الفصل الاول
رجل في مازقلاحظت سلام جيدا كيف تابع عماد طريقه خروجا من المدينة .. فقالت بقلق :- عماد … الى اين تاخذني ؟
لم يقل شيئا .. بل اكتفى بمسح العرق الذي بلل جبينه وملابسه رغم برودة الجو في هذا الوقت من المساء .. وتابع قيادة شاحنته الصغيرة عبر الطرقات التي بدات تخلو من الحياة كلما تقدم بهما المسير .. فركت يديها الصغيرتين بقلق وهي تنظر حولها .. لم يقل لها الكثير عندما دخل الى البيت .. وطلب منها مرافقته لامر طارئ .. كالعادة لم تناقشه .. فعندما يقول عماد ان هناك امر طارئ .. فهذا يعني انه قد تورط من جديد في مشكلة عجز عن الخروج منها
الا ان احساسا دفينا اخبرها بان هذه المرة مختلفة .. لم تعرف السبب .. ولكنها لم تجد ابن خالتها على هذه الحالة من التوتر والقلق من قبل .. بدلا من ان تتابع سؤاله .. قررت ان تنتظر لترى الى اين ياخذها .. اوقف الشاحنة امام بيت ريفي قديم يكاد يتداعى .. تاملت المكان بعدم ارتياح وقد لاحظت ابتعاده الشديد عن اي بقعة ماهولة بالناس .. قالت :- عماد .. ما هذا المكان ؟
اخذ نفسا عميقا وكانه يسيطر على توتره .. ثم قال بخشونة :- انت تثقين بي .. اليس كذلك ؟
ارتبكت وهي تلاحظ عصبيته الشديدة .. وقالت مترددة :- طبعا اثق بك .. فانت اخي بالرضاعة
التفت اليها فجاة مما اجفلها وهو يقول بحدة :- لهذا السبب بالذات جئت بك الى هنا .. لانك اختي واكثر شخص اثق به في هذا العالم .. واعرف بانك لن تتخلي عني ابدا
تاكدت شكوكها في هذه اللحظة .. فانتابها اسى كبير وهي تقول :- ما الذي فعلته هذه المرة يا عماد ؟
عماد يكبرها بعام واحد .. ولكنها دائما كانت الطرف الاكثر وعيا بينهما ..وخلال سنوات عمرها العشرين التي عاشتها معه في بيت خالتها منذ وفاة والديها .. كان هو من يقع في المشاكل .. وهي من كان يخرجه منها .. في هذه اللحظة احست سلام بانها قد سئمت الجري خلفه دائما ولملمة الفوضى التي يسببها .. واحست برغبة بضربه وتركه ولو لمرة ليتحمل مسؤولية اخطاءه بمفرده .. الا ان حدته استحالت فجاة الى اضطراب وهو يقول بصوت منخفض :- سلام .. انا احتاج اليك .. هذه المرة مختلفة .. لقد ورطت نفسي في مازق حقيقي
احست بقلبها يخفق بقوة خوفا مما يخفيه عنها ابن خالتها .. فوضعت يدها فوق كتفه قائلة :- عماد .. ما الامر ؟ .. اخبرني
لفت انتباههما فجاة انفتاح الباب الخشبي المهترئ للمبنى .. وخروج رجل ضخم الجثة واتجاهه نحوهما بسرعة وتصميم جعلا سلام ترتجف رغما عنها لرؤية الشر المرتسم في عينيه الضيقتين .. فور وصوله .. فتح الباب المجاور لها وامسك بمعصمها دون انذار جارا اياها خارج السيارة متجاهلا صرخة الذعر التي دوت من بين شفتيها .. سرعان ما لحق بها عماد صارخا بانفعال :- اتركها … لقد اتفقنا على الا تؤذها
صاح الرجل بغلظة دون ان يتركها :- لقد تاخرت كثيرا .. والرجل يكاد يلفظ انفاسه الاخيرة
ظهر العجز والتوسل في صوت عماد مما جعلها تكره الرجل العفن الرائحة الواقف الى جانبها .. والقادر على اثارة كل هذا الرعب داخل قلب عماد :- انا اسف .. لقد كان الطريق مزدحما .. وقد وصلنا في النهاية اليس كذلك ؟ اتركها يا ماجد .. وستفعل ما نريده بالضبط
تركها اخيرا .. فاسرعت تحتمي بابن خالتها مذعورة .. تمكنت من النظر الى المدعو ماجد جيدا .. فلاحظت انه اصغر بكثير مما توقعت .. ربما لا يكبر عماد الا ببضع سنوات .. الا ان القسوة والاجرام رسما الخطوط العميقة والداكنة حول عينيه وفمه .. فبدا مخيفا وشريرا للغاية .. وكانه احدى الشخصيات السيئة التي تراها على شاشة التلفاز ولا تصدق وجود من هم على شاكلتهم على ارض الواقع
نظر اليها فجاة .. وبدات عيناه تستكشفانها لاول مرة بنظرات وقحة مشطتها ابتداءا من شعرها البني الاشقر المربوط خلف راسها .. مرورا بوجهها الجميل البريء .. وانتهاءا بتفاصيل جسدها المختبئة خلف الملابس المحتشمة . كادت تفقد وعيها خوفا وذعرا منه .. وعندما امتدت يد عماد المرتعشة نحوها .. عرفت بانه لا يقل عنها خوفا .. وانه يلتمس الشجاعة منها كالعادة .. فاجبرت نفسها على تخطي خوفها .. ووجدت صوتها اخيرا لتقول :- عماد .. لماذا احضرتني الى هنا ؟
عبس الرجل .. وزمجر غاضبا :- الم تخبرها بعد ؟
اسرع عماد يقول :- سافعل .. ان منحتني الفرصة لذلك
ولكن ماجد لم يفعل .. بل اقترب منها مما جعلها تنكمش ذعرا .. وتاملها مجدا وهو يسالها بخشونة :- قال عماد بانك تمتلكين خبرة في التمريض
تمتمت متوترة :- اا .. ليس تما……
لكزها عماد خفية فاسرعت تقول :- هذا صحيح
ان كانت دورة التمريض التدريبية التي قامت بها الصيف الماضي تعتبر خبرة .. ازدادت نظرات الرجل جراة وهو يقول بوقاحة :- جمال كهذا كفيل بتخفيف الام اي مريض
اعترض عماد هاتفا بحنق :- ماجد .. لقد وعدتني بالا تقترب منها
تراجع ماجد رافعا يديه وهو يقول ساخرا :- هذا صحيح .. لقد وعدتك .. ونحن بحاجة الى ملاك الرحمة هذه .. وان كنت لا ابالي ان تمكنت من انقاذه ام لا
للمرة الثانية لاحظت سلام ذكره لرجل يموت … فبدات الامور تتضح لها بعض الشيء .. ومع انها رحبت بابتعاد عماد بها عن ذلك الرجل الى داخل المبنى المتهالك .. الا انها سرعان ما افلتت يدها من بين اصابعه فور تجاوزهما الباب القديم الذي تقشر طلاءه .. وصاحت به غاضبة :- توقف يا عماد
استدار نحوها بقلق وهو ينظر الى الباب خلفها .. بينما امسكت خصرها بكلتي يديها وقالت :- لن اتحرك حتى تشرح لي ما يحدث
همس مذعورا :- اخفضي صوتك .. سيري معي قليلا وساشرح لك كل شيء .. ارجوك
سارت خلفه داخل رواق ضيق ومظلم .. فسدت انفها لتمنع نفسها من استنشاق الرائحة الكريهة التي فاحت في المكان .. وتبعت عماد عبر احد الابواب المغلقة والموصدة جيدا.. فتحه بالمفتاح وافسح لها الطريق لتدخل الى غرفة صغيرة جدا .. مظلمة تفوح منها رائحة الرطوبة والعفن .. لا نوافذ او اي منفذ للهواء النقي .. لا قطع اثاث باستثناء السرير المعدني الضيق الذي التصق بالجدار .. والذي تمدد عليه رجل ضخم الجثة .. بدا واضحا من حركة صدره العاري الصعوبة التي يعانيها ليتنفس .. وقد غطى جسده العرق والقذارة…. والدماء الجافة
ارتجفت لمراى المشهد المخيف الماثل امامها .. فقد ادركت بان هذا الرجل الغائب تقريبا عن الوعي .. يكاد يموت بسبب الاهمال .. وطبعا .. بسبب الجرح الواضح اعلى كتفه الايسر والمغطى بقطعة قماش قديمة كي توقف النزيف
نظرت الى عماد وهي تهمس مرتجفة :- عماد .. من يكون هذا ؟
دون ان يجيبها .. سالها برجاء :- هل تستطيعين مساعدته ؟
اقتربت قليلا لتنظر الى الوجه الشاحب .. ذي الذقن النامية .. كانت ملامحه وسيمة .. رغم معالم الالم التي عكرت صفوها .. كان مغمض العينين وقد توسطت حاجبيه تقطيبة خفيفة .. وتعالى لهاثه مما جعل قلبها يرق له .. تمتمت فجاة :- اهو احد افراد العصابة ؟
اجفل عماد قائلا :- ماذا ؟
اوضحت بعصبية وهي تلتفت نحوه لتواجهه :- العصابة التي يتزعمها ذلك المدعو ماجد .. والتي تورطت معها بطريقة ما ..ولا تحاول الانكار لان الشرف هو اخر وصف قد يطلق على ذلك الرجل .. هل حاولتم السطو على مكان ما ففاجاتكم الشرطة واصيب احدكم ؟
ثم قست ملامحها وهي تقول بالم ممزوج بالمرارة :- كيف تمكنت من فعل هذا يا عماد ؟ الم تفكر بامك ؟ .. بي انا ؟ قبل ان تتورط مع اشخاص سيئين كهؤلاء ؟ لطالما كنت ضعيفا وتنجر بسهولة خلف المشاكل .. وتتوقع مني الجري وراءك واصلاح اخطاءك ولملمة الفوضى التي تخلفها .. ولكن هذا لن يحصل الان .. لن اتعاون معك .. ولست مضطرة لانقاذ حياة مجرم اخر لا يقل سوءا عنك او عن ماجد .. وعلى الارجح .. يستحق الموت على ما فعله
لم تفاجئها الدموع التي ترقرقت من عيني عماد .. فهذا هو موقفه المعتاد في لحظات الضعف .. البكاء بعد ان يقوم بفعلته ..والتوسل اليها كي تساعده .. تمنت لحظتها لو ان ابن خالتها اكثر قوة وصلابة .. وان يكون ولو لمرة رجل العائلة والسند الذي تستطيع الاعتماد عليه .. ترنح عماد وهو يسند نفسه الى الجدار الذي زحفت فوقه الفطريات .. واخفى وجهه بيديه قائلا بياس :- انا لا الومك ابدا على موقفك يا سلام .. انا لا استحق اختا مثلك او اما طيبة كامي .. لطالما حاولت ان اكون مثلك .. قويا رزينا .. ولكنني لم استطع .. انا انسان تافه وضعيف ولا استحق ان اعيش .. ولا الومك لو خرجت من هذا الباب وتخليت عني تماما
