براءة الرحم

براءة الرحم 20160916 5087

الاعتماد على قول الاطباء فمعرفه براءه الرحم

من نوازل ذلك العصر : ( تطور طرق معرفه براءه الرحم ) ،
و المقصود بمعرفه براءه الرحم: وجود علامه خلو المرأة من الحبل ،

والاصل فمعرفه براءه الرحم قوله صلى الله عليه و سلم فسبايا اوطاس: ” لا توطا حامل حتي تضع,
ولا غير ذات حمل حتي تحيض حيضه ” (رواة احمد )

وتتطلب بعض الابواب و المسائل الفقهيه الكشف عن وجود الحمل او عدمه،
حيث ينبنى الحكم بها على ذلك،
قال ابن قدامه رحمة الله : ” ثبتت للحامل احكام تخالف فيها الحائل: من النفقة,
والفطر فالصيام,
وترك اقامه الحد عليها,
وتاخير القصاص عنها,
وغير هذا مما يطول ذكرة ” [المغنى (8/61) ].

وقد ذكر الفقهاء – رحمهم الله تعالى – طريقين لمعرفه براءه الرحم:

الاول: الحيض : فلا خلاف بين الفقهاء -رحمهم الله- ان الحيض علامه يعتد فيها فمعرفه براءه الرحم،
وقد دل على هذا قوله صلى الله عليه و سلم: ” لا توطا حامل حتي تضع,
ولا غير ذات حمل حتي تحيض حيضه “،
فدل الحديث على ان غير الحامل اذا حاضت علمت براءه رحمها.

الثاني : قول اهل الخبره : فيتفق الفقهاء رحمهم الله – من حيث الجمله – على الاعتماد فمعرفه براءه الرحم على قول اهل الخبره ،

ولكن الاعتماد على قول اهل الخبره فمعرفه براءه الرحم انما كان فالحدود التي ممكن معها ان يصبح قولهم ذو مصداقيه من اثناء الامكانات المتاحه فعصرهم،
ولا شك ان هذي الامكانات تختلف من زمان لاخر،
وهذا مما يؤثر فقوه الاعتماد على قول اهل الخبرة،
ومما لا شك به ان ذلك العصر ربما شهد من التطور فالمجال الطبي ما لم يشهد مثلة قبل ذلك،
مما يورث الثقه فقول اهل الخبره فمعرفه براءه الرحم.

وهنالك طريقان رئيسان عند الاطباء فعصرنا لمعرفه براءه الرحم:

وبيان هذين الطريقين فيما يلي:

الاول: الكشف عن هرمون الحمل.

الثاني: الكشف عن الجنين بالاشعه فوق الصوتية.

اولا: معرفه براءه الرحم بالكشف عن هرمون الحمل:

عندما تنغرس البويضه الملقحه فالرحم – اي بعد حوالى سته ايام من التلقيح فقناة المبيض – يتكون هرمون يساعد على نمو الجنين و انغراسة يسمي هرمون الحمل (HCG)،
ويفرز ذلك الهرمون من الخلايا التي سوف تكون المشيمة.

ويخرج هرمون الحمل من الجسم عن طريق البول،
ويمكن اكتشافة اذا و جد فالبول بتركيز كاف بواسطه مواد كيميائيه معينة.

ويوجد الكثير من اختبارات الحمل للكشف عن وجود هرمون الحمل،
بعضها يمكن الاستعمال فالمنزل،
وبعضها لابد من اجرائة فالمختبر،
حيث ان بعض الاختبارات تكشف عن هرمون الحمل فالبول،
وبعضها تكشف عنه فالدم،
وهذه الاخيرة لا ممكن اجراؤها الا فالمختبر،
فى حين ان اختبارات البول ممكن اجراء بعض نوعياتها فالمنزل.

لكن يجدر التنبية على ان نتيجة فحص هرمون الحمل اذا كانت ايجابيه فهذا يعني فالغالب ان المرأة حامل،
الا ان هذي العلامه غير مؤكده للحمل بسبب ارتفاع هرمون الحمل عند النساء المقاربات لسن انقطاع الطمث،
او بسبب افراز بعض الاورام – كاورام المبيض – لهذا الهرمون.

