رواية هي وهو والخوف

وهو والخوف هي رواية 20160915 1089

وهو والخوف هي رواية 20160915 1090

” مذكرتى العزيزه ؛

لقد عادت ايام الخريف الباردة لزيارتنا من جديد ،

اتمني ان تكون اطلالتها هذي السنه اروع من المرات الماضيه ،

انا احبك عزيزى الخريف و لكن … حسنا و لكن انت فالحقيقة تحمل لى جميع مره شيئا سيئا ؛

علي جميع حال ليس لدى العديد لاكتبة هذي الليلة فانا لم اغادر البيت سوي للمدرسة ،

لقد اردت ان اودع اصدقائى و جميع الزملاء و بذكر ذلك ،

الفصل الدراسي على و شك الانتهاء و تنتظرنى مذاكره طويله ،

اتعجب انني ما زلت املك الوقت لادون احداث يومي .



قد ذلك شيء جيد ،

فى النهاية ليس لدى اصدقاء اروى لهم ما يحدث معى ،

واذا استمر الامر كذا فطبعا لن احصل على المزيد منهم ،

لا باس .
.
ليس لان الامر يعجبنى و لكن على الاقل انه يساعد ابي .
.


و بذكر الاحداث ،

لعل الخريف هذي السنه يحمل لى بين ثنايا اوراقة شيئا جديدا يكسر طابع الملل المسيطر على روتين حياتي ،

لكم و ددت ان تطول اقامتنا هنا بضع شهور ثانية ،

لربما حملتنى الصدفه الى لقاء احدث مع هذا المجهول صاحب قلم الفحم … .



اوة ،

مذكرتى العزيزه ،

امي المسكينه تقوم بكل العمل لوحدها و انا اتكاسل هنا ،

اتهرب من مسؤولياتى ،

ويبدوا ان ضميرى النائم ربما عاود الاستيقاظ ،

ما يدفعنى لمفارقتك الان ،

ولنا تكمله فليلة ثانية … ” .

كان هذا احدث ما كتبتة قبل ان تسجل التاريخ و التوقيت بخط ما ئل للاعلي كما هي العاده فكل الاوراق السابقة ،

ابتعدت ببطء عن الكرسى الخشبى و لونة الدافئ اذ سيطر البنى على اغلب اثاث الغرفه الفسيحه او … ما تبقي بها من اثاث .



فالطابق السفلى لهذا المنزل المتواضع ،

عمت فوضي كبار مكونه من عدد هائل من الصناديق الورقيه ،

بعضها ربما تكوم تحت الدرج و قباله الباب الرئيسى للبيت ،

و البعض الاخر انتشر بفوضويه فارجاء الصاله ،

كما انتشر الاثاث و مقتنيات البيت بصورة تدفع لذهن الناظر انهم حقا يستعدون للانتقال من هنا .



صوت تصادم الاطباق و ادوات المائده المعدنيه يملا المطبخ حيث كانت تلك السيده تقف امام المغسله ،

تتحرك على عجل لتنهى العمل بين يديها و تنتقل للاخر ،

فى محاوله لاتمام اكبر جزء من الاعمال المتكومه قبل ان ينقضى ما تبقي من الليل .



اطلت الشابه ذات الشعر البنى الفاتح – و الذي اختلط ببعض الخصل النحاسيه المشرقه – من زاويه الباب لتتمم بصوت متذمر : امي ،

ماذا تردين ان افعل ؟

.


استدارت السيده نص استداره و يديها ما تزال تقلب القدر على النار : ايفى ،

هل انهيت توضيب غرفتك ؟

.


: تقريبا ،

لقد انهيت الجزء الاكبر منها .
.


: لا باس ،

حسنا اهتمى انت بالعشاء ريثما اكملت وضع هذي الاغراض فالصناديق .



: امي ،

لماذا نقوم بذلك نحن ؟

الا ممكن ان يقوم بذلك العمال فالغد ؟

.


: لا ،

يجب ان نرتبها بانفسنا حتي لا نتعب فافراغها فيما بعد ،

سوف يصبح ايجاد الاغراض سهلا ان عرفنا كيف رتبناها ،

والاروع ان تتوقف عن التذمر .

عقارب الساعة الجداريه العتيقه تعانق العاشرة ليلا ،

ويترنح البندول المنحوت يدويا من اجود نوعيات الخشب الاصلي يمينا و يسارا اخرى بعد ثانية ،

ولكن لا احد يهتم فيه الان الكل منشغل بشيء ما و يتمنون ان يبطئ بضع ثوان لينهوا العمل العديد الذي ينتظرهم .



