في مجلس الشعب (الفصل الاول) نبيل فاروق

 

نبيل مجلس في فاروق الفصل الشعب الاول 20160910 2279

 

انطلقت زفره عبنوته ملتهبة،
من اعمق اعماق صدر الدكتوره (نهير)،
وهي تعبر مع زميلها (عزت)،
تلك البوابه المعدنيه ال كبار لمجلس الشعب،
وراحت تتلفت حولها فتوتر بلغ منتهاه،
حتي ان (عزت) اطلق ضحكه مرحة،
وهو يقول:

– اهداي دكتورة..
الاف يتمنون عبور هذي البوابة،
ويحلمون بدخول المجلس،
ولو لحظه واحدة.

اجابتة فعصبية،
وهي تقدم اوراقها لموظف الامن:

– يتمنون الحصول على الحصانة،
او الاحتماء من القانون،
تحت القبة،
وليس الحضور للاستجواب مثلنا.

ارتفع حاجباة فدهشة،
وهو يقول فخفوت،
خشيه ان يسمعة احد رجال الامن:

– لسنا هنا لحضور استجواب يا دكتورة..
انها مجرد جلسه استماع.

غمغمت محنقة:

– لست ادري حتي ما الفارق.

انتقلت الية عدوي التلفت حوله،
وهو يهمس:

– فارق كبير جدا..
سنجلس فالشرفه معظم الوقت،
حتي تحين لحظه مناقشه القصور،
في الاجراءات الجنائيه الطبية،
لنلقي ما لدينا،
وننصرف فسلام.

هزت كتفيها،
متمتمه فسخط:

– لست اظن الدخول هنا كالخروج.

حاول ان يبتسم،
وهو يهمس فعصبية:

– ذلك ليس حماما.

مطت شفتيها،
قائله بصوت مرتفع نسبيا،
وكانما لا تخشي ان يسمعها احد:

– قد بالنسبة اليك.

تمني لحظتها ان تنشق الارض و تبتلعه،
ولكنة لاذ بالصمت التام،
ورجل الامن يصبحهما الى الشرفة،
ويجلسهما و سط رجال الصحافة،
وما ان ابتعد،
حتي همس (عزت):

– سيحين دورنا،
بعد الاستجواب المقدم ضد و زير الثقافه مباشرة.

سالتة هامسة:

– من قدمه.

اشار الى رجل بدين،
يجلس فالصف الثالث،
من منتصف القاعة،
وهمس بدوره:

– النائب ما زن مسعود..
صاحب اكبر عدد من الاستجوابات دوما.

مطت شفتيها،
وهي تقول،
في شئ من الامتعاض:

– نص استجواباتة بلا قيمة..
كل ما يعنية هو ان يشير اليها الاعلام،
ويذكر اسمه فكل منها.

وافقها على قولها،
واضاف:

– و يقدم جميع استجواب فانفعال شديد.

غمغمت:

– ذلك جزء من اللعبة.

كان يرغب فمواصله جديدة معها،
لولا ان بدات الجلسة،
وتحدث رئيس المجلس على نحو موجز،
ثم فتح الباب للاستجوابات المقدمة،
ضد عدد من الوزراء..

وكما توقعت (نهير) تماما،
اندفع النائب (مازن) يتحدث فانفعال شديد مبالغ،
حول ما و صفة بانه تجاوز اخلاقي شديد،
حدث فواحده من مسرحيات القطاع الخاص،
ونهض و زير الثقافه يدافع عن الموقف،
ويحاول تبريره،
والتستر على جميع الاخطاء كالمعتاد،
فانفعال (مازن)اكثر،
وارتفع صوتة كثيرا،
وراح يلوح بذراعية فعنف،
فمال (عزت) على اذن (نهير)،
هامسا:

– هل ترين هذا النائب النحيل،
الذي يجلس الى جوار (مازن) مباشرة؟!..
اراهنك انه سيعترض على موقفة الان،
ويتخذ جانب و زاره الثقافة.