كما ان الحصول على نتائج سلبيه خاطئة تشير الى عدم وجود حمل رغم و جودة ليس مستبعدا احيانا،
خاصة فبدايات الحمل؛
نظرا لقله نسبة هرمون الحمل،
لذا ينصح الاطباء مع استمرار انقطاع الحيض بتكرار الاختبار و الفحص الطبي بعد الفحص الاول باسبوع تقريبا.

ثانيا: معرفه براءه الرحم بالكشف عن الجنين بالاشعه فوق الصوتية:

ويمكن تشخيص الحمل عن طريق جهاز التصوير بالموجات فوق الصوتية،
والذى يصور الرحم و الاجزاء المحيطه به،
ويتبين من خلالة حصول الحمل او عدمه.

فرؤية الجنين فالبطن من اثناء جهاز الموجات فوق الصوتيه دليل يقينى على و جوده،
ويمكن هذا بعد مرور شهر من التلقيح،
كما ممكن من اثناء الجهاز تقدير عمر الجنين،
بل و ممكن رؤية نبض الجنين بواسطه جهاز الموجات فوق الصوتيه فحوالى الاسبوع السادس الى السابع.اضف الى ذلك امكانيه استعمال ما يسمي بالاشعه الصوتيه ثلاثيه الابعاد،
وهي تقنيه لا تبقى مجالا للشك فو جود الحمل من عدمه.

وبناء على ما تقدم ممكن ان نقول بانه للتاكد من براءه الرحم بناء على الطرق الطبيه الجديدة فانه ممكن اجراء تحليل لفحص هرمون الحمل فالبول او الدم،
فاذا كانت النتيجة سلبيه فان ذلك ليس كافيا للحكم ببراءه الرحم يقينا حتي يتم اعاده الفحص بعد عشره ايام الى اسبوعين؛
لاحتمال ان يصبح الحمل فايامة الاولى،
ولا بد ان يصبح الفحص الثاني فحصا مختبريا،
ويفضل ان يصبح ذلك الفحص للدم و ليس للبول،
فاذا كانت النتيجة سلبيه كذلك ممكن الحكم حينئذ ببراءه الرحم من الحمل.

اما فحال الحصول على نتيجة ايجابيه فان ذلك ليس كافيا للحكم بوجود الحمل يقينا حتي يتم اعاده الفحص مره ثانية بعد ثلاثه اسابيع تقريبا،
ولا بد ان يصبح الفحص الثاني بالاشعه فوق الصوتية؛
اذ هي الكيفية المتيقنه لمعرفه وجود الحمل،
فاذا تبين وجود الحمل امكن الاعتماد على ذلك،
اما اذا لم يتبين فلابد حينئذ من اجراء الفحوص اللازمه للتاكد من اسباب وجود هرمون الحمل عند المراة،
والذى ربما يصبح سببة حالة مرضيه – كوجود ورم فالمبيض -،
وقد يصبح لوجود حمل و لكنة خارج الرحم،
فيحكم حينئذ على جميع حالة بحسبها.

وهنالك تطبيقات فقهيه كثيرة ممكن بها الاستفاده من التقنيات الجديدة فمعرفه براءه الرحم و عدم وجود الحمل ،

ومن هذي التطبيقات :

اولا : معرفه براءه الرحم قبل اقامه الحد او القصاص على المراة:

فقد اتفق الفقهاء – رحمهم الله – على انه لا يقام الحد على حامل حتي تضع,
سواء اكان الحمل من زنا ام غيره,
فلا تقتل اذا ارتدت,
ولا ترجم اذا زنت,
ولا تقطع اذا سرقت,
ولا تجلد اذا قذفت او شربت حتي تضع حملها،
قال ابن المنذر رحمة الله: ” و اجمعوا على ان المرأة اذا اعترفت بالزنا و هي حامل انها لا ترجم حتي تضع حملها “[ الاجماع ص 112].

