افضل مواضيع جميلة بالصور

النهي عن الاختلاط بين الاقارب

 

الاختلاط
بين الجنسين
في ضوء الكتاب والسنة من خلال اصول الفقه ومقاصد الشريعة
مع اقوال علماء المذاهب الاسلامية المختلفة

اعداد/
عامر بن محمد فداء بهجت
المحاضر بالمعهد العالي للائمة والخطباء – جامعة طيبة- المدينة النبوية

الحمد لله الذي اكمل لنا الدين، واتم علينا النعمة، والصلاة والسلام على نبي الرحمة، اما بعد:
فقد كثر الحديث حول موقف الشريعة الاسلامية من الاختلاط، وترددت في كثير من الاطروحات مقالة مضمونها: ان الاسلام لا يمنع من اختلاط الجنسين بغير خلوة، وادعى بعضهم ان استعمال لفظ “الاختلاط” على هذا الوجه اصطلاح حادث دخيل على القاموس الاسلامي!.
فما مدى صحة هذه المقالة؟ وما مدى مطابقتها للواقع؟ وهل الشريعة تبيح الاختلاط او تمنعه؟ وهل تحذير بعض العلماء من الاختلاط يستند الى ادلة شرعية ثابتة او هو مبني على اعراف وعادات لبست لباس الدين!؟ وهل للمنادين بمنع الاختلاط دليل غير سد الذرائع!؟
هذا ما احببت ان اتبين جوابه ثم ابينه من خلال هذا الكتاب، واسال الله التوفيق والسداد.
وقد قسمت هذا البحث الى اربعة ابواب، وخاتمة:
الباب الاول: الاختلاط في ضوء نصوص القران.
الباب الثاني: الاختلاط في ضوء الاحاديث النبوية.
الباب الثالث: الاختلاط في ضوء مقاصد الشريعة.
الباب الرابع: موقف علماء الاسلام من شتى المذاهب الاسلامية، وفيه خمسة مباحث:
المبحث الاول: المذهب الحنفي.
المبحث الثاني: المذهب المالكي.
المبحث الثالث: المذهب الشافعي.
المبحث الرابع: المذهب الحنبلي.
المبحث الخامس: علماء اخرون من السابقين والمعاصرين.
الخاتمة.

الباب الاول: الاستدلال بالقران.
الاية الاولى:
قال الحق – تبارك وتعالى-: (واذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن)([1])

وجه الاستدلال: ان الله امر من سال نساء النبي r حاجة ان يكون ذلك السؤال من وراء حجاب، والقاعدة في علم الاستدلال: (ان الامر يقتضي الوجوب)([2]) الا اذا دل الدليل على عدمه، فدلت على انه يجب على من سالهن حاجة ان يكون سؤاله من وراء حجاب، و(الامر بالشيء نهي عن ضده)([3]) فيكون سؤالهن مع المخالطة وانعدام الحجاب منهيا عنه، والقاعدة ان (النهي المطلق للتحريم) ([4])، واذا منع ذلك مع الحاجة الى سؤال المتاع فالمنع مع عدم الحاجة اولى، وهذا ما يسمى في علم الاصول: (مفهوم الموافقة الاولوي)([5])، والقاعدة المتفق عليها في علم الاصول: (ان مفهوم الموافقة الاولوي حجة)([6]).
وجه اخر: انه علل الامر بالسؤال من وراء حجاب بقوله: (ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن)([7]) والقاعدة في الاصول: (ان العلة تعمم معلولها)([8])، والعلة هنا كونه (اطهر للقلوب) ولا شك ان عدم الاختلاط هو الاطهر فكان مامورا به.
فان قيل: الاية في التعامل مع نساء النبي r ولهن من الخصوصية مالهن.
فالجواب انه اذا ثبت ذلك الحكم في التعامل مع امهات المؤمنين ثبت في التعامل مع غيرهن من باب اولى، والاولوية هنا من وجهين:
الاول: ان العلة من هذا الامر هو تحصيل اطهرية القلوب، وامهات المؤمنين اطهر النساء قلوبا، فغيرهن من النساء اشد حاجة لتحصيل ما يحقق اطهرية القلوب، ولو لم يكن هذا الامر معللا او معللا بغير اطهرية القلوب لاحتمل الخصوصية، اما وقد علل بتحصيل اطهرية القلوب فان حمله على الخصوص اهمال للعلة، ومعلوم ان (العلة تعلل معلولها).
الثاني: ان نساء النبي r محرمات في النكاح على جميع المؤمنين لقوله تعالى: (وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما)([9])، ومعلوم ان ميل الانسان لمن تحرم عليه –ان وجد- اقل من ميله الى غيرها، وافتتانه بغير المحرمة اعظم، فكان منع الاختلاط بامهات المؤمنين مع تحريمهن دليل على منع الاختلاط بغيرهن من باب اولى.
قال الطبري -رحمه الله- في تفسير الاية: (يقول: واذا سالتم ازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بازواج متاعا (فاسالوهن من وراء حجاب)([10]) يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن)([11]).
وقال القرطبي -رحمه الله-: (في هذه الاية دليل على ان الله تعالى اذن في مسالتهن من وراء حجاب، في حاجة تعرض، او مسالة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته اصول الشريعة من ان المراة كلها عورة)([12]).
وقال محمد الامين الشنقيطي: (اما القران العظيم فمن ادلته العظيمة التي لا ينبغي العدول عنها بحال من الاحوال ان الله انزل فيه ادبا سماويا ادب به خير نساء الدنيا وهن نساء سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم فامر فيه جميع الرجال ان لا يسالوهن متاعا الا من وراء حجاب ثم بين ان الحكمة في ذلك ان تكون قلوب كل من الجنسين في غاية الطهارة من ادناس الريبة بين الجنسين ، وقد تقرر في علم الاصول ان العلة تعمم معلولها وتخصصه، والعلة في هذه الاية المتضمنة هذا الادب السماوي الكريم الكفيل بالصيانة والعفاف وحفظ الكرامة والشرف معممة لحكم الاية الكريمة في جميع نساء المسلمين الى يوم القيامة ، وان كان لفظها خاص بازواج النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله تعالى -: (واذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب)([13]).
ثم بين حكمة هذا الادب السماوي وعلته ونتيجته بقوله جل وعلا: -: (ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن)([14]).
فدل ذلك بمسلك الايماء والتنبيه([15])من مسالك العلة ان علة السؤال من وراء الحجاب هي المحافظة على طهارة قلوب كل من الجنسين غاية الطهارة حيث عبر تعالى بصيغة التفضيل في قوله: (ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن).
ودل هذا التعليل باطهرية قلوب الجنسين ، ان حكم الاية عام للنساء المسلمات الى يوم القيامة لان اطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن مطلوبة اجماعا فلا يصلح لقائل ان يقول المطلوب طهارة قلوب ازواج النبي r فقط وطهارة قلوب الرجال من الريبة معهن فقط بل ذلك مطلوب في جميع النساء الى يوم القيامة كما لا يخفى فدل ذلك على ان العلة المشار اليها بقوله: (ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن) مقتضية تعميم هذا الحكم السماوي النازل بهذا الادب الكريم المقتضي كمال الصيانة والعفاف والمحافظة على الاخلاق الكريمة والتباعد من التدنس بالريبة ، فسبحان من انزله ما اعلمه بمصالح خلقه وتعليمهم ومكارم الاخلاق…. وبه يتضح ان قوله تعالى : (ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن) يقتضي عموم الحكم في جميع النساء وان كانت الاية الكريمة نازلة في خصوص ازواجه)([16]).
وقال سيد قطب: (فلا يقل احد غير ما قال الله . لا يقل احد ان الاختلاط ، وازالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين اطهر للقلوب ، واعف للضمائر ، واعون على تصريف الغريزة المكبوتة ، وعلى اشعار الجنسين بالادب وترقيق المشاعر والسلوك . . الى اخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين . لا يقل احد شيئا من هذا والله يقول : (واذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن)([17]). . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات . امهات المؤمنين . وعن رجال الصدر الاول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول اليهن واليهم الاعناق! وحين يقول الله قولا ويقول خلق من خلقه قولا . فالقول لله سبحانه وكل قول اخر هراء ، لا يردده الا من يجرؤ على القول بان العبيد الفانين اعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله ، وكذب المدعين غير ما يقوله الله)([18]).
الباب الثاني: الاحاديث النبوية.

الحديث الاول:
عن عقبة بن عامر t ان رسول الله r قال: « اياكم والدخول على النساء ». فقال رجل من الانصار يا رسول الله افرايت الحمو قال « الحمو الموت»([19]).

وجه الاستدلال: انه حذر من الدخول على النساء باسم فعل الامر “اياك” والمعنى (احفظوا انفسكم واتقوا الدخول على النساء)([20])، فهو امر باتقاء الدخول على النساء و(الامر يفيد الوجوب)([21])، ونهي عن الدخول عليهن؛ لان (الامر بالشيء نهي عن ضده)([22]) و(النهي يفيد التحريم)([23]).
وقوله: (اياكم) يعم المخاطبين بضمير الجمع([24])، وقوله:(الدخول) يفيد العموم فيشمل دخول الخلوة وغيرها، والقاعدة الاستدلالية: (ان الالف واللام اذا دخلت على اسم مفرد افادت العموم)([25]) فلا يصح حمله على صورة الخلوة دون غيرها الا بدليل يقوى على تخصيص العموم، فلا يصح حمل ضمير الجمع الدال على عموم المخاطبين، ولفظ (الدخول) الدال على منع شتى صور الدخول، ولفظ (النساء) الدال على عموم جميع النساء؛ على صورة واحدة نادرة من افراد هذا العموم وهي: دخول رجل واحد على امراة واحدة، والغاء جميع الصور الاخرى كدخول رجل واحد على (النساء).
قال ابن حجر –رحمه الله- في شرحه: (وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بطريق الاولى) ([26]).
قال الامين الشنقيطي –رحمه الله-: (وظاهر الحديث التحذير من الدخول عليهن ولو لم تحصل الخلوة بينهما، وهو كذلك، فالدخول عليهن والخلوة بهن كلاهما محرم تحريما شديدا بانفراده، كما قدمنا ان مسلما رحمه الله اخرج هذا الحديث في باب تحريم الخلوة بالاجنبية والدخول عليها، فدل على ان كليهما حرام.)([27]).
وقال ايضا: (فتاملوا قوله r في دخول قريب الزوج على زوجته « الحمو الموت» لتدركوا ان اختلاط الرجال الاجانب بالنساء الاجنبيات انه هو الموت) ([28]).
وفيه تاكيد للعموم بالتنصيص على عدم استثناء اقارب الزوج من هذا العموم.
وقد استدل بعض من اجاز الاختلاط بوقوعه في المسجد النبوي في عصر الرسالة، فلننظر في الاحاديث الواردة في صلاة النساء في المسجد:

