افضل مواضيع جميلة بالصور

خوارق الطبيعة العجيبة والغريبة

الدكتور داهش.. قصص غريبة وحكايات عجيبة (1/2)

«الشرق الاوسط» تحقق في قصة اللبناني المؤسس لاكبر حركة روحانية في المنطقة العربية

لندن: كمال قبيسي
يزعمون انه رمى عجوة حبة مشمش كان ياكلها، فاشرابت النواة من التربة بدعاء الى الله سبحانه، واصبحت بطرفة العين شجرة، ازهرت واثمرت قبل 57 سنة في بيروت.
يقولون ان الورق العادي كان يتحول بين يديه الى دولارات وليرات لبنانية شرعية واصيلة بالمئات والالاف، وان الخشب كان ينقلب الى برونز او ذهب امامه في الحال، وانه اعاد مرات ومرات خاتما او ساعة او معطفا ضاع من صاحبه قبل سنوات، وباسرع من البرق راه الباحث عنه وقد تكون بين يديه من جديد.

يدعون انه اعاد الحياة الى عصافير ماتت، بل الى حمامة قطع احدهم راسها بسكين امام شهود مثقفين، ليضيف هذه الغريبة على العقل الى «خوارق» بالعشرات تمت على يديه طوال 75 سنة، عاش معظمها في لبنان، حيث كانت له 6 شخصيات روحانية، تتجسد احيانا لتبدو الواحدة منها، او كلها او بعضها، امام الكثيرين كنسخ طبق الاصل عنه تماما، الى درجة ان حكما بالاعدام «معززا بوثائق وصورة نشرتها صحف بيروت» كما يقولون، نفذ باحداها في ايران، ليتضح بعدها ان من تم رميه بالرصاص لم يكن سوى واحدة من شخصياته الروحانية، بينما كان هو حيا يرزق في لبنان، حيث له الان اتباع بالالاف. انه سليم العشي، المعروف لكثيرين في لبنان بشكل خاص باسم «الدكتور داهش» او الرجل الذي يثير هذا التحقيق تساؤلا عما كان عليه حقيقة: هل كان ساحرا ومشعوذا، ام داعية سيانيا مسيحيا، استعان بايات قرانية، كاية من سورة «غافر» تقول: «رفيع الدرجات ذو العرش، يلقي الروح من امره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق» ليكون له اتباع «داهشيون» واخرون «مندهشون» اصابتهم الحيرة في عجائب فسرها المشككون بانها ليست سوى نتاج قابليات براسيكولوجية تعلمها منذ الصغر؟

في هذا التحقيق ما لن تصدقه عن الذي سماه تلامذته «الدكتور داهش» بقرعة اجروها لاختيار لقب له حين كان بعمر 20 سنة في 1929 بفلسطين، حيث ابصر النور في حي باب العمود بالقدس، وقضى بعدها بمرض تخثر العظام في 1984 بمستشفى في نيويورك، الراقد جثمانه محنطا في احد مدافنها «تمهيدا لنقله حين تسمح الظروف» الى بيروت.

* من اليشي الى العشي

* سليم العشي، او الدكتور داهش، الذي ابصر والده السرياني، موسى اليشي، النور في مدينة «اسفس» المجاورة لقرية «ازخ» حيث ولدت والدته، شموني حنا كانون، عند منطقة الهكاري الجبلية في الجنوب الشرقي التركي حاليا، وفيها تزوجا وانتقلا في 1906 مع بعض من كن قد ابصرن النور من بناتهما، جميلة واليزابت ووديعة وانطوانيت، الى القدس، التي تغير فيها اسم العائلة من اليشي الى العشي، قبل الانتقال بعد ولادته في 1909 بخمسة اشهر نهائيا الى لبنان، هو رجل مثير للجدل والفضول، ويحملك على الحيرة في تفسير ما يزعمون انه «غرائب وعجائب» قام بها «من دون ارادة مني، بل باذن من الله» كما كان يردد امام مئات عاينوا ما فعل.

