضجة لها علاقة بالمفاوضات .. ولم تستطع ان تزيد شيئا على كلمتها السؤال “ضجة ؟ ”
    وقال : كان من المهم ، اذا اردنا ان تسير الاتفاقية دون معوقات ، ان نصل الى اتفاق يلحظ ان لايحصل اى تغيير للموظفين .. السيد غولدر ، والسيد بروك معا ، اصرا على هذا … وانا شخصيا كنت موافقا .. من وجهة نظرى ، سنحتاج الى المزيد من الموظفين ، لا ان نطردهم 0
    كانت لوارا سريعة التفكير الا انها لم تستطع مجارته فى افكاره ، اذ وجدت صعوبة فى معرفة سبب قول كل هذا لها 0
    لكنها سالت : لكن ما شان كل هذا بى ؟
  • نظر اليها روب ماكفرسن مقطبا ، وكانها لاتعرف السبب ، وكانها تلعب لعبة خاصة بها . وقال ببرود : ساقول لك ما شانك بكل هذا .. بسبب .. صداقتك .. مع بريستونز ، كادت المفاوضات تصل الى كارثة 0
    شهقت لوارا : صداقتى مع جوناس ؟
    كيف يمكن لصداقتها معه ان تحطم الاتفاق ؟ وارادت ان تضحك .. الامر سخيف !
    لكن رغبة الضحك تلاشت بسرعة وهى تنظر الى روب ماكفرسون ، لم يكن فى عينيه السوداوين اى وميض من الضحك ، وهو يقول لها : كان نيكولاس ماكداف قاسيا فى اصراره على صرف موظف واحد على الاقل من الخدمة 0
    علق الاسم فورا فى راسها تذكرت انها قرات فى اوراق الشركة هذا الصباح ان نيكولاس ماكداف هو احد مدراء الشركة ، وهذا يعنى انه احد افراد مجلس الادارة .. فهل كان صوته ضروريا لعملية الشراء ؟ لكنها لم تقابله من قبل ، ولا كان جوناس يعرفه .. فهو لم يذكره امامها يوما .. ومع ذلك فهناك شخص واحد اراد نيكولاس هذا الخلاص منه قبل ان يصوت لمصلحة الاتفاق .. فهل كان هذا الشخص .. هى ؟ لابد هذا .. لكنها لم تستطع ان تفكر بما يمكن ان يكون لنيكوس ضدها 0

    تعاظم القلق داخلها ، لادراكها ان امنها الخاص مهدد ، ومعه ازداد اقتناعها بانها الشخص الذى اصر نيكولاس ماكداف على الخلاص منه . احساسها بالخطر كان اساسه ما يمكن ان يعنيه هذا لجولى والاولاد فيما اذا خسرت وظيفتها ، فقد انساها هذا التفكير نيكولاس ماكداف وكذلك شان جوناس وماهى علاقته بكل الامر . وكل ما احست انها بحاجة اليه ، هو فقط الرد على سؤال طغى على كل ماعداه : هل استدعيتنى الى هنا لتقول لى اننى مصروفة من العمل ؟
    -واضح ان عملك يعنى الكثير لك .. لقد مضت سنوات كثيرة منذ صرفت موظفا بنفسى 0
    الطريقة التى قالها فيها جعلتها تدرك دون ادنى ريب انه مازال قادرا على تحمل ان يفعل مثل هذا العمل القذر مرة اخرى اذا وجده ضروريا … وسالت : هذا .. السيد ماكداف .. يريد طردى .. اليس كذلك ؟
    لم يرد على سؤالها .. وجلست بوضوح انه يعتقد بانها تعرف اكثر مما تظهر .. وانها تمثل دور البلاهة لغرض فى نفسها .. وتابع يقول : بعيدا عن اننى رايت الوقت قد حان لرؤية الشوكة التى فى خاصرة نيكولاس .. الا ان هناك سببا اخر لرغبتى فى رؤيتك 0
    اخذ تفكير لوارا يبحث فى كل الاتجاهات .. لقد بدات تهدا اكثر الان ، مع ان ثقتها بنفسها لم تكن على المستوى الذى ترغبه .. لكن حلقها كان اقل جفافا وهى تحاول تبريد صوتها كى لاتفضح شيئا مما يدور فى نفسها . واخترعت كلاما من حيث لا تدرى : سيد ماكدنالد ؟
    -اجل .. فهيوز مكدونالد ، لسوء الحظ ، اصيب بحادث سيارة فى نهاية الاسبوع . ومما قاله لى الاطباء ، ستمر ثلاثة اشهر قبل ان يتمكن من القيام بعمله

    عدة امور اتضحت فى ذهنها ، احدها ان مجئ مكدونالد لاستلام العمل مكان السيد غولدر ، ليس بخرافة . امر اخر سجله تفكيرها ، هو ان السيد روب ماكفرسن وجد الوقت الكافى ليتحدث شخصيا مع اطباء السيد مكدنالد .. وبرز واقع كبير وشديد الاهمية ، هو ان السيد ماكفرسون سيلتزم بوعده للسيد غولدر حول عدم صرف احد من الخدمة على الرغم من معارضة نيكولاس ماكداف هذا0
    قالت بصوت اجش : اتقول … ؟
    صمتت .. عليها ان توضح الامور قبل ان يبلغ الشك منها مبلغه ، ابتلعت ريقها بشدة وحاولت مرة اخرى : اتقول ان السيد هيوز مكدنالد ، حين يعود الى متابعه عمله ، سابقى سكرتيرة له ؟
    رد ببرود : اذا كانت هذه رغبتك ، لقد قال لى السيد غولدر انك اكثر كفاءة من اى سكرتيرة اخرى استخدمها فى حياته .. وليس لدى سبب يدفعنى الى عدم تصديقه . وانا واثق انك وهيوز ستتفقان معا ..
    -لكن .. الازال السيد ماكداف هذا .. يريد طردى ؟
    رفع روب ماكفرسون حاجبه قليلا وقال : السيد ماكداف .. هذا ؟
    واضح انه لايصدق انها لاتعرف لماذا يكرهها هذا الرجل .. ثم تابع : المسالة تتعدى ما ذا كان يريد ام لا .. فانا لاارغب فى ان يبدا كل الموظفين عندكم بالتساؤل عن استقرار وامن وظيفتهم ، لو اننى انحنيت امام الضغط للتخلص من احدهم ، خصوصا وان هذا الشخص مشهود له بكفاءته 0
    مما قاله روب ماكفرسون ، اتضح لها انه قاوم محاولات ماكداف لطردها ، لكن الضغط مازال موجودا ، وعرفت ان هذا الضغط سيبقى يزعجها بعد عودتها الى مكتبها ، اذا لم تعرف ماذا يحمل هذا الانسان ضدها ، وسالت : لماذا يريد صرفى من العمل ؟
    تلقت نظرة حادة متفرسة من روب ماكفرسون زادت من المها .. وعلمت انه لن يقول لها الا متى شاء .. لكنها لم تنتظر طويلا .. وقال لها بغموض : لانه اب محب بشكل خاص 0
    هذا الخبر لم يثر افكارها .. اكثر الاباء محبون لابنائهم ، ولاترى ان هذا سبب لهذا الاب بالذات لان ينقم عليها . واضاف روب ماكفرسون : نيكولاس ماكداف ، يعبد الارض التى تسير فوقها ابنته .. تعرفين بالطبع ان جوناس بريستونز رجل متزوج ؟
    زاد هذا الحديث من ارتباك لوارا . وتساءلت ما اذا كان السيد ماكفرسون قد تعمد ذكر جوناس كى يربكها مجددا .. فقد لاحظت انها لو لم تكن تعرف ان جوناس متزوج ، فهو لن يعتذر لانه اول من قال لها . وقالت باختصار : ايلين .. زوجة جوناس تركته منذ سنة 0
    سالها بحدة : اتعرين ايلين ؟
    -التقينا من قبل ….
  • لم تعبها لهجته الحادة .. ولم يعجبها كذلك كل هذا الحديث .. انزعاجها كان عظيما من ملاحظتها بانه قادر على توجيه الحديث فى اى اتجاه يختاره بغض النظر عما اذا كان هذا يهمها ام لا . ولم تعد تهتم كذلك باعتراض نيكولاس ماكداف على عملها فى دارموند بهذه القسوة ، فقد قال لها روب ماكفرسون ان عملها مؤمن ، وتستطيع ان تتفهم عدم رغبته فى ان يشعر بقية العمال بان وظائفهم مهددة .. فهو فى فترة من الصعب فيها ايجاد عمال مهرة ، لايريد ان يخاطر بخلق اضطراابات فى مواقع العمل ، او ان يتخلى عنه رجال يعتمد عليهم . اخذت نفسا عميقا محاولة للسيطرة على الغضب الذى تصاعد داخلها ، وقالت : اذا كان الامر سيان عندك سيد ماكفرسون ، افضل ان تبقى حياتى الخاصة شخصية لى . فهى لاتؤثر ابدا فى الطريقة التى انفذ بها واجباتى .. ولا ارى اى سبب لان تدخل صداقتى لجوناس بريستونز فى نقاش عمل 0
    للحظات ، ساد صمت مطبق فى المكتب العصرى .. وشاهدت عينيه تضيقان . بدت عليه نظرة قاسية ، وادركت ان احدا من موظفيه لم يجرؤ يوما على ان يتحدث اليه كما فعلت … ثم ، وعيناه مستمرتان فى النظر اليها ، لاحظت ان النظرة القاسية استرخت ، بينما بقيت نظرة المكر فى عينيه ، وقال بصوت هادئ : انت يائسة للاحتفاظ بوظيفتك . اليس كذلك ؟
    كانه يقول لها ببرود انه لاحظ تماما انه قد هز كيانها المتحذلق حين ظنت ان وظيفتها ستنتزع منها ، ثم ، ومع بقاء بروده ، تركها دون اى شك حول قساوته : اظن انه من الافضل ان نوضح امرا واحدا ، وفى الحال ، انسة ويلكنسون .. طالما انت فوق ذلك المقعد ، وطالما استمر فى دفع مرتبك ، سنتناقش باى امر واره مناسبا للنقاش 0
    لم تكن لوارا قد تلقت كلاما فى حياتها بهذه الطريقة السلطوية .. ولم تستطع قول اى شئ ، حتى ولو كان عقلها قادرا على الوصول الى فكرة … روب ماكفرسون لم يرفع صوته ، ولكن كان فى لهجته الفولاذ الذى لايلين .. ولقد احست به 0
    واكمل بنفس اللهجة القاسية الباردة : اذا قررت ، ولمصلحة الشركة ، ان هناك امورا محددة فى حياتك الخاصة تحتاج الى البحث فيها ، بغض النظر عن اية مشاعر حميمة قد يثيرها ذلك البحث .. ولايكن لديك شك فى هذا 0
    مع كل محاولاته لان يبدو مسترخيا ، فلا جدال حول لهجته .. ومع كل الصعوبات التى احست بها فى الجلوس بهدوء واستيعاب كلامه ، وفى تلك اللحظة ، لم تعد تثق بانه قد يسحب وعده ببقائها سكرتيرة لهيوز مكدونالد . ابتلعت لوارا ريقها بقوة تكبح غيظها . وقالت : حسن جدا سيد ماكفرسن .. لقد اوضحت لى ان لاخيار امامى سوى الجلوس هنا والاستماع لما تريد ان تقوله 0
    لو ظنت انها قادرة على التلاعب بالكلمات معه ، والخروج منتصرة لوجدت نفسها مخطئة ، فقد استرخى فى مقعدها الى الوراء ، وجاء صوته حريريا ، يحك ذقنه بيده 0
    -لمجرد اعلامك اذ كنت لاتعرفين هذا الواقع ، فان نيكولاس ماكداف هو والد ايلين بريستونز
    صاحت لوارا بدهشة : والد ايلين !
