رواية سيدة الشتاء بال مون

الفصل السادس و الثلاثين

تمام

وقفت جودى على الرصيف تنظر نحو المبني القديم الذي توسط الحى المعروف .
.
والذى يمثل قلب المدينه .
.
بالكاد كانت و اعيه لاجساد الماره التي اخذت تصطدم بجسدها الجامد فاحدي ساعات الذروه حيث احتشد الناس فوق الارصفه يتصارعون بين المتاجر الصغيرة .
.
كل يمضى فحالة يسعي لكسب رزق او قضاء حاجة

بينما كان عقلها مركز تماما نحو المبني القديم الذي علا متجر الاحذيه البسيط .
.
ونحو الطابق الرابع بالذات

ما الذي جاء فيها الى هنا ؟

هل حقا قادت سيارتها من منزلها الى هنا بهدف لقاء تمام ؟

منذ انفصالها عن طارق و هي عاجزه عن نزعة من عقلها و تفكيرها .
.
شوقها الية يكاد يخنقها الى حد عدم قدرتها على التماسك اكثر

كانت ربما قررت اخراجة من حياتها كما فعلت مع طارق بالضبط .
.
ولكنها بعد مرور اسابيع .
.
تتساءل عما سيفعلة لو عرف بانها ربما تركت طارق اخيرا

هل سيفرح لخلو الطريق امامة لبناء مستقبل معها ؟

..
ام انه سيستغل الامر هذي المره حتي النهاية منتهزا فرصه خلو حياتها من القيود ؟

ايهما تمام الحقيقي ؟

الرجل الرومانسي الرقيق الفائض بالعاطفه .
.
المتفهم و المستمع الجيد ؟

ام الشاب المستهتر الذي لم يحاول حتي اخفاء عبثة عنها ؟

مهما كان قرار عقلها فان قلبها لم ينصع الية .
.
لقد و جدت نفسها مرارا تذهب الى المطعم حيث يعمل .
.تاره و حيده و تاره برفقه اصدقائها .
.
دون ان تراة او تعرف عنه شيئا .
.
وعندما كانت تسال احد العاملين فالمطعم عنه .
.
كان يقول ببساطه :- انه لا ياتى الى هنا هذي الايام .
.
قد تجدينة فاحد الفروع الثانية للمطعم .
.

لم تعرف بانه يوزع عملة بين الفروع الكثيرة للمطعم و المتناثره فانحاء البلاد .
.
ولكنها عوضا عن ملاحقتة بين المطاعم .
.
وجدت نفسها تختصر الطريق .
.
وتقف هنا على بعد اربع ادوار عنه

جزء منها احتاج الى رؤيتة .
.
الي النظر فعينية لمره اخيرة .
.
لتعرف بشكل مؤكد هذي المره حقيقة مشاعرة نحوها .
.
وان كان لايزال يهتم لامرها .
.
ام انه ربما نزعها من قلبة الى الابد

خطت الى مدخل المبني الباهت الاناره .
.
واعتلت الدرج القديم متحاشيه الاطفال المتراكضين صعودا و نزولا غير عابئين بخطوره لعبهم .
.
الجارات التقليديات توقفن عن تبادل الاحاديث السريعة عبر الابواب المتقابله .
.
وهن ترمقنها بفضول و ريبه .
.
لم يكن مظهرها شبيها بمظهر ساكنات هذي المنطقة .
.
لقد بدت فغير مكانها بملابسها العصريه و راسها العارى .
.ولكنها لم تبالى .
.
تابعت الصعود و قلبها يخفق بعنف ترقبا للقاء تمام .
.
وقفت عند باب شقه بنى اللون .
.
قرات على بطاقة صغار كتب عليه اسم ( ما جد محفوظ ) .
.اهو اسم و الدة .

ما اقل ما تعرفة عن الرجل الذي تحب .
.
اجفلها صوت صراخ رجل قادم من الطابق العلوى .
.
وبكاء طفل قريب .
.
فترددت للحظات قبل ان تستجمع شجاعتها و تقرع الجرس اخيرا .
.