الحديث الثاني:
عن عبد الله بن مسعود t: عن النبي r قال: «صلاة المراة في بيتها افضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها افضل من صلاتها في بيتها» ([29])

والحديث يدل على ان صلاة المراة في بيتها افضل من حضورها للمسجد النبوي والصلاة خلف سيد البشر r ، مع انه لا يخفى ان في الصلاة معه r من المصالح والمنافع ما ليست في الصلاة مع غيره من معرفة صفة صلاته، ومعرفة هديه وسماع حديثه ان تحدث بعد الصلاة، وغير ذلك، فما الحكمة من ذلك؟
قال في عون المعبود: (( صلاة المراة في بيتها ) اي الداخلاني لكمال سترها ( افضل من صلاتها في حجرتها ) اي صحن الدار، قال بن الملك اراد بالحجرة ما تكون ابواب البيوت اليها وهي ادنى حالا من البيت ( وصلاتها في مخدعها ) بضم الميم وتفتح وتكسر مع فتح الدال في الكل وهو البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير يحفظ فيه الامتعة النفيسة من الخدع وهو اخفاء الشيء اي في خزانتها افضل من صلاتها في بيتها لان مبنى امرها على التستر) ([30]).
وبه تعلم ان النبي r جعل صلاة المراة تزداد فضلا كلما كانت عن مخالطة الرجال ابعد، وكانت الى عقر دارها اقرب.
ومع هذا فلا تمنع من الحضور للمسجد بشروطه قال النووي: (قوله r«لا تمنعوا اماء الله مساجد الله»([31]) هذا وشبهه من احاديث الباب ظاهر في انها لا تمنع المسجد لكن بشروط ذكرها العلماء ماخوذة من الاحاديث وهو ان لا تكون متطيبة ولا متزينة ولا ذات خلاخل يسمع صوتها ولا ثياب فاخرة ولا مختلطة بالرجال)([32]).
قال ابن دقيق العيد: (الحديث([33]) عام في النساء ولكن الفقهاء قد خصوه بشروط وحالات منها: ان لا يتطيبن وهذا الشرط مذكور في الحديث ففي بعض الروايات: «وليخرجن تفلات»([34]) وفي بعضها:«اذا شهدت احداكن المسجد فلا تمس طيبا»([35]) وفي بعضها: «اذا شهدت احداكن العشاء فلا تطيب تلك الليلة»([36]) فيلحق بالطيب ما في معناه فان الطيب انما منع منه لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم وربما يكون سببا لتحريك شهوة المراة ايضا فما اوجب هذا المعنى التحق به)([37]) قال مقيده: واثبات العلة هنا ظاهر بمسلك المناسبة والسبر والتقسيم، وتفصيل بيانه يخرج عن المقصود مع ظهوره.
وقد الحق جماعة من اهل العلم بالطيب الاختلاط بالرجال بالجامع المذكور والقاعدة في علم الاصول: (اذا وجدت العلة ثبت الحكم).
قال ابن حجر: (ويلحق بالطيب ما في معناه لان سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال)([38])
وقال الشنقيطي / في اضواء البيان: (واذا علمت ان هذه الاحاديث دلت على ان المتطيبة ليس لها الخروج الى المسجد ، لانها تحرك شهوة الرجال بريح طيبها .فاعلم ان اهل العلم الحقوا بالطيب ما في معناه كالزينة الظاهرة ، وصوت الخلخال والثياب الفاخرة ، والاختلاط بالرجال ، ونحو ذلك بجامع ان الجميع سبب الفتنة بتحريك شهوة الرجال ، ووجهه ظاهر كما ترى.)([39])
فهذا الحديث دل على ان حضورها للمسجد مفضول مع جوازه، فهل جواز حضورها للمسجد دليل على جواز اختلاطها بالرجال في المسجد؟
بيناه ويتبين اكثر بما يلي:

الحديث الثالث:

عن ابي هريرة ط قال قال رسول الله r:«خير صفوف الرجال اولها وشرها اخرها وخير صفوف النساء اخرها وشرها اولها» ([40]).
ها قد حضرت للمسجد، فلم لا تصلي بجوار الرجل وتقف معه جنبا الى جنب (بغير ريبة ولا شهوة) لتدرك فضل الصف الاول، وتصلي خلف النبي r فتسمع تكبيره وتلاوته بوضوح، فاذا تحدث بعد الصلاة سمعت ورات عن قرب كسماع الرجل؟
لم لا تلي النبي r وهو يقول: « ليلني منكم اولو الاحلام والنهى »([41])؟
لم لا تتقدم والنبي r يقول: « تقدموا فائتموا بي ولياتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتاخرون حتى يؤخرهم الله »([42])
لم لا تسابق على الصف الاول والنبي r يقول: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا»([43])
ومن جوابه تعلم وجه الاستدلال وهو: ان تفضيل الصفوف الاخيرة مع فوات اجر التقدم([44]) يدل على مشروعية بعد المراة عن الرجال، وانها كلما كانت ابعد عنهم كانت اقرب الى الخير، وكلما قربت منهم كانت اقرب الى الشر، فدل على ان الاختلاط شر، والبعد عنه خير.
قال النووي / في شرحه للحديث: (وانما فضل اخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك ، وذم اول صفوفهن لعكس ذلك . والله اعلم .)([45])
وقال الشوكاني / : (قوله : ( وخير صفوف النساء اخرها ) انما كان خيرها لما في الوقوف فيه من البعد عن مخالطة الرجال)([46])
وقال السندي / في حاشيته على سنن النسائي: (اي اقلها اجرا وفي النساء بالعكس وذلك لان مقاربة انفاس الرجال للنساء يخاف منها ان تشوش المراة على الرجل والرجل على المراة ثم هذا التفضيل في صفوف الرجال على اطلاقه وفي صفوف النساء عند الاختلاط بالرجال كذا قيل ويمكن حمله على اطلاقه لمراعاة الستر فتامل والله تعالى اعلم.)([47])
لقائل ان يقول: هذا في صفوف الصلاة، ولكن الاختلاط واقع قبل ذلك وبعده عند الدخول الى المسجد وعند الخروج منه، فهل خصص النبي r بابا خاصا للنساء حتى لا يختلطن بالرجال؟
يتبين الجواب بالحديث التالي:
الحديث الرابع:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «لو تركنا هذا الباب للنساء». قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات([48]).
وفي رواية: ان رسول الله r لما بنى المسجد جعل بابا للنساء، وقال:«لا يلجن من هذا الباب من الرجال احد»([49]).

وجه الاستدلال: قوله r: (لو تركنا..) فيه حث على تخصيص ذلك الباب([50]) للنساء دون الرجال؛ فان من معاني (لو) العرض والتحضيض، قال في شرح الكوكب المنير: (وتاتي لو ايضا لعرض نحو: “لو تنزل عندنا فتصيب خيرا”، وتاتي [لو] ايضا لتحضيض نحو “لو فعلت كذا”، اي: افعل كذا. والفرق بينهما: ان العرض: طلب بلين ورفق، والتحضيض: طلب بحث)([51])، وعلى كلا المعنين تدل على الطلب، والقاعدة في الاصول: (ان الطلب الجازم يدل على الوجوب، والطلب غير الجازم يدل على الاستحباب)([52])، وبالنظر في علة ذلك نجد ان العلة المناسبة هي: الفصل بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهما، والقاعدة في الاصول: (ان من مسالك اثبات العلة: المناسبة)([53])، ولذلك بوب عليه ابو داوود في سننه بقوله: (باب في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال)([54])، واذا ثبت هذا في محل الدخول والخروج مع عدم مكثهن فيه ثبت في امكنة الدراسة والعمل والمجالس التي يطول البقاء فيها، وهذا ما يعرف في علم اصول الفقه ب(قياس الاولى)([55])، والنتيجة: ان الفصل بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط مطلوب شرعا.
اما الرواية الاخرى ففيها التصريح بالنهي عن الدخول من باب النساء، والقاعدة في اصول الفقه: (ان النهي يقتضي التحريم)([56])، لكن الرواية لم تصح بل ضعفها شديد، والقاعدة في اصول الفقه: (ان الحديث شديد الضعف لا يحتج به في الاحكام)([57]).
قال صاحب عون المعبود في شرحه: (( لو تركنا هذا الباب ): اي باب المسجد الذي اشار النبي r ( للنساء ): لكان خيرا واحسن لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد. والحديث فيه دليل ان النساء لا يختلطن في المساجد مع الرجال بل يعتزلن في جانب المسجد ويصلين هناك بالاقتداء مع الامام)([58]).
فان قيل: الاختلاط حاصل حال الخروج من المسجد قبل الوصول الى الباب، فالرجل عند خروجه سيمر من وسط صفوف النساء.
فالجواب في الحديث التالي:
الحديث الخامس:
عن ام سلمة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله r اذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيرا قبل ان يقوم)([59]).

قال ابن شهاب الزهري:( نرى -والله اعلم- ان ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل ان يدركهن احد من الرجال.)([60])
وجه الاستدلال: ان النساء كن يقمن عقب الصلاة مباشرة، باقرار من النبي r وعلمه، مما يدل على مشروعية ذلك، والقاعدة: (ان اقرار النبي r على الفعل كفعله r)([61])، ومع ثبوت الفضل في بقاء المصلي في مصلاه في قوله r: (الملائكة تصلي على احدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه مالم يحدث فيه تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه)([62])، الا انهن كن يبادرن بالانصراف تجنبا للاختلاط بالرجال، وهذا يدل على ان درء مفسدة الاختلاط مقدمة على نافلة البقاء في المصلى لتحصيل الفضل المذكور.
قال مقيده – عفا الله عنه-: وقد فهم العلماء من المذاهب الاربعة من هذا الحديث هذا المعنى مع اختلاف عصورهم ومذاهبهم.
فقد بوب البيهقي “الشافعي” في السنن الكبرى على هذا الحديث بقوله: (باب مكث الامام في مكانه اذا كانت معه نساء كي ينصرفن قبل الرجل)([63]).
وقال بدر الدين العيني “الحنفي” في شرحه هذا الحديث: (فيه خروج النساء الى المساجد وسبقهن بالانصراف والاختلاط بهن مظنة الفساد)([64]).
وقال ابن بطال “المالكي” في شرحه: (وفى حديث ام سلمة من الفقه: ان خروج النساء ينبغى ان يكون قبل خروج الرجال)([65]).
وقال ابن حجر العسقلاني “الشافعي” في شرح الحديث: (وفي الحديث مراعاة الامام احوال المامومين ، والاحتياط في اجتناب ما قد يفضي الى المحذور . وفيه اجتناب مواضع التهم ، وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت .)([66]).
واستدلالا بهذا الحديث قال البهوتي “الحنبلي” -كما في الاقناع مع شرحه-:( ( فان كان رجال ونساء ) مامومين به ( استحب لهن ) اي للنساء ( ان يقمن عقب سلامه ) وينصرفن ، لانهن عورة فلا يختلطن بالرجال ( و ) استحب ( ان يثبت الرجال قليلا بحيث لا يدركون من انصرف منهن ))([67]).

