افضل مواضيع جميلة بالصور

حكم رفع البنت امرها الى القاضي


 

    شهدت المحاكم قضايا عديدة رفعتها الفتيات ضد ابائهن لاسباب مختلفة، وذلك في ثقافة جديدة بدات تتفتح نتيجة وعي البنات بحقوقهن ورفضهن للظلم، فعلا لا قولا، وهذا الوعي اكسبهن الجراة على رفض الظلم الواقع عليهن والتصدي له قانونيا، حتى لو كان الظلم الممارس ضدهن من قبل اباء لم يتقوا الله في بناتهم فحرموهن من ابسط حقوقهن في الحياة كالزواج وغيره، لكن الواقع الراهن صدم بعضهن بمصطلحات تداولتها المحاكم، بدت لبعضهن «ضبابية» المعنى، لانها رفضت مطالباتهن، و جيرت قضاياهن ضد ابائهن تحت بند «العقوق».

ونحن في هذا التحقيق نطرح تساؤلات تزيل هذه الضبابية مستفسرين عن نوع القضايا التي يحق للفتاة رفعها ضد والدها؟، وما هي الاجراءات المتبعة؟، وكيف نوضح الحد الفاصل بين ان تكون القضية «قضية حقوق» وبين ان تكون «قضية عقوق»؟، وما هو مدى تاثير النظرة الاجتماعية والموروثة على حكم القاضي في التعامل مع هذا الحد؟، ومن يحمي الفتاة التي يحكم عليها بالعودة الى بيت والدها بعد رفض قضيتها؟.

يحق للفتاة فوق 18 عاما ان ترفع قضيتي «العضل»

او «التحجير» في الزواج..

انواع القضايا

بداية يوضح لنا المحامي «عبدالله المحارب» متى يحق للبنت رفع دعوى على والدها، مبينا ان النظام كفل للمرء، ذكرا او انثى، برفع اي دعوى يرى له فيها حق على اي جهة كانت، اعتبارية، او شخصية، امام القضاء، ويدخل في ذلك الابن على ابيه، او البنت على والده، مفصلا انواع القضايا التي يحق لها ان ترفعها البنت ضد والدها، على ان نميز هنا حالتين، ففي حال كانت البنت دون سن الرشد، او كانت قاصرة عقليا، فلا يحق لها نظاما رفع دعوى على والدها ، مشيرا الى ان «سن الرشد حسمه مجلس الشورى في جلسته الاخيرة بحده ب (18) سنة فما دونه ولو بيوم تعتبر البنت قاصرة عن سن الرشد، وما بعده تعتبر الفتاة رشيدة، تصح جميع افعالها وتنفذ، وتصبح مكلفة شرعا ونظاما بمالها وما عليها».

اكتمال الاهلية

واضاف ولا يحق لها في هذه الحالة رفع دعوى على والدها، لانها غير مكتملة الصفة التي تؤهلها لذلك، ولانه وليها، ولانها ناقصة الاهلية؛ اذ لم يكتمل عقلها ورشدها حتى تقبل منها الدعوى، ويستثنى من ذلك اذا كانت الدعوى ضد والدها في موضوع الاساءة اليها ، بدنيا، او نفسيا، فهنا تسمع من باب رفع القلم الحاصل عليها، وتكون الدعوى كالابلاغ عن ضرر وقع عليها، اما في حال كانت البنت فوق سن الرشد (18) عاما فهنا يحق لها ان ترفع ما تشاء على من تشاء في اي قضية ترى انه لها حق فيها مثل ان تطالب بالنفقة، او رفع ولاية الزواج عنه لانه عضلها، او تطالبه بقضية مالية، او ضرر وقع عليها جراء عنف، او ضرب، او خلافه، لان لها ذمة مستقلة تماما، حتى ولو كان المدعى عليه هو والدها.

العضل والتحجير

من جهة اخرى يرى المحامي «د.سامي التميمي» ان قضايا العضل والتحجير من اهم واكثر القضايا المرفوعة من البنات على ابائهن، حيث يرفض الاباء تزويج بناتهم مستندين لاسباب لا تمت للشريعة بصلة وهذا هو «العضل»، او ان يصر الاب على تزويج ابنته لشخص بعينه، سواء كان ابن عمها او ابن خالها او اي شخص اخر يروق للولي، وفيه ايضا عدم تزويج الفتاة لشخص معين بسبب انه لا يروق للولي او غير ذلك من اسباب واهية ضعيفة تحرم ما احل الله وهذا هو «التحجير»، داعيا من عضلها وليها ان تلجا الى القضاء؛ لان الزواج حق للفتاة، ولا عيب في ذلك، وهذا بعد ان ينتهي دور المناصحة من قبل الاقارب او الفتاة نفسها لوليها، فالزواج حق مشروع للفتاة واذا لجات الى القضاء لانصافها ممن عضلها فلا يعتبر ذلك سوء ادب ولا يعتبر عقوقا ، ولا خروجا عن الحياء.