    بدا شئ من تماسكها يتلاشى بعد ان القى روب ماكفرسون هذه المعلومات فى وجهها .. ففى المناسبات النادرة التى ذكر جوناس فيها حماه ، كان يقول فقط والد ايلين ولم يشر اليه مرة باسمه 0
    ثم ، وقبل ان تتمكن من بدء الربط بين كل الاحداث لتصل الى سبب رغبة ماكداف بالخلاص منها .. طرح روب ماكفرسون المسالة بوضوح امامها كى لايكون هناك مجال للخطا حول السبب الاساسى لطلبها الى المكتب الرئيسى هنا فقال : لقد سبق وقلت لك عن مقدار حب نيكولاس ماكداف لابنته .. وبسبب هذا الحب بالضبط ، رغب فى ان يتاكد من انها لن تعرف لحظة الم .. استطيع القول ، انه مؤمن بانك ومن خلال بريستونز ، تسببت لها بذلك ، ولهذا عانى الامرين ليزيلك من عداد الموظفين . فمنذ ان بدات اجراءات الاستيلاء على شركة غولدر وبروك ، واصبح على معرفة بانك من عداد الموظفين ، كاد يزهق انفاسى فى محاولته لان اوافق على صرفك من العمل 0
    -لكن …
    حاولت لوارا مقاطعته ، لكنها عرفت انها تضيع جهدها .. فقد وصل روب ماكفرسون الى لب الموضوع ، واذا كان متساهلا معها من قبل ، فقد توقف عن هذا منذ خمس دقائق حين تحدته بانها لاتريد ان تناقش معه حياتها الخاصة 0
    نظر مباشرة الى عينيها الزرقاوان القاتمتان ، وقال لها دون اظهار اية مشاعر : انا اعترض بشدة على تلقى الالتماسات فى كل فرصة متاحة ، للخلاص منك . لكننى اجد نفسى ، ولاسباب اخرى ، فى وضع اضطر معه لان اتحمل الضغط 0
    تساءلت لوارا فى نفسها عن هذه الاسباب الاخرى . لم تكن تظن ان رجلا فى مركزه مضطر لتحمل اى شئ لا يروق له ، مع انها فهمت انه انما قصد التجانس والتفاهم ضمن مجلس الادارة .. ومما لاشك فيه ، ان هناك الكثير من الفروقات فى الاراء على هذا المستوى ، انه كرئيس مجلس الادارة ، مضطر لان يستبقى الامور سائرة قدر المستطاع .. لكن ما كان يقوله الان … ؟
    قاطعها صوت روب ماكفرسون مجددا : كما ذكرت سابقا .. طرح اسمك مجددا هذا الصباح .. وكان هذا فى معرض ذكر حادثة هيوز مكدونالد ، وانك الان دون رئيس مباشر .. عندها فكرت انه حان الوقت لان القى نظرة على تلك الانثى التى اصبحت مصدر قلق كبير لى ، كما هى لنيكولاس ماكداف 0
    مال الى الامام وقد استرخى فكه المتصلب ، وتابع : انا اخشى كثيرا انسة ويلكنسون ، اننا لو اردنا معا ان نحصل على ما ترغب به قلوبنا ، انت ان تحتفظى بوظيفتك التى تعنى لك الكثير ، وانا ان احصل على بعض السلام مع نيكولاس ماكداف ، عليك ان تتخذى قرارا بخصوص بريستونز 0
    شهقت لوارا : بريستونز ؟
    -اعتقد ، انسة ويلكنسون ان عليك التفكير جديا بان تتراجعى عن صلتك العاطفية ببريستونز …
  • – سباق مع الخوف 0-
    عشيقة !
    كانت صدمتها كبيرة لسماع وصفها بانها عشيقة جوناس بريستونز ، حتى انها وقفت دون ان تعى انها فعلت هذا واكملت غاضبة : كيف تجرؤ على قول هذا ؟
    لكنها وجدت روب ماكفرسون يتجاهل غضبها ، ويسالها ببرود : لمذا الانكار ؟ فمن المعروف لدى الجميع انك تظهرين فى كل مكان معه 0
    دفع كرسيه الى الوراء ووقف ببرود ، كما توقعت كان طويلا يعلوها وهو ينظر اليها بسخرية .. ردت بحرارة : ان اشاهد برفقة جوناس ، لايجعلنى عشيقة له !

    بدا روب ماكفرسون ليس متهتما باى دفاع تطرحه .. فذكرها ، وهو يكتف ذراعيه قائلا : لقد قلت بنفسك ان ايلين تركته منذ سنة .. وبريستونز ليس من النوع الذى يخجل من النساء .. لقد بقى متزوجا لمدة سنة قبل ان تتركه ايلين ، ولذا فهو معتاد على صحبة النساء .. هل تتوقعين منى حقا ان اصدق ان علاقتك معه هى مجرد صداقة بريئة وانت المراة الوحيدة التى اقترن اسمها باسمه ؟
    اشتعلت لوارا غضبا : اجل .. اتوقع منك ان تصدق 0
    استطاعت ان تلاحظ ، انه ليس بالشخص الذى يختبئ وراء ما يؤمن بانه كذب .. فاضافت : انا وجوناس مجرد صديقين ، ولاشئ اكثر 0
    -اتحاولين القول بان بريستونز امضى السنة الماضية كلها بعزوبية كاملة ؟ دعك من هذا انسة ويلكنسون .. من ملفك اعرف انك فى السادسة والعشرين ولابد انك كنت تلعبين لعبة الكبار منذ سنوات . لا استطيع ان اصدق انكما كنتما تتواعدان منذ اثنتى عشر شهرا ، ولازلتما فى مرحلة الامساك بالايدى فقط 0
    كانت على وشك ان تصحح معلوماته بانها تخرج مع جوناس منذ تسعة اشهر فقط ، لكنها وجدت الفرصة ضائعة حين اكمل ساخرا : اتحاولين القول انه لم يحاول مطلقا تقبيل هذا الفم الشهى ؟
    احست بان اشارته الى فمها ووصفه بالشهى جعلتها تفقد توازنها 0
    -اجل .. لا .. انا ..
    تاخرت كثيرا فى الرد ، وتلقت نظرة ساخرة اخرى ، تقول انه يفهم من ترددها ، ان بريستونز قد فعل ، وقالت : الامر ليس كما تظن 0
    رد ساخرا : طبعا !
    -لا تحكم على جوناس بمقاييسك الخاصة !
