من دروس الهجرة النبوية




من دروس الهجره النبوية

الشيخ محمد بن ابراهيم الحمد

اما المسلمون فمنهم من كانت له قوه من نحو عشيرة،
او حلفاء يكفون عنه جميع يد تمتد الية باذى،
ومنهم المستضعفون،
وهؤلاء هم الذين و صلت اليهم ايدى المشركين،
وبلغوا فتعذيبهم جميع مبلغ.

ولما راي الرسول صلى الله عليه و سلم ما يقاسية اصحابة من البلاء،
وليس فاستطاعتة حينئذ حمايتهم،
اذن لهم فالهجره الى الحبشة،
ثم الى المدينة،
ثم لحق بهم فالمدينة.

والناظر فالهجره النبويه يلحظ بها حكما باهرة،
ويستفيد دروسا عظيمة،
ويستخلص فائدة جمه يفيد منها الافراد،
وتفيد منها الامه بعامة.
فمن هذا على سبيل الاجمال ما يلي:

1- ضروره الجمع بين الاخذ بالاسباب و التوكل على الله:

ويتجلي هذا من اثناء استبقاء النبى صلى الله عليه و سلم لعلى و ابي بكر -رضى الله عنهما- معه؛
حيث لم يهاجرا الى المدينه مع المسلمين،
فعلى -رضى الله عنه- بات ففراش النبى صلى الله عليه و سلم،
وابو بكر -رضى الله عنه- صحبة فالرحلة.

ويتجلي كذلك فاستعانتة بعبد الله بن اريقط الليثي،
وكان خبيرا ما هرا بالطريق.

ويتجلي ايضا فكتم اسرار مسيرة الا من لهم صله ما سة،
ومع هذا فلم يتوسع فاطلاعهم الا بقدر العمل المنوط بهم،
ومع اخذة بتلك الاسباب و غيرها لم يكن ملتفتا اليها،
بل كان قلبة مطويا على التوكل على الله عز و جل.

2- ضروره الاخلاص و السلامة من الاغراض الشخصية:

فما كان عليه الصلاة و السلام خاملا،
فيطلب بهذه الدعوه نباهه شان،
وما كان مقلا حريصا على بسطه العيش؛
فيبغى بهذه الدعوه ثراء؛
فان عيشة يوم كان الذهب يصب فمسجدة ركاما كعيشة يوم يلاقى فسبيل الدعوه اذي كثيرا.

3- الاعتدال حال السراء و الضراء:

فيوم خرج عليه الصلاة و السلام من مكه مكرها لم يخنع،
ولم يذل،
ولم يفقد ثقتة بربه،
ولما فتح الله عليه ما فتح و اقر عينة بعز الاسلام و ظهور المسلمين لم يطش زهوا،
ولم يتعاظم تيها؛
فعيشتة يوم اخرج من مكه كارها كعيشتة يوم دخلها فاتحا ظافرا،
وعيشتة يوم كان فمكه يلاقى الاذي من سفهاء الاحلام كعيشتة يوم اطلت رايتة البلاد العربية،
واطلت على ممالك قيصر ناحيه تبوك.

4- اليقين بان العاقبه للتقوي و للمتقين:

فالذى ينظر فالهجره بادئ الراى يظن ان الدعوه الى زوال و اضمحلال.
ولكن الهجره فحقيقتها تعطى درسا و اضحا فان العاقبه للتقوي و للمتقين؛
فالنبى صلى الله عليه و سلم يعلم بسيرتة المجاهد فسبيل الله الحق ان يثبت فو جة اشياع الباطل،
ولا يهن فدفاعهم و تقويم عوجهم،
ولا يهولة ان تقبل الايام عليهم،
فيشتد باسهم،
ويجلبوا بخيلهم و رجالهم؛
فقد يصبح للباطل جولة،
ولاشياعة صولة،
اما العاقبه فانما هي للذين صبروا و الذين هم مصلحون.

5- ثبات اهل الايمان فالمواقف الحرجة:

ذلك فجواب النبى صلى الله عليه و سلم لابي بكر -رضى الله عنه- لما كانا فالغار.
وذلك لما قال ابو بكر رضى الله عنه: “والله يا رسول الله،
لو ان احدهم نظر الى موقع قدمة لابصرنا”.
فاجابة النبى صلى الله عليه و سلم مطمئنا له: “ما ظنك باثنين الله ثالثهما”.

فهذا كمن امثله الصدق و الثبات،
والثقه بالله،
والاتكال عليه عند الشدائد،
واليقين بان الله لن يتخلي عنه فتلك الساعات الحرجة.

هذه حال اهل الايمان،
بخلاف اهل الكذب و النفاق؛
فهم سرعان ما يتهاونون عند المخاوف و ينهارون عند الشدائد،
ثم لا نجد لهم من دون الله و ليا و لا نصيرا.