وقام الداهش، الذي عاش يتيما منذ توفي والده بالسل في 1920 بمصيف الشبانية اللبناني، حيث دفن هناك، بخوارق امام من رحلوا عن الدنيا في ما بعد ايضا، ومعظمهم كانوا على مستوى سياسي واجتماعي وعلمي كبير، كالعلامة الدكتور عبد الله العلايلي، مؤلف «كيف عرفت داهش» الصادر عن «دار النسر المحلق» قبل 17 سنة من وفاته عن 82 عاما في 1996 ببيروت. او كالكاتب ووزير الثقافة ورئيس مجلس الشيوخ المصري الراحل، الدكتور محمد حسين هيكل، مؤلف كتاب «محمد» عن سيرة الرسول الاعظم، والمعروف بعلاقات «بريدية» كانت له مع داهش، عبر رسائل متبادلة، جمعت بعد وفاته في كتاب صدر قبل 20 سنة. او كالصحافي المصري لطفي رضوان، رئيس تحرير مجلة «المصور» باوائل الستينات في القاهرة، والمندهش بالرجل بعد3 مقابلات حملته على وضع «خوارق ومعجزات الدكتور داهش» في كتاب تضمن اسماء لمن ما زال بعضهم حيا، كالصحافي وليد عوض، رئيس تحرير مجلة «الافكار» الاسبوعية اللبنانية.

* ورقة لم تصبح 100 ليرة

* يقول عوض انه سعى للتعرف الى داهش، الذي لم يدخل مدرسة الا لشهرين وهو طفل في ميتم ببلدة «غزير» اللبنانية «لكثرة ما ملا الدنيا وشغل الناس، ولما سمعت في الخمسينات عن قيامه بخوارق، فذهبت مرة اليه اتحداه في البيت» فوضع له داهش رزمة اوراق بيضاء على طاولة، وفوقها وضع ورقة من فئة 100 ليرة لبنانية، ثم قال: «ساحول كل ورقة تحتها الى عملة من فئة 100 ليرة امامك، فانظر». الا ان رزمة الاوراق بقيت كما هي تماما «برغم محاولة ثانية اجراها، وهو يتصبب عرقا امامي» طبقا لما قاله عوض، الذي نفى في مجلته قبل شهر هذه الحادثة، وعلى اثرها زاره رجل الاعمال الوارث نشاطه التجاري ابا عن جد في مرفا بيروت، حسن البلطجي، الناطق باسم الداهشية هناك، مستغربا قوله عن فشل تحويل الاوراق الى ليرات، فاكد عوض ما حدث، وسط دهشة البلطجي، الذي سبق ان اتصلت به «الشرق الاوسط» وبداهشيين في كندا والولايات المتحدة ولبنان تسالهم معلومات تفصيلية عن داهش، لكنهم راوها امورا «خاصة بالرجل، فالمهم رسالته وما قام به من عجائب» وفق ما اجمعوا واحدا بعد الاخر بالهاتف من حيث يقيمون، فبدت الامور كانها مناقشات مجلس ادارة لشركة داهشية متعددة الجنسية.

وسالت «الشرق الاوسط» البلطجي واخرين عن المكان المدفون فيه داهش بنيويورك، وكم ترك من ثروة، ومن ورثها، ومن اين جاء بما كان له من مال، طالما لم يمارس مهنة من المهد الى اللحد، سوى تبرير غير مقنع لداهش نفسه اورده في حديث لمجلة لبنانية ذكر فيه انه يؤمن مصاريفه من مبيعات اكثر من 90 كتابا الفها في موضوعات ادبية ووجدانية بديهية المعاني وروحانية الاسلوب الانشائي البسيط، علما بان ريع اي كتب عربية، بالكاد يكفي المصروف الضروري لمؤلفها، كائنا من كان، خصوصا اذا كان كداهش: مسافر متعطش الرغبة للتعرف على بلاد الاخرين، ومتجول باستمرار في الهند والولايات المتحدة ودول اوروبية، او متسلح حين يبقى في بيروت على مكافحة حرها بسلاح القدرة على الاصطياف الجبلي في فنادق، لم يكن من نزلائها منذ الاربعينات الى الستينات الا مشاهير، وفق الوارد في كتاب صدر باوائل هذا العام بعنوان «سوق الغرب في ذاكرتي».