    فى الصمت المتوتر الذى تبع ردها الحاد ، عرفت انها تجاوزت حدها بعد ان تلاشى جو السخرية عنه . فسالها بهدوء شرير : اتسمحين بان تشرحى كلامك ؟
    غادرها غضبها ، فقد بدا لها مستعد لان يرميها خارج المكتب لوقاحتها ! ثم عاد الغضب للانتشار مجددا .. من يظن نفسه برميه الاهانات فى وجهها ولايتلقى الرد ؟ وقالت ترفض التراجع : لا اعتقد ان من الممكن ان تكون مرت عليك فترة سنة من العزوبية فى حياتك

  • وجدت ان هجومها هذا قد اثار تسليته ، فتلاشت النظرة القاسية عن وجهه ، وشاهدت اطراف فمه تتحرك قبل ان يكبح ابتسامته ، ثم رفع معصمه لينظر الى ساعته ، وادركت انه ربما اعطاها من وقته اكثر مما سمح به لاى موظف عنده0
    -اراؤك حول عزوبيتى ، او عدمها ، تبدو مثيرة للاهتمام انسة ويلكنسون .. لكن ، لسوء الحظ ليس لدى الوقت الكافى للسماح بالتوسع فى هذا ، ارجعى الى مكتبك الان .. وساتصل بك ثانية 0
    استعدت للرحيل ، كلمة “ارجعى الى مكتبك ” صدرت عنه وكانه يوجهها الى شخص من طبقة ادنى من طبقته ، الا انها اعتقدت ان هذه هى طريقته فى الحديث .. لكنها وتوقفت عند كلمة ” ساتصل بك ثانية ” ماذا يعنى بها ؟ ايعنى ان نقاشهما حول علاقتها بجوناس لم ينته بعد ؟ وانه لكى يحصل على الهدوء والسلام ، مستعد لان يحاول ثانية ان يجعلها تتخلى عن جوناس ؟ قالت له باندفاع : لن اتوقف عن رؤية جوناس 0
    -لم اتوقع ان تفعلى .. مع اننى اعتقد ان الفكرة تستحق التفكير .. وارى الان اننى كنت محقا باستنتاجى الاول … لقد تطورت العلاقة كثيرا بينكما 0
    سار معها الى الباب بهدوء وفتحه لها .. فكبحت ردا حادا على تعليقه .. قالت بحزم ، وهى تخرج عبر الباب الى المكتب الخارجى : وداعا سيد ماكفرسون 0
    -وداعا انسة ويلكنسون 0
    واقفل الباب وراءها 0
    لاحظت لوارا ان السيدة شارب لم تكن على مكتبها ، لكنها لم تضطر الى النظر الى ساعتها لتعرف ان مقابلتها مع روب ماكفرسون قد جاوزت موعد الغداء . كانت مضطربة مشوشة الفكر ، لذا لم تفكر الغداء ، واخذ تفكيرها يجول فى كل جزء من حديثهما وهى فى طريقها الى مكاتب غولدر وبروك 0
    من الصعب ان تقرر اى جزء مما حدث كان له الاولوية فى التفكير .. واضح ان نيكولاس ماكداف قد اخرج كل سكاكينه وشحذها استعدادا لها .. وواضح كذلك ان ايلين كانت تنظر بسخط كبير الى صداقتها مع جوناس ، لكن لماذا ؟ العلاج فى يدها .. فهى من تركت جوناس ، وليس العكس ، وهى من شعرت اكثر من غيرها ان جوناس يريد عودتها .. فكرت لوارا قليلا بما قاله جوناس عن تحطم زواجه ، وكيف ان الايام الاولى منه كانت عاصفة .. تذكرت انه قال لها ” لم اكن اقلق حول مشاجراتنا المتكررة كثيرا .. فكلانا معتاد على تنفيذ ما يريد على طريقته .. وكنت اظن ان الحب الذى نكنه لبعضنا يكفى لان يجعلنا نتخطى الصعاب .. فمن المعروف ان كل زواج تحصل فيه بعض المصاعب فى البداية . وتذكرت لوارا ذلك الحزن على وجهه لان زواجه بالكاد عاش سنته الاولى ، وهو يخبرها عن الشجار المشتعل الذى تسبب فى ترك ايلين له .. ” كنا قد تجاوزنا لتونا شجارا عاصفا حين خطرت لوالدها فكرة انظمامى الى مؤسسته .. وقال لها العجوز ان كل شئ معد جيدا لان احتل مركزى فى مجلس الادارة ، ولم يكن بحاجة لان يقول ان هذه الفكرة راقت لايلين فهى تعرف ان تلك الفتاة ذات الخلفية العائلية الثرية ، حاصلة على درجة ممتاز جدا فى العجرفة .. وانها كونت
  • فكرة سريعة عنهما حين التقيا بها مع مرافق لها فى احد المسارح ، وزاد فى اثبات ذلك الراى ، ما سمعته من ايلين وهى تهمس لجوناس ، مع ظنها ان احدا لن يسمعها : ” الاتزال تكدح ليل نهار لترفع من قيمة مصنعك الحقير جوناس ؟” ساعتها ، ادارت لوارا راسها كى لا تحرجه ، لكن ليس قبل ان ترى النظرة المتصلبة على وجهه 0
    كان اصرار جوناس على رفضه التخلى عن اعماله فى الصناعة ، والتمتع بما يفعل ، حتى ولو كان يقلع فوق الارض ، السبب الرئيسى لقرار ايلين بتوضيب حقائبها والعودة الى منزل ابيها … مع ان لوارا تعتقد ان المشاكل السابقة ، والتى ذكرها لها جوناس ، هى اسباب اضافية لقرارها بتركه ، وللانصاف ، جوناس لم يقلل ابدا من قدر ايلين ، لكنه كان يرى انه لن يساوى شيئا لو تخلى عن وجهه نظره 0
    تركت لوارا التفكير بروب ماكفرسون الى النهاية ، املة ان يكون دمها قد برد حتى الوقت الذى تبدا فيه التفكير بكلامه .. لكن ، بتذكرها لنظرته الساخرة السوداء التى تقول انه لايصدق بانها وجوناس ليسا على علاقة ، مهما حاولت الاحتجاج ، فقد علمت انها ستبقى تشعر بالسخط طويلا لانه تجرا واتهمها بوقاحة0
    انها تعرف ان هناك كثيرات فى هذه الايام وهذا العصر لايصلن الى سن السادسة والعشرين دون ان تكون لهن الخبرة التى الصقها بها .. ولكن ان يتهمها هى بها ، وبوقاحة ؟
    ذهبت ذلك المساء الى منزلها وهى تعلم ان معاودة التفكير بمقابلتها مع روب ماكفرسون مرة اخرى امر لاطائل وراءه . فتفكيرها تعب من التفكير طوال بعد الظهر ، الى ان اضطرت الى تحويل ذهنها نحو كيفية تدبير امر العمل دون رئيس مباشر . ولحسن الحظ ، فان السيد غولدر كان يهتم بالماكينات اكثر من اهتمامه بالعمل المكتبى ، لذلك لم تتوقع الكثير من المشاكل ، لانه كان يقضى فى مواقع العمل وقتا اكثر من المكتب ، ولهذا اعتادت على التعامل بكل شئ بنفسها0
    بعد ان دخلت شقتها .. احست انها فقدت شهيتها للطعام .. لامت روب ماكفرسون وتفكيره القذر على هذا ، وقررت القيام ببعض الاعمال المنزلية اولا ، ثم تحاول ان تاكل بعد ذلك 0
    ركزت افكارها على جوناس وهى تجوب فى شقتها الصغيرة ترتبها .. ايجب ان تقول له ماجرى اليوم ام لا ؟ وبعد تفكير قررت ان لا . انه الان غائب عنها ، ومنذ اسابيع ، فى رحلة عمل الى اوروبا ، وسيعود اليوم ، مع امل ان يكون دفتر طلباته ممتلئا .. اوه .. كم تتمنى ان يكون حصل على مايسعى اليه .. ولو حصل هذا ، فكيف ستتمكن من اتعاسه ومحو فرحه باخباره عما حصل . واذا فشل فى رحلته الاوروبية ، فكيف يمكن لها ان تريد من احباطه باعلامه ان حماه يحاول سلبها وظيفتها ، بسبب ذلك التفسير الذى وضعه روب ماكفرسون لصداقتهما ؟ ثم تذكرت ان جوناس لم يعرف بعد بامر بيع الشركة .. وانها لو لم تكن تنظر الى
  • المسالة على انها سرية ، لكانت اخبرته بها اخر مرة التقيا فيها . حينها كان يمكنه ان يقول لها عن علاقة حماه بشركة دارموند 0
    كما انه لايمكن ان يكون قد قابل ايلين مؤخرا . والا لقالت له ان دارموند قد اشترت غولدر وبروك ولكان ذكر الامر لوارا .. كانت تعرف ان ايلين تخرج مع جوناس فى بعض المناسبات ، وان هذا قد يعنى انها لا تزال تحبه ، لكن مقابلاتهما لم تكن ابدا تنتهى حبيبا .. ولذلك لايكون بعدها حلو المعشر ابدا .. لكن بديهتها كانت تقول لها انه لابد سيتصل بايلين فور عودته الى سيدنى .. اذ سيكون متشوقا لان يخبر احدا عن نجاحه .. ومن افضل من المراة التى يحبها ؟
    حين رن جرس الهاتف ، قبل الثامنة تماما ، كانت لوارا فى منتصف التفكير بما ستختاره لعشائها .. فخرجت من مطبخها الصغير الى غرفة الجلوس والطعام معا ، والتقطت الهاتف . وصاحت بفرح لسماع صوت المتكلم : جوناس ! لم اتوقع سماع صوتك الليلة 0
    -لقد وصلت لتوى 0
    -اعرف .. لكننى ظننت …
    ادركت ان ليس من اللياقة ان تقول له انها ظنته سيتناول العشاء مع ايلين خصوصا اذا كان سبب عدم احتفاله مع زوجته ، فشله فى مفاوضاته الاوروبية وسالت مترددة ، مستعدة لابداء العطف ، ودعوته لمشاركتها العشاء ، اذا وجدته محبطا : كيف احوال العمل ؟
    لكن المشاركة فى العشاء لم تكن مطلوبة . مع انها لم تكن واثقة من امر العطف حين قال لها : الاعمال كانت رائعة .. لقد حصلت على عدة عقود هناك 0
    احست لوارا بالفرح الحقيقى : اوه … جوناس هذا امر رائع ! لكنك لاتبدو سعيدا0
    مرت لحظات صمت ، ثم قال : انا فى الواقع .. شديد الاثارة ، بعد ان اثمرت كل جهودى .. لكن .. خذلت فى الحصول على موعد للعشاء .. واظنك قد تناولت طعامك الان 0
    كانت صداقتهما عفوية قوية بحيث انها لم تغضب لانها كانت الثانية . وتعرف جيدا ما حصل . لابد انه اتصل بايلين وطلب منها العشاء معه ، ووافقت ايلين ، ولكن ، وكما هو معروف عنها ، اتصلت فيما بعد ، وفى اخر لحظة لتقول انها لن تقدر على الخروج معه .. خفق قلبها اشفاقا عليه .. وقالت : فى الواقع جوناس ، انت تتحدث الى فتاة تكاد تموت جوعا .. لقد فاتنى الغداء اليوم ومن الممكن ان التهم جوادا كاملا 0
    -ايمكن ان تكونى جاهزة فى نصف ساعة ؟ لدى طاولة محجوزة للثامنة والنصف0
    تعرف لوارا ان جوناس لابد قد حجز طاولة فى افخم المطاعم التى تفضلها ايلين ، ويمكنها ان تراهن على هذا . ويبدو ان المناسبة تستدعى ارتداء الفستان الاسود الصغير .. فاخرجت ثوب السهرة الاسود من خزانتها .. انها تملكه منذ مدة طويلة وقد شاهده جوناس عليها عشرات المرات ، ولكنها واثقة انه يناسبها ، ولطالما احست انها رائعة فيه فياقته المفتوحة المستديرة ، تظهر بشرتها الكريمية اللون