سالتة فدهشة:

– و لماذا توقعت هذا؟!

اجابها فهمس اكثر خفوتا:

– انه خصم لدود لمازن،
ويهوي استفزازة فكل جلسة.

غمغمت مندهشة:

– حقا.

جذب ذلك الامر انتباهها بشدة،
فراحت تراقب الموقف فامعان،
وعقلها يدرس جميع خطوة،
بطبيعتة التحليلية،
التي طالما ارهقتها..

كان (مازن) شديد الانفعال،
في حين جلس جارة النحيل هادئا،
ينظر الية بين لحظه و اخرى،
في اهتمام و اضح،
ثم لا يلبث ان يشيح بوجهة عنه،
وكانما لا يرتاح لرؤيته..

ووسط الجالسين،
سار عامل بسيط،
يقدم لكل نائب علبه من علب المياة الغازية،
وتحرك نائب اخر،
فهمس فاذن (مازن)،
ثم تراجع الى مقعده،
وراح يتبادل حديثا خافتا مع جاره،
بدا من الواضح معه انهما يسخران من الرجل،
الذي تضاعف انفعاله،
وراح يلوح بذراعية فحده اكثر،
فنهض نائب اخر،
وربت على كتفه،
ولكن (مازن) دفعة بحركة حادة،
وارتفع صوته،
وهو يصيح به:

– لست اسمح لك حتي بابداء رايك..
انت نائب فاسد،
ورائحه فسادك تزكم الانوف.

احتقن و جة هذا النائب،
وصاح به:

– ليس من حقك توجية اتهامات عشوائية..
اعط دليلا واحدا على ما تقول،
والا فضع لسانك داخل فمك.

هتف فيه (مازن) متحديا:

– و ماذا لو لم افعل؟!

صرخ به النائب،
وهو ينقض عليه:

– ساقطعه.

كاد الاثنان يشتبكان،
وكلاهما يوجة كلمات جارحه للاخر،
فاندفع بعض النواب،
يحولون بينهما،
واتسعت عينا (نهير) عن اخرهما فالشرفة،
وهي تقول:

– رباه!..
امن الممكن ان يحدث ذلك هنا!..
في مجلس الشعب؟!

اجابها (عزت) فعصبية:

– انه تجاوز غير معتاد،
ولكنهم سينهون الموقف بسرعه حتما.

كان النواب ربما فصلوا الرجلين عن بعضهما البعض بالكاد،
وعاد جميع منهما الى مقعده،
دون ان تهدا ثورتهما،
وبكل انفعاله،
اخرج (مازن) علبه دواء من جيبه،
التقط منها قرصا،
والقاة ففمه،
ورئيس المجلس يوجة اللوم للنائبين،
علي ما بدر منهما من تجاوز،
ويؤكد ان ذلك لا يتفق مع طبيعه النواب الوقورة،
ولا طبيعه المجلس نفسه،
وانة لن يسمح بمثل ذلك التجاوز مره اخرى،
و…

وفجاة،
نهض (مازن) و اقفا،
وبدا و جهة شديد الاحتقان،
واتسعت عيناة عن اخرهما،
وانطلقت من حلقة حشرجه عجيبة،
جعلت (نهير) تهب من مقعدها،
في نفس اللحظه التي حاول بها النائب النحيل ان يسنده،
وهو يهتف:

– اسعاف..
سيارة اسعاف بسرعة.

وقبل حتي ان يكتمل هتافه،
سقط (مازن) بين ذراعيه،
فعجز عن تحمل ثقله،
وتهاوي الاثنان ارضا..

وبكل توتر الدنيا،
هتفت (نهير):

– انا طبيبة..
افسحوا لي المجال..
انا طبيبة.