* اكداس اكداس من المال

* يتحدث سمير الصليبي في كتابه عن «فندق فاروق» ونزلائه في بلدته الجبلية الصغيرة «ومن بينهم الياس خليل زخريا واحمد الصافي النجفي والدكتور داهش، الذي تعرف اليه صاحب الكتاب اثناء وجوده بالفندق. وهو يحيي جلسات تنويم مغناطيسي واعمال سحر وخفة يد. الا ان الحالة بدات تتغير مع الايام، عندما سرت شائعات بانه يناجي الارواح، حيث حضرت «جلسة روحية» له سمعت فيها صوت روح مستحضرة حلت فيه، وجعلته متغير الملامح في تلك اللحظات بعض الشيء، وكذلك متغير الصوت».

وما يثبت ان واردات داهش كانت كبيرة، اقتناؤه لاثريات ومحنطات حيوانات اليفة وكاسرة وطنافس وعجميات ولوحات، زادت على الفي قطعة، وساعدته عائلة سعودية تعرف اليها في 1960 على شحنها بعد 16 سنة الى نيويورك، حيث اودعت في «متحف داهش» الذي تم دشينه في 1995 هناك، وهي لوحات اشترى معظمها خلال زيارات قام بها الى دار للمزادات كانت في فندق «درواو» بباريس. وتؤكد مقابلة اعدها معه محرر بمجلة «اللواء» اللبنانية في 1964 انه كان من كبار الموسرين، اذ كتب المحرر انه «يملك في خزانة ملابسه لفصل الصيف فقط ما يزيد على المئة جاكيت «سبور» وعلى المئة بنطلون، وهي جميعها تعكس جميع الالوان الموجودة في الطبيعة، وقد سالناه: «هل اشتريت كل هذه الملابس»؟. قال ضاحكا: ابدا». قلنا: «هدية من الارواح»؟. قال: «يمكن».

كذلك ذكرت احدى الداهشيات الشهيرات، وهي ماري حداد، شقيقة زوجة اول رئيس للبنان بعد الاستقلال، في افادة دفاعية لها عن داهش، وواردة في معظم كتب يصدرها اتباعه عن «مرحلة اضطهاده» من قبل السلطات اللبنانية بين 1944 و1952 ما يشير الى ان الداهش واحد من اصحاب المليارات، الا اذا كانت كاتبة الافادة من الميالات للمبالغات، مما يفقدها في هذه الحالة مصداقية ضرورية لاثبات ما روته عن «خوارق» قام بها الداهش امامها، ومنها حكاية شجرة ظهرت بطرفة عين من التربة بامر داهشي، مرفق شفهيا بتضرع الى الله، فهي تقول في افادتها الدفاعية: «..واذا ما سالتني كيف يعيش الدكتور داهش، اجبتك انني رايت عنده من الاموال اكداسا اكداسا، وربما عز على اي مصرف ان يحوز على مثلها. وقد رايته يسخو على الفقراء، ولكنه يقتصد على نفسه» طبقا لما ردت به في 1944 على اسئلة مدير البوليس العدلي ذلك الوقت، ادوار ابو جودة.

* شجرة مشمش تظهر بلمح البصر

* مع ذلك، ذكر البلطجي ل «الشرق الاوسط» بالهاتف من بيروت ان داهش، الذي اعاد امام كثيرين خاتما من الماس كانت والدته، السيدة فاطمة البلطجي، اضاعته في صيف 1960 وبحثت عنه طوال عام «كان من طينة بشرية مختلفة، وقصته اكبر من هذه التفاصيل الخاصة بكثير. انه صاحب رسالة، ولم ار منه طيلة حياتي ما يسيء» طبقا لما وصف به داهش، الذي يعود الفضل للفلسطيني، فريد قطان، في الكشف بالثلاثينات عن تحديد هويته، اذ كانوا في فلسطين، التي كان يتردد على الاقامة فيها بين 1922 و1930 لدى خالة له بالقدس، يعتقدونه من اصل فارسي، ومن مدينة «اليشي» في وسط ايران بالذات.

