رواية من الحدث الى الحدث

من رواية الى الحدث 20160915 1635

يقول ميخائيل باختين فكتابة “الملحمه و الرواية” ترجمة د.جمال شحيد: “الروايه هي النوع الادبى الوحيد الذي لايزال فطور التكوين،
والنوع الوحيد الذي لم يكتمل بعد” اي ان علينا،
فى الرواية،
الا نضيق على انفسنا،
وان نجرب بها تجريبا جريئا،
فكل كم يفضى الى نوع،
ومع النوع ترتقى الروايه و تتطور حتي يتكامل تكوينها،
والمهم فكتابة الرواية،
ان يصبح الكاتب ربما عاش الحياة،
جربها،
خبرها،
عاني بها معاناه هينة،
لينة،
او شديده قاسية،
وانا مع المعاناه الشديدة،
لان منها تكون التجربة،
المكتويه بنار الحقيقة،
ومن هذي النار يتولد الحدث،
وليس من قيمه لروايه دون حدث معاش،
وهو الاهم،
او مسموع،
وياتى فالدرجه الاخرى من الاهمية.
ففى روايه الحدث،
علي راى منظرى الرواية،
تفتننا المتعه بما يجرى من حياة امامنا،
وما تاخذه،
من انطباع عن ذلك الذي يجري،
وهذا تماما ما عناة هنرى جيمس بقوله: “تظل الروايه انطباعا مباشرا عن الحياة”.

لكن الحدث الحي،
زمنة الماضي،
والا ما كان حدثا منتهيا،
ودون حدث تم و انتهى،
تبقي الحاجات متخيلة،
والخيال و حده،
رغم ضرورتة فالعمل الروائي،
لا يشكل حدثا،
اذا لم يستند الى و اقع،
وحتي الاحداث الصغيرة ضرورية،
لانها النواة،
وكل نواة،
حين تنبت،
وتصير غرسة،
مالها ان تكبر،
ان تتجذر،
ان تصبح شجرة،
وفى جميع شجره جذع و اغصان،
وزهر و ثمر،
توفر التفاصيل عندما نتصدي الى و صفها،
فى كلام موجز،
او غزير.

الحدث،
اذن،
يقوم فالماضي،
ويعطى انعكاسه،
فى تطاول السياق،
للحاضر و المستقبل،
وفى الاسقاط،
وهو معروف و معمول فيه فالادب،
نستطيع ان نجعل القارئ يقرا ما بين السطور،
ويفهم الرمز الدال على ان الكلام على الماضى يقصد فيه الحاضر،
والقصد،
فى الرمز كما فالاسطورة،
يسبغ على العمل الادبى متعه و رؤية،
وبكلمه اخرى،
فكرة تترسخ فالذهن،
وبقدر ما تكون السويه الفنيه جيدة،
والحل المرتقب بارعا،
تؤثر الفكرة،
وتشكل رايا فالاحداث يتطلب اتخاذ موقف منه،
او يكشف للمرء الحقيقة المضمرة،
او الغائبة،
تاركا له تحديد موقف منها،
والعمل يبدا،
دائما،
بفكر يتحول الى موقف،
ومنة يصبح الانطلاق الى ايما ابداع.

تري مجموعة من الباحثين السوفييت،
فى كتاب “الادب و العلوم الانسانية” ترجمة يوسف حلاق: “ان الجديد يصبح حين يصبح لدي الكاتب ما يقوله لقرائه،
وهذا الذي يريد ان يقوله،
هو الذي يحدد شكل التعبير الذي لم يسبقة الية احد،
وهو التجديد و الابتكار الفعليين و الحقيقيين”.

ان المستخلص من ذلك الكلام،
بل شرطة الاساس،
ان يصبح لدي الكاتب ما يقوله لقرائه،
وهذا القول،
فى الرواية،
ياتى من اثناء الحدث و بدلالته،
وبهذه الصفه يصبح قولا جديدا،
فى اي من الازمنه الثلاثه و قع،
ما دام الترابط،
فى الزمن،
يحيل بعضة الى البعض الاخر،
وفى هذي النقطه يتحدد شكل التعبير،
وشرطه،
كما سبق،
ان يصبح لدي الكاتب ما يقوله،
لا بكيفية مباشرة،
تقريرية،
تعسفية،
ذهنيه خالصة،
وانما من اثناء الجنس الادبى الذي نشتغل عليه،
وهذا هو الجديد الذي يكون،
عندما تكون ثمه معاناة،
تجربة،
خبرة،
مشاهدة،
معاينة،
تتبار فحديث قصصى او روائي،
بصرف النظر عن زمن و قوعه.

