افضل مواضيع جميلة بالصور

محظورات العمل في البنوك

 

طرحت صفحة “الفكر الدينى” خلال الايام الماضية قضية فوائد البنوك ومدى مشروعيتها، والتى بدات بعرض دراسة اكاديمية للدكتورة كوثر الابجى استاذ المحاسبة بجامعة بنى سويف، عرضتها خلال اعمال مؤتمر “الاعجاز العلمى فى القران الكريم” الذى عقد بجامعة بنى سويف الشهر الماضى، وتناولت فيها اثبات الاعجاز التشريعى فى تحريم الربا وفوائد البنوك.
القضية دفعت الزميل عطيه عيسوى الى نشر مقال الاحد الماضى على هذه الصفحة بعنوان “الربا الحقيقى. وجهة نظر اخرى فى فوائد البنوك” طارحا الموضوع للمناقشة.
كما جاء رفض بعض نواب مجلس الشعب الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى لتمويل بعض مشروعات الصرف الصحى والبنية الاساسية فى مصر تحت دعوى انه ربا محرم فى الشريعة الاسلامية ليثير المزيد من الجدل الفقهى حول جواز الاقتراض بفوائد ربوية من الدول والهيئات الخارجية.
ونحن بدورنا نطرح القضية للنقاش مرة اخرى ونبداها بالتعرف على اراء علماء الدين حول الاقتراض من الخارج، ثم ننشر رد الدكتورة كوثر الابجى على الزميل عطية عيسوى:
فى البداية يؤكد علماء الدين ان هناك قاعدة شرعية تدل على ان الضرورات تبيح المحظورات وان الظروف الصعبة التى تمر بها مصر نتيجة الاحداث الجارية اثرت على ميزانية الدولة مما جعلها غير قادرة على حل الكثير من المشكلات الصعبة التى تؤثر على حياة المواطنين، واوضح علماء الدين ان من يفتى بحرمة تلك القروض لا فقه عنده، مطالبين اعضاء مجلس الشعب بضرورة عرض تلك الموضوعات على مجمع البحوث الاسلامية لعرض وجهة النظر الشرعية قبل مناقشتها تحت قبة مجلس الشعب.
ويرى الدكتور حامد ابوطالب عضو مجمع البحوث الاسلامية ان القروض التى تقدمها البنوك المصرية او غير المصرية هى قروض بفوائد وهى ربا حقيقى غير ان مصر اليوم فى حالة ماسة لهذه القروض التى تحصل عليها من صندوق النقد الدولى او من الدول الغربية، لان هذه القروض تستخدمها الحكومة لشراء غلال ومواد اساسية وتنفق فى امور ضرورية للغاية فالضغوط هنا تجعل الحكومة مضطرة للاقتراض، وارى ان قيام الحكومة بالاقتراض تحت تلك الضغوط والحاجة الشديدة لهذه الاموال يعد من باب الضرورات التى تبيح المحظورات، وهذا الموقف يشبه كما لو ان مسلما يحتاج الى مسكن له ولاسرته ولكنه لم يستطع ان يوفر هذا المال الذى يحصل به على مسكن يحقق الامان له ولاسرته فقام بالاقتراض من اجل هذه الحالة الضرورية.
اما الدكتور عبدالفتاح ادريس رئيس قسم الفقة بجامعة الازهر فيقول ان هناك قاعدة شرعية وهى ان الضرورة تبيح ما هو محظور شرعا، ومن الامور التى يعد الانسان فيها فى حالة ضرورة عندما يصل للهلاك او الضرر والمؤكد ان موضوع الصرف الصحى يعد من المشاكل مستعصية الحلا اذا كانت خزينة الدولة تعانى من خلل ولم تمد الدول القادرة يدها بالمعونات لحل هذه المشكلة الا بنوع من الشروط التى تعد كنوع من املاء السياسات التى تجعل ارادة المجتمع مسلوبة بما يشبه الاستعمار الاقتصادى وفرض السياسات باسلوب اقرب ما يكون الى التحكم الخارجى فى ادارة المجتمع.
ويضيف: اذا كانت الشريعة الاسلامية قد بينت ان المحظور يباح فى حالة الضرورة وذلك لقول الله تعالى “قد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه”، فمن المعلوم ان الاستثناء من الحظر اباحة، فما اضطر اليه الانسان يكون مباحا، ولما كانت مشكلة الصرف الصحى فى بعض المناطق تمثل تهديدا للصحة العامة للناس وتنقل الفيروسات التى تنشر مرضى الفشل الكلوى والكبدى وغيرهما من الامراض لسكان تلك المناطق بما يعرضهم للهلاك، فهذه الحالة تبيح مقارفة المحظور وفقا للضوابط الشرعية وتبيح الاقتراض بفائدة، ومن يحرم هذا لا فقه عنده والحق سبحانه وتعالى يقول “فسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون”، فالذين يفتون بالحرمة ليسوا من اهل الذكر ولهذا لا يعتد بقولهم لانهم لا يعلمون عن شرع الله شيئا، كما انهم ابعد الناس عما يعانيه سكان هذه الاحياء التى ابتليت بتلك المشكلة ولو سكن واحد منهم فى تلك المناطق لن يتردد لحظة واحدة فى اباحة الاقتراض حتى لو كان بالربا الفاحش لان حفظ النفس من المقاصد الضرورية.
ومن جانبه يقول الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الاوقاف لشئون الدعوة ان الحكومات السابقة اغرقت مصر فى الديون وبدلا من التركيز على الانتاج والعمل، ركزت الحكومات على الديون الخارجية والداخلية وياليتها استثمرت هذه الاموال، لكنها للاسف نهبتها او على الاقل سمحت بنهبها، حتى بلغ الدين العام الداخلى والخارجى لمصر حسب الخبراء الاقتصاديين – تريليونا وثلاثمائة وثلاثة وستين مليار جنيه بنهاية شهر ديسمبر الماضي، وهذا الدين اصبح يمثل عبئا كبيرا على الحكومة المصرية التى لم يكن امامها فى ظل تباطؤ عجلة الانتاج سوى الاستمرار فى الاستدانة من الداخل والخارج.
ويشير الى ان هذا مسلك خاطئ بالطبع من ناحيتين: الاولى انهم تساهلوا فى طلب الديون بدلا من بذل المزيد من الجهد لتسير عجلة الانتاج فى مسارها الصحيح ونعتمد على سواعدنا، ثانيا انه من المعلوم ان بنك النقد الدولى او حتى الدول التى تقوم بالاقراض لا تفعل هذا لاجل عيون المصريين بل بالتاكيد هناك مصالح، اقلها مصالح مادية واقتصادية، فضلا عن كونها مصالح سياسية. اما مسالة الاقتراض بالربا فهى فى غاية الخطورة، وما من شك فى ان القروض بفائدة حرام، سواء على مستوى الفرد او على مستوى الدولة مهما تضاءلت قيمة الفائدة حتى وان سميت باسماء اخرى مثل مصاريف ادارية وغيرها، فالقروض بفائدة حرام شرعا، لا تبيحها الا الضرورة القصوى (حياة وموت).
وطالب اعضاء مجلس الشعب احالة مثل هذه القضايا الى مجمع البحوث الاسلامية وان يطالبوا بحضور بعض رموزه فى اللجنة الدينية او اقتراح بعض الاسماء المعروفة بخبرتها فى هذا المجال لحضور المناقشات.

السابق
اساليب التربية الحديثة والتربية الايمانية للطفل
التالي
واعتلال العقد