افضل مواضيع جميلة بالصور

قراءة الماموم خلف الامام المالكية

قراءة الماموم خلف الامام

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى اله وصحبه ومن والاه ثم اما بعد:

من المسائل المتعلقة بصلاة الجماعة مسالة قراءة الماموم خلف الامام، وسنتحدث عنها فيما يلي:

حيث اختلف الفقهاء في هذه المسالة على اقوال:

القول الاول: وجوب قراءة الماموم الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية، وهو مذهب الشافعية1 قال الامام النووي رحمه الله: “وبه قال اكثر العلماء”2، واستدلوا:

من المنقول:

1- بحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صلاة لمن لم يقرا بفاتحة الكتاب)) رواه البخاري (723) ومسلم (394) وهذا عام في كل مصل، ولم يثبت تخصيصه بغير الماموم بمخصص صريح فبقي على عمومه3.

2- وحديث عبادة بن الصامت ايضا قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرا رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: ((لعلكم تقرؤون خلف امامكم)) قلنا: نعم هذا يا رسول الله، قال: ((لا تفعلوا الا بفاتحة الكتاب، فانه لا صلاة لمن لم يقرا بها))4.

من المعقول:

1- ان من لزمه قيام القراءة لزمه القراءة مع القدرة كالامام والمنفرد5.

القول الثاني: وجوب القراءة في السرية دون الجهرية، وهو قول الشافعي في القديم6، ومذهب الحنابلة7 قال الامام احمد: “ما سمعنا احدا من اهل الاسلام يقول ان الامام اذا جهر بالقراءة لا تجزئ صلاة من خلفه اذا لم يقرا، وقال: هذا النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه والتابعون، وهذا مالك في اهل الحجاز، وهذا الثوري في اهل العراق، وهذا الاوزاعي في اهل الشام، وهذا الليث في اهل مصر؛ ما قالوا لرجل صلى وقرا امامه ولم يقرا هو: صلاته باطلة”8.

واستدلوا:

1- بقوله تعالى: {واذا قرئ القران فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون}(الاعراف:204)

قال الشافعي في القديم: “هذا عندنا في القراءة التي تسمع خاصة”9، وقال احمد: “اجمع الناس على ان هذه الاية في الصلاة”10، ولانه عام فيتناول بعمومه الصلاة11.

2- وحديث ابي موسى رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا، فقال: ((اذا صليتم فاقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم احدكم، فاذا كبر فكبروا، واذا قرا فانصتوا)) رواه مسلم (404).

3- وحديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((انما جعل الامام ليؤتم به، فاذا كبر فكبروا، واذا قرا فانصتوا))12.

4- وحديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: ((هل قرا معي احد منكم انفا))؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: ((اني اقول ما لي انازع القران))؟! قال13: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلوات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم14، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: “وهذا اذا كان من كلام الزهري فهو من ادل الدلائل على ان الصحابة لم يكونوا يقرؤون في الجهر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فان الزهري من اعلم اهل زمانه، او اعلم اهل زمانه بالسنة، وقراءة الصحابة خلف النبي صلى الله عليه وسلم اذا كانت مشروعة واجبة او مستحبة تكون من الاحكام العامة التي يعرفها عامة الصحابة والتابعين لهم باحسان، فيكون الزهري من اعلم الناس بها، فلو لم يبينها لاستدل بذلك على انتفائها، فكيف اذا قطع الزهري بان الصحابة لم يكونوا يقرؤون خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر”15.

من المعقول:

1- انها قراءة لا تجب على المسبوق، فلم تجب على غيره كالسورة.16

2- ما قاله شيخ الاسلام: “لو كانت القراءة في الجهر واجبة على الماموم للزم احد امرين: اما ان يقرا مع الامام، واما ان يجب على الامام ان يسكت له حتى يقرا، ولم نعلم نزاعا بين العلماء انه لا يجب على الامام ان يسكت لقراءة الماموم بالفاتحة ولا غيرها، وقراءته معه منهي عنها بالكتاب والسنة، فثبت انه لا تجب عليه القراءة معه في حال الجهر بل نقول: لو كانت قراءة الماموم في حال الجهر والاستماع مستحبة لاستحب للامام ان يسكت لقراءة الماموم، ولا يستحب للامام السكوت ليقرا الماموم عند جماهير العلماء، وهذا مذهب ابي حنيفة ومالك، واحمد بن حنبل وغيرهم”17.

3- لو كان الصحابة كلهم يقرؤون الفاتحة خلفه اما في السكتة الاولى، واما في الثانية؛ لكان هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، فكيف ولم ينقل هذا احد عن احد من الصحابة انهم كانوا في السكتة الثانية خلفه يقرؤون الفاتحة مع ان ذلك لو كان مشروعا لكان الصحابة احق الناس بعلمه وعمله، فعلم انه بدعة.18

4- ان المقصود بالجهر استماع المامومين، ولهذا يؤمنون على قراءة الامام في الجهر دون السر، فاذا كانوا مشغولين عنه بالقراءة فقد امر ان يقرا على قوم لا يستمعون لقراءته، وهو بمنزلة ان يحدث من لم يستمع لحديثه، ويخطب من لم يستمع لخطبته، وهذا سفه تنزه عنه الشريعة.19

القول الثالث: انه لا تجب قراءة الفاتحة سواء في السرية او الجهرية، وهو مذهب الاحناف20، وهو وجه شاذ عند الشافعية حكاه الرافعي21، قال النووي: “نقل القاضي ابو الطيب، والعبدري عن ابي حنيفة ان قراءة الماموم معصية”22.

واستدلوا:

– من المنقول:

1- بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى خلف الامام فان قراءة الامام له قراءة))23.

2- وحديث عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس ورجل يقرا خلفه، فلما فرغ قال: ((من ذا الذي يخالجني سورتي)) فنهى عن القراءة خلف الامام.24

3- وعن ابن عمر انه قال: في القراءة خلف الامام تكفيك قراءة الامام.25

4- وحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل صلاة لا يقرا فيها بام الكتاب فهي خداج، الا ان يكون وراء امام))26.

5- ما جاء عن زيد بن ثابت قال: من قرا وراء الامام فلا صلاة له.27

6- حديث ابى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الامام ضامن))28 وليس يضمن الا القراءة عن الماموم29.

– من المعقول:

1- انها قراءة فسقطت عن الماموم كالسورة في الجهرية، وكركعة المسبوق.30

القول الرابع: انه يقراها استحبابا، وهو مذهب الاوزاعي وغيره من الشاميين، وهو اختيار ابو البركات المجد بن تيمية.31

الترجيح:

وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث والافتاء عن هذا الامر فقالت: “الصحيح من اقوال العلماء وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة على المنفرد والامام والماموم في الصلاة الجهرية والسرية لصحة الادلة الدالة على ذلك وخصوصها، واما قوله تعالى: {واذا قرئ القران فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون} فعام، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((واذا قرا فانصتوا)) عام في الفاتحة وغيرها، فيخصصان بحديث: ((لا صلاة لمن لم يقرا بفاتحة الكتاب)) جمعا بين الادلة الثابتة، واما حديث: ((من كان له امام فقراءة الامام له قراءة)) فضعيف، ولا يصح ما يقال من ان تامين المامومين على قراءة الامام الفاتحة يقوم مقام قراءتهم الفاتحة”32.

والحمد لله رب العالمين,,,

  • القراءة خلف الامام
السابق
افضل حبوب منع الحمل
التالي
علاج الارق المزمن