كانت هنالك حالة من الهرج و المرج فالمجلس،
ورجال الامن يتحركون فعبنوته و اضحة،
فضاع صوتها و سط جميع هذا،
وجذبها (عزت) فعصبية،
قائلا:

– اجلسى..
المجلس فيه طاقم اسعاف طبي خاص به..
لا شان لنا بما يحدث هنا.

تملصت منه،
وهي تندفع نحو الباب،
هاتفة:

– و لكنة و اجبنا.

اعترض احد رجال الامن طريقها بحركة حادة،
وهو يقول فغلظه و خشونة:

– عودي الى مقعدك.

ابرزت التصريح،
الذي يحمل اسمها و مهنتها،
وهي تهتف:

– انا طبيبة.

كرر فخشونه اكثر:

– عودي الى مقعدك.

تضاعفت عصبيتها،
وهي تحاول ايجاد و سيله منطقية،
للتفاهم مع رجل امن،
لا مجال لدية للنقاش او المنطق،
وقبل ان تتوصل الى و سيله ما ،
سمعت من يهتف فذعر،
من قاعه المجلس:

– لقد..
لقد ما ت.

اتسعت عيناها عن اخرهما،
وتجمد الموقف كله دفعه واحدة،
حتي بدا اشبة بلوحه صامتة،
تعبر عن ما ساه جماعيه مباغتة،
مع ملامح الذعر و الذهول على الوجوه،
قبل ان يقطعها صوت رئيس المجلس،
وهو يقول فعصبية:

– اين طاقم الاسعاف؟!

وهنا صاحت (نهير) من الشرفة:

– انا طبيبة.

بدت صيحتها شديده الوضوح،
وسط الصمت الوجوم،
الذي ساد المكان،
فهتف رئيس المجلس فحدة:

– احضروا هذي الطبيبة.

لم يكد هتافة يبلغ مسامعها،
حتي تحركت الامور فسرعه مدهشة،
ففي الوقت الذي انكمش به (عزت) فمقعده،
وجدت هي من يدفعها امامة فغلظة،
لتصل الى القاعة،
ويضعونها امام النائب الذي لقي ربة مباشرة..

وعلي الرغم من ثقتهم فانه ربما ما ت بالفعل،
تعلقت العيون كلها فيها فامل و هي تفحصة فسرعة..

هي كذلك كانت تعلم انه ربما ما ت،
الا ان ذلك لم يكن الشئ الوحيد الذي تفحصه،
فقد فتشت جيوبة فسرعة،
واخرجت بطرفي سبابتها و ابهامها علبه الدواء،
التي تناول منها قرصا،
قبل مصرعة مباشرة،
والقت نظره سريعة عليها،
ثم تلفت حولها فتوتر،
قبل ان يسالها رئيس المجلس:

– اهنالك امل؟!..
ام انه..

اجابتة فسرعة:

– لقد ما ت.

غمغم النائب النحيل فحدة:

– و ماذا اضفت من جديد؟!

رفعت عينيها اليه،
وقالت فحزم،
لا يتناسب مع انوثتها:

– ليست ميته عادية.

حدق الكل فيها،
في تساؤل مندهش،
فشدت قامتها،
في محاوله للتماسك امامهم،
وهي تضيف:

– لقد قتل.

وانفجرت عبارتها كقنبله و سط قاعه المجلس..

قنبله من الذهول..

كل الذهول..

*     *     *

عقد رئيس مجلس الشعب كفية خلف ظهره،
وهو يتحرك ففراغ مكتبه،
في عبنوته شديدة،
قبل ان يتوقف فجاة،
ويرمق الدكتوره (نهير) بنظره قاسيه غاضبة،
قائلا:

– هل تدركين ماذا فعلت الان؟!

اجابتة متوترة:

– و ماذا فعلت؟!