ويؤيد هذا المعنى قول عائشة: كان r، يصلي الصبح بغلس، فتنصرف نساء المؤمنين، لا يعرفن من الغلس، او لا يعرف بعضهن بعضا([68]).
وهذا هو الحديث السادس.
قال ابن بطال في شرحه: (فهذا يدل انهن لا يقمن فى المسجد بعد تمام الصلاة، وهذا كله من باب قطع الذرائع، والتحظير على حدود الله، والمباعدة بين الرجال والنساء خوف الفتنة ودخول الحرج، ومواقعة الاثم فى الاختلاط بهن)([69]).
بقي ان يعترض معترض باحتمال! اسراع رجل في مشيه فيدرك النساء في الطريق عند رجوعهن، فهل من جواب؟
نعم.. في الحديث التالي:
الحديث السابع

عن ابي اسيد الانصاري t انه سمع رسول الله r يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله r للنساء «استاخرن فانه ليس لكن ان تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق» فكانت المراة تلتصق بالجدار حتى ان ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به([70]).

وجه الاستدلال: ان النبي r امرهن بالاستئخار عن الرجال، والقاعدة ان (الامر يقتضي الوجوب ويقتضي النهي عن ضده)([71])، فيكون امرا بالابتعاد عن الرجال قدر الامكان ونهيا عن الاختلاط بالرجال، والاصل ان (النهي يقتضي التحريم)([72]).
وجه اخر: قوله r: «ليس لكن ان تحققن الطريق» نفي لاستحقاقهن لوسط الطريق لان (اللام –هنا- تفيد الاستحقاق)([73])، ونفي الاستحقاق يدل على عدم جواز مشيهن في وسط الطريق، وهذا خاص بما لو كان ذلك مؤديا الى اختلاطهن بالرجال- لان (العلة تعمم معلولها وتخصصه)([74])، ذلك انقول الصحابي t : (فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله r للنساء…) يدل على ان علة هذا الامر النبوي هو حصول الاختلاط؛ لان القاعدة في علم اصول الفقه ان: (ترتب الحكم على الوصف بالفاء في لفظ الشارع او في لفظ الراوي يفيد التعليل)([75])، فيختص الحكم بصورة الاختلاط، اما لو كان الطريق خاليا من الرجال فلهن ان يحققن الطريق لما سبق.
وقوله r: (عليكن بحافة الطريق) يدل على وجوب لزومهن لحافة الطريق وبعدهن عن مخالطة الرجال، ذلك ان (عليك) اسم فعل امر بمعنى (الزم)؛ فالمعنى: (الزمن حافة الطريق) والقاعدة ان (الامر يفيد وجوب المامور به والنهي عن ضده) الا اذا دل دليل على خلاف ذلك.
فان قيل: فلم لم يؤمر الرجل بحافة الطريق دون المراة؟
فلعل الجواب –والله اعلم-: لان خروج الرجل اكثر من خروج المراة، والاصل في المراة القرار في البيت وقلة الخروج.
واذا منع الاختلاط في الطريق مع كونه عابرا عارضا فمنعه في المجالس، واماكن العمل والتعليم اولى، وهذا (قياس اولوي، وهو حجة)([76])، قال ابن حجر معلقا على حديث ام سلمة في انصراف النساء قبل الرجال: (وفيه اجتناب مواضع التهم ، وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت.)([77]).
وفي الحديث: تعبير الصحابي بلفظ الاختلاط وهو دليل على انه استعمال معروف من زمان الصحابة رضي الله عنهم.
لكن قائلا سيقول: ان اختلاط النساء بالرجال موجود في الطواف بجوار الكعبة فكيف تمنعونه؟
فالجواب في الحديث التالي:

الحديث الثامن
عن ام سلمة ك زوج النبي r قالت شكوت الى رسول الله r اني اشتكي فقال: «طوفي من وراء الناس وانت راكبة». فطفت ورسول الله r حينئذ يصلي الى جنب البيت وهو يقرا(والطور وكتاب مسطور)([78])([79]).

وجه الدلالة: انه امرها ان يكون طوافها من وراء الناس غير مخالطة للرجال، والامر يفيد الوجوب، واذا ثبت ذلك في الطواف ثبت في غيره لعدم الفارق، ويبينه تبويب البخاري /، حيث بوب عليه بقوله: (باب طواف النساء مع الرجال)([80]).
قال الحافظ ابن حجر “الشافعي” في شرحه: (قوله : ( باب طواف النساء مع الرجال ) اي هل يختلطن بهم او يطفن معهم على حدة بغير اختلاط او ينفردن)([81]).
قال الامام النووي الشافعي في شرح هذا الحديث: (انما امرها r بالطواف من وراء الناس لشيئين: احدهما ان سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف. والثاني ان قربها يخاف منه تاذى الناس بدابتها)([82]).
قال البدر العيني “الحنفي” في شرحه لهذا الحديث: (وانما امرها بالطواف من وراء الناس لان سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف ولان قربها يخاف منه تاذي الناس بدابتها)([83]).
وقال ابن بطال “المالكي” في شرحه: (وكذلك ينبغى ان تخرج النساء الى حواشى الطرق، وقد استنبط بعض العلماء من هذا الحديث طواف النساء بالبيت من وراء الرجال لعلة التزاحم والتناطح، قال غيره: طواف النساء من وراء الرجال هى السنة)([84]).
وقال السندي في حاشية النسائي: (ففيه ان الاحتراز عن طواف النساء مع الرجال مهما امكن احسن حيث اجاز لها في حال اقامة الصلاة التي هي حالة اشتغال الرجال بالصلاة لا في حال طواف الرجال والله تعالى اعلم)([85]).
وقال الباجي المالكي في شرح الموطا: (( مسالة ) واما طواف النساء من وراء الرجال فهو للحديث الذي ذكرناه «طوفي من وراء الناس وانت راكبة» ولم يكن لاجل البعير فقد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعيره يستلم الركن بمحجنه ، وذلك يدل على اتصاله بالبيت)([86]).
وعلل الزرقاني المالكي في شرح الموطا امرها بالطواف من وراء الناس بقوله: (لان سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف)([87]).
وقال القاضي عياض المالكي: (وكونها من وراء الناس ؛ لان ذلك سنة طواف النساء مع الرجال ؛ لئلا يختلطن بهم)([88]).
وقال ابن جماعة الكناني الشافعي: (المراة كالرجل في الطواف وما يتعلق به الا انها لا ترمل.. ولا تدنو من البيت مخالطة للرجال بل تكون في حاشية المطاف بحيث لا تزاحم الرجال.. ولا يستحب لها تقبيل ولا استلام مع مزاحمة الرجال وكذلك لا يستحب لها الصلاة خلف المقام او غيره من المسجد مزاحمة للرجال.
ويستحب لها ذلك اذا لم يفض الى مخالطة الرجال، وهذا مما لا يكاد يختلف فيه لما يتوقع بسببه من الضرر.)([89])
وامرها بالطواف من وراء الناس ووقت صلاتهم مع ان الاصل ان الاقتراب من الكعبة حال الطواف افضل من الابتعاد([90]) يدل على ان مصلحة البعد عن الاختلاط بالرجال قدر الامكان اهم واولى، والقاعدة الشرعية تقديم اعظم المصلحتين على ادناهما.
ويوضح هذا الحديث ويقويه ماجاء في صحيح البخاري:
عن ابن جريج قال اخبرني عطاء: اذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال. قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي r مع الرجال!. قلت: ابعد الحجاب او قبل؟. قال: اي لعمري لقد ادركته بعد الحجاب. قلت: كيف يخالطن الرجال!. قال: لم يكن يخالطن كانت عائشة ك تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم فقالت امراة: انطلقي نستلم يا ام المؤمنين. قالت: انطلقي عنك وابت. يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال ولكنهن كن اذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن واخرج الرجال)([91]).
قال ابن حجر في شرحه: ( قوله : ( وقد طاف نساء النبي r مع الرجال ) اي غير مختلطات بهن)([92])، و قال: (قوله : ( حجرة )بفتح المهملة وسكون الجيم بعدها راء اي ناحية ، قال القزاز : هو ماخوذ من قولهم : نزل فلان حجرة من الناس اي معتزلا)([93]).
ومن فوائده:
·ان استعمال لفظة “الاختلاط” على هذا المعنى معروف من فجر الاسلام، فهو لفظ اصيل واستعمال سلفي معروف، وليس مصطلحا دخيلا كما ادعى البعض!.
·وان ترك الاختلاط بالرجال، حتى في الطواف هو هدي الصالحات الطاهرات امهات المؤمنين، مع انهن ابعد النساء عن الافتتان ونحوه.
·وان الاختلاط بالرجال مستنكر في ذلك الزمن المفضل ولذلك قال ابن جريج متعجبا مستنكرا: (كيف يخالطن الرجال!).
·وان الفرق بين الاختلاط الممنوع وبين وجود النساء مع الرجال في مكان واحد مع التباعد التام بينهم والتميز – كمؤخرة المسجد ونهاية المطاف وحافة الطريق- كان مستقرا عندهم.

الحديث التاسع

عن ابي سعيد الخدري t عن النبي r قال: «ان الدنيا حلوة خضرة وان الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فان اول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء» ([94]).

وجه الاستدلال: ان النبي r امر باتقاء النساء، و(الامر يفيد وجوب المامور به)([95])، فيجب على الرجال اتقاء النساء، ولا يتحقق هذا الا بترك الاختلاط بهن، ومن وجه اخر فان (الامر بالشيء نهي عن اضداده)([96])، فيكون نهيا عن مخالطة النساء؛ لان المخالطة مضادة للاتقاء، و(النهي يقتضي التحريم)([97]).
وماقيل في لفظ (النساء) في الاحاديث السابقة من حيث دلالته على العموم؛ يقال في هذا الحديث.
ثم ان الامر بالاتقاء معلل بكون النساء فتنة، من اقتران الحكم بوصف بلفظ (فان) وهو مسلك من مسالك العلة صريح في التعليل عند الامدي وابن الحاجب وغيرهما([98]) فيدل على المنع من كل ما فيه فتنة لان (العلة تعمم معلولها)([99]).
وفي قوله r: (فان اول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء) مشروعية اخذ العبرة من المجتمعات التي وقعت فيها الفتن والضياع الاخلاقي بسبب مخالفة هذا الامر (واتقوا النساء).

الحديث العاشر
عن اسامة بن زيد ب عن النبي r قال: «ما تركت بعدي فتنة اضر على الرجال من النساء» ([100]).