كذلك قال عوض، البالغ عمره 64 سنة كالبلطجي، ان داهش «لم يكن دجالا ولا مشعوذا، انما كانت له قدرات خاصة، لا املك تفسيرها حقيقة.. ربما كان يسيطر على من حوله مهما كانت نوعيتهم، بمجرد تحديقه بعيونهم. وكان لداهش شان كبير زمن الرئيس بشارة» مشيرا بذلك الى اول رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال، وهو بشارة الخوري، الذي اعتنقت ماري حداد، الرسامة والكاتبة بالعربية والفرنسية ورئيسة نقابة فناني الرسم والنحت في لبنان بالاربعينات، وشقيقة لور شيحا الخوري، زوجة الرئيس بشارة «عقيدة الداهشية» هي وزوجها واولادها، لمعاينتهم اكثر من «عجيبة» قام بها امامهم.

ومما تذكره ماري حداد انها راته وبرفقته 5 من 6شخصيات روحانية تتجسد شبيهة به. وكذلك عاينت في 1943 انه اصدر «امرا» لنواة مشمش رماها في حديقة منزله السابق بمحلة النويري، حين قال: «بحق الله تحولي الى شجرة مثمرة» فاشراب الجذع وارتفع باغصانه في الحال شجرة ازهرت بثوان واثمرت امامها وامام اخرين «فاكلنا المشمش منها، وكان من اطيب ما ذقنا، وما تزال قائمة في الحديقة حتى هذا التاريخ» وفق ما قالته المعاينة لاموال داهش اكداسا اكداسا في مقابلة لمجلة «اللواء» بمنتصف 1964 اي قبل 9 سنوات من وفاتها في 1973 عن 84 عاما في بيروت.. المدينة التي شهد حي القنطاري فيها ذات مرة، ما لا اذن سمعت: في 20 سبتمبر (ايلول) 1943 يشير داهش بيده الى الفضاء من شرفة بيت هناك، راغبا بتسلية من كانوا معه من حضور، ومن بينهم ماجدا وزينا، ابنتا الرسامة ماري حداد، واذا بصياح جماعي يتسارع تكرارا ومرارا من ديوك الحي، الذي دب في سكانه الذعر، الى ان سحب يده من حيث كانت نحو الفضاء «فاذا بالديوك تسكت بغتة، ولم يسمع بعدها لديك من صياح» وفق ما دونه الشاعر حليم دموس، الملقب ب «مؤرخ الرسالة» في كتاب له عن «المعجزات والخوارق الداهشية المذهلة» عاين فيه 7 غرائب، منها احضار داهش لحجر ضخم من مصيف الشبانية الى بيروت بلمح البصر.

* شروحات البراسيكولوجيا اصعب من تصديق الخوارق

* مهما حاول احدهم اقناعك بان النقطة البيضاء في الشكل الهرمي هي على مسافة متساوية بين القمة والقاعدة فلن تصدق، لانك تراها غير ذلك بعينيك، كما يحدث الان. لكنها في منتصفهما فعلا، فتاكد مستعينا بمسطرة او اي اداة للقياس اذا اردت. كذلك ترى في الرسم الاخر ما لا وجود له على الاطلاق، اذا تمعنت ثانية بدقة، وهو 3 اعمدة رومانية.

ويحدث احيانا انك تسمع صوتا، فتظنه ترامى الى مسامعك من جهة اليسار، وهو من اليمين حقيقة، او العكس بالعكس.. هكذا هو علم البراسيكولوجيا، المرجع ما نعتبره خوارق، يقوم او قام به البعض، كالداهش وسواه، الى حجمه المنطقي، ولو عبر شروحات شبه علمية معقدة، يبدو استيعابها احيانا، اصعب حتى من تصديق الخوارق نفسها. لذلك نبقى في حيرة، ولا نجد شرحا واضحا وحاسما لكل «خارقة» نسمع عنها او نراها.

  • البراسيكولوجيا
السابق
احدث صور حب تجنن
التالي
رجيم الفواكه مفيد وفعال