خمس عشره اخرى مرت بالضبط قبل ان يفتح الباب و يطل تمام من خلفة .
.
اهذا تمام حقا ؟

الرجل الذي سكن خيالها لاشهر عديده كان يبدو مختلفا بهيئتة المشعثه .
.
شعرة الناعم كان يتدلي بلا ترتيب فوق جبهتة .
.ذقنة داكنه اللون بسبب لحيه لم تحلق منذ يومين على الاقل .
.
هالات سوداء احاطت بعينية البندقيتين الجميلتين .
.
ثم لاحظت نحول بنيتة القويه الظاهره من قميصة الابض المجعد و المفتوح الازرار .
.
وسروالة الجينز القديم الحائل اللون

والغريب انه لم يكن يوما اكثر جاذبيه لعينيها

بدت الصدمه جليه على و جهة و هو يراها و اقفه امام باب شقتة .
.
التهمها بعينية للحظات سريعة .
.
قبل ان يرمش عده مرات ليتخلص من صدمتة قائلا بغلظه :- ما الذي تفعلينة هنا ؟

قالت بشجاعه :- جئت لاراك بما انك ترفض الاجابه عن اتصالاتى .
.
كما انك لم تذهب الى المطعم منذ فتره .
.
قدومى الى هنا كان الحل الوحيد

شحب و جهة و هو يترك الباب .
.
ويلوح باصبعة فو جهها و ربما اطلت من ملامحة علامات الغضب الشديد :-

:- كيف تجرؤين .
.
يا الهى بل كيف تستطيعين ان ……

بتر ما كان سيقوله عندما القي احد جيرانة عليه السلام و هو يمر الى جانبهما نزولا على الدرج .
.
ما ان اختفي الرجل حتي امسك تمام بمعصمها و بغته و سحبها الى داخل شقتة مغلقا الباب خلفة .
.
استدار نحوها صارخا بغضب :-

:- هل جننت كى تاتى الى هنا غير عابئه بما سيقوله سكان المبني ؟

نظرت حولها فارجاء الشقه البسيطة

كانت قليلة الاثاث .
.
الا انها تمتاز بالاناقه و العملية .
.
تناثرت بعض اغراض تمام هنا و هنالك .
.
ستره جلديه .
.
كتب مبعثره فوق طاوله القهوه .
.
صور عائليه مؤطره موزعه بين الجدران بذوق .
.عادت تركز انتباهها عليه قائله بوقاحه :- و منذ متي تهتم بما يقوله الاخرون

قال من بين اسنانة :- عليك اللعنه .
.
سمعتك هي ما كنت افكر فيه .
.
ما الذي سيقوله الجيران عند رؤيتهم لك تزورين شقه رجل غريب فو قت .

…..قطع كلامة و ربما غلبة الانفعال .
.
ثم هتف فيها :- تبا لك .
.
ما الذي جاء بك الى هنا ؟

قالت بتوتر :- جئت لاراك .
.
انت لم تترك لى خيارا احدث .
.
فانا اتصل بك منذ ايام املا فان تجيب و لو لمره عن اتصالاتى .
.
كان على ان اراك .
.
ان اتحدث اليك

شد على قبضتية و كانة يمنع نفسة من ضربها بصعوبه .
.
ولكنها و يا للعجب .
.
لم تكن خائفه .
.
هنالك جزء داخلها كان على استعداد لتحمل اي رد فعل منه مهما كان عنيفا او متطرفا .
.
مقابل فقط ان تحس ببعض التواصل معه

قال بغضب شديد :- و لماذا بالله عليك ربما اجيب عن اتصالاتك .
.
لماذا ربما ارغب بسماع اي شيء عنك بعد ما فعلتة بى … انا لا استمتع بتعذيب نفسي يا جودى و ربما اوضحت بنفسك قبل الان رفضك التام لي