6- ان من حفظ الله حفظة الله:

ويؤخذ ذلك المعني من حال النبى صلى الله عليه و سلم لما ائتمر فيه زعماء قريش ليعتقلوه،
او يقتلوه،
او يظهروه،
فانجاة الله منهم بعد ان حثا فو جوههم التراب،
وخرج من بينهم سليما معافى.

وهذه سنه ما ضية،
فمن حفظ الله حفظة الله،
واعظم ما يحفظ فيه ان يحفظ فدينه،
وهذا الحفظ شامل لحفظ البدن،
وليس بالضروره ان يعصم الانسان؛
فلا يخلص الية البتة؛
فقد يصاب لترفع درجاته،
وتقال عثراته،
ولكن الشان جميع الشان فحفظ الدين و الدعوة.

7- ان النصر مع الصبر:

فقد كان هينا على الله عز و جل ان يصرف الاذي عن النبى صلى الله عليه و سلم جملة،
ولكنها سنه الابتلاء يؤخذ فيها النبى صلى الله عليه و سلم الاكرم؛
ليستبين صبره،
ويعظم عند الله اجره،
وليعلم دعاه الاصلاح كيف يقتحمون الشدائد،
ويصبرون على ما يلاقون من الاذى،
صغيرا كان ام كبيرا.

8- الحاجة الى الحلم و ملاقاه الاساءه بالاحسان:

فلقد كان النبى صلى الله عليه و سلم يلقي فمكه قبل الهجره من الطغاه و الطغام اذي كثيرا،
فيضرب عنها صفحا او عفوا،
ولما عاد الى مكه فاتحا ظافرا عفا و صفح عمن اذاه.

9- استبانه اثر الايمان:

حيث رفع المسلمون رءوسهم به،
وصبروا على ما و اجهوة من الشدائد،
فصارت مظاهر اولئك الطغاه حقيره فنفوسهم.

10- انتشار الاسلام و قوته:

وهذه من فائدة الهجرة،
فلقد كان الاسلام بمكه مغمورا بشخب الباطل،
وكان اهل الحق فبلاء شديد؛
فجاءت الهجره و رفعت صوت الحق على صخب الباطل،
وخلصت اهل الحق من هذا الجائر،
واورثتهم حياة عزيزه و مقاما كريما.

11- ان من ترك شيئا لله عوضة الله خيرا منه:

فلما ترك المهاجرون ديارهم،
واهليهم،
واموالهم التي هي احب شيء اليهم،
لما تركوا هذا كله لله،
اعاضهم الله بان فتح عليهم الدنيا،
وملكهم شرقها و غربها.

12- قيام الحكومة الاسلاميه و المجتمع المسلم.

13- اجتماع كلمه العرب و ارتفاع شانهم.

14- التنبية على فضل المهاجرين و الانصار.

15- ظهور مزيه المدينة:

فالمدينه لم تكن معروفة قبل الاسلام بشيء من الفضل على غيرها من البلاد،
وانما احرزت فضلها بهجره المصطفى عليه الصلاة و السلام اصحابة اليها،
وبهجره الوحى الى ربوعها حتي اكمل الله الدين،
واتم النعمة.
وبهذا ظهرت مزايا المدينة،
وافردت المصنفات لذكر فضائلها و مزاياها.

16- سلامة التربيه النبوية:

فقد دلت الهجره على ذلك؛
فقد صار الصحابه مؤهلين للاستخلاف،
وتحكيم شرع الله،
والقيام بامره،
والجهاد فسبيله.

17- التنبية على عظم دور المسجد فالامة:

ويتجلي هذا فاول عمل قام فيه النبى صلى الله عليه و سلم فور و صولة المدينة،
حيث بني المسجد؛
لتظهر به شعائر الاسلام التي طالما حوربت،
ولتقام به الصلوات التي تربط المسلم برب العالمين،
وليصبح منطلقا لجيوش العلم،
والدعوه و الجهاد.

18- التنبية على عظم دور المراة:

ويتجلي هذا من اثناء الدور الذي قامت فيه عائشه و اختها اسماء -رضى الله عنهما- حيث كانتا نعم الناصر و المعين فامر الهجرة؛
فلم يخذلا اباهما ابا بكر -رضى الله عنه- مع علمهما بخطر المغامرة،
ولم يفشيا سر الرحله لاحد،
ولم يتوانيا فتجهيز الراحله تجهيزا كاملا… الى غير هذا مما قامتا به.

19- عظم دور الشباب فنصره الحق:

ويتجلي هذا فالدور الذي قام فيه على بن ابي طالب -رضى الله عنه- حين نام ففراش النبى صلى الله عليه و سلم ليلة الهجرة.

ويتجلي من اثناء ما قام فيه عبدالله بن ابي بكر؛
حيث كان يستمع اخبار قريش،
ويزود فيها النبى صلى الله عليه و سلم و ابا بكر رضى الله عنه.

20- حصول الاخوه و ذوبان العصبيات.

هذه بعض الدروس و الفائدة من الهجره النبويه فسبيل الاجمال.

وصلي الله على نبينا محمد و على الة و صحبة و سلم.


من دروس الهجرة النبوية