  • ذهب تفكيرها نحو اول لقاء لها مع جوناس وهى تستحم بسرعة .. يومها ، ولانها لايمكن لها ان تسمح لنفسها بالتورط ، كانت دائما تتاكد من انها اذا استجابت لمواعدة اى رجل اكثر من مرة واحدة ، فيجب ان تكون هذه اللقاءات متباعدة كى لايظن ذلك المرافق انها ستخرج معه دائما .. ثم انها نادرا ما كانت تواعد الرجل نفسه اكثر من ثلاث مرات .. التقت جوناس فى حفلة ، واعجبها الرجل الطويل الاشقر الشعر ووافقت على الخروج معه .. لم يقل لها جوناس انه متزوج حتى اللقاء الثالث ، لكن الغضب الذى تملكها لهذا الخبر ، هداته معرفتها الجيدة بالرجل نفسه ، لقد احبت اخلاقه الهادئة ، واحست بالراحة معه .. واحبت اكثر جو النضوج حوله ، فهو على عكس غيره ممن عرفتهم ، لم تعتقد بان مجرد خروجها معه يعنى بانه سيحصل على مكافاة ما فى نهاية السهرة . ثم ، قالت له نهاية موعدهما الثالث ، انها لن تخرج معه بعد .. وكان مستعدا لتقبل الامر ، مع انه شرح لها انه لايريد شيئا منها سوى الصداقة 0
    اخبار جوناس لها عن وحدته ، اعادت اليها ذكرى حية عن وحدة ابيها البايسة بعد ان تركته امها . وكم بدا مهجورا يوم طلاقهما .. وبقيت عزلته معه ، لم تبددها سلسلة مدبرات المنزل حاولن التوافق معه 0
    لكن كل هذا تبدل يوم جاءت تلك الارملة الجميلة جولى ، فى ذلك اليوم الجميل لتكون مدبرة المنزل ، ومعها ابنها مارك ، ثلاث سنوات ، وبونى المقترب من السنة . كان من الصعب التجهم بوجودها .. ومنذ تلك اللحظة عادت الحياة الى زخمها مجددا . وتزوج ابيها من جولى بعد فترة قصيرة ، واصبحت ايامها الحزينة من الماضى ، وملات جولى المنزل بالضحك ، وعلمت لوارا ، المراهقة الوقورة المتزمتة كيف تضحك .. ولن تنسى لوارا لطف ورقة جولى ابدا . صحيح انه لم يكن هناك المزيد من المال ، لكن جولى اصرت على ان تدخلها الى افضل معاهد السكرتيريا .. والدها ميت الان ، والمال اصبح شحيحا ، واصبح مارك الان فى الرابعة عشرة بينما يكاد بونى يبلغ السابعة عشرة ، وتجاهد لوارا فى ان تفعل ما بامكانها لتامين حياة جولى والاولاد ، ولاعطائهما الفرحة نفسها التى اصرت امهما على اعطائها لها 0
    جوناس سيصل عما قليل .. ولامست شفتيها باصبع الاحمر ، تعيد التفكير باللقاء الصدفة الذى جمع بينهما ، واقتراحه المتهور بان تتناول العشاء معه .. وتذكرت الافكار التى استعادتها عن وحدة ابيها وتساءلت ما اذا كانت فى عينى ابيها قبل ان تمحوها جولى .. كلاهما استفاد من هذه الصداقة .. فمن جهتها ، وبما ان الزواج بعيد عن تفكيرها الان الى ان يتامن مستقبل مارك وبونى ، لديها صديق عزيز ، واذا استطاعت مساعدته على تخطئ هذه المرحلة فستكون مسرورة جدا0
    حين وصل ، قالت له : تبدو بصحة جيدة .. الم تتعب كثيرا ؟
    -امضيت ايامى الاحق الاتفاقيات ، ولم اكن فى اجازة 0
    -وحصلت على ما تريد ؟
    هز راسه : اجل .. وباستطاعتى الان ان انام لمدة اسبوع
  • -لكن ليس قبل ان تطعم صديقتك القديمة ؟
    ابتسم لها : شكرا لموافقتك على الخروج معى 0
    لم يذكر اسم ايلين ، لكنها كانت تفهم مشاعره وتعلم ان تراجع زوجته الغريبة الاطوار عن الخروج معه ، كما هى عادتها ، تركه متالما وفى مزاج لا يحتمل فيه صحبة احد 0
    كما توقعت ، كان قد حجز طاولة فى افخم مطاعم سيدنى .. وفى الطريق الى هناك بدا حماسه لعمله يظهر وهو يستعيد ذكرى بعض مفاوضاته فى اوروبا . كالعادة ، اهتمت لوارا بما كان يقول لها ، وقررت بان تستبقى خبر بيع الشركة الى وقت اخر ، وهكذا اصغت بانتباه وهو يروى لها كيف سارت الامور ، بعد مواجهته معارضة شديدة .. ثم ، اوقف سيارته امام المطعم 0
    وقفت لوارا تتطلع حولها فى مدخل المطعم بينما تقدم جوناس يسال عن طاولتهما .. المكان كان يعجبها ، مع انها لاتتناول الطعام مع جوناس عادة فى مثل هذه الامكنة الفخمة المكلفة . سمعت همس فتح الباب ، لكنها لم تشعر بالاهتما بمن وصل . فمشاعرها كانت مركزة على لوحة مائية رائعة معلقة على الجدار الى يمينها .. حين سمعت اسمها ، كان الصوت الذى لفظة مالوفا بشكل ضبابى ، فاستدارت ببطء ، دون ان تكون متحضرة باى شكل للصدمة التى ستتلقاها : اليست هذه لوارا ؟ لم اتصور رؤيتك هنا !
    ثم ، ولصالح مرافقها قالت ايلين بريستونز ، مع معرفتها التامة ان لوارا ترافق جوناس : هل انت هنا وحدك ؟
    ردت لوارا باختصار اكثر مما كانت تنوى : انا هنا مع جوناس 0
    لم تكن لوارا تنوى الوقوف الى جانب احد فى هذا الخلاف الزوجى ، لكنها كانت تعلم ان جوناس سيحس بالالم الرهيب لرؤية زوجته هنا ، وهى منذ اقل من ساعة ، اتصلت به لتقول انها لاتستطيع العشاء معه 0
    نظرت ايلين اليها بحدة ، وتصنعت الالم وكانها تقول انها تكدرت لان جوناس يرافق لوارا ..
    ثم تقدم الرجل المرافق لايلين ليخفف من جو التوتر .. وقال روب ماكفرسون برباطة جاش كادت توقف انفاسها : ما اروع ان اراك مجددا لوارا 0
    حاولت ان ترد ، لكن لم يكن لديها الوقت بعد عودة جوناس .. لاحظت كيف ان عينيه تشتعلان وهما تركزان على ايلين .. وشاهدت الالم على وجهه قبل ان يتغلب عليه ، ولانها تعرف مدى المه ، كانت بسمتها له اكثر من ترحيب به 0
    قال بما اعتبرته لوارا قدرة سيطرة على اعصابه : مرحبا ايلين .. روب 0
    كالغريق المتشبث بشئ ينقذه ، احست يده تمسك بيدها ، وكانه يحتاج الى قوتها لتساعده على جمع شتات نفسه 0
    مع ملاحظة روب ماكفرسون النظرة التى اطلقتها لوارا لجوناس ، ارتدت نظرته الى ايديهما المتشابكة .. لكن ، بغض النظر عما يعتقد ، رات من الطريقة التى رفع بها حاجبه ، ومن السخرية فى عينيه ، انه يقول لها : مجرد اصدقاء ؟.. لكنها لم تحاول سحب يدها .. وسال روب : هل تناولتما العشاء ؟
    رد جوناس : لقد وصلنا لتونا 0
    تدخلت ايلين ، امام عجب لوارا : اعرف .. لماذا لانتناول الطعام معا ؟
    بدت الدهشة على جوناس ، كدهشة لوارا ، لاقتراح ايلين .. لكن ما هو نوع مشاعر روب ماكفرسون .. لااحد يدرى ، مع انه نظر الى ايلين الصغيرة الجسم وتساءلت لوارا عما اذا كان يود التاكد من انها جادة 0
    قالت لوارا : لا اظن ان لديهم طاولة غير محجوزة لاربعة اشخاص 0
    كانت تعتقد ان جوناس يفضل اى شئ عدا جلسة رباعية تضم ايلين وروب .. وتذكرت تلك الليلة فى المسرح ، حين التقت ايلين لاول مرة .. يومها غار جوناس كثيرا من الرجل الذى كان يرافق ايلين ، حتى انه لم يتبادل الحديث معه .. لكن ، وكانها لم تتحدث ، تجاهلها روب ماكفرسون ليسال جوناس عن رايه … ووافق جوناس : لاباس عندى 0
    دون انتظار راى لوارا ، تحرك روب ليقوم بالترتيبات 0
    عاد بعد وقت قصير ليقول ان طاولة لاربعة تحضر لهم .. كان يبدو طويلا ، قوى البنية ، ووسيما حقا ببذلة السهرة … جو السلطة فيه لم يتركها مع بذلة العمل الرسمية . واشاحت وجهها عنه .. بطريقة ما لم تتوقع ان يجد صعوبة فى تغيير الحجز 0
    رافقهم كبير السقاة الى الطاولة ، وجلست ايلين قبالة لوارا ليكون لكل رجل فتاتين من حوله … ايلين بدت جميلة ، ونظرت لوارا اليها تحاول ان تفهم تماما ما هى اللعبة التى يلعبها .. ولاحظت انها تعتمد على المكياج كى يبدو فمها مغريا اكثر مما هو . ابعدت نظرها عنها لتشاهد فرقة موسيقية من اربعة عازفين ، تعزف الموسيقى لمن يرغب فى الرقص 0
    لم يكن الحوار معقدا بعد ان تم اختيار الطعام . تكلمت لوارا قليلا مع جوناس حول ما طلبت من طعام ، وتحدثت ايلين عن السفر ، ثم خاطب روب جوناس : كنت فى اوروبا مؤخرا .. كما قالت لى ايلين 0
    رد جوناس باختصار : كان لدى بعض الاعمال هناك 0
    سالته ايلين : عدت اليوم ؟
    توقعت لوارا ان يقول لها انها تعرف هذا .. لكنه رد باختصار : هذا صحيح 0
    -وهل كانت اعمالك ناجحة ؟
    لم تكن لوارا تعرف ما كشفه جوناس لزوجته عبر الهاتف .. لكنها ظنت انه كان يوفر الاخبار الطيبة الى ان يختلى بزوجته . ولم تستطع سوى الاشفاق عليه .. خصوصا حين رد : جدا 0
    ثم وجه كلامه لروب ، دون عدائية 0
    -كيف تسير اعمالك روب ؟
    -هكذا وهكذا .. فالسوق هذه الايام تبقيا على حذر 0
    -على منافسيك الصحو باكرا فى الصباح ليكسبوا نقطة ضدك
  • سمعت لوارا راى جوناس ، واضطرت الى موافقة عليه ، لكنها كانت اكثر اهتماما بان تنتهى وجبة الطعام هذه بسرعة ، وكان جوناس يتحدث عن شركة انهارت مؤخرا تحت ضغط الركود الاقتصادى . مما ذكرها بانها لم تخبره بعد عن استيلاء دارموند على غولدر وبروك . واذا لم تذكر ايلين له شيئا خلال مكالمتهما فليس لديه فكرة انها الان تتعشى مع رئيس المؤسسة الموظفة فيها ، انه عالم غريب .. فهذا الصباح كانت تهاجم موقفه من العزوبية ، وهذا المساء ، بعد ان صممت ان لاتقترب منه ، تتناول العشاء برفقته . وكانما التقطت ايلين افكارها ، ، انضمت الى الحديث ، وقالت لجوناس : بالحديث عن الشراء والبيع ، تعرف بالطبع ان دارموند اشترت غولدر وبروك ؟
    دهشة جوناس كانت واضحة : لا ! .. متى ؟ لم تذكرى لى شيئا لوارا 0
    رد روب ماكفرسون قبل ان تتمكن لوارا من الرد : لوارا سكرتيرة موثوقة ..

