لسؤال: هنالك قصيده نظمها احد الشعراء فالدفاع عن ام المؤمنين عائشه رضى الله عنها ،
ورد فيها: ربما غار ربى فحليلة احمد .
.
وانا على عرض النبى اغار فهل يجوز كهذا الكلام فحق الله عز و جل ؟
وايضا هنالك بعض القصائد فمدح النبى صلى الله عليه و سلم احس انها لا تليق ،
مثلا : ” طيفك يداعب خيالى ” و هي انشودة منتشره فالاسواق ،
فهل يجوز كهذا ؟
.
وبارك الله فيكم .
الحمد لله
اولا:
منهج اهل السنه و الجماعة فباب صفات الله تعالى قائم على امور ،
من اهمها :
1.
انها صفات توقيفيه لا يجوز لاحد ان يثبتها من غير الكتاب و السنه ،
فلا يوصف الله تعالى الا بما وصف فيه نفسة ،
او و صفة فيه رسولة صلى الله عليه و سلم .
2.
ان لها من المعاني ما يليق بجلال الله تعالى و عظمتة ،
فتعلم معانيها و يجهل كيفياتها .
3.
انة يؤمن بمعانيها من غير تحريف و لا تمثيل و لا تكييف و لا تعطيل .
و انظر جوابي السؤالين ( 72318 ) و ( 39803 ) .
ثانيا:
ثبتت صفه ” الغيره ” لله تعالى فصحيح السنه ،
ومما جاء فذلك :
1.
عن ابي هريره رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم انه قال ( ان الله يغار و غيره الله ان ياتى المؤمن ما حرم الله ) رواة البخارى ( 4925 ) و مسلم ( 2761 ) .
2.
عن المغيره قال : قال سعد بن عباده : لو رايت رجلا مع امراتى لضربتة بالسيف غير مصفح فبلغ هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ( اتعجبون من غيره سعد ،
والله لانا اغير منه ،
والله اغير منى و من اجل غيره الله حرم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن ) .
رواة البخارى ( 6980 ) و مسلم ( 1499 ) و عندة زياده بلفظ ( و لا شخص اغير من الله ) .
3.
عن عائشه انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( يا امه محمد و الله ما من احد اغير من الله ان يزنى عبدة او تزنى امتة يا امه محمد و الله لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا ) .
رواة البخارى ( 1044 ) و مسلم ( 901 ) .
قال شيخ الاسلام ابن تيميه – رحمة الله – :
” و غيره الله ان ياتى العبد ما حرم عليه ،
وغيرتة ان يزنى عبدة او تزنى امتة … .
الغيره التي وصف الله فيها نفسة : اما خاصة و هو ان ياتى المؤمن ما حرم عليه ،
واما عامة و هي غيرتة من الفواحش ما ظهر منها و ما بطن” .
انتهي من ” الاستقامه ” ( 2 / 9 – 11 ).
و قال ابن القيم – رحمة الله – : ” الغيره تتضمن البغض و الكراهه ،
فاخبر انه لا احد اغير منه ،
وان من غيرتة حرم الفواحش ،
ولا احد احب الية المدحه منه ،
والغيره عند المعطله النفاه من الكيفيات النفسيه ،
كالحياء و الفرح و الغضب و السخط و المقت و الكراهيه ؛
فيستحيل و صفة عندهم بذلك ،
ومعلوم ان هذي الصفات من صفات الكمال المحموده عقلا و شرعا و عرفا و فطره ،
واضدادها مذمومه عقلا و شرعا و عرفا و فطره ؛
فان الذي لا يغار بل تستوى عندة الفاحشه و تركها : مذموم غايه الذم مستحق للذم القبيح ” انتهي من ” الصواعق المرسله ” ( 4 / 1497 ) .