ثم رفع راسه فجاة قائلا بصوت اجش :- ولكنه هو لا يستحق ان تديري له ظهرك .. انه بحاجة الى مساعدتك .. لانني لن اسامح نقسي ابدا اذا مات او اصابه مكروه
تاثرت مرغمة بياس ابن خالتها فقالت بعطف :- ايهمك الى هذا الحد ؟.. اهو صديق لك ؟
هز راسه قائلا :- انت لا تفهمين .. ليس هناك اي عصابة .. هناك ماجد فقط .. وهو وحده سيء بما يكفي ..لقد ابتزني مستغلا ما ادين له به من مال كي اساعده في مخططه الرهيب .. لم ارغب بمساعدته ولكنه هدد باذية امي .. واذيتك انت .. وهو قادر على هذا
صدرت عن الرجل المريض اهة جعلتها تنظر اليه مجددا بقلق وقلبها يخزها شفقة عليه .. ولكنها عادت تنظر الى عماد قائلة :- كان بامكانك اللجوء الى الشرطة يا عماد .. اي شيء افضل بكثير من التورط في عمل غير مشروع .. لو انك طلبت مساعدتي لما ترددت في محاولة تخليصك من دينك لذلك الرجل .. ما الذي دفعك لفعله بالضبط على اي حال ؟
صمت عماد للحظات طويلة .. قبل ان يشير براسه نحو الجسد المضرج بالدماء والمسجى فوق السرير على بعد مترين منها .. وهو يقول :- خطفه هو
وكان هذا اخر ما توقعت سلام سماعه من عماد .. مما جعل صدمتها الكبيرة تجمدها للحظات .. قبل ان تستوعب ما قاله وتصيح بذعر :- هل اختطفتما رجلا ؟
قفز عماد نحوها متوسلا :- اخفضي صوتك ارجوك
ابعدته عنها .. واتجهت الى المريض بلا تردد هذه المرة .. فلاحظت ان احدى معصميه مقيدة الى احد قوائم السرير بقيد معدني .. التفتت نحو عماد صائحة بغضب :- فك قيده الان
صاح بعجز :- لا استطيع .. ماجد هو من يحمل المفاتيح
واذ بالرجل المذكور يظهر عند الباب قائلا بكسل :- ارى انك قد تعرفت الى ضيفنا العزيز
اختفى فجاة كل خوفها .. وهي تتقدم نحوه قائلة بصرامة :- اعطني مفاتيح قيده
لم تعجبه جراتها .. فقال بغلظة :- لن اتيح له الفرصة للهرب مجددا
صاحت فاقدة لاعصابها :- هل يبدو لك في حالته هذه قادرا على الهرب ؟ .. سيموت الرجل ان لم يسعف فورا .. ولن استطيع فعل اي شيء ان لم تفك قيده حالا
عبس .. وقد بدا قادرا على ضربها في هذه اللحظة غيظا من وقاحتها وتجرؤها على مواجهته .. فاسرع عماد يقول :- ماجد .. لن يهرب الرجل الى اي مكان في هذه الحالة .. ارجوك .. دعها تساعده
تردد ماجد للحظات .. ثم اخرج المفتاح الصغير من جيبه ورماه لهما قائلا :- ان تجرا على الحركة ساقتله على الفور هذه المرة
لاحظت سلام جيبه المنتفخ .. فارتجفت خوفا وهي تتخيل السلاح المختبئ هناك .. ولكنها ركزت احاسيسها نحو الرجل المريض حيث فكت قيده واراحت ذراعه الى جواره بينما كان هو فاقدا للاحساس تماما بما حوله
ما ان خرج ماجد حتى قالت لعماد بعملية :- احتاج الى بعض الادوات .. ضمادات طبية ومطهرات .. بعض القطن وادوية مضادة للالتهاب .. ومسكنة لالم
قال بقلق :- ساستغرق وقتا حتى …
قاطعته بنفاذ صبر :- ما الذي تنتظره اذن .. من الافضل ان تذهب الان بعد ان توفر لي بعض قطع القماش النظيف والماء المغلي
اسرع يلبي طلبها بينما التفتت هي نحو الرجل المصاب .. لمست جبينه لتجد بشرته تكاد تحترق بسبب الحمى .. كما كانت انفاسه تتلاحق وانينه يتصاعد من شدة الالم .. ازاحت قطعة القماش المتسخة بالدم برفق .. ثم كبتت شهقتها لمراى الجرح البشع المغطى بالدماء المتخثرة .. سمعت صوت عماد خلفها فسالته :- كيف اصيب ؟
قال متوترا :- حاول الهرب .. فهو ليس من النوع المستسلم .. وبالطبع اطلق عليه ماجد النار
ارتجفت لمجرد التفكير بما ماجد قادر على فعله .. سالت عماد بجفاف :- هل هو ثري ؟
:- جدا .. ولكن اسباب ماجد شخصية .. فهو يكرهه بجنون .. ولولا امله في الحصول على بعض المال من هذه العملية لقتله منذ اليوم الاول .. ولولا اصراري على احضار المساعدة لما مانع بتركه ينزف حتى الموت
تمتمت :- يجب ان يؤخذ الى المستشفى .. لن استطيع مساعدته فعلا يا عماد وانت تعرف هذا
قال بحدة :- يجب ان تحاولي .. فلا مجال لاخذه الى المستشفى .. ماجد لن يسمح لهذا .. وانا لن اسامح نفسي ان اصابه مكروه
غادر بعدها ليحضر طلباتها .. فتناولت قطعة القماش وغمرتها بالماء المعقم .. ثم قربتها من الجسد المحموم .. وقبل ان تلمسه .. امتدت يد قوية لتمسك معصمها بقوة .. فانتفضت مذعورة وهي تنظر الى الوجه الوسيم الشاحب .. لتلتقي عيناها بعينين خضراوين لم تر يوما بلونهما الجميل الشاحب .. او بكثافة الرموش التي ظللتهما
خرج صوته قاسيا رغم ضعفه وهو يقول :- من انت ؟
حاولت تهدئة نبضات قلبها وهي تهمس :- انا احاول مساعدتك فحسب
تشوشت فجاة النظرات الخضراء .. وفقدت الاصابع القوية قدرتها فسقطت الى جواره .. وتعالى صوت انينه ليمزق قلبها فهمست بشفقة :- لا تقلق .. ستكون بخير
مررت قطعة القماش فوق صدره المفتول العضلات محاولة تنظيفه من العرق وبقايا الدم الجاف . وهي تقول برقة :- ساعتني بك
اغمض عينيه بقوة وهو يكرر لاهثا :- من انت ؟
بقطعة قماش اخرى .. اخذت تمسح العرق عن جبينه قائلة :- انا ملاك الرحمة … وقد ارسلني الله اليك لاساعدك
ترك نفسه بين يديها .. وعاد مجددا الى غيبوبته .. فاحست برغبة عارمة في البكاء .. ومن حيث لا تدري .. امتلكت القوة لتقسم على اخراجه من هذا المكان مهما كان الثمن
همست وهي تنظف جرحه العميق :- لن اتركك تحت رحمة ذلك الرجل ابدا .. حتى لو كلفني هذا حياتي
واذ بصوت ماجد عند الباب يقول بغلظة :- ما الذي تهمسين له به ؟.
نظرت اليه بتمرد وقد ظهر كرهها جليا على وجهها وقالت :- ما الذي تظنه ؟ احاول ان اخفف عنه فحسب
توتر قائلا :- هل استيقظ ؟
خشيت من ردة فعله لو عرف بصحوة مريضها القصيرة .. فقالت بغيظ مفتعل :- ما الذي تراه ؟ الرجل شبه ميت .. كيف تراه سيستيقظ؟
تاملها مليا بينما وقفت تواجهه بشجاعة .. ثم قال :- كيف لفتاة بجمالك ان تصادق جبانا وضعيفا كعماد ؟
خمنت سلام بان عماد لم يخبره بمن تكون حرصا على سلامتها .. فظن الرجل بانها صديقته .. قالت ببغض :- افضله على المجرمين الاجلاف من امثالك
توتر فمه الغليظ .. وهو يقول :- احذري يا عزيزتي .. والا دفعت ثمن وقاحتك هذه
لم تغفل عن تحذيره لها .. او عن نظراته الوقحة المتوعدة التي شملتها من راسها حتى اخمص قدميها .. فابتلعت لسانها وقررت توخي الحذر في التعامل معه من الان فصاعدا .. والا تترك العنان لغضبها ولسانها المتهور .. دخل عماد في هذه اللحظة ليعيد اليها بعض الطمانينة .. اعطاها الاغراض .. ثم انسحب عندما ناداه ماجد
ما ان لمست جرحه بالمطهر .. حتى تشنج جسده واطلق صرخة الم مدوية .. اضطرت لتثبيته فوق السرير قائلة :- ارجوك اهدا .. ستتالم قليلا .. الا ان عليك الاحتمال
قال لاهثا :- من السهل عليك اطلاق الاوامر
لم تعرف بانه قد استعاد وعيه .. لذا فوجئت قليلا عندما رات عينيه الخضراوين تنظران اليها من بين رموشه الكثيفة .. قالت بهدوء :- من الاسهل عليك اطاعة اوامري .. اذ انك الاضعف بيننا في هذه اللحظة
تصلب فكه .. وقسا فمه الجميل قيب ان يقول:- لن يدوم هذا طويلا
:- لن يتغير ان لم تسمح لي بتعقيم الجرح
عادت تحاول تنظيف الجرح فكز على اسنانه .. وكبت صرخة الم اخرى .. ثم غمغم :- انت شريكتهما .. اليس كذلك ؟
نظرت اليه مترددة اذ خافت ان تقول شيئا يورط عماد .. قالت اخيرا :- انا هنا لمساعدتك فقط
قال بخشونة :- انت تكذبين .. ما كانا ليخاطرا باحضار شخص غريب ليشهد على فعلتهما
هذه المرة صرخ عاليا عندما لامست الجرح .. فقالت بصبر :- ان لم تهدا وتتركني اقوم بعملي .. ساضطر للغناء لك كالاطفال ..
قال بوقاحة :- ولم لا تفعلين ؟
عرفت بانه يحاول فقط التنفيس عن المه واحباطه .. والاهم .. غضبه الشديد من الوضع العاجز الذي وجد نفسه فيه .. فبدات وبدون تردد تدندن بكلمات اغنية رقيقة لفيروز .. تشنج جسده في البداية وكانه يقاوم التاثير المهدئ لصوتها الحنون والدافئ .. ولكنه سرعان ما استرخى .. واغمض عينيه .. وتركها تكمل عملها دون اعتراض
ضمدت الجرح بمهارة قائلة :- من حسن حظك ان الرصاصة لم تستقر داخل جسدك او تصيب مكانا حساسا .. كل ما ارجوه هو الا يلتهب جرحك بعد كل هذا الاهمال
لم تسمع منه ردا .. فعرفت بانه قد نام متاثرا بالدواء المسكن للالم الذي ساعدته على ابتلاعه قبل لحظات مع جرعة ماء صغيرة ..
