حنين و “الليمونه الكبيرة”
جعلنى الضجر اؤرجح رجلاى تاركا كعب حذائى يضرب قوائم الكرسى المرتفع حيث اجلس بين ابي و جدى فبيت جارنا “ابو حنين” .
ضربه من الكعب الايمن تتبعها ثانية من كعبى الايسر ،
ثم ضربه من احداهما تتبعها اثنتان متتاليتان من الاخرى ،
اوازن الضربات مع تمتمات لا معني لها ،
اعدل مخارجها حسب ضربات كعب حذائى ،
عندما يوشك الانسجام و تتسلل فمتعه الايقاع ،
ينهرنى ابي فتهرب نغماتى ،
تتسمر رجلاى و اسكن..
لحظات بعدها انزلق اخرى باحثا عنها..
انسجم ،
ينهرنى فتفر منى الطيور،
اسمع صفق اجنحتها..اتململ ،
احدق بجارنا المطرق الحزين ،
اشعر بالكابه كنميل فحلقى ،
لماذا جميع ذلك الحزن ؟
اليس لديهم حكايا يقولونها ؟
لو لم نات لزيارتهم لكنت الان بين العابي تحت الليمونه ال كبار .
نزلت عن الكرسى ناويا الخروج من غرفه استقبال الرجال الى غرفه النساء حيث امي ،
اعترضنى ابي: الى اين؟
اجبت: الى امي هنالك ،
و اشرت نحو الباب.
رد لائما: الرجل يبقي مع الرجال .
.
عيب عليك هل انت امرأة ؟
!
يزيد النميل فحلقى ،
اشعر بحاجة للبكاء ،
اتسلق الكرسى ،
اجلس و اعلق رجلي فالهواء.
انحني جدى على حتي لامس شارباة الغليظان جبينى ،
سالنى : الا تريد البقاء معنا؟
نفيت براسي ،
همس مبعدا جسمة عني: اذهب .
التفت لابي ،
فاعاد جدى بصوت مرتفع : اذهب .
لم تتغير ملامح ابي و لم يعترض ،
بدا كانة لا يسمع و لا يري ،
نزلت عن الكرسى و العصافير تعود الى تنقرنى من الداخل ،
تدغدغنى ،
اكاد انفجر ضاحكا ،
اعدو نحو الباب ،
تتعلق بى امنيه : متي اصبح بعمر جدى ليخاف منى ابي ؟
؟
لم افتح الباب ما يكفى لخروجى ،
تعثرت فيه و سقطت ،
فانفجر الالم فركبتى اليسري ،
ماوجت شظاياة الضوء فعيني ،
هرع خلفى الرجال ،
ابي و جدى و جارنا ابو حنين و شقيقة “عمو جلال” ،
خفت ان يعيدونى لسجنهم ،
فرشقتهم بابتسامه عريضه و قمت اعدو على رجل واحده ممسكا ركبتى بيدي.
القيت بنفسي جانب امي على الارض و هي منهمكه بالانصات لجارتنا ام حنين ،
لم تلتفت لى ،
لكنها مدت يدها نحو راسي و ادخلت اصابعها فشعري ،
تركتهما كظباء تقف على قوائمها الخلفيه ،
تمد اعناقها لتقضم بعض اوراق الشجر ،
اسمع “خرخشة” الورق ،
تفوح رائحه الغابه و التراب ،
تسحرنى الظلال الخميله فاتمطي ،
ينعشنى الحفيف ،
يتحول الالم لسريان لذيذ ،
يخفض القلب من قرعة فوق الضلوع .
.
ياتينى هديل من بعيد .
.
هديل حمام يعلو و يقترب و يعلو حتي صارت جميع خليه لحم فحمامه تدور حول نفسها و تهدل و تهدل .
.
يدور الحمام كله و يهدل..
احسست راسي يدور معها حتي انفاسى صارت هديلا ،
ما ان سحبت يدها حتي اعترضتها بكفى الصغيرتين ،
التقطتها ،
تحلقت اصابعى كالظباء حول اناملها ،
اشدها ،
اعيدها ،
اثنيها ابعدين عن بعضها اعود فاقربها ،
اضغطها ،
احملها لصدري ،
اضمها ،
ارفعها و اترك خدى يتوسدها .
.
يستريح .
.
عظيمه انامل النساء .
.
عظيمه اناملك يا امي… اي سر بانامل النساء.؟
كيف يقول ابي المرأة عيب ؟
اى عيب يا ابي ،
هل جربت انامل النساء ؟
ضحكت فجاه ،
تذكرت ابي بصلعتة المتلالئة..لولا معاناه الرجال من الصلع ،
لعرفوا ان انامل امي هي المجرات التي تتحول لظباء تقضمنا..
هى سر الكون !
!
عندما بدات اسمع احاديثهن كانت يد امي ربما تحررت من كفى الصغيرتين .
تتساءل عن عدم ظهور حنين فهي لم تات الا لرؤيتها و الاطمئنان عليها.