هتفت بعجز :- تمام .
.
انا اعرف باننى ربما جرحتك و لكن …

هتف باستنكار :- جرحتنى .
.
جرحتنى يا جودى .
.
لقد انتزعت قلبي من صدري و رميتة للكلاب .
.
لقد لحقت بك مره بعد مره .
.
وبذلت الجهد الكبير فمحاولتى اليائسه لاقناعك بحبى لك .
.
ولكنك اثبتت لى مرارا بانك الفتاة السطحيه و المدلله التي لم اصدق بانك هي .
.
لقد ظننت حقا بانك احببتنى و لو قليلا و لكننى كنت مخطئا

كل هذا الوقت الذي قضيناة معا كان مجرد وقت مستقطع فحياة الاميره الصغيرة المدلله .
.
ليس من حقى صب اللوم عليك لاننى انا من كان احمقا و مغفلا و اعمي فحبة لك

طعنتها كلماتة فالصميم .
.
احست بانها تتمزق من الداخل لما سببتة له من الم بانانيتها و ترددها .
.
اعترافة العاصف بحبها .
.
وبخذلانها له جعلا الدموع تتدفق من عينيها و هي تهز راسها قائله :- انت تعرف جيدا باننى احببتك يا تمام .
.
احببت جميع لحظه قضيناها معا .
.
ومازلت احبك رغم جميع شيء

اخذ يتحرك فانحاء الشقه الصغيرة كالنمر الحبيس و هو يقول :- و ما الذي تريدينة الان .
.
هة .
.
ان نستمر فاللقاء من خلف ظهر خطيبك المحترم .
.
ان اقوم بدور العاشق الولهان لاعوضك عما يحرمك منه ببرودة و جفافه

نظر اليها فجاه بشراسه .
.
وعيناة تلمعان و هو يقول :- اهذا ما جاء بك الى هنا .
.
الاحباط بسبب تجاهل زوج المستقبل لك .
؟
هل تحتاجين خدماتى العاطفيه لاعيد اليك ثقتك بنفسك و اشعرك بانك محبوبه و مرغوبه ؟

ان كان ذلك ما جاء بك فلا تعتمدى على نبل اخلاقى .
.
لاننى لست شريفا بما يكفى لارفض عرضا مغريا كهذا .
.
الانسه تريد الحب .
.
وستحصل عليه

لم تستوعب معني كلماتة حتي امسك فيها فجاه و جذبها الية ….
ارتعشت فالبداية شوقا لاحساسها بقوه ذراعية و دفء صدرة .
.
وعندما غمرتها رائحتة الرجوليه .
.
ولكنها صحت من غفوتها فور ان جذبت اصابعة شعرها الناعم بقسوه .
.
واحني راسة نحوها ليقبلها بوحشيه .
.
قاومتة بعنف و ياس و هي تصرخ بذعر :- لا يا تمام .
.
لا تفعل ذلك ارجوك

وفى خضم صراعها المستميت معه .
.
ومقاومتها الضاريه .
.
تركها فجاه فاندفع جسدها الى الوراء بقوه مما اسقطها على الارض

نظر جميع منهما الى الاخر .
.
هى مذعوره منه كالفار حين يحاصر فالزاويه .
.
وهو مذهول من بشاعه تصرفة .
.
نظرت الى عينية الناريتين .
.
وصدرة الذي تسارعت انفاسة .
.
لا .
.
هذا ليس حبيبها تمام .
.
فهو ليس بهذه القسوه و الوحشيه .
.
حبيبها الذي تذكر كان ساحرا و رقيقا .
.
ورومانسيا .
.
هل دمرت هي بجبنها و ترددها جميع ما تبقي داخلة من حب لها ؟

دون انذار تفجرت الدموع فعينيها .
.
تبعها نشيج باكى .
.
اضطرب تمام .
.
واهتز كيانة لمراي دموعها .
.
وعندما ارتفعت و تيره بكائها .
.
انتفض و اقترب منها قائلا باضطراب :- انا اسف .
.
انا اسف يا حبيبتي

جثا الى جانبها .
.
فابتعدت عنه بخوف غريزى .
.
ولكنة امسكها هذي المره بحزم لطيف و سحبها نحو صدرة .
.
بحنان هذي المره .
.
فلم تملك الا ان تدفن و جهها بين طيات قميصة و تتشبث فيه باكيه .
.
وهي تسمع صوتة الاجش يقول بانفعال :-