    ملاحظته ساعدتها على تخطى لحظة الارتباك مع انها شكت فى ان تكون ملاحظته التالية اكثر صفاقة : نحن محظوظون لكونها معنا فى عداد الموظفين 0
    نظرت لوارا الى ايلين ، لاترغب فى رؤية نظرة السخرية فى عينى روب التى ترافق كلماته الصادقة .. كانت تشعر بالذنب تجاه جوناس ، لكنها اجفلت لان ترى الفتاة الاخرى تحدق بها بنظرة لايمكن وصفها سوى بالحقد .. لماذا اهتزت ثقتها بنفسها ، بنظرة هذه الفتاة اليها ؟ .. لابد ان ايلين تريد اخراجها من الشركة اكثر مما يريد والدها . واضح جدا من نظرتها انها لاتوافق روب ماكفرسون الراى بان دارموند محظوظة لعمل لوارا ويلكنسون معها . تلك النظرة اخبرتها ان ايلين بريستونز تدفع اباها بشدة لكى يتم صرفها من العمل 0
    الذعر ، الذى اصبح مالوفا لها الان ، يمسك بخناقها بعد ان ادركت ان الشخص الوحيد الذى يمكنه الصمود فى حمايتها ضد نيكولاس ماكداف ، هو رئيس مجلس الادارة نفسه ، روب ماكفرسون .. وبوجوده اليوم هنا مع ايلين ، كان يظهر مدى صداقته مع خصمها الاساسى 0
    احست ان عينى روب ماكفرسون مركزتان عليها . فابعدت عينيها عن النتائج التى تترتب على اعمال غولدر وبروك ، امام ملاحقة ، ليس فقط صديقته الجميلة ايلين ، بل والدها كذلك العضو فى مجلس الادارة ؟
    تردد السؤال فى ذهنها وهى تلتقى بالعينين السوداوين كالليل ، ولاول مرة .. لاسخرية فيهما 0

  • 3- انت لاشئ !
    كم من الوقت استمرت لوارا تحدق بروب ماكفرسون ويبادلها النظر ، هذا امر لم تعرفه ابدا … ربما مجرد لحظات .. لكنها احست بان جو الوقار قد هجرها .. وانه احس بهذا ايضا .. تلك العينان السوداوان كانتا تخترقانها وكانه يحاول ان يرى ما بداخل روحها . ثم استدار لينظر الى ايلين .. وكانما احس بان شيئا ما جرى بينهما . ثم رفع جوناس راسه ، بعد ان كان اهتمامه منصبا على وضع السكر فى قهوته ، غافلا تماما عما يجرى حوله ، وسال روب : اكنت تعرف بامر لوارا قبل ان تراها هذا المساء ؟
    اخذ قلب لوارا يخفق بشدة .. ولن تنسى تلك النظرة التى ظهرت على وجه ايلين بسرعة ، لكن كانت هناك فى تلك اللحظة ازمة اشد الحاحا تثير اهتمامها . فلو كرر روب اى شئ من الاتهامات التى الصقها بها اليوم ، لن تكون واثقة ، وبغض النظر عن مكان وجودهم ، من ان جوناس لن يوجه قبضته الى فك روب ماكفرسون 0

    سارعت ترد قبل ان يقول روب شيئا : فى الواقع ، كنت فى دارموند بعد ظهر اليوم . اراد السيد ماكفرسون رؤيتى بسبب اوراق سرية ، وبشكل اضطرارى 0
    ثم اخذت تشرح عن زيارتها ، مستعدة للكذب بدلا من ان تقول لجوناس ما حدث 0
    انتظرت من روب ان يعارضها ، تعلم انه سيفعل ، اذا لم يرق له ان يوافق على اكاذيبها . ادارت راسها تنظر اليه ، لتجد ان السخرية عادت الى عينيه .. وبدا انه يعتبر شرحها لسبب زيارتها للشركة كافيا تماما ، فتنهدت بصمت ارتياحا .. لكنه قتل هذا الارتياح بحدة حين قال لها : قد اكون رئيسك لوارا .. لكن الا يمكنك ولو لهذه الامسية ان تنادينى روب ؟
    كان اخر ما يمكن ان تتوقع سماعه منه ، وفاجاها هذا للحظات ، قبل ان تدرك انه ربما يكون طلبا عاديا لانه وجوناس من العمر نفسه ، وهذه مناسبة اجتماعية 0
    اجابت ، بعد تفكير ، لكن دون اعادة ذكر اسمه : اجل .. طبعا 0
    وبدا انها لن تتكبد اى عناء لتنقلب الى شريرة . رد عليها زوجها بشئ من التصلب : اليس كذلك ؟
    تساءلت لوارا ما اذا كانت لدى جوناس فكرة عما تحاول ايلين ان تفعله ؟ ماذا تفعل ايلين هنا مع روب وهى تعرف تماما انها ستجد جوناس فى هذا المطعم بالذات ، من بين كل الاماكن … لاحظت ان النظرة الصارمة المتشددة قد غادرت وجهه ، لتحل محلها كابة كشفت لها الالم الذى يعترى داخله . حين نظر اليها ، كان من الطبيعى ان تشجعه بابتسامة 0
    -اترقصين لوارا ؟
    عيناها تركتا جوناس فجاة ، لتجد روب يقف على قدميه ، واضح ان فكرة رفضها لم تخطر على باله . وكانت سلطة هذا الرجل ، بالرغم من انها مغلقة بقفاز مخملى ، قوية بحيث وجدت نفسها تقف ، وترافقه معه الى باحة الرقص 0
    الفرقة الموسيقية الرباعية كانت تعزف لحنا ناعما تطلب من روب ان يلف ذراعه حولها ، واحست بتلك الذراع تلفها كطوق من فولاذ ، لكنه لم يشدها نحوه . املت ان تكمل رقصها معه بصمت ، الا انها ، وقبل انهاء الحركة الاولى وجدت انها مخطئة ، فقد كان لدى روب اشياء حادة ومحددة يقولها لها ، والعدائية التى شهدتها فى وقت مبكرمن ذلك اليوم ، ظهرت مجددا وبكامل قوتها حين قال لها : الا يمكنك الانتظار لتصلى الى البيت قبل ان تلتهميه ؟

    صوته ، البعيد عن الدقة ، حرك غضبها من جديد ، فسالت باختصار : جوناس ؟
    -ومن غيره ؟ قد يكون عشيقك .. لكننى كنت اظن ان الذوق السليم يدعوك الى اخفاء رغباتك خصوصا فى وجود زوجته 0
    اوه .. كم تتمنى لو انها قالت لجوناس كل شئ .. وكم ترغب فى ان تتخلى عن كل شئ ، اى شئ لتوصل لكمة الى هذا الفك .. وبنفسها ! .. اذ لمجرد ان ان هذا الرجل المتعجرف شاهدها تبتسم لجوناس ، وجد فى هذه الابتسامة دليلا على انها تعض النواجذ اشتياقا لان تاخذه الى منزلها .. ورت متصلبة : لقد قلت لك اننا مجرد صديقين .. نحن لسنا الان ، ولم تكن يوما عشيقين .. ولو استطعت ان ترفع مستوى تفكيرك عن الارض ، لصدقتنى 0
    -ولو انك شاهدت من هذا العالم ما شاهته ، لعرفت اننى لايمكن ان ابتلع هذه الاكذوبة 0
    عدائيته لها ، لم يؤثر ، ولاباية طريقة على رشاقته فى الرقص ، فاستدار بها دورة رائعة ، استطاعت ان تلحق بها بدون انزعاج .. ومع ذلك انفجرت : اووه .. صدق ما شئت .. اللعنة عليك !
    دون انتظار رايه فيما سمع تابعت بحدة : وبما انك رجل واسع الافق ، لااعتقد ان وجودك الان مع ايلين هنا ، يعنى انك قد ترضى بمجرد الامساك بالايدى حين تعيدها الى منزلها هذه الليلة !