لدي،
ههنا،
وجهه نظر،
فقد كتبت عن الحاضر الدال على المستقبل،
مثل روايات “نهاية رجل شجاع” و ”ماساه ديمتريو” و ”الرجل عند الغروب” و ”النجوم تحاكم القمر”،
و”القمر فالمحاق” و غيرها،
والزمن الحاضر بها ليس ابن ساعته،
فليس من حاضر الا و هو ما ض فنفس اللحظة،
ولكن عن الزمن القريب،
فالمعروف عني،
وكما قلت فبعض كتاباتي،
يلعب الماضى الحاضر دورا مهما فرواياتي،
لكننى لا احمل تفكيرا ما ضويا،
فالحدث الروائى لا بد ان يعيش فالذات الابداعية،
بعد ان يصبح ربما انبثق فيها،
والعيش المقصود هو التخمر،
هو الابتعاد عن الاني،
كى استطيع رؤيتة من بعيد،
هو النظر الى الجبل من مسافه بعيده عنه،
لنراة بحجمة و حقيقتة الكاملين،
هو الانزياح عن و طاه اللحظه المازومه التي كثيرا ما تجرف الكاتب فتيار حماستها،
والفارق بين الروائى و الشاعر يكمن هنا،
فالشاعر هو الذي ينفعل باللحظه المازومة،
الانيه احيانا،
ويعبر عنها تلقائيا،
اما الروائي،
وايضا القاص،
بدرجه اقل،
فانهما بحاجة الى التاني،
الي الدراسة،
الي تقليب الحجر،
وحجر الحدث خصوصا،
علي كافه و جوهه،
ليريا الية من جوانبة كلها،
وهذا شرط كامل،
اساسي،
بالنسبة للروائي،
لكنة غير ضروري،
بالقدر نفسه،
بالنسبة الى الشاعر الذي ينفصل انيا،
ويعبر انيا،
وغير ضروري،
بدرجه اقل،
بالنسبة للقاص،
الذى يشتغل،
غالبا على الواقعه كشريحه من الحياة و ليست الحياة كلها،
وهذه الواقعه ربما تكون مشهدا،
لقطة،
صورة ما عن خبر مرئى او مسموع،
او ما عبرت عنه باللحظه المازومة،
هذه التي هي،
فى رايي،
جوهر الحدث القصصي،
لكونة يتناول،
ويبني،
ما هو جزئي،
وليس ما هو شامل فالحياة،
بينما الروائى يتناول،
وينشئ حياة كاملة،
فى حدود الحدث الحياتي الكامل الذي يعالجه،
بانيا،
بمعمار هندسي،
بناء كاملا،
فى حين يكتفى القاص بقاعه واحده من ذلك البناء،
يمكن،
بالمهاره القصصية،
ان تكثف فذاتها،
او تعطي،
فى الايماء،
الجو المتخيل للعماره كلها،
الجو المتخيل،
العام،
الذى فالقصة،
غير ملزم،
بل من الخطا ان يتناول التفصيلات بكل جزئياتها.
لانة بذلك يثقل القصة،
ويؤدى فعلة الى تشتيت لقطتها التي تحتاج الى التبئير الشديد.

هذا هو المفترق،
والفارق الاساس،
بين القاص و الروائي،
فهذا الاخير يقيم عماره متكاملة روائيا،
لذا فهو ملزم،
من اثناء السرد،
ان يتانى،
ان يتناول التفصيلات و الجزئيات،
ان يصف الحاجات مباشرة،
او بالايماء و الايحاء،
الا ان المعمار الروائى لا يكتفي،
غالبا بالايماء،
ولا بالايحاء،
لان شانه،
فى ذلك المجال،
شان المهندس المعمارى تماما،
ان يضع اللبنه فوق الاخرى،
والحجر على الحجر،
مع حساب الزوايا،
والمهاد،
والعرض و الطول،
واعمدة الاساس،
التى ستحمل العماره كلها.

وقبل الشروع بالبناء،
هنالك التحضير له،
وهذا التحضير مطلوب من المهندس و الروائي،
اذ بينما يعتمد المهندس على التصاميم المرسومه على الورق،
من قبلة او قبل المكتب الهندسى الذي يتعامل معه،
فان الروائى يعتمد التصميم المخطط على الورق ايضا،
بادئا بالمخطط الذهنى اولا،
وبعد هذا تاتى عملية التخطيط على الورق،
ولا ادرى لماذا يخيل الي،
ان على الروائيين العرب الا يكتفوا،
كما هي العاده الان،
العاده التي درجنا عليها نحن جيل التجريب،
بالتخطيط الذهنى و حده،
فالتخطيط المرسوم،
بعناية،
علي الورق،
هو الافضل،
وعليه تجرى الدراسة،
حول السياق،
بداية و نهاية،
وفية تطرح الاسئله حول شخص الرواية،
ولماذا تفعل هذي الشخصيه ذلك و لا تفعل ذاك،
وكيف تتقاطع،
وتتلاقى،
وتندغم،
وتنفرد،
بالشخصيات الاخرى،
وما هو الحدث،
ويكف يتكون،
وكيف يتمدد،
ناميا مع السياق،
الخ؟

  • النوع الادبي لرواية نهاية رجل شجاع
  • رواية عن الحدث


رواية من الحدث الى الحدث