وجه الدلالة : فيه ان النساء اضر الفتن على الرجال، واتقاء الفتنة –عموما-، وفتنة النساء خصوصا –كما في الحديث السابق- واجب شرعي لادلة كثيرة، وقد بوب البخاري في كتاب الايمان بقوله: (باب من الدين الفرار من الفتن)([101])، وذكر حديث النبي r: «يوشك ان يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن»([102])، وقد قال النبي r « تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن » ([103])، فاذا ثبت ان النساء فتنة للرجال، وان اتقاء الفتنة واجب ثبت ان مخالطة الرجال للنساء محرمة لتضمنها ترك الواجب.
وجه اخر: انه بين ان فتنتهن ضارة بالرجال بل هي اضر الفتن عليهم، والقاعدة في الشريعة : (تحريم كل ما فيه ضرر) على الدين او النفس لحديث: «لا ضرر ولا ضرار» ([104]).
وما قيل في حق الرجال مع النساء يقال في حق النساء مع الرجال؛ لان ما ثبت للرجل يثبت نظيره للمراة الا ما دل الدليل على اختصاصه بالرجال، ولان اختلاطها بالرجل ايقاع للضرر عليه، وايقاع الضرر بالغير محرم للحديث السابق.
وافاد الحديث ان هذا الحكم عام في جميع الرجال، وجميع النساء، وذلك من قوله r (على الرجال من النساء) والقاعدة في علم اصول الفقه: (ان الالف واللام اذا دخلت على جمع افادت العموم)([105])، فلا يصح تخصيص كونهن فتنة بصورة الخلوة فقط لان القاعدة في علم الاصول: (ان العام يبقى على عمومه ما لم يرد مخصص) غير انه يستثنى من هذا الحكم الزوج، والمحارم للادلة المشهورة على جواز مخالطتهم.

تلك عشرة كاملة من الاحاديث النبوية الدالة على منع الاختلاط بين الجنسين.

الباب الثالث: الاختلاط في ضوء مقاصد الشريعة.
تكلم امام المقاصد ابو اسحاق الشاطبي : عن طرق الكشف عن مقاصد الشارع ومما قال في ذلك:
(…فبماذا يعرف ما هو مقصود له مما ليس بمقصود له؟
والجواب ان النظر ههنا ينقسم بحسب التقسيم العقلي ثلاثة اقسام:
احدها: ان يقال ان مقصد الشارع غائب عنا حتى ياتينا ما يعرفنا به وليس ذلك الا بالتصريح الكلامي مجردا عن تتبع المعاني التي يقتضيها الاستقراء ولا تقتضيها الالفاظ بوضعها اللغوي… وهو راي الظاهرية الذين يحصرون مظان العلم بمقاصد الشارع في الظواهر والنصوص.
والثاني في الطرف الاخر من هذا الا انه ضربان:
الاول: دعوى ان مقصد الشارع ليس في هذه الظواهر ولا ما يفهم منها وانما المقصود امر اخر وراءه ويطرد هذا في جميع الشريعة حتى لا يبقى في ظاهرها متمسك يمكن ان يلتمس منه معرفة مقاصد الشارع وهذا راي كل قاصد لابطال الشريعة وهم الباطنيةفانهم لما قالوا بالامام المعصوم لم يمكنهم ذلك الا بالقدح في النصوص والظواهر الشرعية لكي يفتقر اليه على زعمهم ومال هذا الراي الى الكفر والعياذ بالله والاولى ان لا يلتفت الى قول هؤلاء فلننزل عنه الى قسم اخر يقرب من موازنة الاول وهو:
الضرب الثاني: بان يقال ان مقصود الشارع الالتفات الى معاني الالفاظ بحيث لا تعتبر الظواهر والنصوص الا بها على الاطلاق فان خالف النص المعنى النظري اطرح وقدم المعنى النظري… وهو راي المتعمقين في القياس المقدمين له على النصوص وهذا في طرف اخر من القسم الاول.
والثالث: ان يقال باعتبار الامرين جميعا على وجه لا يخل فيه المعنى بالنص ولا بالعكس لتجري الشريعة على نظام واحد لا اختلاف فيه ولا تناقض. وهو الذي امه اكثر العلماء الراسخين فعليه الاعتماد في الضابط الذي به يعرف مقصد الشارع فنقول وبالله التوفيق انه يعرف من جهات:
احداها: مجرد الامر والنهي الابتدائي التصريحي؛ فان الامر معلوم انه انما كان امرا لاقتضائه الفعل فوقوع الفعل عند وجود الامر به مقصود للشارع.
وكذلك النهي معلوم انه مقتض لنفي الفعل او الكف عنه فعدم وقوعه مقصود له وايقاعه مخالف لمقصوده كما ان عدم ايقاع المامور به مخالف لمقصوده…)([106]).
واذا طبقنا ما ذكره الشاطبي على نصوص الامر والنهي التي سبق ايرادها يتبين لنا:
·ان الفصل بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم من مقاصد الشريعة؛ لورود الامر به في النصوص كقوله تعالى: (فاسالوهن من وراء حجاب)([107]).
·وان الاختلاط بين الجنسين مخالف لمقصود الشرع ؛ لورود النهي عنه في جملة من النصوص مثل: قوله r: « اياكم والدخول على النساء » ([108]).

وبوجه اخر؛ فان من طرق معرفة مقاصد الشريعة: (اعتبار علل الامر والنهي ولماذا امر بهذا الفعل ولماذا نهي عن هذا الاخر … وتعرف العلة هنا بمسالكها المعلومة في اصول الفقه فاذا تعينت علم ان مقصود الشارع ما اقتضته تلك العلل من الفعل او عدمه ومن التسبب او عدمه…) قاله الشاطبي([109]).
وبالرجوع الى مسالك العلة التي احال عليها الشاطبي، نجد ان علماء اصول الفقه يذكرون ان من مسالك العلة: اقتران الحكم بلفظة (فان) وهي عند الامدي وابن الحاجب وغيرهما من قسم (الصريح)([110])، وبالنظر من خلال هذا المسلك في قول النبي r: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر، واحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء»([111])؛ يتبين لنا ان تحقيق (كمال غض البصر)، و(تمام احصان الفرج) من مقاصد الشريعة، ومن خلال ما يسميه علماء الاصول (تحقيق المناط)([112]) نجد ان الفصل بين الجنسين، وعدم الاختلاط هو الذي يحقق هذان المقصدان على وجه التمام والكمال؛ فانه لا يختلف اثنان ان مخالطة النساء ليست (اغض للبصر)، وان ترك مخالطتهن (اغض للبصر)، والنتيجة: ان ترك الاختلاط يحقق هذا المقصد الشرعي فيكون مامورا به.
ويؤخذ من هذا الحديث: الامر بكل ما يكون (اغض للبصر واحصن للفرج) لان القاعدة في علم الاصول ان (العلة تعمم معلولها)([113]) كما سبق.
وذكر ابن عاشور مسلكا ثالثا تعرف به مقاصد الشريعة، الا وهو (استقراء الشريعة في تصرفاتها) ([114])، وبتطبيق هذا المسلك على مسالتنا يجد الناظر جملة كثيرة من النصوص الشرعية تشرع ما فيه “سد ابواب افتتان الجنسين ببعضهما”، فحرمت الخلوة، والتبرج، واظهار الزينة لغير المحارم، وخضوع المراة بصوتها حتى لا يطمع من في قلبه مرض، و ضرب المراة برجلها ليعلم ما تخفي من زينتها وغير ذلك، كما امرت المراة بالقرار في بيتها، وامرت بسؤال نساء النبي r من وراء حجاب تحقيقا لاطهرية القلوب، وامرت بالحجاب، وفضلت صلاة المراة في بيتها، وفي الصف الاخير البعيد عن الرجال، وخصص r بابا للنساء في مسجده… الى اخر تلك التشريعات الكثيرة التي يفهم منها بجلاء ووضوح ان سد ابواب الفتنة بين الجنسين والمباعدة بينهما امر مقصود شرعا؛ مما يعني ان اباحة الاختلاط قول لا يتناسب مع تلك المنظومة من التشريعات المتعلقة بالعلاقة بين الجنسين، بل يعلم قطعا انه متناف مع مقاصد الشريعة، وان الحكم الصحيح المتناسب مع مقاصد الشريعة هو منع الاختلاط بين الجنسين، والله اعلم.
الباب الرابع: موقف علماء الاسلام من شتى المذاهب الاسلامية.

بعد ما ذكر من الايات القرانية، والاحاديث النبوية، والمقاصد الشرعية؛ اذكر في هذا الباب اقوال العلماء على اختلاف مذاهبهم واعصارهم وامصارهم؛ ليعلم ان القول بمنع الاختلاط ليس مبنيا على اعراف بعض الاقطار، او عادات جارية في بعض الاعصار او فهم شخصي لبعض النصوص الشرعية، بل هو مذهب علماء الامة عامة([115]).
المبحث الاول: المذهب الحنفي:

قال شمس الائمة السرخسي –رحمه الله- (من مدينة سرخس بفارس “ايران اليوم” ت: 483ه): (وينبغي للقاضي ان يقدم النساء على حدة والرجال على حدة ; لان الناس يزدحمون في مجلسه , وفي اختلاط النساء مع الرجال عند الزحمة من الفتنة والقبح ما لا يخفى , ولكن هذا في خصومة يكون بين النساء . فاما الخصومة التي تكون بين الرجال والنساء لا يجد بدا من ان يقدمهن مع الرجال)([116]).
وقال بدر الدين العيني –رحمه الله- (اصله من حلب، وسكن القاهرة، ت: 855ه) في شرحه على البخاري: في التعليق على قول البخاري (باب حمل الرجال الجنازة دون النساء) (اي هذا باب في بيان حمل الرجال الجنازة دون حمل النساء اياها لانه ورد في حديث اخرجه ابو يعلى عن انس رضي الله تعالى عنه قال: (خرجنا مع رسول الله في جنازة فراى نسوة فقال اتحملنه قلن لا قال اتدفنه قلن لا قال فارجعن مازورات غير ماجورات) لان الرجال اقوى لذلك والنساء ضعيفات ومظنة للانكشاف غالبا خصوصا اذا باشرن الحمل ولانهن اذا حملنها مع وجود الرجال لوقع اختلاطهن بالرجال وهو محل الفتنة ومظنة الفساد)([117]).
وقال الحموي –رحمه الله- (اصله من حماة بسوريا، وسكن القاهرة ت: 1098ه): (والمختار ان الزفاف لا يكره اذا لم يشتمل على مفسدة , كما في الفتح . قلت : وهو حرام في زماننا فضلا عن الكراهة لامور لا تخفى عليك منها اختلاط النساء بالرجال)([118])، فعلل تحريم الزفاف في زمانه بعلة اختلاط النساء بالرجال، ولا يتم ذلك الا اذا كان الاختلاط (حرام) عنده.
قال ابن عابدين الدمشقي –رحمه الله- (ت: 1252ه) في حاشيته: (وقد مر في كتاب الشهادات مما ترد به الشهادة الخروج لفرجة قدوم امير اي لما تشتمل عليه من المنكرات ومن اختلاط النساء بالرجال)([119]).
المبحث الثاني: المذهب المالكي:

قال ابن ابي زيد القيرواني: (ولتجب اذا دعيت الى وليمة المعرس ان لم يكن هناك لهو مشهور ولا منكر بين)([120]). قال النفراوي (من نفرى بمصر ت: 1126ه) في شرحه “الفواكه الدواني”: (( ولا منكر بين ) اي مشهور ظاهر , كاختلاط الرجال بالنساء)([121]).
وذكر الصاوي (مصري ت: 1241ه) من مبطلات الوصية: (ان يوصي باقامة مولد على الوجه الذي يقع في هذه الازمنة من اختلاط النساء بالرجال والنظر للمحرم ونحو ذلك من المنكر)([122]).
و في مختصر خليل مع شرحه منح الجليل لعليش (من طرابلس المغرب وسكن القاهرة ت: 1299ه): (( وينبغي ) للقاضي ( ان يفرد ) بضم التحتية وسكون الفاء وكسر الراء ( يوما ) معينا من الاسبوع ( او وقتا ) معينا من اليوم ( ل ) قضاء بين (النساء ) سترا لهن وحفظا من اختلاطهن بالرجال في مجلسه ، سواء كانت الخصومة بينهن خاصة او بينهن وبين الرجال ، وهذا في نساء يخرجن ولا يخشى من سماع صوتهن الفتنة بهن ، واما المخدرات واللاتي يخشى من سماع صوتهن الفتنة بهن فيوكلن من يخاصم عنهن او يبعث لهن في منازلهن ثقة مامونا .
[وقال]ابن عرفة(تونسي ت: 803ه) وسحنون(مغربي ت: 240ه): يعزل النساء على حدة والرجال على حدة .
وقال اشهب (مصري ت:204ه) ارى ان يبدا بالنساء كل يوم او بالرجال فذلك له على اجتهاده صحيح اما لكثرة الرجال على النساء او لكثرتهن على الرجال ، ولا يقدم الرجال والنساء مختلطين ، وان راى ان يجعل للنساء يوما معلوما او يومين فعل .
وقال ابن عبد الحكم (مصري ت: 268ه) احب الي ان يفرد للنساء يوما)([123]).

المبحث الثالث: المذهب الشافعي:

قال ابو اسحاق الشيرازي (من مدينة شيراز بايران ت: 476ه):(ولا تجب على المراة لما روى جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فعليه الجمعة الا على امراة او مسافر او عبد او مريض } ولانها تختلط بالرجل , وذلك لا يجوز )([124]). قال ابن حجر الهيتمي (مصري ت:974ه) بعد نقل كلام الشيرازي: (فتامله تجده صريحا في حرمة الاختلاط وهو كذلك لانه مظنة الفتنة)([125])
وقال النووي (من مدينة نوى بالشام ت:677ه): (من البدع القبيحة ما اعتاده بعض العوام في هذه الازمان من ايقاد الشمع بجبل عرفة ليلة التاسع او غيرها ويستصحبون الشمع من بلدانهم لذلك ويعتنون به وهذه ضلالة فاحشة جمعوا فيها انواعا من القبائح (منها) اضاعة المال في غير وجهه (ومنها) اظهار شعار المجوس في الاعتناء بالنار (ومنها) اختلاط النساء بالرجال والشموع بينهم ووجوههم بارزة)([126]).
قال ابن حجر العسقلاني (اصله من عسقلان بفلسطين وعاش بالقاهرة ت: 852ه) في شرحه لصحيح البخاري في ” باب حمل الرجال الجنازة دون النساء”: (…وقد ورد ما هو اصرح من هذا في منعهن ، ولكنه على غير شرط المصنف ، ولعله اشار اليه وهو ما اخرجه ابو يعلى من حديث انس قال ” خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فراى نسوة فقال : اتحملنه ؟ قلن : لا . قال : اتدفنه ؟ قلن : لا . قال : فارجعن مازورات غير ماجورات ” . ونقل النووي في ” شرح المهذب ” انه لا خلاف في هذه المسالة بين العلماء ، والسبب فيه ما تقدم ، ولان الجنازة لا بد ان يشيعها الرجال فلو حملها النساء لكان ذلك ذريعة الى اختلاطهن بالرجال فيفضي الى الفتنة.) ([127]).
ونقل ابن حجر الهيتمي (مصري ت:974ه): (اما سماع اهل الوقت فحرام بلا شك ففيه من المنكرات كاختلاط الرجال بالنساء)([128]).
قال الخطيب الشربيني (من اهل القاهرة ت: 977ه): (التعريف بغير عرفة , وهو اجتماع الناس بعد العصر يوم عرفة للدعاء للسلف فيه خلاف , ففي البخاري ” اول من عرف بالبصرة ابن عباس ” ومعناه انه اذا صلى العصر يوم عرفة اخذ في الدعاء والذكر والضراعة الى الله تعالى الى غروب الشمس كما يفعل اهل عرفة , ولهذا قال احمد : ارجو انه لا باس به , وقد فعله الحسن وجماعات , وكرهه جماعة منهم مالك قال المصنف : ومن جعله بدعة لم يلحق بفاحش البدع , بل يخفف امره : اي اذا خلا عن اختلاط الرجال بالنساء والا فهو من افحشها)([129])،ونقل العبارة السابقة الرملي (مصري ت:1004ه)([130]).
وفي حاشية الشبراملسي (مصري ت: 1087ه) على نهاية المحتاج في باب القذف: (( قوله : ويا قحبة ) لامراة ( قوله صريح كما افتى به ) اي ابن عبد السلام ، فلو ادعى انها تفعل فعل القحاب من كشف الوجه ونحو الاختلاط بالرجال هل يقبل او لا ؟ فيه نظر ، والاقرب القبول لوقوع مثل ذلك كثيرا ، وعليه فهو صريح يقبل الصرف) ([131])
قال البجريمي (مصري ت:1221ه): (اجتماع الناس بعد العصر للدعاء كما يفعله اهل عرفة , قال الامام احمد : لا باس به ; وكرهه الامام مالك ..
وقال الشيخ الطوخي (مصري ت:1090ه) بحرمته لما فيه من اختلاط النساء بالرجال كما هو مشاهد الان)([132]).
وفي حواشي الشرواني (داغستاني من اهل مكة المكرمة ت:1301ه): (قوله: (ان الثاني) اي يا قحبة صريح اي لامراة ولو ادعى ارادة انها تفعل فعل القحاب من كشف الوجه ونحو الاختلاط بالرجال فالاقرب قبوله لوقوع مثل ذلك كثيرا عليه فهو صريح يقبل الصرف)([133])
المبحث الرابع: المذهب الحنبلي:

قال ابن الجوزي (بغدادي ت: 597ه): (فاما ما احدث القصاص من جمع النساء والرجال فانه من البدع التي تجري فيها العجائب من اختلاط النساء بالرجال ورفع النساء اصواتهن بالصياح والنواح الى غير ذلك)([134]).
وقال ابن قدامة (شامي ت:620ه): (اذا كان مع الامام رجال ونساء , فالمستحب ان يثبت هو والرجال بقدر ما يرى انهن قد انصرفن , ويقمن هن عقيب تسليمه . قالت ام سلمة : {ان النساء في عهد رسول الله r كن اذا سلم من المكتوبة قمن , وثبت رسول الله r ومن صلى من الرجال ما شاء الله , فاذا قام رسول الله r قام الرجال.} قال الزهري فنرى , والله اعلم , لكي يبعد من ينصرف من النساء . رواه البخاري . ولان الاخلال بذلك من احدهما يفضي الى اختلاط الرجال بالنساء) ([135]).
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية (حراني سكن دمشق ومصر ت: 728ه): (واما ما يفعل في هذه المواسم مما جنسه منهي عنه في الشرع ، فهذا لا يحتاج الى ذكره ؛ لان ذلك لا يحتاج ان يدخل في هذا الباب مثل : رفع الاصوات في المساجد ، واختلاط الرجال والنساء ، او كثرة ايقاد المصابيح زيادة على الحاجة ، او ايذاء المصلين او غيرهم بقول او فعل ، فان قبح هذا ظاهر لكل مسلم .) ([136])
قال ابن القيم (دمشقي ت:751ه): ( فصل : ومن ذلك : ان ولي الامر يجب عليه ان يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الاسواق , والفرج , ومجامع الرجال . قال مالك رحمه الله ورضي عنه : ارى للامام ان يتقدم الى الصياغ في قعود النساء اليهم , وارى الا يترك المراة الشابة تجلس الى الصياغ فاما المراة المتجالة والخادم الدون , التي لا تتهم على القعود , ولا يتهم من تقعد عنده : فاني لا ارى بذلك باسا , انتهى . فالامام مسئول عن ذلك , والفتنة به عظيمة , قال r:«ما تركت بعدي فتنة اضر على الرجال من النساء». وفي حديث اخر «باعدوا بين الرجال والنساء»، وفي حديث اخر : انه قال للنساء : «لكن حافات الطريق». ويجب عليه منع النساء من الخروج متزينات متجملات , ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات , كالثياب الواسعة والرقاق , ومنعهن من حديث الرجال , في الطرقات , ومنع الرجال من ذلك . وان راى ولي الامر ان يفسد على المراة – اذا تجملت وتزينت وخرجت – ثيابها بحبر ونحوه , فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء واصاب , وهذا من ادنى عقوبتهن المالية . وله ان يحبس المراة اذا اكثرت الخروج من منزلها , ولا سيما اذا خرجت متجملة , بل اقرار النساء على ذلك اعانة لهن على الاثم والمعصية , والله سائل ولي الامر عن ذلك . وقد منع امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق الرجال , والاختلاط بهم في الطريق . فعلى ولي الامر ان يقتدي به في ذلك . وقال الخلال في جامعه ” : اخبرني محمد بن يحيى الكحال : انه قال لابي عبد الله : ارى الرجل السوء مع المراة ؟ قال : صح به , وقد اخبر النبي r:«ان المراة اذا تطيبت وخرجت من بيتها فهي زانية». و ” يمنع المراة اذا اصابت بخورا ان تشهد عشاء الاخرة في المسجد ” . فقد قال النبي r: «المراة اذا خرجت استشرفها الشيطان». ولا ريب ان تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال : اصل كل بلية وشر , وهو من اعظم اسباب نزول العقوبات العامة , كما انه من اسباب فساد امور العامة والخاصة , واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا , وهو من اسباب الموت العام , والطواعين المتصلة . ولما اختلط البغايا بعسكر موسى , وفشت فيهم الفاحشة : ارسل الله اليهم الطاعون , فمات في يوم واحد سبعون الفا , والقصة مشهورة في كتب التفاسير . فمن اعظم اسباب الموت العام : كثرة الزنا , بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال , والمشي بينهم متبرجات متجملات , ولو علم اولياء الامر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية – قبل الدين – لكانوا اشد شيء منعا لذلك . قال عبد الله بن مسعود t : ” اذا ظهر الزنا في قرية اذن الله بهلاكها ” . وقال ابن ابي الدنيا : حدثنا ابراهيم بن الاشعث حدثنا عبد الرحمن بن زيد العمي عن ابيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما طفف قوم كيلا , ولا بخسوا ميزانا , الا منعهم الله عز وجل القطر , ولا ظهر في قوم الزنا الا ظهر فيهم الموت , ولا ظهر في قوم عمل قوم لوط الا ظهر فيهم الخسف , وما ترك قوم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الا لم ترفع اعمالهم , ولم يسمع دعاؤهم») ([137])
وقال ابن رجب (بغدادي سكن دمشق ت:795ه): (وانما المشروع تميز النساء عن الرجال جملة ؛ فان اختلاطهن بالرجال يخشى منه وقوع المفاسد.)([138])
وقال الحجاوي (شامي ت:968ه) في الاقناع: (ويمنع فيه([139]) اختلاط الرجال والنساء ) قال البهوتي في شرحه: (لما يلزم عليه من المفاسد.) ([140])
وقال ابن النجار (مصري ت:972ه) : (واما مكثه لتنصرف النساء فلان النبي r واصحابه كانوا يفعلون ذلك. ولان الاخلال بذلك يفضي الى اختلاط الرجال بالنساء)([141])
وقال البهوتي (مصري ت:1051ه) في الكشاف: (ويستحب للنساء قيامهن عقب سلام الامام ، وثبوت الرجال قليلا ) ؛ لانه صلى الله عليه وسلم واصحابه كانوا يفعلون ذلك قال الزهري فنرى والله اعلم لكي ينصرف النساء قبل ان يدركهن الرجال رواه البخاري من حديث ام سلمة ولان الاخلال بذلك يفضي الى اختلاط الرجال بالنساء) ([142])