    فى سرها ، علمت لوار ان هذا كلاما شريرا ، لكنه تندم عليه . لماذا يظن نفسه قادرا على ان يقول لها مايريده ولايتلقى الرد المناسب ؟ حين تراجع عنها قليلا لينظر الى وجهها ، توقعت ان يوبخها على كلامها ، لكنها رات ان الغضب قد زال عن وجهه وظنت النظرة التى ظهرت فوقه الان ، نظرة حيرة .. وسالها ببطء : الا تعرفين ان ايلين هى ابنة خالى ، وان نيكولاس ماكداف هو شقيق امى ، وان عائلتينا كانتا متماسكتين ؟
    النظرة التى كانت فى عينى لوارا اخبرته انها لم تكن تعلم .. وانتهى اللحن الذى كانت الفرقة تعزفه ، لكن روب لم يبعد ذراعه عنها ، بل وقف ينظر اليها ، وتبادله النظر .. ثم عادت الموسيقى ، وعادوا الرقص مجددا ، على لحن سلو ناعم اخر 0
    ما قاله لها بدا يستقر فى ذهنها ، فقالت : لم يكن لدى فكرة 0
    صمت روب وهو يقود خطواتها وفقا لوقع الموسيقى .. واحست بمعنوياتها تنخفض .. لم تكن تفكر ابدا انها ستواجه معركة شرسة للحفاظ على وظيفتها ، بعد ان عرفت الان ان ايلين هى المحرك الاساسى وراء محاولة صرفها من العمل .. لكن .. ما هى فرصها الان بعد ان عرفت كذلك ان ايلين ليست صديقة عادية لروب ، بل هى احد افراد عائلته ؟ ولطالما كانا متقاربين كما قال ! تذكرت انه قال لها انه يعترض بشدة على ان يتعرض للضغط فى كل مناسبة للتخلص منها . ثم قال انه لاسباب اخرى هى روابطة العائلية .. ومع ان شخصا فى مثل مركزه قد يتمكن من قول لا ، ويعنى ما يقول ، كان لبعض افراد الاسرة امتيازا خاصا .. ساعتها تلك الا موجودة للتصرف على اساسها
  • سالته وهى تتابع التفكير : ايلين تريد طردى ايضا ، اليس كذلك ؟
    -هذا ليس بالامر الغريب .. اليس كذلك ؟
    هاقد عاد الى تفكيره الاصلى بانها عشيقة جوناس .. ووجدت انها ستضيع انفاسها فى تكرار ما قالته سابقا .. يمكنها الانكار حتى تكاد تختنق .. ولن تصدقها .. لكنها قالت محتجة : ايلين هى التى تركت جوناس ، وليس العكس 0
    رد بحدة : ما من امراة فى مستوى ايلين ، تبقى مع زوجها بعد ان يبدا بالعبث 0
    -لكن ..
    كانت تحاول ان تقول له انها واثقة من حب جوناس لزوجته ، وانها لاتظن ابدا انه كان يعبث .. لكن صدمة باردة هزتها قبل ان تكمل كلامها ، بعد ان استوعبت ان مايقوله روب ماكفرسون هو انها وجوناس ، كانا على علاقة ، حتى قبل ان تتركه ايلين . احست بالغضب يشتعل من جديد .. بدات الكلام : انتظر لحظة الان ..
    كانت ستقول له بكل صراحة ان ايلين تركته قبل ثلاثة اشهر من تعرفها اليه .. لكن روب قاطعها مهاجما : لا .. انتظرى انت لحظة ! واضح لى ان ايلين نادمة على تركها لزوجها .. وواضح اكثر واقع انها تريد العودة …
    سالته لوارا تقاطعه : وما الذى يجعل من الواضح لك انها تريد العودة اليه ؟
    لم تكن تصدق كلامه ، فايلين يمكنها العودة الى جوناس ساعة تشاء ، ونعرف هذا . لو انها ليست عنيدة حول اصرارها فى ان ترى زوجها يدخل مجلس ادارة شركة دارموند .. لتمكنت …
    قاطع روب افكارها : انها لم تستطع الانتظار لتراه الليلة …
    هذا واضح لوارا انه لا يعرف شيئا عن ان ايلين رفضت دعوة جوناس للعشاء .. واكمل روب كلامه : اضطررت للاتصال بوالد ايلين لمسالة طارئة . وحين انهيت مكالمتى معه ، دخلت ايلين على الخط تقول انها تشعر بالاحباط وتطلب ان اخذها الى العشاء .. ولم افكر بشئ ، فهى تطلب منى دائما ان اخرجها معى .. لكن ما ان رايتك ، حتى علمت ان بريستونز ليس بعيدا عن المكان . وحين اقترحت اجتماعنا نحن الاربعة ، عرفت لماذا اختارت هذا المطعم بالذات .. وكما قلت ، لم تكن قادرة على الانتظار لتراه 0
    استمعت لوارا الى ما قاله ، وكادت تكشف له انها لا تستطيع تصديق قصته ، لانها تعرف ان جوناس اتصل بزوجته قبل ان تتكلم هذه معه لتطلب منه اخراجها الى العشاء .. لكنها لاحظت شيئا لم تلاحظه هو ، ولايمكن ان يكون قد راه ..لان ايلين لم تكن تجد من المناسب ان تخبره ان جوناس كان دائم الاتصال بها .. وعرفت بالضبط ما هى اللعبة التى تلعبها ايلين 0
    استنتجت لوارا ، ان ايلين قد تكون راغبة فى رؤية جوناس ، لكنها كانت ترغب فى ايقاع الالم بجوناس .. وتمكنت لوارا ان ترى ما لم يستطع روب ان يراه بسبب جهله بالترتيبات السابقة والغاء ابنة خاله لموعدها مع زوجها ، فايلين قد حصلت على فرصة نادرة فى ان تصيب عصفورين بحجر واحد .. فقد كانت تعرف ان جوناس قد حجز طاولة فى هذا المطعم ، وعرفت حين اتصلت به مجددا لالغاء الموعد انه سيتصل بلوارا لياتى بها معه .. وبمجيئها الى هنا مع روب ، امنت لنفسها ان لاترى جوناس فحسب ، بل ان تجعل رئيس مجلس ادارة دارموند يصدق ان الشخص الوحيد الذى لم يستطع جوناس انتظار رؤيته حين عاد من سفره هو لوارا ويلكنسون . وانه لم يفكر البتة بزوجته . كما انها لم تضع وقتا فى ابراز هذه النقطة حين سالته بطريقة عفوية مزيفة : هل عدت اليوم ؟ وكانها لاتعرف
  • ادارها بين ذراعيه وهو يراقصها ، بحيث استطاعت رؤية الطاولة حيث يجلس جوناس وايلين .. امام ذهولها ، شاهدتهما يضحكان على شئ قاله واحد منهما .. ويبدوان كان لا وجود لاحد غيرهما . ثم قادها روب بحيث لم تعد تراهما . وسمعت صوته فوق راسها يسال : الا يمكنك تركه يا فتاة ؟
    سؤاله لم يكن ساخرا ولاباردا .. وبينما حاولت معرفة ما تعنيه لهجته ، اذركت ، بصدمة كالصاعقة ، انها الشفقة 0
    ذهلت .. الشفقة ! يالهى .. انه مؤمن باننى احب جوناس حقا .. ! وان رؤيتى لهما متفقان كدرتنى ! وكيف له ان يعرف ان احدى اعز الامنيات على قلبها ان تعود ايلين الى جوناس ، ليعود جوناس سعيدا مرة اخرى 0
    كانت الفرقة تعزف اخر شطر من اللحن ، وتوقفت الموسيقى .. لوارا لم تكن قد تكلمت منذ طلب منها روب ان تترك جوناس وشانه .. لكنها وهى تترك نصف دائرة ذراعه ، احست ان الذراع الاخرى المحيطة بخصرها ، ترفض ان تتركها . فرفعت نظرها اليه لترى ان اى شفقة كانت قد احست بها فى لهجته قد اصبحت من الماضى .. وقال يحثها : اتركيه لوارا .. بابتعادك عنه قد تكون هناك فرصة لحل خلافاتهما 0
    ارادت ان تنتزع نفسها من ذراعه ، لكنها لم ترغب ان يشهد احد صراعا لا طائل وراءه لو حاول التمسك بها .. اهناك فعلا فرصة لاصلاح الخلافات ؟ فجاة احست بنفاذ الصبر حيال الجميع ، بمن فيهم جوناس .. فهى ليست ابدا العقدة امام المنشار 0
    لم تستطع ان ترى نفسها فى صورة المراة الاخرى ، واسقمتها الصورة التى رسمها لها روب ماكفرسون . فصاحت بحدة : حسنا جدا .. بامكان ايلين ان تحصل على فرصتها مع جوناس .. وبما انك فجاة انقلبت الى مصلح اجتماعى وتحس بحاجتك الى عمل الخير .. بامكانك اعادتى الى منزلى ، وبما انك انت العبقرى .. فكر بشئ تقوله لجوناس 0
    تركها روب ، ونظره حادة تعلو وجهه : يالهى .. كم انت واثقة منه ! ام انك .. ترين فى سمكة اكبر للاصطياد ؟
    كيف تمكنت من اطفاء غضبها ، لم تكن تدرى .. لكنها توجهت الى طاولتهم غير عابئعة بما اذا كان لحق بها ام لا ، وهى تقول : انا واثقة انك دائما تحتفظ معك بحذاء الركض ، حيثما تذهب 0
    لم تتوقع ان يلتقط روب القفاز الذى رمته فى وجهه فى فورة الغضب ، ويقبل التحدى .. لكنها وقبل ان تتمكن من استعادة مقعدها ، ذهلت حين جذبتها يده من ذراعها توقفها ، وسمعته يقول لجوناس انه سيوصلها الى البيت 0
    لم تعرف كيف تمكنت من اخفاء ذهولها وهى تسمعه يلتقط كذبتها التى بداتها حول زيارتها له بعد الظهر ويدعى ان الاوراق التى جاءت لاجلها الى الشركة ، اخذتها معها الى المنزل .. وكان يقول لجوناس بثقة وسهولة ، انه اكتشف وهو يراقصها انه بحاجة الى تلك الاوراق لاجتماع صباحى مبكر . وانها لن تتمكن من ايصالها له فى الوقت المحدد غدا 0
    كيف تمكنت لوارا من ان تخفى ذهشتها امام سهولة كذبه .. وعرفت ان تالقه قد اكتمل بقوله : اتمانع فى ايصال ايلين الى منزلها لاجلى ؟
    بعد جلوس لوارا الى جانب روب فى سيارته واتجاهه بها نحو شقتها ، قالت له : حسنا جدا .. عرفت الان انك عبقرى 0
    لم تكن تعنى ان تطريه .. ولم تبد ملاحظتها سوى ساخرة .. لكن هذا لم يزعجه .. بل قال : التواضع يمنعنى من موافقتك تماما 0
    لم تشعر لوارا يوما بمثل هذه الرغبة فى ضرب رجل . ولما تبقى من الطريق ، ابقت كلامها معه مختصرا بارشاده الى الطريق .. بعد ان اوقف السيارة سالها : هل لى ان ادخل معك ؟
    لم ترد عليه .. تعرف انه سيجد فى عدم ردها الرفض المطلق .. لكن ، راعها ان تجد انه فسر سكوتها بالموافقة .. ووجدته يغادر السيارة ويصعد السلم الى الباب الرئيسى معها … فتنفست بعمق فى جهد للسيطرة على سخطها المتصاعد ، ودست المفتاح فى باب المدخل الرئيسى ، واستدارت لتقول له عمت مساء بطريقة حازمة تصرفه عنها .. لكنه دفع الباب وساعدها على الدخول ، مضيئا المصباح ، ثم استدار ليقفل الباب ثانية 0
    قالت مجددا ، وبحزم : عمت مساء .. سيد ماكفرسون !