والدليل على ما تقدم حديث المرأة الغامديه الذي رواة مسلم بسندة عن بريده رضى الله عنه،
وفيه: ” فجاءت الغامديه فقالت: يا رسول الله،
انى ربما زنيت فطهرني،
وانة ردها،
فلما كان الغد قالت: يا رسول الله،
لم تردني؟
لعلك ان تردنى كما رددت ما عزا،
فوالله،
انى لحبلى،
قال: “اما لا،
فاذهبى حتي تلدي”.
فلما و لدت اتتة بالصبى فخرقة،
قالت: ذلك ربما و لدته.
قال: “اذهبى فارضعية حتي تفطميه”،
فلما فطمتة اتتة بالصبى فيدة كسره خبز،
فقالت: هذا،
يا نبى الله،
قد فطمته،
وقد طعام الطعام،
فدفع الصبى الى رجل من المسلمين،
ثم امر فيها فحفر لها الى صدرها،
وامر الناس فرجموها،
فيقبل خالد بن الوليد بحجر،
فرمي راسها،
فتنضخ الدم على و جة خالد،
فسبها،
فسمع نبى الله صلى الله عليه و سلم سبة اياها،
فقال: “مهلا يا خالد،
فوالذى نفسي بيده،
لقد تابت توبة،
لو تابها صاحب مكس لغفر له”.
ثم امر فيها فصلي عليها و دفنت”.

قال النووى رحمة الله فشرحة لهذا الحديث: ” به انه لا ترجم الحبلي حتي تضع،
سواء كان حملها من زنا او غيره،
وهذا مجمع عليه؛
لئلا يقتل جنينها،
وكذا لو كان حدها الجلد و هي حامل،
لم تجلد بالاجماع حتي تضع” [شرح النووى على صحيح مسلم (6/219)].

ومثل الحد فيما تقدم القصاص،
قال النووى رحمة الله ففائدة الحديث المتقدم: ” و فيه: ان من وجب عليها قصاص و هي حامل،
لا يقتص منها حتي تضع،
وهذا مجمع عليه ” و قال ابن رشد (الحفيد) رحمة الله: ” و اجمعوا على ان الحامل اذا قتلت عمدا،
انة لا يقاد منها حتي تضع حملها” [بداية المجتهد (4/310)].

وتطبيق الحكم السابق اذا كان حمل المرأة ظاهرا و اضح لا اشكال فيه،
ولكن اذا ادعت المرأة انها حامل،
ولم يكن حملها ظاهرا،
امكن الاعتماد على الوسائل الطبيه الجديدة لمعرفه الحمل او براءه الرحم .

تطبيق اخر: معرفه براءه الرحم فمسائل الطلاق المعلق على الحمل و عدمه:

فاذا علق الرجل طلاق امراتة على كونها حاملا او غير حامل: كان يقول: ان كنت حاملا فانت طالق – و لم يكن حملها ظاهرا-،
او يقول: ان لم تكوني حاملا فانت طالق،
فللفقهاء – رحمهم الله _ تفاصيل فو قوع الطلاق و متي يقع .

ويمكن الاستغناء عن هذي التفاصيل باستعمال الوسائل الطبيه الجديدة لمعرفه الحمل او براءه الرحم.

تطبيق اخر: هنالك بعض مسائل العده التي هي مبنيه على اجتهاد روعى به الاحتياط و تمام التاكد من براءه الرحم،
وهذا النوع من مسائل العده بنى على الاجتهاد و فق المعطيات المتاحه فالعصور المتقدمة،
ولا شك ان التطور الطبي الكبير فمختلف المجالات الطبية- و التي منها معرفه براءه الرحم بالوسائل الطبيه الجديدة – ممكن ان يصبح له اثر و اضح فتغير الاجتهادات السابقة بناء على المعطيات الحديثة ،

مثل :

* عده المطلقه التي ارتفع حيضها و لم تدر اسباب ارتفاعه:

فالفحص بجهاز الموجات فوق الصوتيه او فحص هرمون الحمل فالدم او فالبول كفيل بتحديد حمل هذي المرأة من عدمه،
ومن بعدها فلا حاجة الى ان تعتد من ارتفع حيضها سوي ثلاثه اشهر اذا تبين عدم حملها باستعمال الوسائل السابقة،
مع مراعاه التاكد طبيا من عدم وجود الحمل بتكرار الفحص باكثر من و سيله او مع فارق زمنى لا يقل عن اسبوعين لتلافى النتائج السلبيه الخاطئة التي تقدمت الاشاره اليها .

* مثال احدث : اذا ارتابت المعتده فو جود الحمل:

فاذا ارتابت المعتده غير الحامل فكونها حاملا – كظهور امارات الحمل من الحركة و انتفاخ البطن و انقطاع الحيض و نزول اللبن من ثديها و غير هذا – فقد نصف الفقهاء – رحمهم الله – على انها تبقي معتده و لا تحل للازواج و ان انتهت العده المقرره لغير الحامل حتي تزول هذي الريبه – و ان طال ذلك التربص لسنوات .

