– نظمت حياتى يا دان .وانت لست جزءا منها .
سالها بابتسامة صغيرة :
– هل انت متاكدة ؟
– يجب ان اعيش حياتى وهى لا تتفق مع حياتك .
اخذ يضحك
صاحت فى غضب :
– لا تضحك ! لماذا ؟ لماذا تتبعنى وانت تعرفنى بصعوبة ؟
المقدمة
حب ام شفقة سؤال عذب كاسى طويلا وكاد يفقدها الحب الكبير
الذى تحلم به .
كانت تعلم بان هناك فرقا كبيرا بين الحقيقة والاحلام . وبان الاحلام
نادرا ما تتحقق ولكن ستثبت لها الحياة انها عادلة . وان لكل انسان
فرصة ذهبية للسعادة يجب ان يغتنمها والا فلن يكون هناك مجال
للندم .
الفصل الاول
هناك من يبكى .
كان الصوت واضحا تماما حتى ظنت كاسى فى البداية انها تحلم . هل هناك شخص ما
؟ هل هذا صوتها ؟ لكنه صوت مختنق بشكل غريب . ازداد سيل الدموع ، وجاهدت
كاسى حتى تستعيد صفاء ذهنها . حل الفزع مكان الفضول عندما تحققت ان الدموع
تسيل من عينيها .
وضعت يدها على وجهه . لم يكن تشعر بالالم فمها جاف . ولسانها ملتصق فى
حلقها . حاولت ان تدير راسها لكن بدت لها هذه الحركة مستحيلة . لماذا لا
تستطيع ان ترى بينما هى مستيقظة ؟
سالت بعناء حيث خرجت الكلمات من فمها بصعوبة :
– هل عيناى مفتوحتان ؟ انا لا ارى شيئا !
تملكها الخوف . ثم تحول خوفها الى رعب شديد .
امرها صوت رجل :
– صه لا تتحركى .لا تفزعى . اذا كنت ترين ظلاما . فذلك لانك معصوبة العينين .
جنبها الصوت المطمئن الا تستسلم لصدمة عصبية .
– انت فى المستشفى . كل شئ بخير .
– لكنى لا ارى شيئا .
قال الطبيب انه سيخلصك من هذه الاربطة قريبا .انت مصابة بارتجاج فى المخ
ولا يجب ان تحركى راسك . ولا ذراعيك ايضا . انت تتعرضين لحقن متواصل .
ثم امسكت يديها يد مجهولة :
– لماذا ؟ ما هذا ؟
– لقد تعرضت لحادث . سيكون الطبيب هنا حالا . سيطمئنك على حالة جروحك . لا تقلقى .
ابتعد الصوت :
– لا تتركنى .
حاولت السيدة الشابة ان ترفع ذراعها لكنه اجبرها على ان تخفضها :
– لن اتركك . انظرى . انى ممسك يدك . وهكذا تعرفين اننى بجانبك .
– اوه ! تذكرت لقد كنت فى الشارع الضباب .
– لا تفكرى فى شئ الان .
لقد استعادت ذاكرتها انها تسمع صوتها يصرخ فى اذنيها . وهذه الضوضاء للزجاج المحطم . اقمشة تتمزق وفجاة ثقب اسود :
– يا الهى هل هناك وفيات .
انتهت كلماتها ببكاء جديد
– لا ليس هناك وفيات
كان صوت الرجل هادئا وعذبا . شعرت به يمسح انفها
اضاف بلمحة سخرية :
– انى امنعك من البكاء حتى تستطيعى مسح انفك بنفسك .
– انى عطشى .
– ساحضر لك الماء . هل ستخافين اذا تركتك لحظة ؟
امسكت يدها ذراع الرجل الغريب:
– لا ترحل
– لن اغيب وقتا طويلا . الوقت الذى تعدين فيه حتى عشرين .اعدك بذلك .
تركت ذراعه . اطرقت كاسى منتظرة ان يفتح الباب لكن لم تسمع شيئا لابد ان
الباب قد فتح . واحد . اثنان . ثلاثة . اربعة . خمسة . ثم جاءها صوت قاس .
نسيت ان تكمل العد .
سالت الممرضة فى عصبية :
– لماذا تركتها بمفردها بحق السماء ؟
– اسف . كانت عطشى .
– يجب ان تشرب بالتقطير .
– ساهتم بذلك بينما تستدعين الطبيب يا سيدتى .
تبعت كلماته فترة صمت . ثم شعرت كاسى من جديد بيد الرجل الغريب على ذراعها :
– كاسندرا ؟
– كاسى . الجميع يدعوننى كاسى .
– حسن جدا . كاسى تستطيعين ان تشربى . ساعطيك الماء بينما تستدعى الممرضة
الطبيب . ساضع الانبوبة فى فمك . خذى جرعة وراقبى اذا كنت تستطعين البلع .
احتفظ الرجل بصوته الهادئ . كان الماء باردا ولكن كان على كاسى ان تبذل
جهدا كبرا لكى تستطيع البلع . نزع من فمها الانبوبة .لعقت شفتيها :
– هل تريدين امتصاص قطعة ثلج ؟
همست مجهدة :
– نعم من فضلك .
– احترسى حتى لا تبتلعيها .
فتحت فمها قليلا .ووضع قطعة الثلج فى فمها . شعرت بالرطوبة فى فمها :
– هل انت طبيب
– لا انا دان ماردوك .
شعرت كاسى بخيبة امل عندما سمعت هذه الاجابة . جاءها صوت غريب اخر :
– صباح الخير يا انسة فارو . انا الدكتور ماسترس .
صاحت كاسى :
– ارجوك .انزع هذا الرباط من فوق عينى .
اجاب الطبيب بهدوء :
– ليس قبل غد . هناك قطع على جبينك . وجفناك متورمان . لا بد ان تبقى ممددة اربعا وعشرين ساعة . ساعطيك شيئا لتنامى .
– لا ! ماذا بى ؟ يداى ايضا مربوطتان .ولا اشعر بساقى يا الهى ! هل ما زال لى ساقان ؟
كان الفزع يملا صوتها :
– بالتاكيد . لا تقلقى ، انت بخير .
– اود ان اصدقك . اين الرجل ؟ اين انت ؟
– انا هنا يا كاسى
جاءها الصوت من الجانب الاخر من السرير . امسكت ذراعه .
– الطبيب يقول الحقيقة . كانت جراحك كثيرة . ولكن ساقيك موجودتان .
سالها الطبيب :
– هل تتالمين .
قالت فى توسل والدموع فى صوتها :
– لا .انى اشعر بالغثيان ، اريد ان ارى وجهى .
قال دان :
– اخبرها اذن يا دكتور ، من حقها ان تعرف .
دمعت عينا كاسى من جديد
**********************
- رواية عيناك لا تكذبان