نظرت مليا الى الوجه الوسيم النائم .. وفكرت بانه لا يبدو ابدا من النوع المستسلم .. ولا تستغرب ابدا محاولته الهرب من ماجد .. فداخل هذا الجسد المصاب و المريض يكمن رجل قوي الارادة والتصميم .. قاس ذو نفوذ .. وتساءلت عن السبب الذي جعله محط كراهية رجل كماجد .. دون ان تستغربه .. فما احست به حتى الان من هذا الرجل …انه لا يمكن ان يثير لدى الاخرين الا المشاعر العنيفة
اما كراهية شديدة او حب عميق
ارتجفت لهذه الفكرة .. وسحبت يدها التي كانت تلمس جبينه بحنان .. ابتعدت .. وجلست بعيدا تنظر اليه وهو نائم
بالرغم من كل ما عاناه .. ما يزال يبدو جميلا بطريقة متوحشة .. بشعره الاسود الكثيف والاشعث .. وحاجبيه الكثيفين المنعقدين على الدوام بسبب الالم حتى اثناء فقدانه الوعي .. ملامحه الفاتنة بخشونتها
حتى دون ان يخبرها عماد .. كانت لتعرف بمفردها بانه رجل ثري .. هناك شيء ما في كبرياءه الذي لم تحطمه الظروف الصعبة .. في انفه الشامخ وانحناءة فكه .. ان ابن ناس بالولادة
دخل عماد ليراها شاردة الذهن .. سالها بقلق :- هل انت بخير ؟
اومات براسها دون ان تفارق عيناها مريضها .. وقالت :- وماذا عنه هو ؟.. هل سيكون بخير ؟
ارتبك وبدا عليه عدم الفهم .. فاوضحت بعصبية :- ما الذي ينوي صديقك فعله به ؟ هل سيقتله بعد ان يحصل على ما يريده من مال ؟
نظر عماد الى الجسد الضخم النائم وقال مرتجفا :- لا اعرف .. انه لا ينفك يعدني بتركه يذهب بعد حصوله على المال.. ولكن مراه وهو يطلق النار عليه بكل بساطة يقول شيئا اخر
ثم اطل ندم عميق من عينيه وهو يقول:- انا اسف يا سلام .. ما كان علي توريطك في الامر .. الا انني لم اعرف غيرك لالجا اليه اذ لم استطع تركه يموت
نظرت سلام الى المريض مجددا وهو تقول :- لا اظنني ساعدته كثيرا .. انه بحاجة الى مستشفى وعناية طبية عاجلة .. لقد فقد الكثير من الدماء كما ان جرحه في طور الالتهاب
صمتت للحظات قبل ان تقول :- يجب ان تساعدني في اخراجه من هنا
انتفض عماد وقال بذعر :- هل جننت ؟ سيقتلني ماجد ان فكرت بالمحاولة .. انه يرفض حتى ان اعيدك الى البيت خوفا من انتكاسة حالة الرجل
ولكن سلام عرفت السبب الحقيقي لرفض الرجل لرحيلها والذي لم يفطن له عماد .. فهو يخشى ابلاغها الشرطة عنه .. وهذا يعني انها في وضع لا يقل صعوبة عن وضع مريضها
قال عماد متوترا :- ولكنني فكرت .. وقررت اخراجك من هنا بطريقة ما دون ان يشعر ماجد .. سادعي بانك هربت .. وهو لا يعرف عنك اي شيء حتى اسمك .. لذا لن بجدك ان حاول البحث عنك
وجدت نفسها تقول بحزم :- لن اغادر بدونه
حدق فيها مذهولا وهو يقول:- هل جننت ؟ قد يقتلك ماجد في النهاية ويقتلني ان حاولت مطاوعتك فيما تخططين له
هزت راسها مستغربة شجاعتها المفاجئة :- لا تحاول ايقافي يا عماد .. سابقى لمنعكما من ايذائه .. ومن حسن حظنا ان خالتي ليست في البيت هذه الليلة .. فلولا اضطرارها للسفر وزيارة ابنة خالنا المريضة لاقامت الدنيا واقعدتها لغيابنا
ظهر الحزن والندم في عينيه وهو يقول :- انا اسف يا سلام
تنهدت غير قادرة على مسامحته .. وقال بحزن :- اتركني وحدي يا عماد
غادر الغرفة مطاطئ الراس .. فاقتربت من مريضها الغافل .. وهمست :- انا غبية اليس كذلك ؟ .. اتعهد بحمايتك وانا عاجزة عن حماية نفسي .. اتعلق بك وانا لا اعرف حتى اسمك
لم يقل شيئا .. بل اكتفى بمسح العرق الذي بلل جبينه وملابسه رغم برودة الجو في هذا الوقت من المساء .. وتابع قيادة شاحنته الصغيرة عبر الطرقات التي بدات تخلو من الحياة كلما تقدم بهما المسير .. فركت يديها الصغيرتين بقلق وهي تنظر حولها .. لم يقل لها الكثير عندما دخل الى البيت .. وطلب منها مرافقته لامر طارئ .. كالعادة لم تناقشه .. فعندما يقول عماد ان هناك امر طارئ .. فهذا يعني انه قد تورط من جديد في مشكلة عجز عن الخروج منها
الا ان احساسا دفينا اخبرها بان هذه المرة مختلفة .. لم تعرف السبب .. ولكنها لم تجد ابن خالتها على هذه الحالة من التوتر والقلق من قبل .. بدلا من ان تتابع سؤاله .. قررت ان تنتظر لترى الى اين ياخذها .. اوقف الشاحنة امام بيت ريفي قديم يكاد يتداعى .. تاملت المكان بعدم ارتياح وقد لاحظت ابتعاده الشديد عن اي بقعة ماهولة بالناس .. قالت :- عماد .. ما هذا المكان ؟
اخذ نفسا عميقا وكانه يسيطر على توتره .. ثم قال بخشونة :- انت تثقين بي .. اليس كذلك ؟
ارتبكت وهي تلاحظ عصبيته الشديدة .. وقالت مترددة :- طبعا اثق بك .. فانت اخي بالرضاعة
التفت اليها فجاة مما اجفلها وهو يقول بحدة :- لهذا السبب بالذات جئت بك الى هنا .. لانك اختي واكثر شخص اثق به في هذا العالم .. واعرف بانك لن تتخلي عني ابدا
تاكدت شكوكها في هذه اللحظة .. فانتابها اسى كبير وهي تقول :- ما الذي فعلته هذه المرة يا عماد ؟
عماد يكبرها بعام واحد .. ولكنها دائما كانت الطرف الاكثر وعيا بينهما ..وخلال سنوات عمرها العشرين التي عاشتها معه في بيت خالتها منذ وفاة والديها .. كان هو من يقع في المشاكل .. وهي من كان يخرجه منها .. في هذه اللحظة احست سلام بانها قد سئمت الجري خلفه دائما ولملمة الفوضى التي يسببها .. واحست برغبة بضربه وتركه ولو لمرة ليتحمل مسؤولية اخطاءه بمفرده .. الا ان حدته استحالت فجاة الى اضطراب وهو يقول بصوت منخفض :- سلام .. انا احتاج اليك .. هذه المرة مختلفة .. لقد ورطت نفسي في مازق حقيقي
احست بقلبها يخفق بقوة خوفا مما يخفيه عنها ابن خالتها .. فوضعت يدها فوق كتفه قائلة :- عماد .. ما الامر ؟ .. اخبرني
لفت انتباههما فجاة انفتاح الباب الخشبي المهترئ للمبنى .. وخروج رجل ضخم الجثة واتجاهه نحوهما بسرعة وتصميم جعلا سلام ترتجف رغما عنها لرؤية الشر المرتسم في عينيه الضيقتين .. فور وصوله .. فتح الباب المجاور لها وامسك بمعصمها دون انذار جارا اياها خارج السيارة متجاهلا صرخة الذعر التي دوت من بين شفتيها .. سرعان ما لحق بها عماد صارخا بانفعال :- اتركها … لقد اتفقنا على الا تؤذها
صاح الرجل بغلظة دون ان يتركها :- لقد تاخرت كثيرا .. والرجل يكاد يلفظ انفاسه الاخيرة
ظهر العجز والتوسل في صوت عماد مما جعلها تكره الرجل العفن الرائحة الواقف الى جانبها .. والقادر على اثارة كل هذا الرعب داخل قلب عماد :- انا اسف .. لقد كان الطريق مزدحما .. وقد وصلنا في النهاية اليس كذلك ؟ اتركها يا ماجد .. وستفعل ما نريده بالضبط
تركها اخيرا .. فاسرعت تحتمي بابن خالتها مذعورة .. تمكنت من النظر الى المدعو ماجد جيدا .. فلاحظت انه اصغر بكثير مما توقعت .. ربما لا يكبر عماد الا ببضع سنوات .. الا ان القسوة والاجرام رسما الخطوط العميقة والداكنة حول عينيه وفمه .. فبدا مخيفا وشريرا للغاية .. وكانه احدى الشخصيات السيئة التي تراها على شاشة التلفاز ولا تصدق وجود من هم على شاكلتهم على ارض الواقع
نظر اليها فجاة .. وبدات عيناه تستكشفانها لاول مرة بنظرات وقحة مشطتها ابتداءا من شعرها البني الاشقر المربوط خلف راسها .. مرورا بوجهها الجميل البريء .. وانتهاءا بتفاصيل جسدها المختبئة خلف الملابس المحتشمة . كادت تفقد وعيها خوفا وذعرا منه .. وعندما امتدت يد عماد المرتعشة نحوها .. عرفت بانه لا يقل عنها خوفا .. وانه يلتمس الشجاعة منها كالعادة .. فاجبرت نفسها على تخطي خوفها .. ووجدت صوتها اخيرا لتقول :- عماد .. لماذا احضرتني الى هنا ؟
عبس الرجل .. وزمجر غاضبا :- الم تخبرها بعد ؟
اسرع عماد يقول :- سافعل .. ان منحتني الفرصة لذلك
ولكن ماجد لم يفعل .. بل اقترب منها مما جعلها تنكمش ذعرا .. وتاملها مجدا وهو يسالها بخشونة :- قال عماد بانك تمتلكين خبرة في التمريض
تمتمت متوترة :- اا .. ليس تما……
لكزها عماد خفية فاسرعت تقول :- هذا صحيح
ان كانت دورة التمريض التدريبية التي قامت بها الصيف الماضي تعتبر خبرة .. ازدادت نظرات الرجل جراة وهو يقول بوقاحة :- جمال كهذا كفيل بتخفيف الام اي مريض
اعترض عماد هاتفا بحنق :- ماجد .. لقد وعدتني بالا تقترب منها
تراجع ماجد رافعا يديه وهو يقول ساخرا :- هذا صحيح .. لقد وعدتك .. ونحن بحاجة الى ملاك الرحمة هذه .. وان كنت لا ابالي ان تمكنت من انقاذه ام لا
للمرة الثانية لاحظت سلام ذكره لرجل يموت … فبدات الامور تتضح لها بعض الشيء .. ومع انها رحبت بابتعاد عماد بها عن ذلك الرجل الى داخل المبنى المتهالك .. الا انها سرعان ما افلتت يدها من بين اصابعه فور تجاوزهما الباب القديم الذي تقشر طلاءه .. وصاحت به غاضبة :- توقف يا عماد
استدار نحوها بقلق وهو ينظر الى الباب خلفها .. بينما امسكت خصرها بكلتي يديها وقالت :- لن اتحرك حتى تشرح لي ما يحدث
همس مذعورا :- اخفضي صوتك .. سيري معي قليلا وساشرح لك كل شيء .. ارجوك
سارت خلفه داخل رواق ضيق ومظلم .. فسدت انفها لتمنع نفسها من استنشاق الرائحة الكريهة التي فاحت في المكان .. وتبعت عماد عبر احد الابواب المغلقة والموصدة جيدا.. فتحه بالمفتاح وافسح لها الطريق لتدخل الى غرفة صغيرة جدا .. مظلمة تفوح منها رائحة الرطوبة والعفن .. لا نوافذ او اي منفذ للهواء النقي .. لا قطع اثاث باستثناء السرير المعدني الضيق الذي التصق بالجدار .. والذي تمدد عليه رجل ضخم الجثة .. بدا واضحا من حركة صدره العاري الصعوبة التي يعانيها ليتنفس .. وقد غطى جسده العرق والقذارة…. والدماء الجافة
ارتجفت لمراى المشهد المخيف الماثل امامها .. فقد ادركت بان هذا الرجل الغائب تقريبا عن الوعي .. يكاد يموت بسبب الاهمال .. وطبعا .. بسبب الجرح الواضح اعلى كتفه الايسر والمغطى بقطعة قماش قديمة كي توقف النزيف