تعتذر جارتنا ام حنين و تسترسل و تقول ان “حنين” خجله من ما جري لها ،
تستحى بمنظر و جهها ،
حزينه ،
اغلقت على نفسها غرفتها بعد شجار مع و الدها الذي و بخها فور عودتها من المستشفي و لامها ،
اتهمها انها تتعمد سقوط منديلها عن راسها ،
و لو لا هذا لما حصل لها ما حصل ،
فهي تخدعهم ،
اذ تظهر من المنزل حاجبه شعرها و فالجامعة تكشف عنه ،
كاد يضربها لولا و قوف الام بينهما تذكرة بمرضها و حالها فاكتفي ببصقتين ،
واحده فو جة الام لانها تدارى على ابنتها و الاخرى من فوق كتف الام بوجة حنين.
اصرت امي على رؤية حنين ،
فقامت جارتنا و اختفت داخل البيت بعدها عادت بعد لحظات بحنين ،
ما ان رات امي حتي رمت بنفسها فحضنها باكيه بصوت مرتفع ،
و لانى احب “حنين” كثيرا ،
استنفرت اشيائى الصغيرة ،
جف حلقى و عاد قلبي للخفقان.
حنين حليقه الحاجبين ،
وجهها جزر الوان متداخله ،
من الاحمر الطازج تدرجا نزولا حتي الابيض ،
بثور صغار و بقايا ثانية ،
قشور من الجلد تقلصت و انكمشت سوداء حول الجزر الملونه ،
رقبتها الطويله يغطيها الشاش الابيض .
الهث ،
لا اكاد التقط انفاسى و انا اتتبع التغييرات فالتضاريس التي كنت اعرفها ،
اى ذهول سيجتاحنا لو نظرنا صباحا من النافذه فوجدنا البحر مكان الجبل الذي تعودنا على رؤيتة ،
و القوارب مكان الشجر ؟
؟!!
هنا شيء يشبة تكوينا اخرا غير التكوين الذي اعرفة فو جة حبيبتي حنين.
استفيق من ذهولى قليلا و حنين تجيب على استفسارات امي ،
اميل بجسمي الى الامام ،
اسند ذقنى بكفى ،
ابحلق بوجهها و استمع .
_ اتعرفينهم
– نعم زميلان لنا فالكليه .
– ماذا يريدان؟
الم يقولا لكما ماذا يريدان.
– بلا يا خالتي ام حكيم ،
قالا ذلك جزاء كشفنا لشعورنا و ارتدائنا قمصان تخرج من خلالها الصدرية.
– لماذا لم تهربا ،
لم تفعلا شيئا ،
و قفتن كذا ؟
– اقتربا يا خالة منا فحسبناهما يريدان السؤال عن شيء يتعلق بالجامعة.
– عندما رايتماهما يظهران العبوات لماذا لم تتصرفن ،
تهربن تفعلن اي شيء؟
اجهشت حنين بالبكاء و هي تقول : لقد شد احدهما قميصى الى الامام ناحيتة ،
و فرغ العبوه على صدري ،
عندما حاولت ازاحه يدة رشق ما تبقي على و جهى و عنقى ،
كيف ساهرب يا خاله ؟
كل شيء كان فجائيا سريعا و غريبا .
.
يختلط دعاء ام حنين بدعاء امي و ابتهالاتهما و تضرعهما الى الله بحرقه ،
ليشل ايديهما و يكويهما بنارة كما كويا حنين و صديقتها بهذه الماء الكاوية.
اتجمد كما انا مبحلقا بوجة حنين مذهولا.
اسمع احدث العبارات منها و هي تشرح عن هذي الماء الكاويه التي سرقاها من المختبر عن طريق زملاء اخرين لهم .
تلاحظنى حنين ،
فتصطدم عيناي بعينيها ،
تبتسم لى و تفر بهما كطائرين حائرين ،
يخفق قلبي .
.
بعد ان فزت خلاياى ،
كما تعودت ،
لتدفعنى نحوها فهي تحضننى كلما راتنى ،
بقيت ملعقا عاليا حين فرت منى عيناها ،
فسمعت صوت ارتطام جسدى يسقط فو ادى سحيق .
عندما كنت اصغر ،
كانت حنين ترفعنى عاليا لاقطف حبات الليمون عن ليمونتنا ال كبار ،
و حين اتاخر فتضعف يداها ،
تسندنى بصدرها ،
كنت اجلس على هذين النهدين اللذين احترقا الان…
احسست بالضوء يجرفة سيل الدموع فعيني ،
تقف غصه فحلقى يترجرج لها صدري ،
لم يشعر بى احد ،
فقلبت جسدى الملتصق بامي الى الناحيه الاخرى ،
بعيدا عن و جوههم ،
رايت دمعتين تبللا فراش الارض ،
اجتاحتنى رغبه شديده بان اذهب لغرفه الرجال ،
اخذ عكاز جدى و اضربهم ،
اضربهم جميعا ما عدا جدي.
لماذا يهربون من النساء و يجلسون لوحدهم؟؟
لماذا لا ياتون و يسمعون ما تقول حنين و يبكون معها ،
لماذا ؟
؟
الانهم يخافون ان يروا على سفوح و جهها اثار المياة الكاويه .
.
كل الرجال يرشقون النساء بالمياة الكاويه ،
كل النساء حنين ،
كل النهود كويت و احترقت ،
لم يبق شيئا يسندنى يرفعنى لاقطف الليمون..
لم يبق شيئا.
- yhs-mobotap