هتف ثائرا:

– اثرت بلبله عنيفة،
في المجلس كله،
وامام جموع الصحفيين،
دون ادني احساس بالمسئولية..
حتي اللفظ المستخدم،
ليس مناسبا على الاطلاق..
كل ما يحق لك قوله،
هو انه قد تكون هنالك شبهه جنائيه فالموقف،
لا ان تعلنى،
بكل الثقه و الوضوح،
انها جريمة قتل.

اجابتة فحزم:

– و لكنها كذلك؟!

صاح بها:

– ليس من حقك الجزم بهذا..
هنالك اجراءات،
ونظم،
وخطوات قانونيه و حتمية،
قبل اعلان هذي النتيجة.

كان يتوقع منها تراجعا مذعورا،
الا انه فوجئ فيها تجيب بنفس الحزم الواثق:

–                           ربما يستعمل رجل الامن،
او الطبيب الاولى،
عبارة الشبهه الجنائيه يا سيدى،
ولكنني طبيبه شرعيه رسمية،
وخبيره بوزارة العدل،
وحاصله من الولايات المتحده الامريكية على شهاده الدكتوراه،
في فحص مسرح الجريمة،
ومن انجلترا على دكتوراة ثانية،
في الطب الشرعي و السموم،
اضف الى ذلك اني احمل شهادتي بكالوريوس واحده من كليه العلوم،
وثانية من كليه الطب،
ثم اني استطيع اثبات ما قلت فورا
.

 وصمتت بحظة،
ثم استدركت فعصبية:

– و باسلوب علمي محض.

تطلع اليها رئيس المجلس فدهشة،
وهو يقول:

– حصلت على جميع هذا،
في هذي السن؟!

قالت،
وقد تسلل التوتر اليها لاول مرة:

– كنت دوما طالبه متفوقة.

رمقها رئيس المجلس بنظره طويلة،
ثم عاد يتحرك ففراغ حجرته،
قبل ان يسالها فحزم:

– تقولين: انك تستطيعين اثبات جميع هذا.

كررت،
مستعيده حزمها:

– و فورا.

اضاف فخشونة:

– و بادله علميه مقنعة؟!.

اشارت براسها ايجابا،
وغمغمغمت فحذر:

– و ساوقع شهاده رسمية فيها ايضا.

اوما براسة لحظات،
ثم التقط سماعه هاتفه،
وقال فصرامة:

– اخرجوا جميع الصحفيين من القاعة،
وليبق النواب فالمكان،
حتي ينحسم ذلك الامر.

واعاد سماعه الهاتف،
مستطردا،
وهو يرفع عينية اليها،
بنظره و عيد صارمة:

– فليكن..
سنحسم الامر الان.

مره اخرى،
وجدتهم يقودونها الى القاعة،
بعد ان اخلوا الشرفه من كل الاعلاميين و الصحفيين،
الذين اجتمع بهم رئيس المجلس،
ومسئول الامن،
وحذراهم من نشر كلمه واحده عن الامر،
ودفعوها الى حيث ما زالت ترقد جثه النائب (مازن)،
وقال رئيس المجلس فغلظة:

– هيا..
هاتي ما لديك.

التقطت (نهير) نفسا عميقا،
وقالت:

– سياده النائب ما ت بهبوط حاد فالدوره الدموية،
علي الرغم من تناولة قرصا من ما ده النترات،
التي تعالج ذبحه صدريه يعاني منها،
وتبدو و اضحه فشكل قفصة الصدرى،
وحملة ذلك الدواء طوال الوقت.

غمغم النائب،
الذي تشاجر مع (مازن):

– ذلك لا يثبت حدوث جريمة قتل.

اومات براسها ايجابا،
وقالت:

– قد يثبتها هذا.

اشارت الى و رقه ملقاه ارضا،
وعليها بقايا مسحوق ازرق اللون،
فتطلع اليها رئيس المجلس فدهشة،
وهو يقول فعصبية:

– و ما ذلك بالضبط؟!