نظرت الى عماد وهي تهمس مرتجفة :- عماد .. من يكون هذا ؟
دون ان يجيبها .. سالها برجاء :- هل تستطيعين مساعدته ؟
اقتربت قليلا لتنظر الى الوجه الشاحب .. ذي الذقن النامية .. كانت ملامحه وسيمة .. رغم معالم الالم التي عكرت صفوها .. كان مغمض العينين وقد توسطت حاجبيه تقطيبة خفيفة .. وتعالى لهاثه مما جعل قلبها يرق له .. تمتمت فجاة :- اهو احد افراد العصابة ؟
اجفل عماد قائلا :- ماذا ؟
اوضحت بعصبية وهي تلتفت نحوه لتواجهه :- العصابة التي يتزعمها ذلك المدعو ماجد .. والتي تورطت معها بطريقة ما ..ولا تحاول الانكار لان الشرف هو اخر وصف قد يطلق على ذلك الرجل .. هل حاولتم السطو على مكان ما ففاجاتكم الشرطة واصيب احدكم ؟
ثم قست ملامحها وهي تقول بالم ممزوج بالمرارة :- كيف تمكنت من فعل هذا يا عماد ؟ الم تفكر بامك ؟ .. بي انا ؟ قبل ان تتورط مع اشخاص سيئين كهؤلاء ؟ لطالما كنت ضعيفا وتنجر بسهولة خلف المشاكل .. وتتوقع مني الجري وراءك واصلاح اخطاءك ولملمة الفوضى التي تخلفها .. ولكن هذا لن يحصل الان .. لن اتعاون معك .. ولست مضطرة لانقاذ حياة مجرم اخر لا يقل سوءا عنك او عن ماجد .. وعلى الارجح .. يستحق الموت على ما فعله
لم تفاجئها الدموع التي ترقرقت من عيني عماد .. فهذا هو موقفه المعتاد في لحظات الضعف .. البكاء بعد ان يقوم بفعلته ..والتوسل اليها كي تساعده .. تمنت لحظتها لو ان ابن خالتها اكثر قوة وصلابة .. وان يكون ولو لمرة رجل العائلة والسند الذي تستطيع الاعتماد عليه .. ترنح عماد وهو يسند نفسه الى الجدار الذي زحفت فوقه الفطريات .. واخفى وجهه بيديه قائلا بياس :- انا لا الومك ابدا على موقفك يا سلام .. انا لا استحق اختا مثلك او اما طيبة كامي .. لطالما حاولت ان اكون مثلك .. قويا رزينا .. ولكنني لم استطع .. انا انسان تافه وضعيف ولا استحق ان اعيش .. ولا الومك لو خرجت من هذا الباب وتخليت عني تماما
ثم رفع راسه فجاة قائلا بصوت اجش :- ولكنه هو لا يستحق ان تديري له ظهرك .. انه بحاجة الى مساعدتك .. لانني لن اسامح نقسي ابدا اذا مات او اصابه مكروه
تاثرت مرغمة بياس ابن خالتها فقالت بعطف :- ايهمك الى هذا الحد ؟.. اهو صديق لك ؟
هز راسه قائلا :- انت لا تفهمين .. ليس هناك اي عصابة .. هناك ماجد فقط .. وهو وحده سيء بما يكفي ..لقد ابتزني مستغلا ما ادين له به من مال كي اساعده في مخططه الرهيب .. لم ارغب بمساعدته ولكنه هدد باذية امي .. واذيتك انت .. وهو قادر على هذا
صدرت عن الرجل المريض اهة جعلتها تنظر اليه مجددا بقلق وقلبها يخزها شفقة عليه .. ولكنها عادت تنظر الى عماد قائلة :- كان بامكانك اللجوء الى الشرطة يا عماد .. اي شيء افضل بكثير من التورط في عمل غير مشروع .. لو انك طلبت مساعدتي لما ترددت في محاولة تخليصك من دينك لذلك الرجل .. ما الذي دفعك لفعله بالضبط على اي حال ؟
صمت عماد للحظات طويلة .. قبل ان يشير براسه نحو الجسد المضرج بالدماء والمسجى فوق السرير على بعد مترين منها .. وهو يقول :- خطفه هو
وكان هذا اخر ما توقعت سلام سماعه من عماد .. مما جعل صدمتها الكبيرة تجمدها للحظات .. قبل ان تستوعب ما قاله وتصيح بذعر :- هل اختطفتما رجلا ؟
قفز عماد نحوها متوسلا :- اخفضي صوتك ارجوك
ابعدته عنها .. واتجهت الى المريض بلا تردد هذه المرة .. فلاحظت ان احدى معصميه مقيدة الى احد قوائم السرير بقيد معدني .. التفتت نحو عماد صائحة بغضب :- فك قيده الان
صاح بعجز :- لا استطيع .. ماجد هو من يحمل المفاتيح
واذ بالرجل المذكور يظهر عند الباب قائلا بكسل :- ارى انك قد تعرفت الى ضيفنا العزيز
اختفى فجاة كل خوفها .. وهي تتقدم نحوه قائلة بصرامة :- اعطني مفاتيح قيده
لم تعجبه جراتها .. فقال بغلظة :- لن اتيح له الفرصة للهرب مجددا
صاحت فاقدة لاعصابها :- هل يبدو لك في حالته هذه قادرا على الهرب ؟ .. سيموت الرجل ان لم يسعف فورا .. ولن استطيع فعل اي شيء ان لم تفك قيده حالا
عبس .. وقد بدا قادرا على ضربها في هذه اللحظة غيظا من وقاحتها وتجرؤها على مواجهته .. فاسرع عماد يقول :- ماجد .. لن يهرب الرجل الى اي مكان في هذه الحالة .. ارجوك .. دعها تساعده
تردد ماجد للحظات .. ثم اخرج المفتاح الصغير من جيبه ورماه لهما قائلا :- ان تجرا على الحركة ساقتله على الفور هذه المرة
لاحظت سلام جيبه المنتفخ .. فارتجفت خوفا وهي تتخيل السلاح المختبئ هناك .. ولكنها ركزت احاسيسها نحو الرجل المريض حيث فكت قيده واراحت ذراعه الى جواره بينما كان هو فاقدا للاحساس تماما بما حوله
ما ان خرج ماجد حتى قالت لعماد بعملية :- احتاج الى بعض الادوات .. ضمادات طبية ومطهرات .. بعض القطن وادوية مضادة للالتهاب .. ومسكنة لالم
قال بقلق :- ساستغرق وقتا حتى …
قاطعته بنفاذ صبر :- ما الذي تنتظره اذن .. من الافضل ان تذهب الان بعد ان توفر لي بعض قطع القماش النظيف والماء المغلي
اسرع يلبي طلبها بينما التفتت هي نحو الرجل المصاب .. لمست جبينه لتجد بشرته تكاد تحترق بسبب الحمى .. كما كانت انفاسه تتلاحق وانينه يتصاعد من شدة الالم .. ازاحت قطعة القماش المتسخة بالدم برفق .. ثم كبتت شهقتها لمراى الجرح البشع المغطى بالدماء المتخثرة .. سمعت صوت عماد خلفها فسالته :- كيف اصيب ؟
قال متوترا :- حاول الهرب .. فهو ليس من النوع المستسلم .. وبالطبع اطلق عليه ماجد النار
ارتجفت لمجرد التفكير بما ماجد قادر على فعله .. سالت عماد بجفاف :- هل هو ثري ؟
:- جدا .. ولكن اسباب ماجد شخصية .. فهو يكرهه بجنون .. ولولا امله في الحصول على بعض المال من هذه العملية لقتله منذ اليوم الاول .. ولولا اصراري على احضار المساعدة لما مانع بتركه ينزف حتى الموت
تمتمت :- يجب ان يؤخذ الى المستشفى .. لن استطيع مساعدته فعلا يا عماد وانت تعرف هذا
قال بحدة :- يجب ان تحاولي .. فلا مجال لاخذه الى المستشفى .. ماجد لن يسمح لهذا .. وانا لن اسامح نفسي ان اصابه مكروه
غادر بعدها ليحضر طلباتها .. فتناولت قطعة القماش وغمرتها بالماء المعقم .. ثم قربتها من الجسد المحموم .. وقبل ان تلمسه .. امتدت يد قوية لتمسك معصمها بقوة .. فانتفضت مذعورة وهي تنظر الى الوجه الوسيم الشاحب .. لتلتقي عيناها بعينين خضراوين لم تر يوما بلونهما الجميل الشاحب .. او بكثافة الرموش التي ظللتهما
خرج صوته قاسيا رغم ضعفه وهو يقول :- من انت ؟
حاولت تهدئة نبضات قلبها وهي تهمس :- انا احاول مساعدتك فحسب
تشوشت فجاة النظرات الخضراء .. وفقدت الاصابع القوية قدرتها فسقطت الى جواره .. وتعالى صوت انينه ليمزق قلبها فهمست بشفقة :- لا تقلق .. ستكون بخير
مررت قطعة القماش فوق صدره المفتول العضلات محاولة تنظيفه من العرق وبقايا الدم الجاف . وهي تقول برقة :- ساعتني بك
اغمض عينيه بقوة وهو يكرر لاهثا :- من انت ؟
بقطعة قماش اخرى .. اخذت تمسح العرق عن جبينه قائلة :- انا ملاك الرحمة … وقد ارسلني الله اليك لاساعدك
ترك نفسه بين يديها .. وعاد مجددا الى غيبوبته .. فاحست برغبة عارمة في البكاء .. ومن حيث لا تدري .. امتلكت القوة لتقسم على اخراجه من هذا المكان مهما كان الثمن
همست وهي تنظف جرحه العميق :- لن اتركك تحت رحمة ذلك الرجل ابدا .. حتى لو كلفني هذا حياتي
واذ بصوت ماجد عند الباب يقول بغلظة :- ما الذي تهمسين له به ؟.
نظرت اليه بتمرد وقد ظهر كرهها جليا على وجهها وقالت :- ما الذي تظنه ؟ احاول ان اخفف عنه فحسب
توتر قائلا :- هل استيقظ ؟
خشيت من ردة فعله لو عرف بصحوة مريضها القصيرة .. فقالت بغيظ مفتعل :- ما الذي تراه ؟ الرجل شبه ميت .. كيف تراه سيستيقظ؟
تاملها مليا بينما وقفت تواجهه بشجاعة .. ثم قال :- كيف لفتاة بجمالك ان تصادق جبانا وضعيفا كعماد ؟
خمنت سلام بان عماد لم يخبره بمن تكون حرصا على سلامتها .. فظن الرجل بانها صديقته .. قالت ببغض :- افضله على المجرمين الاجلاف من امثالك
توتر فمه الغليظ .. وهو يقول :- احذري يا عزيزتي .. والا دفعت ثمن وقاحتك هذه
لم تغفل عن تحذيره لها .. او عن نظراته الوقحة المتوعدة التي شملتها من راسها حتى اخمص قدميها .. فابتلعت لسانها وقررت توخي الحذر في التعامل معه من الان فصاعدا .. والا تترك العنان لغضبها ولسانها المتهور .. دخل عماد في هذه اللحظة ليعيد اليها بعض الطمانينة .. اعطاها الاغراض .. ثم انسحب عندما ناداه ماجد
ما ان لمست جرحه بالمطهر .. حتى تشنج جسده واطلق صرخة الم مدوية .. اضطرت لتثبيته فوق السرير قائلة :- ارجوك اهدا .. ستتالم قليلا .. الا ان عليك الاحتمال
قال لاهثا :- من السهل عليك اطلاق الاوامر
لم تعرف بانه قد استعاد وعيه .. لذا فوجئت قليلا عندما رات عينيه الخضراوين تنظران اليها من بين رموشه الكثيفة .. قالت بهدوء :- من الاسهل عليك اطاعة اوامري .. اذ انك الاضعف بيننا في هذه اللحظة
تصلب فكه .. وقسا فمه الجميل قيب ان يقول:- لن يدوم هذا طويلا
:- لن يتغير ان لم تسمح لي بتعقيم الجرح
عادت تحاول تنظيف الجرح فكز على اسنانه .. وكبت صرخة الم اخرى .. ثم غمغم :- انت شريكتهما .. اليس كذلك ؟
نظرت اليه مترددة اذ خافت ان تقول شيئا يورط عماد .. قالت اخيرا :- انا هنا لمساعدتك فقط
قال بخشونة :- انت تكذبين .. ما كانا ليخاطرا باحضار شخص غريب ليشهد على فعلتهما
هذه المرة صرخ عاليا عندما لامست الجرح .. فقالت بصبر :- ان لم تهدا وتتركني اقوم بعملي .. ساضطر للغناء لك كالاطفال ..