المبحث الخامس: علماء اخرين من السابقين والمعاصرين.

قال الشوكاني (يمني ت:1250ه) في شرح حديث ام سلمة قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مكانه يسيرا قبل ان يقوم ) : (الحديث فيه انه يستحب للامام مراعاة احوال المامومين والاحتياط في اجتناب ما قد يقضي الى المحذور واجتناب مواقع التهم وكراهة مخالطة الرجال والنساء في الطرقات فضلا عن البيوت ) ([143]).
وقال: (قوله : ( وخير صفوف النساء اخرها ) انما كان خيرها لما في الوقوف فيه من البعد عن مخالطة الرجال) ([144]).
وقال عبد الرحمن الجزيري (مصري ت:1360ه): (وامرنا بصون اجساد النساء من التبذل والظهور امام الاجانب وحث المراة على حفظ جسدها بالاحتشام والتستر والبعد عن مواطن الريبة وبؤر الفساد وعن الاختلاط بالرجل الاجنبي حتى لا تقع في محرم ولا يجرها الاختلاط والتبذل الى الوقوع في الذنب وتستوجب اقامة الحد عليها.)([145]).
وقال حسن البنا (مصري ت: 1368ه): (وبعد .. فقد وقف الاسلام من هذه المسالة مواقف محددة ؛ فحرم ابداء الزينة ، والاسراف فيها ، والخلوة والاختلاط) ([146]).
وقال ايضا: (كل هذه الاثار السيئة التي تترتب على الاختلاط تربو الف مرة على ما ينتظر منه من فوائد..)([147])
وقال عبد المجيد سليم (مصري ت: 1374ه) من علماء الازهر: (هذا وقد ذكر العلامة ابن القيم فى كتابه الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية فصلا بين فيه انه يجب على اولى الامر ان يمنع اختلاط الرجال بالنساء فى الاسواق ومجامع الرجال .وذكر فيه ان تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال اصل كل بلية وشر .) ([148])
وقال محمد الخضر حسين (تونسي ت:1377ه): (..وتحريم الدين لاختلاط الجنسين على النحو الذي يقع في الجامعة معروف لدى عامة المسلمين، كما عرفه الخاصة من علمائهم، وادلة المنع واردة في الكتاب والسنة وسيرة السلف الذين عرفوا لباب الدين، وكانوا على بصيرة من حكمته السامية… والاحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن اختلاط المراة بغير محرم لها تدل بكثرتها على ان مقت الشريعة الغراء لهذا الاختلاط شديد..)([149]).
وقال مصطفى السباعي (شامي ت:1384ه): (لا يجيز الاسلام ان تختلط المراة بالرجال في الحفلات العامة او المنتديات ولو كانت محتشمة… ولهذا كله يتشدد الاسلام في منع اختلاط النساء بالرجال وقد قامت حضارته الزاهرة التي فاقت كل الحضارات في انسانيتها ونبلها على الفصل بين الجنسين ولم يؤثر هذا الفصل على تقدم الامة المسلمة وقيامها بدورها الحضاري الخالد في التاريخ)([150])
وقال سيد قطب (مصري ت: 1387ه): (والقران يحذر من مجرد مقاربة الزنا . وهي مبالغة في التحرز . لان الزنا تدفع اليه شهوة عنيفة ، فالتحرز من المقاربة اضمن . فعند المقاربة من اسبابه لا يكون هناك ضمان . ومن ثم ياخذ الاسلام الطريق على اسبابه الدافعة ، توقيا للوقوع فيه . يكره الاختلاط في غير ضرورة …) ([151]).
وقال سيد قطب ايضا: (فلا يقل احد غير ما قال الله . لا يقل احد ان الاختلاط ، وازالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين اطهر للقلوب ، واعف للضمائر ، واعون على تصريف الغريزة المكبوتة ، وعلى اشعار الجنسين بالادب وترقيق المشاعر والسلوك . . الى اخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين . لا يقل احد شيئا من هذا والله يقول : (واذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن)([152]). . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات . امهات المؤمنين . وعن رجال الصدر الاول من صحابة رسول الله r ممن لا تتطاول اليهن واليهم الاعناق! وحين يقول الله قولا ويقول خلق من خلقه قولا . فالقول لله سبحانه وكل قول اخر هراء ، لا يردده الا من يجرؤ على القول بان العبيد الفانين اعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله ، وكذب المدعين غير ما يقوله الله.) ([153])
وقال محمد الامين الشنقيطي (موريتاني سكن المدينة ت:1393ه): (وظاهر الحديث([154]) التحذير من الدخول عليهن ولو لم تحصل الخلوة بينهما، وهو كذلك، فالدخول عليهن والخلوة بهن كلاهما محرم تحريما شديدا بانفراده، كما قدمنا ان مسلما رحمه الله اخرج هذا الحديث في باب تحريم الخلوة بالاجنبية والدخول عليها، فدل على ان كليهما حرام.)([155]).
وقال سيد سابق (مصري ت: 1420ه) في فقه السنة: (اعلان الزواج يستحسن شرعا اعلان الزواج، ليخرج بذلك عن نكاح السر المنهي عنه، واظهارا للفرح بما احل الله من الطيبات. وان ذلك عمل حقيق بان يشتهر، ليعلمه الخاص والعام، والقريب والبعيد، وليكون دعاية تشجع الذين يؤثرون العزوبة على الزواج، فتروج سوق الزواج. والاعلان يكون بما جرت به العادة، ودرج عليه عرف كل جماعة، بشرط الا يصحبه محظور نهى الشارع عنه كشرب الخمر، او اختلاط الرجال بالنساء، ونحو ذلك) ([156]).
وقالعلي الطنطاوي(سوري ت: 1420ه): (هذا هو باب الشهوات وهو اخطر الابواب. عرف ذلك خصوم الاسلام فاستغلوه، واول هذا الطريق هو الاختلاط..)([157]).
وقال محمد متولي الشعراوي(مصري ت: 1420ه): (مسالة الاختلاط بين الفتاة والشباب ليست منطقية ولا طبيعية ، وقد سبق ان عالجت هذا الامر حينما تكلمت عن قصة موسى مع شعيب، وقلت : ان خروج الفتاة الى عمل فى غير مجال اسرتها ، امر تحدده
الضرورة المحضة… ولا تجعل هذه الضرورة تبيح لها ان تختلط بالشباب ما شاء لها الاختلاط)([158]).
وقال عطية صقر (مصري ت:1427ه) من علماء الازهر: (واما كون الراي وهو عدم اختلاط الرجال بالنساء الا فى اضيق الحدود، مقبولا فان الواقع يشهد له ، والادلة فى القران والسنة بعمومها تؤيده وان كانت نسبته الى السيدة فاطمة رضى الله عنها غير مجزوم بها)([159]).
قال محمد جميل زينو (شامي يسكن بمكة معاصر): (من المنكرات العامة : الاستماع الى الموسيقى او الاغاني الخليعة ، واختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم ، ولو من الاقارب كابن العم والخالة واخ الزوج وغيره) ([160]).

الخاتمة:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير البريات، اما بعد:
فما سبق من النقول ناطقة بالمنع من الاختلاط والتحذير منه من:
·القران.
·والسنة.
·ومقاصد الشريعة.
·واقوال علماء الامة من بقاع مختلفة، وعصور متباعدة، ومذاهب شتى.
oفمنهم الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، بل وغيرهم.
oومنهم الاعاجم ومنهم العرب.
oومنهم: الحجازيون، والنجديون، والمصريون، والشاميون، والمغاربة، والفارسيون.
oومنهم: السابقون، والمعاصرون على قرون متفاوتة متباعدة.
فهل بعد هذا سيقول قائل: ان الاختلاط مباح، وان منعه دخيل!، وان منعه مبني على عرف قوم او عادة عصر!!.
والخص ابرز نتائج البحث فيما يلي:
·ان المنع من الاختلاط مما دلت عليه اكثر من عشرة نصوص من القران والسنة.
·ان لفظة “الاختلاط” معروفة منذ صدر الاسلام، وليست دخيلة على القاموس الاسلامي –كما ادعى بعضهم-.
·ان مقاصد الشريعة شاهدة بالمنع من الاختلاط.
·ان منع الاختلاط وذمه والتحذير منه هو ما عليه علماء الامة على اختلاف مذاهبهم وعصورهم وبلدانهم، مما يبطل دعوى ارتباط الامر بعادة زمان او مكان.
هذا ما تيسر ايراده، واسال الله ان يجعله خالصا لوجهه، نافعا لعباده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى اله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

([1]) الاحزاب:53.