و قال الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمة الله – :
” المحال عليه سبحانة و تعالى و صفة بالغيره المشابهه لغيره المخلوق ،
واما الغيره اللائقه بجلالة سبحانة و تعالى فلا يستحيل و صفة فيها ،
كما دل عليه ذلك الحديث و ما جاء فمعناة ،
فهو سبحانة يوصف بالغيره عند اهل السنه على و جة لا يماثل به المخلوقين ،
ولا يعلم كنهها و كيفيتها الا هو سبحانة ،
كالقول فالاستواء و النزول و الرضا و الغضب و غير هذا من صفاتة سبحانة ،
والله اعلم ” .
انتهي من تعليق الشيخ ابن باز على ” فتح البارى ” لابن حجر ( 2 / 531 ) .
و قال الشيخ عبدالله الغنيمان – حفظة الله – فالتعليق على حديث ( و غيره الله ان ياتى المؤمن ما حرم الله ) – : ” و معناة : ان الله يغار اذا انتهكت محارمة ،
وليس انتهاك المحارم هو غيره الله ؛
لان انتهاك المحارم فعل العبد ،
ووقوع هذا من المؤمن اعظم من و قوعة من غيرة .
و غيره الله تعالى من جنس صفاتة التي يختص فيها ،
فهي ليست مماثله لغيره المخلوق ،
بل هي صفه تليق بعظمتة ،
مثل الغضب ،
والرضا ،
ونحو هذا من خصائصة التي لا يشاركة الخلق بها ،
وقد تقرر انه تعالى ليس كمثلة شيء فذاتة ،
فايضا فصفاتة ،
وافعالة ” .
انتهي من ” شرح كتاب التوحيد من صحيح البخارى ” ( 1 / 287 ) .
ثالثا:
اذا علم معني الصفه العظيمه المتصف فيها ربنا تعالى و هي الغيره : يتبين ان استعمالها فيما سال عنه الاخ السائل صحيح ،
وفى سياق حديث سعد بن عباده رضى الله عنه فان الغيره ” تتضمن الغضب لانتهاك الحرمه ،
والله سبحانة يبغض ما حرم ،
ويغضب اذا انتهكت حرماتة ” – كما جاء ف” تعليقات الشيخ عبدالرحمن البراك على المخالفات العقديه ففتح البارى ” رقم ( 55 ) – ،
ومما لا شك به ان التعرض للنبى صلى الله عليه و سلم فعرضة بالطعن بقذف زوجتة الصديقه عائشه رضى الله عنها ،
هو من اعظم الذنوب التي يغار الله تعالى لاجلها ،
والله تعالى يغار على رسلة الكرام عليهم السلام و لذلك لم يتعرض لهم احد الا خذل و قصم ،
ويغار على اوليائة و اصفيائة و لذلك فانه تعالى قال ( من عادي لى و ليا فقد اذنتة بالحرب ) ،
ويغار الله تعالى على شرعة و على محارمة ان تنتهك و لذلك فانه تعالى توعد العصاه بالعذاب و تعجل عقوبه بعضهم فالدنيا ليكونوا عبره لغيرهم ،
وكل هذا من الغيره اللائقه بجلالة سبحانة و تعالى .
و قول الشاعر ” غار بها ” هو بمعني ” غار لها ” ،
وحروف الجر تتناوب عند طائفه من ائمه العربية ،
وقد استخدم مثلها ائمه الاسلام من اهل السنه .
قال الامام ابن كثير – رحمة الله – :
” و لما تكلم بها اهل الافك بالزور و البهتان غار الله لها فانزل براءتها فعشر ايات من القران تتلي على تعاقب الزمان ” انتهي من ” البداية و النهاية ” ( 8 / 99 ) ،
وينظر : ( 3 / 334 ) .
واما بخصوص جمله ” طيفك يداعب خيالى ” المقوله فحق النبى صلى الله عليه و سلم فلم نر بها ما ينكر ،
وان كان غيرها اقوى منها ،
والبعد عنها اولي ،
لئلا يختلط الامر بكلام العشاق و اشباههم ،
فهي اشبة بذلك ،
واقرب الية .
و انظر فاقسام مدح الرسول صلى الله عليه و سلم جواب السؤال رقم ( 112152 ) .
والله اعلم
- ان الله يغار
- شرح حديث إن الله يغار و غيرة الله أن ياتي المؤمن ما حرم الله