:- سامحينى ارجوك .
.
يا الهى .
.
لم ارغب قط بان اؤذيك .
.
ولا استطيع احتمال رؤيتك تبكين

نعم .
.
هذا هو حبيبها القديم يعود مجددا .
.
ضمت نفسها الية كالطفلة المشتاقه الى حضن و الدها .
.
بينما اخذ هو يمسد شعرها و ظهرها برفق ليشعرها بحنانة و دفئة .
.
ابعدين عنه اخيرا .
.
ونظر الى و جهها الناعم المغطي بالدموع .
.
فرات بدورها الدموع الحبيسه فعينية و هو يهمس :- لو تعلمين كم اشتقت اليك .
.
لم اتوقف عن التفكير بك لحظه واحده .
.
بل انا لم انم ليلة كاملة منذ تركتني

هزت راسها هاتفه بصوت طفولى :- لن افعل مجددا .
.
اعدك

قبل و جنتيها و عينيها .
.
بشكل مختلف هذي المره .
.
بحب و حنان و كانها فعلا المرأة الوحيده التي يحب و يرغب

وكانة يهتم لها فعلا و لا يستغلها كما ظنت دائما .
.
نظرت الى عينية هامسه :- تمام

كان عليها ان تستجمع جميع قواها كى تتذكر ما جاءت لاجلة .
.
كررت عندما لاحظت بانه لم يسمعها :- تمام .
.
انظر الي

نظر الى و جهها القلق قائلا :- ما الامر يا حبيبتي ؟

ترددت لثوانى قليلة قبل ان تقول :- ان فسخت خطوبتى من طارق .
.
فهل تتقدم لخطبتى ؟

تصلب جسدة بين يديها .
.
واثناء لحظه كان ربما انسحب بعيدا عنها .
.
وقف الى جوار النافذه مديرا لها ظهرة .
.
بينما اعتدلت هي و اقفه و قلبها يخفق بقوه قلقا و اضطرابا .
.

اتاها صوتة بعيدا و جافا و هو يقول :- لقد سبق و اخبرتك يا جودى باننى لن اكون ابدا بديلا لرجل احدث .
.
وقطعا لن اكون بديلا لخطيبك

احست بالالم هذي المره شديدا بحيث كادت تفقد القدره على التنفس .
.
ما الذي توقعتة ؟
..
منذ عرفتة و هو يتبجح بحبة لها دون ان يشير و لو لمره الى المستقبل .
.
الم تكن محقه فاخفاء خبر فسخ خطوبتها عنه ؟

لقد كان لياخذها بين ذراعية و يغمرها بعاطفتة و هي ما كانت لتتمكن من مقاومتة .
.
وماذا بعد ؟

كيف كان سينتهى حبهما ؟

كان لايزال و اقفا مكانة .
.
رافضا النظر اليها .
.
فبذلت جهدا عظيما لتكبت ما تشعر فيه من انهيار و هي تقول بجمود :- ليس هنالك ما يقال بيننا اكثر يا تمام .
.
اسفه على ازعاجك بزيارتى .
.
واعدك بانك لن ترانى مجددا

لم تعرف كيف تحركت نحو الباب .
.
فتحتة و خرجت .
.
واغلقتة خلفها بهدوء شديد .
.
لم تبالى بما يظنة الناس و هو يرونها تغادر شقه رجل عازب و الشحوب يعلو و جهها و الدموع تغشى عينيها .
.
لم ترهم حقا و هي تنزل الدرج دون ان تتعثر او تسقط بمعجزة

وعندما و صلت الى سيارتها .
.
واحتمت داخلها من عيون الاخرين .
.
اجهشت بالبكاء

مون سيدة رواية بال الشتاء 20160908 1919

 

  • الجزء الثاني والثلاثين من رواية سيدة الشتاء
  • رواية سيدة الشتاء بال مون
  • روايت سيدة الشتاء منتديات بال مون


رواية سيدة الشتاء بال مون