([2]) وهذا مشهور في كتب اصول الفقه، انظر: شرح الكوكب المنير 3/39، وفي حاشيته الاحالة على: البرهان للجويني 1/216، الاحكام للامدي 2/144، الاحكام لابن حزم 1/259، اللمع ص8، التبصرة ص26، التمهيد ص73، فواتح الرحموت 1/373، كشف الاسرار 1/108، 110، تيسير التحرير 1/341، اصول السرخسي 1/14، المستصفى 1/423، المعتمد 1/57، التوضيح على التنقيح 2/53، شرح تنقيح الفصول ص127، الروضة ص127، مختصر الطوفي ص86، مختصر البعلي ص99، القواعد والفوائد الاصولية ص159، مختصر ابن الحاجب 2/79، العبادي على الورقات ص80، العدة 1/224، ارشاد الفحول ص94، مباحث الكتاب والسنة ص112، تفسير النصوص 1/241، المسودة ص13، فتح الغفار 1/31.

([3]) وهذا مشهور عند علماء الاصول، انظر على سبيل المثال: شرح مختصر الروضة 2/380، وشرح الكوكب المنير 3/51، وفي حاشية المحققين الاحالة على: البرهان للجويني 1/216، الاحكام للامدي 2/144، الاحكام لابن حزم 1/259، اللمع ص8، التبصرة ص26، التمهيد ص73، فواتح الرحموت 1/373، كشف الاسرار 1/108، 110، تيسير التحرير 1/341، اصول السرخسي 1/14، المستصفى 1/423، المعتمد 1/57، التوضيح على التنقيح 2/53، شرح تنقيح الفصول ص127، الروضة ص127، مختصر الطوفي ص86، مختصر البعلي ص99، القواعد والفوائد الاصولية ص159، مختصر ابن الحاجب 2/79، العبادي على الورقات ص80، العدة 1/224، ارشاد الفحول ص94، مباحث الكتاب والسنة ص112، تفسير النصوص 1/241، المسودة ص13، فتح الغفار 1/31.

([4]) انظر: شرح الكوكب 3/78، وفي حاشيته الاحالة على: التوضيح على التنقيح 2/51، كشف الاسرار 1/256، تيسير التحرير 1/375، تحقيق المراد ص61، الاحكام للامدي 2/187، المنخول ص134، المحصول 1 ق2/469، المستصفى 1/148، فواتح الرحموت 1/395، منهاج العقول 2/16، نهاية السول 2/62، جمع الجوامع 1/392، ارشاد الفحول ص109، العدة 2/426، تفسير النصوص 2/378.

([5]) وهو ان يكون المسكوت عنه اولى من المنطوق في الحكم المذكور، ويسمى عند بعض العلماء: “فحوى الخطاب”. انظر: شرح الكوكب المنير 3/482.

([6]) وحكي الاتفاق على الاحتجاج بمفهوم الموافقة الاولوي انظر: الاحكام للامدي 3/80، ، شرح الكوكب المنير 3/483، شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية العطار 2/337 -وفيه: (اما مفهوم الموافقة فاتفقوا على حجيته وان اختلفوا في طريق الدلالة عليه)-، ومعالم اصول الفقه عند اهل السنة ص451 وفيه: (مفهوم الموافقة حجة باجماع السلف).

([7]) الاحزاب:53.

([8]) انظر: ارشاد الفحول 1/337، وشرح الكوكب المنير 3/155، وفي حاشية المحققين الاحالة على: نهاية السول 2/81، جمع الجوامع والمحلي عليه 1/415، 425، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/119، المعتمد 1/108، المحصول ج1 ق2/519، فواتح الرحموت 1/285، تيسير التحرير 1/259.

([9]) الاحزاب:53.

([10]) الاحزاب:53.

([11]) جامع البيان في تاويل القران 20/313.

([12]) الجامع لاحكام القران 14/227.

([13]) الاحزاب:53.

([14]) الاحزاب:53.

([15]) الايماء والتنبيه من مسالك اثبات العلة، انظر في بيانه وتفصيله: البحر المحيط للزركشي 4/178، ارشاد الفحول 2/121، الابهاج بشرح المنهاج للسبكي 3/45، التحبير للمرداوي 7/3324، المستصفى للغزالي 2/302، شرح الكوكب المنير 4/125.

([16]) محاضرات الشيخ الامين ص 153 وما بعدها.

([17]) الاحزاب:53.

([18]) في ظلال القران 6/2878.

([19]) اخرجه البخاري في صحيحه 5/2005، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامراة، حديث رقم: 4934، ومسلم في صحيحه 7/7، كتاب السلام، باب تحريم الخلوة بالاجنبية والدخول عليها، حديث رقم: 5803.

([20]) انظر: شرح ادب الكاتب للجواليقي 1/112، وحاشية الصبان على شرح الاشموني 1/255.

([21]) انظر ص 3، حاشية رقم 2 من هذا الكتاب.

([22]) انظر ص3، حاشية رقم 3 من هذا الكتاب.

([23]) انظر ص4، حاشية رقم 1 من هذا الكتاب..

([24]) انظر في مسالة عموم ضمير الجمع للمخاطبين: البحر المحيط للزركشي 2/291، العقد المنظوم في الخصوص والعموم للقرافي 1/538،

([25]) انظر مثلا: العقد المنظوم في الخصوص والعموم 1/366، الفرق الثالث والسبعون من الفروق للقرافي، شرح الكوكب المنير 3/133، وفي حاشيته الاحالة على: جمع الجوامع 1/214، تيسير التحرير 1/209، المستصفى 2/37، 89، المحصول ج1 ق2/602، المعتمد 1/244، كشف الاسرار 2/14، التلويح على التوضيح 1/240، التمهيد ص94، فتح الغفار 1/104، المنخول ص144، التبصرة ص115، شرح الورقات ص100، مختصر البعلي ص107، المسودة ص105، الروضة 2/221، مختصر الطوفي ص98، القواعد والفوائد الاصولية ص194، نهاية السول 2/80، العدة 2/485، 591.

([26]) فتح الباري 9/331.

([27]) اضواء البيان 6/249.

([28]) محاضرات الشيخ الامين ص162.

([29]) اخرجه ابو داوود في سننه1/211، كتاب الصلاة، باب التشديد في خروج النساء الى المساجد، حديث رقم: 570.

([30]) عون المعبود 2/195.

([31]) اخرجه البخاري في صحيحه 2/7، كتاب الجمعة، باب هل من لم يشهد الجمعة غسل، حديث رقم: 900، ومسلم في صحيحه 2/32، كتاب الصلاة، باب خروج النساء الى المساجد اذا لم يترتب عليه فتنة، حديث رقم: 1018.

([32]) شرح صحيح مسلم 4/161.

([33]) اي: حديث «لا تمنعوا اماء الله مساجد الله»

([34]) اخرجه ابو داود في سننه 1/222، كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء الى المسجد، حديث رقم: 565، واحمد في مسنده 2/438، مسند ابي هريرة، حديث رقم: 9643، وابن خزيمة في صحيحه 3/90، كتاب الصلاة، باب الامر بخروج النساء الى المساجد تفلات، حديث رقم: 1679، وصححه ابن خزيمة وابن حبان [الاحسان 5/598]، وابن الملقن في البدر المنير 5/46، والالباني في الارواء 2/293.

([35]) اخرجه مسلم في صحيحه 2/33، كتاب الصلاة، باب خروج النساء الى المساجد اذا لم يترتب عليه فتنة وانها لا تخرج مطيبة، حديث رقم: 1025.

([36]) اخرجه مسلم في صحيحه 2/33، كتاب الصلاة، باب خروج النساء الى المساجد اذا لم يترتب عليه فتنة وانها لا تخرج مطيبة، حديث رقم: 1024.

([37]) احكام الاحكام 1/119.

([38]) فتح الباري 2/349.

([39]) اضواء البيان 5/546.

([40]) اخرجه مسلم في صحيحه 2/32، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف واقامتها وفضل الاول فالاول منها والازدحام على الصف الاول والمسابقة اليها وتقديم اولي الفضل وتقريبهم من الامام، حديث رقم: 1013.

([41]) اخرجه مسلم في صحيحه 2/30، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف..، حديث رقم: 1000.

([42]) اخرجه مسلم في صحيحه 2/31، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف..، حديث رقم: 1010.

([43]) اخرجه البخاري في صحيحه 3/237، كتاب الشهادات، باب القرعة في المشكلات، حديث رقم: 2689، ومسلم في صحيحه 2/ 31، كتاب الصلاة، باب تسوية الصف..، حديث رقم: 1009.

([44]) فان الاصل ان المتقدم اعظم اجرا، وله اجر من خلفه لانهم يقتدون به، لما اخرجه مسلم في صحيحه عن ابى سعيد الخدري ان رسول الله r راى في اصحابه تاخرا فقال لهم « تقدموا فائتموا بي ولياتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتاخرون حتى يؤخرهم الله ».

([45]) شرح صحيح مسلم 4/159.

([46]) نيل الاوطار 3/226.

([47]) 2/94.

([48]) اخرجه ابو داوود في سننه 1/179، كتاب الصلاة، باب في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال، حديث رقم: 462، وصححه الالباني في صحيح سنن ابي داوود.

([49]) قال الالباني في السلسة الضعيفة:(منكر. اخرجه الطيالسي في مسنده 1829، ومن طريقه ابو نعيم في حلية الاولياء ( 1 / 313 ) : حدثنا عبد الله بن نافع عن ابيه عن ابن عمر : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل له بابا للنساء ، وقال : . . . فذكره. قال نافع : فما رايت ابن عمر داخلا من ذلك الباب ولا خارجا منه . قلت [الالباني] : وهذا اسناد واه ؛ عبدالله بن نافع : هو العدوي مولاهم المدني ، قال الذهبي في ” الكاشف ” و ” الضعفاء ” : ” ضعفوه ” . وقال الحافظ في ” التقريب ” : قلت : وتركه النسائي والدارقطني . وقال البخاري في ” التاريخ ” ( 3 / 1 / 214 ) وابو احمد الحاكم : ” منكر الحديث ” . قلت : وهذا الحديث من مناكيره عندي ؛ فقد خالفه ايوب في لفظه)

([50]) وهو في محل الباب المعروف اليوم في المسجد النبوي بباب النساء.

([51]) 1/281.

([52]) انظر: الاحكام للامدي 1/89.

([53]) المناسبة او المناسب مبحث طويل في علم اصول الفقه ليس هذا محل بسطه، فانظر: شرح الكوكب 4/152، وفي حواشي المحقق احالة الى عدد من الكتب لمن اراد التوسع.

([54]) سنن ابي داوود 1/179.

([55]) وهو: ما كان الفرع فيه اولى بالحكم من الاصل. القاموس المبين في اصطلاحات الاصوليين ص244.

([56]) انظر ص11، حاشية 5.

([57]) انظر: شرح الكوكب 2/573.

([58]) عون المعبود 2/92.

([59]) اخرجه البخاري في صحيحه 1/287، كتاب الصلاة، باب التسليم، حديث رقم: 802.