و فالصاله الواسعه التي تشغل الصناديق معظمها و من الواضح ان اثاثها ربما رفع فهي خاليه سوي من تلك المقاعد المبعثره فارضها ذات البلاط الابيض و البنى ،

وتلك الطاوله التي تتسع لاربعه افراد ،

انهت ترتيب المائده و رفعت صوتها مناديه على البقيه : حسنا .
.
اتركوا ما بايديكم و تعالوا للعشاء ،

ان برد الاكل فلن اعيد تسخينة .
.!!
.

ويبدو انها لم تكن حقا فحاجة لذا التهديد الاخير ،

فهي لم تكد تنهى كلماتها حتي دخلوا الصاله واحدا اثر احدث يلتقطون احد تلك المقاعد المبعثره و يضعونها عند الطاوله للجلوس .



احدث الواصلين كانت السيده التي ما ان دخلت حتي جففت يديها فالمئزر الازرق حول و سطها بعدها ادارتهما خلفها لتحل العقده و تعلقة فمقبض الباب ،

لم يستغرق الامر منها سوي بضع ثوان لتجلس ،

ومثل جميع ليلة على العشاء يبدا هذا الحوار العائلى الذي يضجر ايفى بشده و يسد شهيتها عن الاكل ،

ولم تكن هذي المره مختلفة بل كانت اسوء فنظرها لانها تعرف مسبقا عما سيتكلمون الليلة .



رغم ذلك فقد انصتت بصمت عندما بدا السيد كلاركسون الكلام : حسنا انها الليلة الاخيرة لنا فهذا البيت،هل انتم متشوقون للغد ؟

.


لم يجب احد فالبداية سوي السيده ما رى التي اتسعت ابتسامتها على نحو مضطر لتساند زوجها : طبعا هم ايضا ،

سوف ننتقل لبلد جديد و سيتعرفون على اشخاص جدد و يكونون اصدقاء كثيرين .
.
.


قاطعها صوت اصطدام غاضب اكثر من كونة عنيف على الطاوله حولت نظرها صوب المصدر ،

لتري هذا الشاب ذو الملامح الغاضبه و التي يختفى اغلبها تحت شعرة المنسدل نحو الامام لانحنائة على الطاوله يقطب حاجبية بغضب مكبوت بعدما صدم كوب العصير على الطاوله : ذلك لن يحدث ابدا … !



قاطعة السيد مجددا : و لماذا ؟

ما الخاطئ فالامر .



اعاد الشاب كلامة بنفس النبره الغاضبه : لانة لم يحدث سابقا ،

نحن لا نمكث فنفس البيت اكثر من سنتين فاروع الاحوال ،

وكل مره نضطر ان نودع اصدقائنا و جميع الاشخاص المهمين فحياتنا ،

بعهد ما ،

بامل ان نلتقى مجددا و لكن ذلك لا يحصل ابدا ،

حتي انهم لا يستطيعون مراسلتنا بسبب تنقلنا المستمر ،

لهذا فالاروع الا نكون صداقات من البداية حتي لا نضطر للتخلى عنها فنهاية الامر .



زفرت ايفى بنحو منزعج لتردف : اصمت جيمى .
.
لا داعى لهذا الكلام الان ،

انة لن يغير الامر فهذه اللحظه ،

ثم يجب ان نراعى ظروف عمل ابي ،

انا متاكده من انه هو الاخر لا يحب ذلك الوضع المشتت ،

لذا لنجارى الامر ربما نستقر فمكان واحد فنهاية الامر .
.


همست السيده برقه : ايف … .

وابتسم السيد بنحو جانبى متامل ،

هو سعيد انهم يقدرون موقفة ،

عند تلك اللحظه كان الكل شارد بتفكيرة فشيء ما ،

جيمى يحرك العصير فالكاس بغضب ،

والسيدان ينظران لصحون الطعام بشرود ،

بينما كانت ايفى تطرق باصبعها على المنضده و كانها تفكر فشيء ما .



صوت ارتطام عنيف صدر عنه تهشم هذا الصحن الزجاجى الكبير الذي كان يحتوى السلطة ،

استفاق الجميع بذعر ليجدوا الطفلة الصغيرة ربما اوقعتة على الارض و هي تحاول الوصول للكؤوس القريبه منها .



صاحت السيده بحدة : انجل ….
اوة يا الهى ماذا فعلت !

.


وضع جيمى يدة على فمة و هو يغمغم بضحكه : انها ملاك ” انجل ” بالاسم فقط ،

اما افعالها فشيطانيه ،

علي جميع لقد خفت حمولتنا صحنا ثقيلا .
.
ربما يجب ان تشكروها لذا .
.


ضحك الجميع لحظه قبل ان يقاطعهم تتاوة السيده الضجر : و لكن من سينظف هذي الفوضي ،

لقد تاخر الوقت و يجب على الاهتمام باعمال كثيرة !