قال بوقاحة :- ولم لا تفعلين ؟
عرفت بانه يحاول فقط التنفيس عن المه واحباطه .. والاهم .. غضبه الشديد من الوضع العاجز الذي وجد نفسه فيه .. فبدات وبدون تردد تدندن بكلمات اغنية رقيقة لفيروز .. تشنج جسده في البداية وكانه يقاوم التاثير المهدئ لصوتها الحنون والدافئ .. ولكنه سرعان ما استرخى .. واغمض عينيه .. وتركها تكمل عملها دون اعتراض
ضمدت الجرح بمهارة قائلة :- من حسن حظك ان الرصاصة لم تستقر داخل جسدك او تصيب مكانا حساسا .. كل ما ارجوه هو الا يلتهب جرحك بعد كل هذا الاهمال
لم تسمع منه ردا .. فعرفت بانه قد نام متاثرا بالدواء المسكن للالم الذي ساعدته على ابتلاعه قبل لحظات مع جرعة ماء صغيرة ..
نظرت مليا الى الوجه الوسيم النائم .. وفكرت بانه لا يبدو ابدا من النوع المستسلم .. ولا تستغرب ابدا محاولته الهرب من ماجد .. فداخل هذا الجسد المصاب و المريض يكمن رجل قوي الارادة والتصميم .. قاس ذو نفوذ .. وتساءلت عن السبب الذي جعله محط كراهية رجل كماجد .. دون ان تستغربه .. فما احست به حتى الان من هذا الرجل …انه لا يمكن ان يثير لدى الاخرين الا المشاعر العنيفة
اما كراهية شديدة او حب عميق
ارتجفت لهذه الفكرة .. وسحبت يدها التي كانت تلمس جبينه بحنان .. ابتعدت .. وجلست بعيدا تنظر اليه وهو نائم
بالرغم من كل ما عاناه .. ما يزال يبدو جميلا بطريقة متوحشة .. بشعره الاسود الكثيف والاشعث .. وحاجبيه الكثيفين المنعقدين على الدوام بسبب الالم حتى اثناء فقدانه الوعي .. ملامحه الفاتنة بخشونتها
حتى دون ان يخبرها عماد .. كانت لتعرف بمفردها بانه رجل ثري .. هناك شيء ما في كبرياءه الذي لم تحطمه الظروف الصعبة .. في انفه الشامخ وانحناءة فكه .. ان ابن ناس بالولادة
دخل عماد ليراها شاردة الذهن .. سالها بقلق :- هل انت بخير ؟
اومات براسها دون ان تفارق عيناها مريضها .. وقالت :- وماذا عنه هو ؟.. هل سيكون بخير ؟
ارتبك وبدا عليه عدم الفهم .. فاوضحت بعصبية :- ما الذي ينوي صديقك فعله به ؟ هل سيقتله بعد ان يحصل على ما يريده من مال ؟
نظر عماد الى الجسد الضخم النائم وقال مرتجفا :- لا اعرف .. انه لا ينفك يعدني بتركه يذهب بعد حصوله على المال.. ولكن مراه وهو يطلق النار عليه بكل بساطة يقول شيئا اخر
ثم اطل ندم عميق من عينيه وهو يقول:- انا اسف يا سلام .. ما كان علي توريطك في الامر .. الا انني لم اعرف غيرك لالجا اليه اذ لم استطع تركه يموت
نظرت سلام الى المريض مجددا وهو تقول :- لا اظنني ساعدته كثيرا .. انه بحاجة الى مستشفى وعناية طبية عاجلة .. لقد فقد الكثير من الدماء كما ان جرحه في طور الالتهاب
صمتت للحظات قبل ان تقول :- يجب ان تساعدني في اخراجه من هنا
انتفض عماد وقال بذعر :- هل جننت ؟ سيقتلني ماجد ان فكرت بالمحاولة .. انه يرفض حتى ان اعيدك الى البيت خوفا من انتكاسة حالة الرجل
ولكن سلام عرفت السبب الحقيقي لرفض الرجل لرحيلها والذي لم يفطن له عماد .. فهو يخشى ابلاغها الشرطة عنه .. وهذا يعني انها في وضع لا يقل صعوبة عن وضع مريضها
قال عماد متوترا :- ولكنني فكرت .. وقررت اخراجك من هنا بطريقة ما دون ان يشعر ماجد .. سادعي بانك هربت .. وهو لا يعرف عنك اي شيء حتى اسمك .. لذا لن بجدك ان حاول البحث عنك
وجدت نفسها تقول بحزم :- لن اغادر بدونه
حدق فيها مذهولا وهو يقول:- هل جننت ؟ قد يقتلك ماجد في النهاية ويقتلني ان حاولت مطاوعتك فيما تخططين له
هزت راسها مستغربة شجاعتها المفاجئة :- لا تحاول ايقافي يا عماد .. سابقى لمنعكما من ايذائه .. ومن حسن حظنا ان خالتي ليست في البيت هذه الليلة .. فلولا اضطرارها للسفر وزيارة ابنة خالنا المريضة لاقامت الدنيا واقعدتها لغيابنا
ظهر الحزن والندم في عينيه وهو يقول :- انا اسف يا سلام
تنهدت غير قادرة على مسامحته .. وقال بحزن :- اتركني وحدي يا عماد
غادر الغرفة مطاطئ الراس .. فاقتربت من مريضها الغافل .. وهمست :- انا غبية اليس كذلك ؟ .. اتعهد بحمايتك وانا عاجزة عن حماية نفسي .. اتعلق بك وانا لا اعرف حتى اسمك
لاحظت بانه يلهث .. وان جسده يزداد لمعانا بسبب العرق الغزير .. لامست جبينه لتجد حرارته تعود مجددا للارتفاع .. فتصاعد قلقها وهي تهمس :- لا .. ارجوك ان تصمد .. لن استطيع اخراجك من هنا ان لم تتحسن
انكبت على العناية به .. بمسح جسده بالكمادات الباردة .. ومساعدته على شرب الادوية .. في كل مرة كانت تحيط كتفيه بذراعها لتساعده على الجلوس ليحتسي كوب الماء .. كانت الاحاسيس الغريبة تتخبط داخلها بعنف .. فتعيده الى
مكانه وتبتعد عنه محاولة السيطرة على رجفتها
غفت اثناء مراقبتها له .. فوق المقعد الذي وفره لها عماد .. ولم تعرف كم مر من الوقت حتى افاقت من جديد تحت الحاح احساس غريب بالقلق ..
كانت وحيدة في الغرفة المضاءة بمصباح سقف اصفر شاحب .. ومريضها كان نائما .. اليس كذلك ؟ .. لقد توهمت للحظة بانها ترى عينيه تنظران اليها باصرار .. ولكن عندما اقتربت .. اختفت شكوكها اذ كان نائما بعمق
اتجهت الى الطاولة الصغيرة التي وضعها عماد في خدمتها .. وصبت لنفسها كوب ماء ترطب به حلقها .. ثم مررت يديها فوق ذراعيها محاولة بث الدفء داخلها .. في هذا المكان البارد كالقبر
بحثت بين الادوية محاولة ان تتذكر متى اخر مرة اعطته فيها جرعته .. واذ بذراع قوية تحيط بخصرها .. ويد اخرى تكتم شهقتها التي كادت تفلت من بين شفتيها
تخبطت بذعر محاولة الهرب من مهاجمها .. ولكنه كان اقوى منها .. ادارها .. والصق ظهرها بالجدار .. فواجهت عيناها عينين خضراوين شاحبتين تعرفهما جيدا .. قال بصوت منخفض ناقض عنفه معها :- هل ستهدئين ان رفعت يدي عن فمك ؟
هزت راسها بقوة .. وعندما حرر فمها سالته بسرعة :- كيف نهضت ؟ لقد كنت نائما منذ لحظات
صحح لها متهكما :- انت من كان نائما يا عزيزتي .. وقد قضيت وقتا ممتعا في مراقبة وجهك الملائكي الذي يخفي مجرمة مثلك
احمر وجهها خجلا من فكرة نظره اليها اثناء نومها .. ثم غضبا لظنه السيء بها .. ولكن شحوب وجهه .. وانفاسه السريعة .. ذكراها بضعفه فقالت بقلق :- ما كان عليك النهوض .. انت متعب
قال بغلظة :- انا بخير .. وانت ستتوقفين عن اداء دور ملاك الرحمة .. وستخرجينني من هنا
قالت بعجز :- لا استطيع
امسك وجنتيها بين اصابعه بقسوة .. وقال بغضب جمد الدماء في عروقها :- ان رغبت بالحفاظ على جمال وجهك هذا .. ستساعدينني في الهاء شركاءك والخروج من هذا المكان
تلاحقت انفاسها وهي تشعر بجسده الطويل الصلب يحاصرها .. ما الذي اصابها ؟ لماذا ترتجف اطرافها ويتشوش تفكيرها مع كل نظرة تقع منها على فمه .. اشاحت بوجهها عنه قائلة :- انا محتجزة هنا مثلك .. وخروجي لا يقل صعوبة عن خروجك
صاح بغضب :- انت كاذبة .. لقد سمعتك تتحدثين الى احدهما بود قبل ساعات .. انت شريكتهما والا ما خاطر ماجد باحضارك
ترنح فجاة .. وتركها مضطرا اذ اختل توازنه بفعل دوار مفاجئ .. فراقبته قائلة بتوتر :- ما زلت مريضا .. لن تقوى على الهرب
جلس على طرف السرير ممسكا راسه بكلتي يديه قائلا بتعب :- لا .. لن انتظر اكثر
ادركت بانه يبذل جهدا خرافيا ليتماسك .. و وافقته بان هروبه الان ضروري قبل ان يسوء حاله اكثر .. قالت فجاة :- ساساعدك بشرط واحد
رفع راسه اليها بعينين مشوشتين .. فاكملت بحزم :- ان تنسى ما حدث فور خروجك من هنا .. وتتابع حياتك وكان شيئا لم يكن
صمت للحظات قبل ان يقول بجفاف ك- هل تحاولين حماية ماجد ؟
اسرعت تقول :- ماجد لا يهمني .. فليذهب الى الجحيم
:- اذن .. هو ذلك المراهق النحيل والمتردد .. اللعين كان هو من استدرجني الى فخ ماجد
احست بطعنة الم لمعرفتها بدور عماد في العملية .. ومع هذا قالت بحزم :- عدني بانك لن تتطرق اليه مع الشرطة .. وساخرجك من هنا حتى لو كانت حياتي هي الثمن
تاملها للحظات .. من قمة شعرها الطويل المشعث .. الى قوامها الجميل الواقف امامه باباء .. فسالها بوقاحة :- هل هو حبيبك ؟ انه اضعف من ان يرضي امراة قوية وشرسة مثلك