وزوال ريبه كهذه المرأة باستعمال الوسائل الطبيه الجديدة لكشف الحمل او معرفه براءه الرحم متاح و متيسر فهذا العصر،
ولا حاجة ان تتربص لمدة طويله – ربما تستمر لسنوات – لزوال هذي الريبة،
فالفحص بجهاز الموجات فوق الصوتيه او فحص هرمون الحمل فالدم او فالبول كفيل بتحديد حمل هذي المرأة من عدمه،
والله تعالى اعلم.

لكن لا بد من التنبة الى امر هام و هو : انه لا مجال للاعتماد على قول الاطباء فمعرفه براءه الرحم فاصل مقال العدة،
وان اي دعوات لالغاء العده اذا عرفت براءه الرحم بالوسائل الطبيه هي دعوات مرفوضه شرعا،
وهي مبنيه على الجهل باصل مشروعيه العده و الحكمه منها،
قال القرافى رحمة الله : ” العده يغلب عليها شائبه التعبد من حيث الجمله و ان كانت معقوله المعني من حيث الجملة؛
لانها شرعت لبراءه الرحم و عدم اختلاط الانساب،
فمن ذلك الوجة هي معقوله المعنى،
ومن جهه ان العده تجب فالوفاه على فتاة المهد،
وتجب فالطلاق و الوفاه على ال كبار المعلوم براءتها بسبب الغيبه و غيرها هذي شائبه التعبد,
فلما كان فالعده شائبه التعبد وجب فعلها بعد سببها مطلقا فجميع الصور علمت البراءه ام لا،
توفيه لشائبه التعبد “[ الفروق (3/204)].

والشارع الحكيم عندما وضع احكامة جعلها بشكل يحقق مصالح الناس بصورة عامة فكل العصور،
فهي ملائمه لانسان المدينه و انسان الريف و انسان البادية،
وموافقه لابناء البلاد الناميه و ابناء البلاد المتقدمة،
وممكنه التطبيق فكل المستويات الحضاريه و مع ما يجد من علوم و معارف،
وان الاحكام القطعيه فثبوتها و دلالتها و التي لا ترتبط بدلالتها بعرف و لا بخبره و لم يعللها الشارع بعله محدده ليس لنا خيار فيما قضي الله و رسولة فتنفيذها حرفيا،
عرفنا الحكمه او جهلناها،
بل نسلم للعليم بما قدرة و قضاه.

وقد عقد مؤتمر حريمي فاحدي العواصم العربية اواخر سنه (1425ه) و دعا المؤتمر الى الغاء عده المطلقه و المتوفي عنها زوجها،
واستبدال العده بالكشف الطبي،
بحيث اذا ثبت ان المرأة غير حامل جاز لها ان تتزوج من احدث بعد الطلاق او و فاه الزوج مباشرة.

وقد اعلن علماء الازهر – و على راسهم الدكتور نصر فريد و اصل مفتى الديار المصرية فذلك الوقت – رفضهم التام لتوصيات ذلك المؤتمر،
واكدوا ان الذين يريدون الغاء العده انما يسعون الى ان تكون المرأة فو ضع منحط شبية باوضاع الحيوانات،
فالعده بها تكريم للمراة،
فهي ليست كاناث الحيوانات يتداولها الذكور فاى وقت من دون ضوابط او قيم،
واكدوا ان توصيات ذلك المؤتمر هي بمثابه التفاف و تحايل على الشرع و جراه على احكام الله،
موضحين ان هنالك عوامل نفسيه فالزواج و الطلاق لا بد من مراعاتها،
بالاضافه الى الجوانب الاجتماعية،
وان الحكمه من العده ليست قاصره على معرفه ما اذا كان هنالك حمل من عدمه،
مشيرين الى ضروره الالتزام بالنصوص الوارده فهذا الشان،
وعدم الاجتهاد فامور و ردت بها نصوص قاطعه .

والله اعلم ،

وصلي الله و سلم و بارك على نبينا محمد ،

وعلي الة و صحبة اجمعين

  • الحيض براءة الرحم
  • براءة الرحم
  • براءة رحم
  • براءه الرحم اثناء العده
  • مساءل براءة الرحم
  • مسائل الحكم ببراءة الرحم


براءة الرحم