.


اجابت ايفى و هي تبتعد عن كرسيها : سافعل انا هذا يا امي ،

وانتم اذهبوا للنوم ،

سنتم العمل فالصباح الباكر .
.


اجابتها السيده الكريمه بالموافقه ،

فهي تدرك فحقيقة نفسها ان لا طاقة لها للمزيد من العمل هذي الليلة ،

لذا خطر لها ان ترتب باقى الثياب و تترك الباقى للصباح .



جلست ايفى على ركبتيها و هي تجمع اوراق السلطة المبعثره : لا باس ،

سانهى التنظيف و ارتب ما تبقي من اغراض المطبخ يا امي .

دقات الساعة صارت و اضحه و عاليه بعدما هدا البيت ،

كانت ايفى تسمع خطوات السيده بين حين و احدث و لكن ذلك لا يكفى لكسر طابع الهدوء المسيطر على المكان ،

انهت جمع الزجاج المبعثر فالكيس الورقى و التي كانت ذاهبه لترمية عندما اسندت يديها الى الارض متكئه عليها و لكن صدف و وضعتها فمكان سيء اذ ان قطعة زجاج مدببه اصابت اصبعها فجرحتها ،

لم تشعر بالالم و لم تنتبة حتي رات قطرات الدماء على البلاط ،

زفرت بضيق : اللعنه … .

فى حركات خفيفه قطعت الصاله لترمى الكيس فسله بلاستيكيه كانت تحتوى على زوائد غير هامه ،

و من جوارها سحبت منديل و رقى من العلبه ذات الغلاف المخملى ،

ظنت ان النزيف ربما توقف عندما رفعت المنديل عن الجرح ،

ولكن حدث خلاف هذا اذ و قعت قطرتان متتاليتان من الدماء لتصبغ البلاط مشكلة بقعه قانيه فحجم بصمه الابهام ،

زمت شفتيها بضيق و سارعت تبحث عن علبه الاسعافات الاوليه المميزه بلونها الاحمر ،

وما ان انهت علاج جرحها النازف حتي القت باهتمامها للفوضي التي تعم المطبخ ،

كان هنالك مجموعة من الصناديق الورقيه كتب عليها سلفا ما يجب ان تحتوية .



زفرت بملل و ارتدت المئزر لتبدا العمل ،

ولم يستغرق الامر منها سوي نص ساعة لتنهى غسل الاطباق فحركت يدها المبلله لتزيح خصل الشعر التي زحفت على و جهها ،

رفعت راسها و ابعدت عينيها عن صنبور المياة لتقع على صحن فضى كان ينتصب متكئ على مجموعة من الصحون الثانية بجوارها ،

ما ان و قعت عينيها عليه رات انعكاس ظل اسود غير منتظم تماما يقف عند اطار الباب ،

استدارت فاقل من جزء من الاخرى و لكنها لم تجد شيئا خلفها ،

اعادت النظر للصحن مجددا و اذا بالظل او مهما كان هذا الشيء ربما اختفي .
.!
.


تركت ما بيديها بسرعه و ركضت فخطوتين الى الباب ،

لم يكن هنالك اي احد و الممرالقصير الذي يفصل الصاله عن المطبخ هادئ و مضلم كما تركتة عندما دخلت ،

فكرت انها تتوهم الامر و لكن لتتاكد فقط رفعت صوتها بالنداء : امي .
.!
،
هل ما زلت مستيقظه ؟

.


لم يجبها سوي تردد الحروف الاخيرة من كلمه مستيقظه اثر الصدي الناتج عن المكان الكبير الفارغ من الاثاث و من اي شيء احدث سوي مجموعة الصناديق المكومه و التي لا تزال جامدة فمكانها .



اصغت بانتباة يسير بعد ان تذكرت ان خطوات امها السريعة و التي كانت تسمعها من الطابق الثاني ربما توقفت منذ فتره قبل ان تنهى غسل الاطباق ،

تقدمت بضع خطوات فالممر و بدا صوت تكتكه الساعة الجداريه مترددا بصوت عميق اشبة بقرع منظم للطبول .



توقفت فمكانها و بدت على و جهها نظره الغباء الشديد الذي تشعر فيه : اكاد اقسم انني فقدت عقلى ،

انا متاكده من ان ما رايتة هو مجرد خيال و ان سطح الصحن المحدب هو سببة … لكن يا الهى انه اوضح من ان يصبح خيالا ،

انة تماما كالظل الذي شاهدتة صباحا .



هزت راسها بشده و هي تبتسم : يا الهى ،

من الجيد ان لا احد هنا ليسمع هذي الهلوسات التي انطقها .


رواية هي وهو والخوف