صاحت بغضب :- اخرس عليك اللعنة .. عماد مجرد شاب بريء ابتزه ماجد واستغله .. لم اسمح لك او لماجد بتدمير مستقبله
اخذ نفسا عميقا وهو يمسك بجرحه المضمد ويقول :- اخرجيني من هنا وسنتحدث
ولكنها اصرت بصرامة :- عدني اولا
تقلصت ملامحه الما فاحست بالشفقة نحوه ولكنها لم تلن .. واذ به يصيح بغضب :- حسنا اعدك
امسك باحد اعمدة السرير المعدنية .. ونهض ليمنح كلامه تاثيرا بطوله المديد وقامته الضخمة .. وقال بوحشية :- ولكنك لن تفلتي بنفس البساطة .. اعدك بهذا .. ستدفعين ثمن ما فعلته غاليا
نظرت اليه باستنكار .. ما الذي فعلته اكثر من العناية بهذا الجاحد المجنون ؟ .. الا انها قالت بحسم :- ابقى هادئا .. ومن الافضل ان تعود الى فراشك كي لا تثير الشكوك
:- وكيف اثق بك ؟
قالت بنفاذ صبر :- ليس لديك خيار اخر
تركته وخرجت من الغرفة مقفلة الباب ورائها .. كان الرواق مظلما للغاية وعفن الرائحة .. مع هذا .. مشت متلمسة طريقها بحذر محاولة ايجاد طريق للخروج
فتحت اول باب تصادفه بهدوء شديد .. لتجد غرفة لا تقل ضيقا وقذارة عن تلك التي سجنت مريضها .. الضوء الاصفر الشاحب لمصباح السقف كان ضعيفا ومتقطعا .. الا انه كان كافيا ليسمح لها برؤية الاثاث الرث والملابس المرمية بفوضوية هنا وهناك .. كان هناك طاولة خشبية علتها زجاجة امتلات حتى النصف بسائل غريب .. لم تر في حياتها كحولا .. ولكنها عرفت بان محتوى الزجاجة كان سائلا مسكرا .. وعرفت بان الرائحة الغريبة التي انتشرت في المكان كانت عائدة اليه .. لمحت جسما معدنيا صغيرا مرميا باهمال الى جانب الزجاجة .. فاقتربت بتردد وامسكته بيد مرتعشة .. لقد كان مسدسا … ثقله بين اصابعها منحها احساسا غريبا بالخوف .. فكرة ان هذا الشيء المعدني قادر بسهولة على انهاء حياة انسان اذعرتها .. خاصة عندما فكرت بامكانية استعماله ضد ماجد لتتمكن هي وعماد والمريض السجين من الهرب بسلام .. عرفت بانها حتى لو حاولت فانها لن تنجح .. لا يمكنها ان تنهي حياة انسان مهما كان سيئا .. هي فقط ليست من هذا النوع .. ولا تمتلك ما يكفي من الشجاعة لتفعلها .. فكرت بسرعة .. ثم اقتربت من النافذة المسيجة بقضبان معدنية قاسية .. ومدت يدها عبرها لترميها خارجا دون تردد
ان كانت لن تتمكن من استعماله ضد غريمها .. فهي لن تسمح له باستعماله هو الاخر .. خرجت من الغرفة بنفس الهدوء واقفلت الباب ورائها .. فشهقت بقوة عندما امسك احدهم بمعصمها .. وجذبها ليديرها الى الجهة الاخرى .. وجدت نفسها مواجهة لماجد الذي صاح بغضب :- الى اين تظنين نفسك ذاهبة ؟
كادت تفقد وعيها من شدة الخوف .. فنظرات ماجد لم تكن لطيفة ابدا .. بل وقحة وجائعة وهي تمشط جسدها بنهم .. همست بصوت مرتجف :- لقد .. لقد كنت ابحث عن الحمام
:- الحمام .. ام باب الخروج
دعت الله ان ياتي عماد في هذه اللحظة .. وهي تعرف بان ماجد قد امره بالوقوف خارجا كي يبلغه ان اقتربت اي سيارة مريبة .. لذا .. استجمعت شجاعتها وقالت :- وكيف اهرب بدون وسيلة نقل ؟ .. اريد فقط الذهاب الى الحمام .. هل لك ان تدلني عليه ؟
عبس وقد ارتسم الشك في عينيه لوهلة :- ثم ما لبث ان قال :- اتبعيني .. واياك وممارسة الخدع .. ستجدينني في انتظارك خارج الباب
اومات براسها موافقة .. وتبعته حتى باب ضيق تفوح منه الروائح الكريهة .. فتح الباب وانار المكان .. ثم افسح لها الطريق
تقدمت بحذر وعقلها يعمل بسرعة .. لم تكن جاهلة لمكان الحمام كما اوهمته .. فقد سبق واخذها عماد اليه قبل ساعات .. وقد رسمت خطتها منذ ذلك الحين في انتظار ان تتاح لها الفرصة للقيام بها .. وها قد حانت اخيرا .. فور ان خطت داخل الحمام .. اطلقت صرخة ذعر مدوية .. اسرع على اثرها يلحق بها قائلا :- ما الامر ؟
اشارت مرتجفة نحو الزاوية وهي تصيح بهستيريا :- فار .. لقد رايت فارا .. انا متاكدة من هذا
بدا عليه الحنق لحماقتها فصاح :- ما الذي سيفعله فار صغير ؟
هزت راسها بجنون :- ارجوك اخرجه .. لن استطيع استخدام الحمام وهو موجود
شتم بعنف وصاح :- تبا للنساء
بالرغم منه .. جذبه وجهها الجميل .. وعينيها الخائفتين .. فقال بمكر :- ما الذي ستمنحينه لي بالمقابل يا عزيزتي ؟.
ارتجفت امتعاضا من معنى نظراته .. وكادت الرائحة التي شمتها سابقا والتي كانت في هذه اللحظة تفوح من فمه تغثيها .. الا انها اجبرت نفسها على الهمس :- اي شيء .. فقط اخرجه من هنا
تفوه ببعض الكلمات المتذمرة وهو يخطو الى الداخل .. ويتوجه الى حيث اشارت بينما تراجعت هي الى الخارج ببطء .. ثم همست لنفسها :- الان
اقفلت الباب بسرعة ودست المفتاح الذي سرقته في لحظة سابقة في القفل ..وادارته في نفس اللحظة التي امسك فيها بمقبض الباب محاولا منعها من تنفيذ مخططها الذي اكتشفه متاخرا
هوت قبضتاه على الباب بطرقات عنيفة .. ودوت صرخاته الغاضبة في المكان .. واذ بعماد يظهر امامها مذهولا ويقول :- ما الامر؟
اسرعت اليه تقول بلهفة :- لا وقت لدينا .. يجب ان نخرج من هنا فورا
نظر الى باب الحمام المقفل والذي يكاد يتحطم من وقع ضربات ماجد وصاح بها مذعورا :- هل جننت يا سلام ؟
قالت بنفاذ صبر :- هذا هو الحل الوحيد .. ما كان ليسمح لنا بالهرب .. كان سيقتل ذلك الرجل .. وربما يقتلني ويقتلك انت ايضا .. سنستقل سيارتك ونخرج من هنا
قال بعجز :- لا نستطيع .. مفاتيح السيارة بحوزة ماجد .. لقد عرف بانني ساحاول اخراجك .. فاحتفظ بها مع مفاتيحه
كادت تضرب ابن خالتها لقلة حيلته .. فصاحت بغضب :- لا يهم .. سنهرب من هنا سيرا على الاقدام
استحالت الضربات على الباب الى محاولات يائسة ومجنونة لتحطيمه .. فهتف عماد بذعر :- لن ننجح بالهرب.. سرعان ما سيحطم الباب ويلحق بنا .. وسيقتلنا بالتاكيد .. انت لا تعرفينه ..انه ….
بتر عبارته .. وانهار على الارض فاقد الوعي .. بينما ظهر خلفه الرجل المريض مستندا الى الجدار وفي يده قطعة خشب ثقيلة
صرخت به :- ما الذي فعلته ؟
اسرعت تركع الى جوار عماد لتفحص مكان اصابته وتتاكد من نبضه .. قال الرجل بصرامة :- لن يموت .. ولكنه هكذا لن يعيق طريقنا
رفعت راسها وقالت بغضب :- لن اتركه ورائي
:- لن يصيبه مكروه .. فعندما يخرج ذلك الوحش ويجده فاقدا للوعي .. لن يشك في ولاءه.. بعكسه انت التي ستنالين القسم الاكبر من عقابه
ادركت بانه محق .. القت نظرة سريعة على عماد .. ووقفت قائلة بحسم :- لنذهب من هنا
اعتدل بصعوبة واضحة .. مما جعله يلهث بارهاق .. فشكت سلام بقدرته على الهرب .. ومع هذا .. لم تساعده في البداية حتى خرجا من البيت
كانت السماء سوداء مظلمة .. لا ينيرها الا النجوم الساطعة والقمر المستدير .. اشارت الى الطريق قائلة :- من هنا .. سنكون محظوظين ان مرت بنا اي سيارة في هذا المكان النائي .. وفي هذا الوقت المتاخر
ترنح .. وكاد يسقط لو لم تمسك به بسرعة .. قالت بشفقة :- هل ستتمكن من السير ؟
كان وجهه شاحبا .. وانفاسه متقطعة وهو يقول:- ارجوك .. لنبتعد من هنا
ساعدته على السير بسرعة بعيدا عن المكان .. وهي تقول :- لن يستغرق ماجد وقتا طويلا حتى يحطم الباب
:- سنكون قد ابتعدنا بما يكفي .. او وجدنا سيارة تحملنا بعيدا
قدرت مشاعره ولهفته للفرار .. لابد انه قد عانى كثيرا خلال الايام الاخيرة .. وجدت نفسها تقول :- لماذا يكرهك ماجد الى هذا الحد ؟
ظنت انه لن يمنحها جوابا .. ولكنه قال بعد مرور دقيقة كاملة :- اخوه كان عاملا لدي .. طردته منذ شهرين لقلة امانته .. وعندما استدرجني هو ورفيقك وقاما باختطافي .. اخبرني بان اخاه قد قتل نفسه عندما رفض الاخرين توظيفه .. وتركته زوجته لعدم قدرته على اعالتها
تمتمت متاثرة :- لا عجب انه يتمنى موتك
رمقها من علو بقسوة وقال :- لا عجب ان تدافعي عنه فانت شريكته
تنهدت وهي تحاول اسناده وحثه على السير السريع .. اذ لم يكن خفيف الوزن وقالت :- انت مصر على توريطي معه مهما حاولت الانكار .. صحيح ؟
خذلته ساقاه مجددا للحظة .. ولكنه تماسك وعاد يمشي بمساعدتها .. ثم سالها فجاة :- ما علاقتك بصديقه الجبان ؟
قالت بحدة :- لا تنعته بالجبان .. انه خائف من بطش ماجد فحسب ..