([60]) صحيح البخاري 1/287.

([61]) انظر: شرح المحلي على الورقات ص109، وفي حاشية المحقق الاحالة على: البحر المحيط 4/201 ، وانظر البرهان 1/499 ، التلخيص 2/246 ، الاحكام 1/188 ، المنخول ص 229 ، فواتح الرحموت 2/183 ، شرح المحلي على جمع الجوامع 2/95 ، ارشاد الفحول ص 41 ، شرح الكوكب المنير 2/194 ، شرح تنقيح الفصول ص 290 ، تيسير التحرير 3/128 ، شرح العضد 2/25 ، مفتاح الوصول ص 584 .

([62]) اخرجه البخاري في صحيحه 1/171، كتاب المساجد، باب الحدث في المسجد، حديث رقم: 434، ومسلم في صحيحه 2/129، كتاب المساجد، باب فضل صلاة الجماعة، حديث رقم: 1541.

([63]) سنن البيهقي 2/182.

([64]) عمدة القاري 6/122.

([65]) شرح ابن بطال لصحيح البخاري 2/463.

([66]) فتح الباري 2/336.

([67]) كشاف القناع 1/487.

([68]) اخرجه البخاري في صحيحه 1/296، كتاب ، باب سرعة انصراف النساء من الصبح، حديث رقم:834.

([69]) شرح ابن بطال لصحيح البخاري 2/473.

([70]) اخرجه ابو داوود في سننه 2/790، كتاب الادب، باب في مشي النساء، حديث رقم: 5272، وحسنه الالباني، وجود القعنبي اسناده كما في تهذيب الكمال 12/402.

([71]) انظر ص2، حاشية 2،3.

([72]) انظر ص11، حاشية 5.

([73]) شرح الكوكب 1/255، وفي مغني اللبيب لابن هشام 1/228، انها تفيد الاستحقاق ان وقعت بين معنى وذات. قال عامر: وهي –هنا- كذلك، فالذات: النساء، والمعنى: تحقيق الطريق –والله اعلم-.

([74]) انظر ص3، حاشية 2.

([75]) انظر: شرح مختصر الروضة 3/356، شرح الكوكب المنير 4/125، وفي حاشيته الاحالة على: مناهج العقول 3/42، نهاية السول 3/44، الابهاج 3/22، المستصفى 2/292، فواتح الرحموت 2/296، الاحكام للامدي 3/367، المعتمد 2/776، التمهيد للاسنوي ص 456، اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ص 56، مختصر البعلي ص 146، روضة الناظر ص 297، المنخول ص 343، التلويح على التوضيح 2/563، مختصر الطوفي ص 157، مفتاح الوصول ص 148، شفاء الغليل ص 27، تيسير التحرير 4/39، اللمع ص 62، الوصول الى مسائل الاصول 2/283، المحصول 2/2/197، شرح العضد 2/234، ارشاد الفحول ص 212، نشر البنود 2/156.

([76]) انظر ص23، حاشية 3 من هذا البحث.

([77]) فتح الباري 2/336.

([78]) الطور:1-2.

([79]) اخرجه البخاري في صحيحه 1/177، ابواب المساجد، باب ادخال البعير في المسجد للعلة، حديث رقم: 452، ومسلم في صحيحه 4/68، كتاب الحج، باب جواز الطواف على بعير وغيره، حديث رقم3137.

([80]) صحيح البخاري 1/177.

([81]) فتح الباري 3/ 480.

([82]) شرح النووي على مسلم 9/20.

([83]) عمدة القاري 9/262.

([84]) شرح ابن بطال لصحيح البخاري 2/112.

([85]) 5/223.

([86]) المنتقى 2/372.

([87]) 2/415.

([88]) اكمال المعلم 4/182.

([89]) هداية السالك الى المذاهب الاربعة في المناسك 3/1019، ومن عرف كتاب ابن جماعة هذا واستقراءه وتتبعه لاي خلاف بين المذاهب عرف قيمة قوله: (مما لا يكاد يختلف فيه).

([90]) نص على افضلية القرب من الكعبة جماعة من الفقهاء بل قال النووي في المجموع 8/39: (يستحب القرب من الكعبة بلا خلاف).

([91]) اخرجه البخاري في صحيحه 2/585، كتاب الحج، باب طواف النساء مع الرجال، حديث رقم: 1539.

([92]) فتح الباري 3/480.

([93]) المرجع السابق.

([94]) اخرجه مسلم في صحيحه 8/89، كتاب الرقاق، باب اكثر اهل الجنة الفقراء..، الحديث رقم: 7124.

([95]) كما سبق ص3/ حاشية 2.

([96]) كما سبق ص3/ حاشية 3.

([97]) كما سبق ص13/ حاشية 5.

([98]) شرح الكوكب 4/119.

([99]) كما سبق ص4/ حاشية 2.

([100]) اخرجه البخاري في صحيحه 5/1959، كتاب النكاح، حديث رقم:4808، ومسلم في صحيحه 8/98، كتاب الرقاق، حديث رقم 7121 .

([101]) صحيح البخاري 1/15.

([102]) اخرجه البخاري في صحيحه1/15، كتاب الايمان، باب من الدين الفرار من الفتن، حديث رقم: 19.

([103]) اخرجه مسلم في صحيحه 8/160، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب باب عرض مقعد الميت من الجنة او النار عليه واثبات عذاب القبر والتعوذ منه، حديث رقم: 7392.

([104]) اخرجه احمد في مسنده 5/55، مسند ابن عباس، حديث رقم: 2865، ومالك في الموطا 2/745، كتاب القضاء، باب القضاء في المرفق، حديث رقم: 1429، والحاكم في المستدرك 2/66، كتاب البيوع، حديث رقم: 2345، وقال: (حديث صحيح الاسناد على شرط مسلم).

([105]) انظر: شرح الكوكب المنير 3/130، وفي حاشيته الاحالة على: فواتح الرحموت 1/260، كشف الاسرار 2/2، التلويح على التوضيح 1/233، تيسير التحرير 1/210، اصول السرخسي 1/151، المستصفى 2/37، جمع الجوامع والبناني عليه 1/410، نهاية السول 2/79، المنخول ص138، المعتمد 1/207، مختصر ابن الحاجب 2/102، الاحكام للامدي 2/197، اللمع ص15، التمهيد ص87، البرهان 1/323، المحصول ج1 ق2/518، شرح تنقيح الفصول ص180، شرح الورقات ص101، مختصر البعلي ص107، مختصر الطوفي ص98، الروضة 2/221، ارشاد الفحول ص119، العدة 2/484.

([106]) الموافقات 2/393، وانظر ايضا: مقاصد الشارع للدكتور الربيعة ص115، ضوابط اعتبار المقاصد لعبد القادر بن حرز الله ص62-83.

([107]) الاحزاب:53.

([108]) اخرجه البخاري في صحيحه 5/2005، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامراة، حديث رقم: 4934، ومسلم في صحيحه 7/7، كتاب السلام، باب تحريم الخلوة بالاجنبية والدخول عليها، حديث رقم: 5803.

([109]) الموافقات 2/394.

([110]) شرح الكوكب 4/119.

([111]) متفق عليه: اخرجه البخاري في صحيحه 2/673، كتاب الصوم، باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة، حديث رقم:1806، ومسلم في صحيحه 4/128، كتاب النكاح، باب النكاح لمن تاقت نفسه اليه، حديث رقم:3464.

([112]) هو (اثبات علة حكم الاصل في الفرع) او (ان يثبت الحكم بمدركه الشرعي لكن يبقى النظر في تعيين محله). انظر: الاجتهاد في تحقيق المناط لعبد الرحمن زايدي ص179-180.

([113]) انظر ص3، حاشية 2.

([114]) مقاصد الشريعة لابن عاشور ص56.

([115]) وضعت بعد كل عالم بلده وتاريخ وفاته ليتبين القارئ تفاوت ازمانهم واختلاف اقطارهم.

([116]) المبسوط16/8.

([117]) عمدة القاري 8/111.

([118]) غمز عيون البصائر 2/114.

([119]) حاشية ابن عابدين 6/355.

([120]) الرسالة مع شرح النفراوي 2/322.

([121]) 2/322.

([122]) حاشية الصاوي على الشرح الصغير 4/585، ومثله في حاشية الدسوقي 4/427.

([123]) 8/306.

([124]) المهذب مع المجموع 4/350.

([125]) الفتاوى الفقهية لابن حجر 1/203.

([126]) 8/140.

([127]) الفتح 3/182.

([128]) الزواجر ص345.

([129]) مغني المحتاج 2/261.

([130]) نهاية المحتاج 3/297.

([131]) نهاية المحتاج مع حاشيته 7/105

([132]) البجيرمي على الخطيب 2/226.

([133]) 8/205.

([134]) كشف المشكل من حديث الصحيحين 1/776.

([135]) 1/328.

([136]) اقتضاء الصراط المستقيم ص145.

([137]) الطرق الحكمية ص237.

([138]) 2/134.

([139]) اي في المسجد.

([140]) 2/367.

([141]) معونة اولي النهى 2/400.

([142]) 1/494.

([143]) نيل الاوطار 2/364.

([144]) نيل الاوطار 3/219.

([145]) الفقه على المذاهب الاربعة 5/25.

([146]) حديث الثلاثاء ص370.

([147]) المراة المسلمة ص11

([148]) فتاوى الازهر، نسخة الكترونية على موقع وزارة الاوقاف المصرية http://www.islamic-council.com

([149]) مجلة الهداية الاسلامية ج 6 من المجلد الثالث عشر، وانظر كتاب محاضرات اسلامية لفضيلة الشيخ محمد الخضر حسين جمعها وحققها علي الرضا التونسي ص190_200، بواسطة: مقالات كبار كتاب العربية للحمد.

([150]) المراة بين الفقه والقانون ص125-126.

([151]) في ظلال القران في تفسير سورة الاسراء اية 32.

([152]) الاحزاب:53.

([153]) في ظلال القران 6/2878.

([154]) حديث :«اياكم والدخول على النساء»، وقد سبق ص 13 .

([155]) اضواء البيان 6/249.

([156]) فقه السنة 2/231

([157]) ذكريات علي الطنطاوي 5/268.

([158]) الفتاوى للشعراوي 5/12.

([159]) فتاوى الازهر، نسخة الكترونية على موقع وزارة الاوقاف المصرية http://www.islamic-council.com.

([160]) توجيهات اسلامية للاصلاح الفرد والمجتمع، نسخة الكترونية من موقع وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد – المملكة العربية السعودية http://www.al-islam.com
__________________

  • الاحاديث النبويه عن اعتزال الناس او مخالطتهم
  • الاختلاط حرام سلفي لي نشر الدين
  • الاختلاط فى الاقارب
السابق
شكشوكة بالجبن
التالي
ازالة التجاعيد حول العينين