جهة الشكوى

واوضح «د.التميمي» ان الجهة المختصة في قضايا العضل والتحجير هي المحكمة العامة لانها مختصة في تزويج من لا ولي لها من النساء، واقامة الاولياء، وفسخ النكاح وغير ذلك وفقا للمادتين الثانية والثلاثين والثالثة والثلاثين من نظام المرافعات الشرعية، اما الجهة المختصة في تعزير من ثبت تحجيره فقد نصت المادة (128) من نظام الاجراءات الجزائية على ان «تختص المحكمة الجزئية بالفصل في قضايا التعزيرات الا بما يستثنى بنظام» كما نصت المادة (130) من نظام الاجراءات الجزائية على ان «تختص المحكمة العامة في البلد الذي ليس فيه محكمة جزئية بما تختص به المحكمة الجزئية»، مشيرا الى انه قد صدر قرار هيئة كبار العلماء رقم (153) في 15/8/1409ه الذي ينص على معاقبة من يصر على التحجير بالسجن وعدم الافراج عنه الا بعد تخليه عن مطلبه المخالف لاحكام الشرع المطهر والتزامه بعدم الاعتداء على المراة او ولي امرها الجديد او من يتزوجها وبعد كفالته من قبل شيخ قبيلته او احد ذوي النفوذ فيها بالالتزام وعدم الاعتداء، او يتقدم من وقع عليه الضرر من التحجير الى المحكمة الشرعية مباشرة لكي تنظر المحكمة في قضيته.

النظرة الاجتماعية

واوضح المحامي «حمود الخالدي» ان المجتمع يرى ان مثل هذه القضايا عقوق بالوالد، من خلال نظرة عاطفية بحتة وبعيدة عن الواقع وحقائق الامور التي اضطرت الفتاة مرغمة الى اللجوء الى هذا الحل الاخير، ولكنه يؤكد ايضا انه ليس هناك ما يمنع الفتاة من اقامة دعوى قضائية ضد ابيها اذا كان الضرر الواقع عليها ضررا حقيقيا والمحكمة تقبل الدعوى وتحيلها الى احد القضاة الذي بدوره يباشر نظرها، ولا ننسى ان ليس جميع الاباء سواسية في التعامل مع ابنائهم، وان الفتاة جزء من مجتمعنا حكمت سلفا على قضيتها بحكم المجتمع، فهي لم تطرق باب القضاء الا عندما حالت جميع السبل للوصول الى حقها الذي حرمها ولي امرها منه.

واوضح ان القاضي لا يدخر وسعا في حل النزاع بين طرفي الدعوى عن طريق الصلح واصلاح ذات البين ولم الشمل، فان لم يجد ذلك نفعا فانه يحكم بايصال الحقوق لاهلها دون النظر الى صلة القرابة بين المدعي والمدعى عليه وفي حالة ان القاضي اصدر حكمه ونظر بمنظور ان ذلك يعد عقوقا وتجاوزا من الفتاة وخروجها على ابيها فعلى الفتاة الاعتراض على الحكم وطلب احالته الى محكمة التميز.

اعادتها لوليها

ومن جهته يستنكر الباحث في الشؤون الشرعية والقانونية «عمر بن عبدالعزيز اسماعيل» اعتبار مطالبات الفتيات بحقوقهن ضد ابائهن نوعا من العقوق، مؤكدا على انه لا صحة لما يذكر من كون مطالبة المراة بحقوقها يعد عقوقا، كما لا يعني ترك المطالبة بالحقوق درجة معينة من البر تنالها المراة بتركها لهذه الحقوق، مشيرا الى ان الامر يختلف باختلاف طريقة المطالبة من امراة لاخرى، موضحا ان ما يحصل في اروقة المحاكم من شكاوى عضل لمنع ولي المراة المراة من الزواج اذا طلبت الزواج بدون مبرر مع وجود الكفء «منهي عنه شرعا لما يترتب عليه من اضرار بالمراة «، وبثبوت العضل يرفع القاضي ولاية النكاح للقريب وينقلها الى الابعد وهو راي الحنابلة.

شان قضائي

وحول ماشهدته بعض قضايا البنات التي تحول فيها الحكم الى حكم «عقوق» وتم على اثره تسليم البنت الى ابيها، رغم تضررها المثبت منه فيقول عن هذا الباحث «اسماعيل»: «الحكم باعادة المراة الى وليها بعد طول نظر في جلسات القضاء هو شان قضائي لا يمكن التدخل فيه الا ان مثل هذا الحكم – في حال وجوده – بحاجة الى العديد من الاحترازات لضمان حقوق المراة بعد عودتها الى وليها يكفل لها الحفاظ على حقوقها»، مؤكدا على ان ملابسات كل قضية تختلف بحسب ظروفها واسبابها، كما ان ترتيب درجات المطالبة بالحقوق والتدرج فيها يسهم اسهاما بالغا في حل المشكلات، غير ان وجود مثل هذه القضايا وتكرارها يستلزم ايجاد الدراسات المتخصصة بمشاركة المختصين المخلصين من علماء المجتمع.

  • الاجراءات المتبعة فسخ النكاح
  • قرار 153 من هيئة كبار العلماء بشأن منع التحجير
السابق
رسائل مضحكة جدا جدا
التالي
ما حكم الحلف المتكرر وما قضاؤه عند الحنث