    -ساوصلك الى باب شقتك 0
    واحست بحلقة المفاتيح تنتزع من يدها ، واشار اليها لتتقدمه 0
    سارت امامه الى الطابق الاول حيث شقتها الصغيرة ، ووقفت تشحذ اسنانها وهو يفتح الباب ، ويتراجع ليتركها تمر امامه .. يداهما وصلتا الى مفتاح النور معا ، واحست بقشعريرة لمسته فى الوقت نفسه غمر فيه النور غرفة جلوسها . فسارعت لابعاد يدها عن يده ، لكنه لم يترك لها يدها .. بل اقفل الباب ونظر حوله الى الغرفة الصغيرة النظيفة الانيقة ، وهو لايزال ممسكا بيدها . فقالت له : ايمكن ان استعد يدى؟
    مشاعرها المتزايدة اضطرابا كانت تشتد تذبذبا حين تستقر عيناه على شفتيها … يالهى لا تدعه يبدا شيئا معها .. لكنها لم تكن واثقة من ان اضطرابها هذا كان بسبب خوفها على وظيفتها ، ام انه بسبب شئ ما فى نظرته اليها … تلك النظرة كانت تقول لها انه نادرا ما يواجه الرفض فى مثل هذه المواقف 0
    قال لها ، دون الاذعان لطلبها : انها يد جميلة جدا 0
    رفعها يتفحصها اكثر ، قبل ان يضعها على فمه يلامسها بشفتيه .. حاولت لوارا سحبها .. كانت تحس بلهيب غريب من المشاعر غير مرغوب فيها وغير مفهومة لها ، بعد ان رفض ترك يدها ، واستغل الموقف ليقربها اليه اكثر 0
    -انا … انا … اظن من الافضل ان تذهب الان سيد ماكفرسون 0
    كرهت سماع صوتها القاسى اكثر مما كانت تنوى . لكنه رد عليها بنعومة يصحح لها كلامها : روب … ووجهك جميل يماثل يديك الجميلتين لوارا 0
    شدها اكثر ، فاضطرت الى التقدم خطوة ، جعلتها تقترب اكثر 0
    -اسم .. اسمع … سيد ماكفرسون ..
    -هس !
    ماكانت تتوقعه ، ما كان جزء من عقلها يود قوله ، بدا يحدث .. فقد احنى روب راسه باتجاه وجهها … ففتحت فمها محتجة ، لكنها لم تستطع فعل اكثر من هذا ، واحست لوارا ان عناقه هذا غريب عن كل ما اختبرته فى حياتها 0
    حاولت بكل طاقتها مقاومته . لكن ما ان اطبقت ذراعاه عليها ، حتى واجهت اقسى عمل تقوم به وهو ان لا تستسلم . ارتفعت يداها تلتفان حوله وعلمت انها لم تعد تفكر0
    لكن الفتاة التى عرفتها فى نفسها دائما ، تراجعت ، خائفة مما قد يقود كل هذا اليه .. واساء فهم حركتها ، فقال هامسا فى اذنها : انسى امر بريستونز 0
    سماعها اسم جوناس ، جعل مشاعرها تتفكك وتتضح بعد ان تذكرت ما قاله روب وهما يرقصان : يالهى كم انت واثقة منه ! ام انك ترين فى سمكة اكبر للاصطياد ؟ اهذا ما يعنيه من كل ما يفعل الان ؟ ايظن ان تحديها الطائش له بان يوصلها الى بيتها يعنى له انها لن تمانع فى ترك جوناس من اجل لقطة اكبر ؟ واذا كان هذا ظنه ، فلماذا يظهر لها دليل على انه يجاربها فى لعبتها ، وبكل وعى منه ؟
    طافت هذه الافكار فى راسها ، لتصل الى توقف كامل ، حين احست باصابعه تعبث بسحاب فستانها . لمسته خبيرة ، بحيث لم تشعر بها على الفور ، وجمدت ، ثم قالت ببرود : يمكنك ان تعيد السحاب مكانه 0
    على الفور توقف وتراجع ينظر اليها . تعبير وجهها المتجمد تركه من دون شك فى انها تعنى ما تقول ، هز كتفيه ، وعادت النظرة الساخرة الى عينيه : كما تشائين سيدتى …
    مما دفعها ، وياللاسف ، ان تعرف ، انه وفى وقت كان يجعل نبضات قلبها تتسارع حتى كاد قلبها ينفجر ، كان اغواؤه لها يتم بكل برودة اعصاب . وقال : اعتذر لوارا0
    الطريقة التى اعتذر بها كانت مهينة ، فواضح ان تاثيرها عليه ، على الرغم من نوعية التاثير الذى كان له عليها ، كان طفيفا واكمل : يبدو ان طريقتى فى المغازلة ليست ما اعتدت عليه 0
    لم تشك ابدا ان كلامه هذا مجرد اظهار اخر لما يعتقده عنها ، فاختلط غضبها مع المها ، لتقول متهورة : هذا صحيح بما يكفى .. فانا معتادة على .. كمال محدد ..
    اى شئ اخر كانت تنوى قوله ضاع من راسها حين رات ان السخرية ماتت عن وجهه .. لقد قصدت ان تؤلمه ، وعرفت ان لذاعة تعليقها ، واستخدامها لكلمة الكمال ، قد اصابت الهدف 0
    قال لها يكبح غضبه : ربما لم اكن لبقا كعادتى فى مثل هذا الموقف .. لكن مع اعطائك لى اشارة الانطلاق حين دعوتنى الى ان اوصلك الى منزلك .. وعلى الرغم من محاولتك الظهور كصعبة المنال ، ظننت نفسى قد وصلت ، دون حاجة الى اللباقة .. لكن ، بكمال ام بدونه ، ماكنت ستعترضين لولا اننى ذكرتك بان بريستونز يبدو لك استثمارا افضل منى على المدى الطويل 0
    لم تشعر يوما بسعادة مماثلة لسعادتها الان اوقفته عند حده كما فعلت … فهو لايحاول ابدا ان يخفى عنها انه سوف يسام بسرعة من اى شئ قد تقدمه له .. وزادت سعادتها حين اضاف : لولا اننى ذكرتك بالتزامك معه ، لسارت الامور بشكل مختلف .. ولما كان رفيق ليلك رجل متزوج
    لو انها تنوى جرحه بقولها له ان الكمال ينقصه ، فان انتقاده البارد لها ، ورايه الصريح باخلاقها كان اكثر ايلاما ، خصوصا وان هذه المرة هى الاولى التى تنسى فيها نفسها الى الحد الذى تتجاوب فيه مع رجل .. ازدراؤه الشديد لها جعلها تحس بالغثيان .. ثم ادركت فجاة ، وبوضوح ، الرد على ما كان يحيرها منذ دقائق .. الرد عليه بانه سمح لنفسه ، وحسب ظنه بها ، بان تستغله . وهو يظن انها تجرى خلف رجل يتفوق على جوناس فى خبرته مع النساء .. هذا الرد اصبح فجاة شديد الوضوح . وشاهدته يتقدم نحو الباب ، وعرفت انه مستعد للرحيل بعد ان قال ما يريد قوله ، فقالت له : كنت تحاول اخراج جوناس من حياتى ، اليس كذلك ؟ظننت اننى لو استسلمت لك ، فكل ما عليك ان تفعله هو ان تخبره فى الغد بما جرى ، وما ان يعرف ذلك حتى تنهى علاقتنا فورا 0
    استدار روب ، واذا كان غاضبا ، فقد زال غضبه الان .. وقال ساخرا : لكنك لست على علاقة معه .. صحيح ؟ بكل تاكيد انتما مجرد صديقين ؟
    الاحساس بالغثيان الذى اخذته لوارا معها الى الفراش كان لايزال معها حين استيقظت فى الصباح التالى . تذكرت مرة اخرى ما حدث بينها وبين روب ليلة امس . كانت تامل ان تكون مشاعرها قد خمدت قليلا بعد بضع ساعات من النوم ، لكنها وجدت ان ذلك لم يحدث وهى تتساءل مرة اخرى ماذا دهاها معه 0
    لم يكن فى الرجل اى شئ يعجبها .. لطالما كانت تفكر ، وانها وحين ياتى الوقت ، وتجد الرجل الذى تمنحه قلبها ، سيكون ذلك الرجل لطيفا ، محبا ، ورقيقا . كانت تؤمن ان الاحساس بالرغبة فى ان تبقى بين ذراعيه لاختبار المزيد ، سيحصل حين تكون قد اعتادت على ذلك الرجل لبعض الوقت وعرفته اكثر . وان تكون نظرتهما المشتركة لبعضهما ، وببطء متدرج ، قد وصلت الى مرحلة ياخذ حبهما المشترك فيها مسيرته الطبيعية … روب ماكفرسون ، لم تعرفه سوى منذ اقل من اثنتى عشرة ساعة .. رجل لم يكن لطيفا ، ولامحبا ، ولارقيقا . اخذها بين ذراعيه ، ليقلب كل نظرياتها عن الحب راسا على عقب 0
    ماذا عن ردة فعلها ؟ خرجت من السرير بسرعة ، واخذت تدور فى شقتها تستعد للذهاب الى المكتب ، لتهرب من افكارها . لكن لامجال للهرب . كانت الافكار تربط مرفقيها وهى تستحم ، ترتدى ملابسها ، وتمسك بخناقها . هل كانت هى نفسها حقا تلك التى تصرفت ليلة امس ؟ ابتلعت قليلا من القهوة الساخنة ، لتحصل على لحظات قليلة من الراحة من افكارها المعذبة . لكن سرعان ما عادت تلك الافكار الى التزاحم . المشاعر التى احستها ليلة امس كانت خارج اطار اى تجربة اختبرتها من قبل … اوه … صحيح انها عرفت رجالا من قبل ، لكنها دائما كان لها تحفظ محدد معهم .. ولم يكن من عاداتها العبث معهم .. ليس هذا من طبيعتها .. او هكذا كانت تظن 0