اصدر صوتا دل على عدم تصديقه وقال ساخرا :- بالتاكيد .. لو لم يكن هو عامل النجاح الرئيسي لخطة ماجد لصدقتك .. لقد استعمل اسلوبا خبيثا للغاية في استدراجي
قالت باصرار :- عماد شاب طيب .. انه ضعيف الشخصية فحسب .. وهذا طبيعي لصبي ترعرع بلا اب
قال متهكما :- ستسيل دموعي في اي لحظة
رفعت راسها غاضبة .. وصاحت به :- الاثرياء امثالك ممن عاشوا حياة مثالية لن يفهموا ابدا كيف لصبي صغير عاش مع امه واخته بلا رجل يحميهم ان يعاني .. لقد استغل ماجد ضعفه هذا وقلة ثقته بنفسه في تنفيذ اغراضه .. يجب ان تفهم بان عماد هو ضحية مثلك تماما
بعد لحظة صمت .. قال :- هو اخوك اذن
صوته كان اشد ضعفا هذه المرة .. نظرت اليه لتجد العرق يتصبب من جبينه كما من جسده .. سالته بقلق :- هل انت بخير ؟
انهار هذه المرة على ركبتيه .. ومع هذا قال باصرار :- ساعديني على النهوض
لاحظت بان الضمادة قد اغرقت بالدماء .. فقالت بذعر :- انت تنزف مجددا
صاح بغضب :- ساعديني كي اقف
رضخت له . فوضع معظم ثقله على كتفها قائلا بضعف :- لنكمل السير
احست بنفسها تكاد تبكي من الخوف والياس .. اذ تبدو حالته شديدة السوء وقد تسارعت انفاسه وكانه يجد صعوبة في التقاطها .. ومع هذا .. يرفض التوقف
سارا لعدة امتار اخرى قبل ان ينهار مجددا .. فجرته نحو جانب الطريق .. ومددته على ظهره .. ففتح عينيه لينظر اليها من بين رموشه الكثيفة وقال :- اكملي طريقك .. لينجو احدنا على الاقل
هزت راسها قائلة :- لن اتركك .. لقد اقسمت على الا اتخلى عنك منذ رايتك ممددا فوق ذلك السرير والدماء تغطيك .. لن اسمح لماجد باذيتك
سقط ضوء القمر على وجهه الوسيم .. واظهر لمعان عينيه وهو ينظر اليها قائلا بضعف :- كما ظننت تماما .. لك وجه ملاك .. وقوة لبوة .. ساكون راضيا تماما ان مت بين ذراعيك
سالت دموعها على وجنتيها وهي تقول بشجاعة زائفة :- لا تكن سخيفا .. امثالك لا يموتون بسهولة .. ليس قبل استرداد ديونهم .. ام انك نسيت توعدك لي .. انا فتاة سيئة .. وقد شاركت باختطافك .. وسادفع الثمن غاليا
ابتسم بارهاق .. فبدا وجهه مضيئا ورائع الجمال وهو يهمس :- لم انس .. ولن انسى ما حييت
اغمض عينيه .. فمالت مذعورة تتحسس نبضه . وعندما اطمانت عليه قال :- لا تخف .. ساتي لك بالنجدة
ما ان وقفت حتى لمع ضوء سيارة قادمة من بعيد .. فاسرعت تلوح لها بلهفة وبدون تفكير .. وتصرخ :- النجدة .. توقف ارجوك
توقفت السيارة فورا الى جانب الطريق .. وخرج منها سائقها الضخم فتعرفت عليه على الفور .. وقبل ان تصرخ او تحاول الفرار .. كان قد امسك بها بقوة صارخا بغضب اعمى :- ايتها الساقطة الصغيرة .. الى اي حد ظننت نفسك ستبتعدين برفقة رجل مصاب
حاولت التخلص منه .. الا انه عاجلها بصفعة اسقطتها ارضا وهو يقول :- ذلك الفتى عماد لا ينفع لشيء ..كان علي ان اعرف بانه عديم الفائدة
صاحت بقلق رغم خوفها :- هل هو بخير ؟
ضحك ساخرا :- الاحمق ما يزال فاقد الوعي على الارض .. مما اجل عقابه قليلا .. اما انت .. فستدفعين ثمن خبثك وجراتك غاليا .. كان علي ان اعرف بان امراة جميلة مثلك لا يمكن ان يؤمن جانبها
نظر الى الجسد المكوم على الارض واشتد غضبه وهو يقول :- اما ذلك الحقير .. فساتاكد بانه لن يتمكن من الهرب مجددا
زحفت نحو رفيقها وهي تقول باكية :- ارجوك لا تؤذه .. انه مريض جدا .. وبحاجة الى المساعدة
:- هذه المرة ساقتله بيدي العاريتين
ما ان وصلت اليه .. حتى انحنت تفحصه بقلق اذ لاحظت انه لا يتحرك .. ثم اجهشت بالبكاء وهي تنظر الى ماجد صارخة :- لن تضطر الى فعل هذا .. فقد مات المسكين متاثرا بجراحه .. مات
ومن بعيد .. سمعت سلام عواء ذئب وحيد بدا وكانه ينعي حياة شابة عاشت وماتت فجاة دون ذنب حقيقي
ولم تعرف سلام لماذا احست بان حياتها ابدا لن تعود كالسابق مجددا
انكبت على العناية به .. بمسح جسده بالكمادات الباردة .. ومساعدته على شرب الادوية .. في كل مرة كانت تحيط كتفيه بذراعها لتساعده على الجلوس ليحتسي كوب الماء .. كانت الاحاسيس الغريبة تتخبط داخلها بعنف .. فتعيده الى
مكانه وتبتعد عنه محاولة السيطرة على رجفتها
غفت اثناء مراقبتها له .. فوق المقعد الذي وفره لها عماد .. ولم تعرف كم مر من الوقت حتى افاقت من جديد تحت الحاح احساس غريب بالقلق ..
كانت وحيدة في الغرفة المضاءة بمصباح سقف اصفر شاحب .. ومريضها كان نائما .. اليس كذلك ؟ .. لقد توهمت للحظة بانها ترى عينيه تنظران اليها باصرار .. ولكن عندما اقتربت .. اختفت شكوكها اذ كان نائما بعمق
اتجهت الى الطاولة الصغيرة التي وضعها عماد في خدمتها .. وصبت لنفسها كوب ماء ترطب به حلقها .. ثم مررت يديها فوق ذراعيها محاولة بث الدفء داخلها .. في هذا المكان البارد كالقبر
بحثت بين الادوية محاولة ان تتذكر متى اخر مرة اعطته فيها جرعته .. واذ بذراع قوية تحيط بخصرها .. ويد اخرى تكتم شهقتها التي كادت تفلت من بين شفتيها
تخبطت بذعر محاولة الهرب من مهاجمها .. ولكنه كان اقوى منها .. ادارها .. والصق ظهرها بالجدار .. فواجهت عيناها عينين خضراوين شاحبتين تعرفهما جيدا .. قال بصوت منخفض ناقض عنفه معها :- هل ستهدئين ان رفعت يدي عن فمك ؟
هزت راسها بقوة .. وعندما حرر فمها سالته بسرعة :- كيف نهضت ؟ لقد كنت نائما منذ لحظات
صحح لها متهكما :- انت من كان نائما يا عزيزتي .. وقد قضيت وقتا ممتعا في مراقبة وجهك الملائكي الذي يخفي مجرمة مثلك
احمر وجهها خجلا من فكرة نظره اليها اثناء نومها .. ثم غضبا لظنه السيء بها .. ولكن شحوب وجهه .. وانفاسه السريعة .. ذكراها بضعفه فقالت بقلق :- ما كان عليك النهوض .. انت متعب
قال بغلظة :- انا بخير .. وانت ستتوقفين عن اداء دور ملاك الرحمة .. وستخرجينني من هنا
قالت بعجز :- لا استطيع
امسك وجنتيها بين اصابعه بقسوة .. وقال بغضب جمد الدماء في عروقها :- ان رغبت بالحفاظ على جمال وجهك هذا .. ستساعدينني في الهاء شركاءك والخروج من هذا المكان
تلاحقت انفاسها وهي تشعر بجسده الطويل الصلب يحاصرها .. ما الذي اصابها ؟ لماذا ترتجف اطرافها ويتشوش تفكيرها مع كل نظرة تقع منها على فمه .. اشاحت بوجهها عنه قائلة :- انا محتجزة هنا مثلك .. وخروجي لا يقل صعوبة عن خروجك
صاح بغضب :- انت كاذبة .. لقد سمعتك تتحدثين الى احدهما بود قبل ساعات .. انت شريكتهما والا ما خاطر ماجد باحضارك
ترنح فجاة .. وتركها مضطرا اذ اختل توازنه بفعل دوار مفاجئ .. فراقبته قائلة بتوتر :- ما زلت مريضا .. لن تقوى على الهرب
جلس على طرف السرير ممسكا راسه بكلتي يديه قائلا بتعب :- لا .. لن انتظر اكثر
ادركت بانه يبذل جهدا خرافيا ليتماسك .. و وافقته بان هروبه الان ضروري قبل ان يسوء حاله اكثر .. قالت فجاة :- ساساعدك بشرط واحد
رفع راسه اليها بعينين مشوشتين .. فاكملت بحزم :- ان تنسى ما حدث فور خروجك من هنا .. وتتابع حياتك وكان شيئا لم يكن
صمت للحظات قبل ان يقول بجفاف ك- هل تحاولين حماية ماجد ؟
اسرعت تقول :- ماجد لا يهمني .. فليذهب الى الجحيم
:- اذن .. هو ذلك المراهق النحيل والمتردد .. اللعين كان هو من استدرجني الى فخ ماجد
احست بطعنة الم لمعرفتها بدور عماد في العملية .. ومع هذا قالت بحزم :- عدني بانك لن تتطرق اليه مع الشرطة .. وساخرجك من هنا حتى لو كانت حياتي هي الثمن
تاملها للحظات .. من قمة شعرها الطويل المشعث .. الى قوامها الجميل الواقف امامه باباء .. فسالها بوقاحة :- هل هو حبيبك ؟ انه اضعف من ان يرضي امراة قوية وشرسة مثلك
صاحت بغضب :- اخرس عليك اللعنة .. عماد مجرد شاب بريء ابتزه ماجد واستغله .. لم اسمح لك او لماجد بتدمير مستقبله
اخذ نفسا عميقا وهو يمسك بجرحه المضمد ويقول :- اخرجيني من هنا وسنتحدث
ولكنها اصرت بصرامة :- عدني اولا
تقلصت ملامحه الما فاحست بالشفقة نحوه ولكنها لم تلن .. واذ به يصيح بغضب :- حسنا اعدك
امسك باحد اعمدة السرير المعدنية .. ونهض ليمنح كلامه تاثيرا بطوله المديد وقامته الضخمة .. وقال بوحشية :- ولكنك لن تفلتي بنفس البساطة .. اعدك بهذا .. ستدفعين ثمن ما فعلته غاليا
نظرت اليه باستنكار .. ما الذي فعلته اكثر من العناية بهذا الجاحد المجنون ؟ .. الا انها قالت بحسم :- ابقى هادئا .. ومن الافضل ان تعود الى فراشك كي لا تثير الشكوك
:- وكيف اثق بك ؟
قالت بنفاذ صبر :- ليس لديك خيار اخر
تركته وخرجت من الغرفة مقفلة الباب ورائها .. كان الرواق مظلما للغاية وعفن الرائحة .. مع هذا .. مشت متلمسة طريقها بحذر محاولة ايجاد طريق للخروج
فتحت اول باب تصادفه بهدوء شديد .. لتجد غرفة لا تقل ضيقا وقذارة عن تلك التي سجنت مريضها .. الضوء الاصفر الشاحب لمصباح السقف كان ضعيفا ومتقطعا .. الا انه كان كافيا ليسمح لها برؤية الاثاث الرث والملابس المرمية بفوضوية هنا وهناك .. كان هناك طاولة خشبية علتها زجاجة امتلات حتى النصف بسائل غريب .. لم تر في حياتها كحولا .. ولكنها عرفت بان محتوى الزجاجة كان سائلا مسكرا .. وعرفت بان الرائحة الغريبة التي انتشرت في المكان كانت عائدة اليه .. لمحت جسما معدنيا صغيرا مرميا باهمال الى جانب الزجاجة .. فاقتربت بتردد وامسكته بيد مرتعشة .. لقد كان مسدسا … ثقله بين اصابعها منحها احساسا غريبا بالخوف .. فكرة ان هذا الشيء المعدني قادر بسهولة على انهاء حياة انسان اذعرتها .. خاصة عندما فكرت بامكانية استعماله ضد ماجد لتتمكن هي وعماد والمريض السجين من الهرب بسلام .. عرفت بانها حتى لو حاولت فانها لن تنجح .. لا يمكنها ان تنهي حياة انسان مهما كان سيئا .. هي فقط ليست من هذا النوع .. ولا تمتلك ما يكفي من الشجاعة لتفعلها .. فكرت بسرعة .. ثم اقتربت من النافذة المسيجة بقضبان معدنية قاسية .. ومدت يدها عبرها لترميها خارجا دون تردد
ان كانت لن تتمكن من استعماله ضد غريمها .. فهي لن تسمح له باستعماله هو الاخر .. خرجت من الغرفة بنفس الهدوء واقفلت الباب ورائها .. فشهقت بقوة عندما امسك احدهم بمعصمها .. وجذبها ليديرها الى الجهة الاخرى .. وجدت نفسها مواجهة لماجد الذي صاح بغضب :- الى اين تظنين نفسك ذاهبة ؟
كادت تفقد وعيها من شدة الخوف .. فنظرات ماجد لم تكن لطيفة ابدا .. بل وقحة وجائعة وهي تمشط جسدها بنهم .. همست بصوت مرتجف :- لقد .. لقد كنت ابحث عن الحمام
:- الحمام .. ام باب الخروج
دعت الله ان ياتي عماد في هذه اللحظة .. وهي تعرف بان ماجد قد امره بالوقوف خارجا كي يبلغه ان اقتربت اي سيارة مريبة .. لذا .. استجمعت شجاعتها وقالت :- وكيف اهرب بدون وسيلة نقل ؟ .. اريد فقط الذهاب الى الحمام .. هل لك ان تدلني عليه ؟
عبس وقد ارتسم الشك في عينيه لوهلة :- ثم ما لبث ان قال :- اتبعيني .. واياك وممارسة الخدع .. ستجدينني في انتظارك خارج الباب
اومات براسها موافقة .. وتبعته حتى باب ضيق تفوح منه الروائح الكريهة .. فتح الباب وانار المكان .. ثم افسح لها الطريق
تقدمت بحذر وعقلها يعمل بسرعة .. لم تكن جاهلة لمكان الحمام كما اوهمته .. فقد سبق واخذها عماد اليه قبل ساعات .. وقد رسمت خطتها منذ ذلك الحين في انتظار ان تتاح لها الفرصة للقيام بها .. وها قد حانت اخيرا .. فور ان خطت داخل الحمام .. اطلقت صرخة ذعر مدوية .. اسرع على اثرها يلحق بها قائلا :- ما الامر ؟
اشارت مرتجفة نحو الزاوية وهي تصيح بهستيريا :- فار .. لقد رايت فارا .. انا متاكدة من هذا
بدا عليه الحنق لحماقتها فصاح :- ما الذي سيفعله فار صغير ؟
هزت راسها بجنون :- ارجوك اخرجه .. لن استطيع استخدام الحمام وهو موجود
شتم بعنف وصاح :- تبا للنساء
بالرغم منه .. جذبه وجهها الجميل .. وعينيها الخائفتين .. فقال بمكر :- ما الذي ستمنحينه لي بالمقابل يا عزيزتي ؟.