اجابتة فسرعة:

– لا يمكنني معرفه ما هيته،
دون فحص و تحليل كامل،
ولكن يمكنني مقارنتة بتلك الذرات،
الملتصقه بطرف علبه المياة الغازية،
والتي تشير الى ان احدهم ربما دس هذا المسحوق،
في علبه النائب (مازن)،
الذي شرب المياة الغازية،
دون ان يلاحظ هذا،
فلقي مصرعه.

هتف رئيس المجلس:

– اذن فهذا سم؟!

هزت راسها،
قائلة:

– لم افحصة بعد.

تبادل النواب كلهم نظره متوترة،
ونهض النائب،
الذي همس فاذن (مازن):

– لن نقبل هذي الاتهامات دون دليل.

اندفعت تقول فصرامة:

– يمكنني حسم الدليل اثناء ساعة واحدة،
لو قمت بفحص علبه المياة الغازية،
وذلك المسحوق.

قال رئيس المجلس فانفعال:

– و سيتم ذلك فورا..
ستحصلين على جميع الامكانيات اللازمة،
وستوضع جميع امكانيات المعمل الجنائي تحت تصرفك.

ثم التفت الى النواب،
مضيفا بكل صرامة:

– و لن يغادر احد هذي القاعة،
حتي ينحسم الامر.

هتف النائب النحيل فحدة:

– ابلغوا الشرطة،
ولكن لا تحبسونا هنا،
حتى…

قاطعة رئيس المجلس،
بزمجره صارمة:

– سيبقي الكل..

ثم عاد يلتفت الى (نهير)،
قائلا:

– المعمل الجنائي على بعد امتار من هنا..
وامامك ساعة واحدة،
اما ان تثبتي حدوث القتل،
او…

لم يحاول اتمام تهديده،
ولم تحاول هي حتي ان تسمعه،
فقط حملت علبه المياة الغازية فكيس من النايلون،
وتلك الورقة،
مع المسحوق الازرق فكيس اخر،
وحملتها سيارة من سيارات المجلس،
الي مبني المعمل الجنائى،
ومعها مساعدها الدكتور (عزت)..

كان مكتب الطبيب الشرعي ينقل جثه النائب القتيل،
والكل فالمجلس يشعر بتوتر بالغ،
اما هي و مساعدها،
فقد استقبلهما رجال المعمل الجنائي ببرود مستفز،
وابدوا عدم ارتياحهم و تعاونهم من اللحظه الاولى،
ولولا الامر الذي تلقوة من و زير الداخلية شخصيا،
لما سمحوا لها حتي باستعمال اجهزتهم،
التي بدت لها متاخره بجيلين على الاقل،
عن الاجهزة الحديثة،
التي كانت تعمل عليها،
خلال فتره الدراسه لنيل شهاده الدكتوراه .
.

اما مساعدها (عزت) فلم يكد ينفرد بها،
وهي تجري اختباراتها على المسحوق،
حتي همس فعصبية،
وهو يتلفت حوله،
علي نحو مبالغ:

– ماذا فعلت يا دكتورة؟!..
لماذا و رطتنا فهذا الامر؟!

اجابته،
دون ان تلتفت اليه:

– لولا ما فعلت؛
لمر الامر،
دون ان ينتبة الية احد.

هتف محنقا،
وهو يواصل الحفاظ على انخفاض صوته:

– و ما لنا نحن بهذا الامر؟!..
لسنا حتي اعضاء فالمجلس..
اننا مجرد مدعوين الى جلسه استماع،
ام انك ربما نسيت هذا.