    احست بالعرق البارد يتصبب من جسدها وهى تتابع افكارها .. ماذا لو رفض روب ان يتقبل رفضها ؟ ماذا لو انه كشف محاولاته ، وتجاهل احتجاجاتها ، وتابع ما كان يفعله ؟ اكان من الممكن ان يتداعى كل ما امنت به ، ماذا لو استطاع ان يتغلب على مقاومتها ؟ ماذا ؟ لابد انه كان سيضحك بسخافة اعجابا بنفسه هذا الصباح ! ولكان قد عرف انها كانت تقول الحقيقة حين قالت له انها ليست عشيقة جوناس .. ولكان عرف انها لم تكن عشيقة لاى رجل
  • ركزت لوارا بقسوة على عملها ، وهى تحس بالفرح لوجود ما يشغلها عن التفكير ، الى ان رن جرس الهاتف … وقال لها الصوت من الناحية الاخرى : اه .. لوارا 0
    انه صوت الرجل الذى احتكر الكثير من افكارها وبعد وقت قصير من معرفتها به .. وتابع الصوت الكريه يقول ساخرا : هل حاولت الخلاص منى بالنوم ؟
    ابتلعت ريقها ، وتمسكت بافضل ما تدربت عليه كسكرتيرة ، لتقول ببرود : صباح الخير سيد ماكفرسون 0
    ليلة امس كانت تناديه روب .. وكادت تفقد سيطرتها على نفسها لكنها سارعت للتشبث بها : هل استطيع مساعدتك ؟
    رد ساخرا : بكل تاكيد 0
    تبع ذلك صمت قصير ، ربما كان ينظر خلاله ان تفهم كلامه ذو الحدين .. واشتد ضغط شفتيها الى ان اصبحتا خطا مستقيما ، لكنهما سرعان ما انفرجتا جناحين تابع كلامه : تعالى الى هنا فى اسرع وقت ممكن .. انت فتاة طيبة 0
    اوه .. يالله ، الن تتغلب ابدا على قلقها حول مسالة صرفها من العمل ؟ وسالت رئيس مجلس ادارة دارموند ، وهى تدرك تماما انه لا يتوقع من احد ان يتساءل حول اوامره : لماذا ؟
    -استطيع ان اقول ، لاننى اقول لك هذا . لكن ولانك على الارجح مضطربة ، وتودين انهاء اعمال ناقصة فى مكتبك ، ولانك لن تعودى …
    لن تعود ؟ ما ان تفهمت هذه الكلمة ، حتى تحطمت كل محاولاتها للتماسك . واصبحت كل مشاعرها متوترة بعد ان عرفت انها لن تعود الى مكتبها فى شركة غولدر وبروك .. فقاطعته قبل ان يكمل : اذا كنت تظن اننى ساقطع المدينة لمجرد ان تقول لى اننى مصروفة من العمل .. بامكانك التفكير ثانية سيد ماكفرسون !
    لم تعد لحظتها تفكر ، وكانت الكلمات تتدفق منها دون وعى .. واكملت : واستطيع ان اقول لك ، ان ظنى بشركتك ليس بالجيد مهما كانت كبيرة . خصوصا وانك قادر على ان تعود بسهولة عن وعد قطعته للسيد غولدر ثم تتخلص من موظفيه لحظة يدير ظهره !
    كان الغضب قد تملكها تماما .. اهذا هو الرجل الذى احتواها بين ذراعيه ليلة امس ؟ عاد الغثيان يتملكها مجددا وهى تتذكر كيف استطاع ، دون الرجال ، ان يثير فيها مشاعرا لم تكن تعرف بوجودها … ثم وبعد اقل من اثنتى عشرة ساعة ، يطردها من عملها … غيظها من افكارها ، مختلطا مع الذعر ، من انها لن تستطيع الوفاء بالتزماتها لعائلتها ، انساها واقع ان ما من احد يجرؤ ابدا على التحدث هكذا مع روب ماكفرسون .. واكملت تهدر بالغضب : ورايى فيك هو انك اقل من لاشئ روب ماكفرسون ، فانت الضعيف الارادة تستسلم امام الضغط ، الضغط الجائر ، من الاقاربك ، الذين لايملكون الجراة وحسن الادب لمواجهتى شخصيا …
    كانت على وشك ان تضيف انها لن تفكر بالعمل فى شركته لدقيقة اخرى حتى ولو ضاعف مرتبها ، لكنها صمتت قبل ان تكمل كلامها عندما جاءها صوت راعد من الطرف الاخر : اخرسى ! كلمة اخرى منك ستجعلنى اطردك حقا !
    همست وصوتها يموت مع غضبها : اتعنى …
    -اخرسى واسمعى ! قلت لك بالامس انك ستكونى سكرتيرة لهيوز ماكدونالد حين يعود الى عمله اذا كان هذا ماتريدين . وبغض النظر عن اى ضغط عائلى ، لن اتراجع عن كلمتى ! والان ، انهى كل الاعمال العالقة امامك .. واحضرى الى هنا 0
    -لكن .. لماذا ..
    رد ببرود : لو تركتنى اقول لك قبل ان تنفجرى وتسيئى الى شخصيتى ، كنت ساقول لك .. ينقصنا بعض الموظفين هنا .. وستعملين حيث استطيع مراقيتك لفترة 0
    -اعمل … ؟
    صاح متفجرا : تحركى !
    واقفل الخط 0
    هل جن ؟ اوه … يالله .. انه غاضب جدا ! اعادت السماعة الى مكانها وهى شاحبة ، محاولة تذكر كل ما قالته .. هل قالت له حقا انها تحتقر دارموند ؟ هل قالت له حقا انها تظنه اقل من لاشئ ؟ لم تعد ترغب فى ان تتذكر المزيد ، لكنها لامته للتسبب فى اضطراب مشاعرها كما فعل ليلة امس .. كانت مستعدة للانفجار فى وجهه فى محاولة منها للانتقام من المشاعر التى اثارها فيها .. لكن .. اوه .. لو انها فقط انتظرت لتسمعه اولا … هل وصفته حقا بضعيف الارادة ؟
    ذلك الرجل الذى كان اقوى من ايلين امام ضغط اثنين من افراد عائلته ، ومن قال لها انهما مقربان له ؟
    – وذاب جبل الجليد 0
    حين واصلت لوارا الى مكتب روب ماكفرسون بعد وقت من هذا قال لها : اغلقى الباب وراءك لوارا .. اتسمحين ؟ واجلسى .. وصلت فى وقت مناسب .. ظننتك حتى بعد الظهر 0
    -لقد قلت لى تحركى !
    اوه .. اجل .. وانت ، كما اظن ، قلت الكثير 0
    كان صوته يكاد يكون متمدنا .. لكن يكاد فقط . لهجته هادئة ، لكنها احست بتصلب حديدى تحت لهجته التى تماثل صلابة فولاذ عينيه .. عرفت انه لن يدعها تنجو بفعلتها بسهولة . وقالت بحذر : لقد وقعت بالفعل ، قبل ان يدفعنى احد .. الم افعل ؟
    لم يكن هذا حتى بداية اعتذار ، لكنه الحد الذى كانت مستعدة لان تصل اليه .. قال معلقا : بامكانك قول هذا ، وبامكانك الاعتذار بطريقة افضل كذلك 0

    احست بقساوة الحديد فى صوته تقترب من السطح . لكن حين احست انه من الافضل لها ان تعطيه الاعتذار غير المتحفظ ، الذى يستحقه ، ويضغط ليحصل عليه ، تحرك شئ ما فى طبيعتها ، يجاهر بالرفض . فسالها : اتحسين بالالم لقول اسفة ؟ ام انك مؤمنة حقا اننى ضعيف الارادة ، ناكث للعهود ؟
    عرفت انه يلاعبها لعبة القط والفار .. فهو لم ينس كلمة واحدة مما قالته له .. وهو يكرهها لمحاولة ارباكها .. حسنا .. انه لايعرف لوارا ويلكنسون جيدا ! وستكون ملعونة لو ارتبكت امام ضغطه ! ردت ببرود : لايؤلمنى البتة ان اقول اننى اسفة ، اكثر مما يؤلمك انت .. لااظن هذا 0
    -اتقترحين اننى مدين لك باعتذار ؟ لماذا ؟ اظنك قلت بالامس انك لست غريبة عن تلقة الغزل من الرجال ، فهل اعتذر عن محاولة جعلك تنسين بريستونز لفترة قصيرة ؟ ام اعتذر عن جعلك تنسين نفسك ؟
    -انسى نفسى ؟
    -اتقولين انك لم تفعلى ؟
    ردت لوارا بكل الثبات الذى تمكنت من جمعه : هذه النقطة ليست قيد البحث .. فما حدث بالامس يمكننا رده الى التجربة 0
    -اذا انت لا تطلبين الاعتذار لنقص كفاءتى ؟ اذا لم يكن هذا لوارا ، فما الذى اعتذر عنه ؟
    صاحت : تعرف جيدا .. حين تكون مستعدا للاعتذار عن كل الاتهامات الكاذبة التى رميتنى بها يوم امس .. وعن الاشياء التى قلتها ، عن كل ما تظنه بى ، ساعطيك ساعتها ….
    -الا زلت مصممة على انك وبريستونز لستما سوى صديقين ؟
    لم ترد عليه .. لم تر موجبا .. فقد مرا بكل هذا من قبل .. ثم ، وهى تجلس تفكر بسخف كل هذا ، وكم هى بائسة للحفاظ على وظيفتها ، وكيف ان روب ماكفرسون يقف بين نارين لطردها ، ولربما يتلقى يوميا التظلم ضد لوارا ويلكنسون ، مال الى الخلف فى كرسيه ، وبدا لها ، فى كل ذرة منه ، رجلا اكثر من قادر على ان يقرر ما يريد دون مساعدة خال او ابنة خال . وقال : ساعترف ان بعض الاشياء التى حدثت

 

السابق
صينية توست سهلة
التالي
تيجان عرايس جديده