ارتجفت امتعاضا من معنى نظراته .. وكادت الرائحة التي شمتها سابقا والتي كانت في هذه اللحظة تفوح من فمه تغثيها .. الا انها اجبرت نفسها على الهمس :- اي شيء .. فقط اخرجه من هنا
تفوه ببعض الكلمات المتذمرة وهو يخطو الى الداخل .. ويتوجه الى حيث اشارت بينما تراجعت هي الى الخارج ببطء .. ثم همست لنفسها :- الان
اقفلت الباب بسرعة ودست المفتاح الذي سرقته في لحظة سابقة في القفل ..وادارته في نفس اللحظة التي امسك فيها بمقبض الباب محاولا منعها من تنفيذ مخططها الذي اكتشفه متاخرا
هوت قبضتاه على الباب بطرقات عنيفة .. ودوت صرخاته الغاضبة في المكان .. واذ بعماد يظهر امامها مذهولا ويقول :- ما الامر؟
اسرعت اليه تقول بلهفة :- لا وقت لدينا .. يجب ان نخرج من هنا فورا
نظر الى باب الحمام المقفل والذي يكاد يتحطم من وقع ضربات ماجد وصاح بها مذعورا :- هل جننت يا سلام ؟
قالت بنفاذ صبر :- هذا هو الحل الوحيد .. ما كان ليسمح لنا بالهرب .. كان سيقتل ذلك الرجل .. وربما يقتلني ويقتلك انت ايضا .. سنستقل سيارتك ونخرج من هنا
قال بعجز :- لا نستطيع .. مفاتيح السيارة بحوزة ماجد .. لقد عرف بانني ساحاول اخراجك .. فاحتفظ بها مع مفاتيحه
كادت تضرب ابن خالتها لقلة حيلته .. فصاحت بغضب :- لا يهم .. سنهرب من هنا سيرا على الاقدام
استحالت الضربات على الباب الى محاولات يائسة ومجنونة لتحطيمه .. فهتف عماد بذعر :- لن ننجح بالهرب.. سرعان ما سيحطم الباب ويلحق بنا .. وسيقتلنا بالتاكيد .. انت لا تعرفينه ..انه ….
بتر عبارته .. وانهار على الارض فاقد الوعي .. بينما ظهر خلفه الرجل المريض مستندا الى الجدار وفي يده قطعة خشب ثقيلة
صرخت به :- ما الذي فعلته ؟
اسرعت تركع الى جوار عماد لتفحص مكان اصابته وتتاكد من نبضه .. قال الرجل بصرامة :- لن يموت .. ولكنه هكذا لن يعيق طريقنا
رفعت راسها وقالت بغضب :- لن اتركه ورائي
:- لن يصيبه مكروه .. فعندما يخرج ذلك الوحش ويجده فاقدا للوعي .. لن يشك في ولاءه.. بعكسه انت التي ستنالين القسم الاكبر من عقابه
ادركت بانه محق .. القت نظرة سريعة على عماد .. ووقفت قائلة بحسم :- لنذهب من هنا
اعتدل بصعوبة واضحة .. مما جعله يلهث بارهاق .. فشكت سلام بقدرته على الهرب .. ومع هذا .. لم تساعده في البداية حتى خرجا من البيت
كانت السماء سوداء مظلمة .. لا ينيرها الا النجوم الساطعة والقمر المستدير .. اشارت الى الطريق قائلة :- من هنا .. سنكون محظوظين ان مرت بنا اي سيارة في هذا المكان النائي .. وفي هذا الوقت المتاخر
ترنح .. وكاد يسقط لو لم تمسك به بسرعة .. قالت بشفقة :- هل ستتمكن من السير ؟
كان وجهه شاحبا .. وانفاسه متقطعة وهو يقول:- ارجوك .. لنبتعد من هنا
ساعدته على السير بسرعة بعيدا عن المكان .. وهي تقول :- لن يستغرق ماجد وقتا طويلا حتى يحطم الباب
:- سنكون قد ابتعدنا بما يكفي .. او وجدنا سيارة تحملنا بعيدا
قدرت مشاعره ولهفته للفرار .. لابد انه قد عانى كثيرا خلال الايام الاخيرة .. وجدت نفسها تقول :- لماذا يكرهك ماجد الى هذا الحد ؟
ظنت انه لن يمنحها جوابا .. ولكنه قال بعد مرور دقيقة كاملة :- اخوه كان عاملا لدي .. طردته منذ شهرين لقلة امانته .. وعندما استدرجني هو ورفيقك وقاما باختطافي .. اخبرني بان اخاه قد قتل نفسه عندما رفض الاخرين توظيفه .. وتركته زوجته لعدم قدرته على اعالتها
تمتمت متاثرة :- لا عجب انه يتمنى موتك
رمقها من علو بقسوة وقال :- لا عجب ان تدافعي عنه فانت شريكته
تنهدت وهي تحاول اسناده وحثه على السير السريع .. اذ لم يكن خفيف الوزن وقالت :- انت مصر على توريطي معه مهما حاولت الانكار .. صحيح ؟
خذلته ساقاه مجددا للحظة .. ولكنه تماسك وعاد يمشي بمساعدتها .. ثم سالها فجاة :- ما علاقتك بصديقه الجبان ؟
قالت بحدة :- لا تنعته بالجبان .. انه خائف من بطش ماجد فحسب ..
اصدر صوتا دل على عدم تصديقه وقال ساخرا :- بالتاكيد .. لو لم يكن هو عامل النجاح الرئيسي لخطة ماجد لصدقتك .. لقد استعمل اسلوبا خبيثا للغاية في استدراجي
قالت باصرار :- عماد شاب طيب .. انه ضعيف الشخصية فحسب .. وهذا طبيعي لصبي ترعرع بلا اب
قال متهكما :- ستسيل دموعي في اي لحظة
رفعت راسها غاضبة .. وصاحت به :- الاثرياء امثالك ممن عاشوا حياة مثالية لن يفهموا ابدا كيف لصبي صغير عاش مع امه واخته بلا رجل يحميهم ان يعاني .. لقد استغل ماجد ضعفه هذا وقلة ثقته بنفسه في تنفيذ اغراضه .. يجب ان تفهم بان عماد هو ضحية مثلك تماما
بعد لحظة صمت .. قال :- هو اخوك اذن
صوته كان اشد ضعفا هذه المرة .. نظرت اليه لتجد العرق يتصبب من جبينه كما من جسده .. سالته بقلق :- هل انت بخير ؟
انهار هذه المرة على ركبتيه .. ومع هذا قال باصرار :- ساعديني على النهوض
لاحظت بان الضمادة قد اغرقت بالدماء .. فقالت بذعر :- انت تنزف مجددا
صاح بغضب :- ساعديني كي اقف
رضخت له . فوضع معظم ثقله على كتفها قائلا بضعف :- لنكمل السير
احست بنفسها تكاد تبكي من الخوف والياس .. اذ تبدو حالته شديدة السوء وقد تسارعت انفاسه وكانه يجد صعوبة في التقاطها .. ومع هذا .. يرفض التوقف
سارا لعدة امتار اخرى قبل ان ينهار مجددا .. فجرته نحو جانب الطريق .. ومددته على ظهره .. ففتح عينيه لينظر اليها من بين رموشه الكثيفة وقال :- اكملي طريقك .. لينجو احدنا على الاقل
هزت راسها قائلة :- لن اتركك .. لقد اقسمت على الا اتخلى عنك منذ رايتك ممددا فوق ذلك السرير والدماء تغطيك .. لن اسمح لماجد باذيتك
سقط ضوء القمر على وجهه الوسيم .. واظهر لمعان عينيه وهو ينظر اليها قائلا بضعف :- كما ظننت تماما .. لك وجه ملاك .. وقوة لبوة .. ساكون راضيا تماما ان مت بين ذراعيك
سالت دموعها على وجنتيها وهي تقول بشجاعة زائفة :- لا تكن سخيفا .. امثالك لا يموتون بسهولة .. ليس قبل استرداد ديونهم .. ام انك نسيت توعدك لي .. انا فتاة سيئة .. وقد شاركت باختطافك .. وسادفع الثمن غاليا
ابتسم بارهاق .. فبدا وجهه مضيئا ورائع الجمال وهو يهمس :- لم انس .. ولن انسى ما حييت
اغمض عينيه .. فمالت مذعورة تتحسس نبضه . وعندما اطمانت عليه قال :- لا تخف .. ساتي لك بالنجدة
ما ان وقفت حتى لمع ضوء سيارة قادمة من بعيد .. فاسرعت تلوح لها بلهفة وبدون تفكير .. وتصرخ :- النجدة .. توقف ارجوك
توقفت السيارة فورا الى جانب الطريق .. وخرج منها سائقها الضخم فتعرفت عليه على الفور .. وقبل ان تصرخ او تحاول الفرار .. كان قد امسك بها بقوة صارخا بغضب اعمى :- ايتها الساقطة الصغيرة .. الى اي حد ظننت نفسك ستبتعدين برفقة رجل مصاب
حاولت التخلص منه .. الا انه عاجلها بصفعة اسقطتها ارضا وهو يقول :- ذلك الفتى عماد لا ينفع لشيء ..كان علي ان اعرف بانه عديم الفائدة
صاحت بقلق رغم خوفها :- هل هو بخير ؟
ضحك ساخرا :- الاحمق ما يزال فاقد الوعي على الارض .. مما اجل عقابه قليلا .. اما انت .. فستدفعين ثمن خبثك وجراتك غاليا .. كان علي ان اعرف بان امراة جميلة مثلك لا يمكن ان يؤمن جانبها
نظر الى الجسد المكوم على الارض واشتد غضبه وهو يقول :- اما ذلك الحقير .. فساتاكد بانه لن يتمكن من الهرب مجددا
زحفت نحو رفيقها وهي تقول باكية :- ارجوك لا تؤذه .. انه مريض جدا .. وبحاجة الى المساعدة
:- هذه المرة ساقتله بيدي العاريتين
ما ان وصلت اليه .. حتى انحنت تفحصه بقلق اذ لاحظت انه لا يتحرك .. ثم اجهشت بالبكاء وهي تنظر الى ماجد صارخة :- لن تضطر الى فعل هذا .. فقد مات المسكين متاثرا بجراحه .. مات
ومن بعيد .. سمعت سلام عواء ذئب وحيد بدا وكانه ينعي حياة شابة عاشت وماتت فجاة دون ذنب حقيقي
ولم تعرف سلام لماذا احست بان حياتها ابدا لن تعود كالسابق مجددا
- رواية الفرصة الاخيرة blue me
- رواية الفرصة الأخيرة للكاتبة blue me
- رواية الفرصة الاخيرة blue me pdf
- روايات blue me
- روايات الكاتبة blue me
- روايات بلو مى
- كل روايات blue me
- الفرصة الاخيرة بلو مي
- روايات بلو مي
- جديد بلو مي