لم يبد انها ربما سمعته،
وهي منهمكه فافراغ بقايا المسحوق الازرق،
في انبوب اختبار،
حملتة فحرص،
الي جهاز الطرد المركزى،
فواصل هو فحدة،
وحنق متضاعف:

–                           لقد دسست انفك فشئون سياسية،
دون اي مبرر..
هل تتصورين انهم سيكافئونك،
لو كشفت حقيقة الامر؟!..
لو ان ذلك ما يدور بخلدك،
فانت ساذجه و اهمة،
ولا تفهمين شيئا مما يدور فبلدنا هذي الايام… الحكومة لا تكافئ ابدا… انها تعاقب فقط..
ليس لديها ادني احساس بانه ينبغي عليها ان تكافئ مواطنا واحدا،
حتي لو افني حياتة كلها من اجلها… انها تشعر دوما شعور الساده تجاة العبيد … العبد من الطبيعي ان يخدم السيد،
والا ينتظر اي مقابل لهذا … انه مجرد عبد… و سترين انهما لن يسمحوا قط بكشف اخطاء المجلس..
بل قد يتسترون على الامر كله،
لو ثبت ان القاتل هواحد نواب الحكومة..
اننا لسنا فاوروبا او امريكا .
.
الامور هنا تسير على نحو مختلف.

قالت فتوتر:

–                           انها و جهه نظرك.

اطلق ضحكه عبنوته خافتة،
وهتف:

_ يبدو انك انت تعيشين فعام يختلف عن الذي نعيش به نحن..
افيقي يادكتوره .
.
افيقي و انظري الى العالم الحقيقي … العالم الذي تملكة دوما اقليه حاكمة،
تري انها الاحق بكل شئ،
واي شئ؛
بحجه انها الساهره على امن البلد و امانه… اقليه تستبح لنفسها جميع شئ،
وتحرم شعوبها من ادني شئ… اقليه تعايرك طوال الوقت بما انجزته،
من اموالك زجهدك و عرقك … اقليه تجعلك تشعرين فبلدك،
وكانك مواطن غريب متسلل،
لا يحمل تاشيره اقامة،
وليست له سفاره تحمية..
اقليه جعلتك تخشين رجال الشرطة و اقسامهم،
المفترض منها حمايتك؛
لانها اشبة بمنظمات اجرامية،
بارعه فمخالفه جميع قانون.

قالت فسخريه عصبية:

–                           لا تنس اننا هنا،
وسط تلك الاقلية.

امتقع و جهه،
وانكمش على نفسه،
علي نحو يثير الشفقة،
وتلفت حولة فهلع،
وكانما يخشي ان يتقض عليه رجال الشرطة فجاة،
من جميع صوب،
فاطلقت ضحكه باهتة،
وتمتمت،
منشغله بعملها:

–                           اطمئن … ليس لديهم وقت لنا،
نحن ابناء الشعب العاديين … انهم منشغلون طوال الوقت،
بحماية الكبار.

واستدركت فسخرية:

–                           القلة.

مط شفتية فغضب،
وقال و هو يعاونها:

–                           على ايه حال،
لا تنكري يوما اني ربما حذرتك.

هزت كتفيها،
قائلة:

–                           انك تحذرني طوال الوقت.

قال فحدة:

–                           و انت لا تستمعين الى قط.

عادت تهز كتفيها،
قائلة:

–                           ليس ذلك ممكنا ….
اننا نختلف فطبيعتنا تمام الاختلاف؛
فانت شخصيه حذرة،
تميل للسير الى جوار الحائط،
وتجنب المتاعب و المشكلات،
وانا على العكس تماما.

بدا غاضبا،
علي الرغم من محاولتة كتمان هذا،
وهو يقول:

–                           و سيلتي هي المثلى؛
للعيش فهذا البلد …… اما ان تقبلي بما يحدث فيه،
وتسيرين صامته مستسلمة،
الي جوار الحائط،
او ترفضين ما يحدث،
وستجدين الف حائط؛
لتضربي راسك فيهم.

رمقتة فدهشه مستنكرة:

–                           يالة من راي متخاذل.

اجاب فحدة:

_ او شديد الحكمة.

غمغمت فصرامة،
وهي تدير جهاز الطرد المركزى:

– على اي الاحوال،
هذا ليس شانا سياسيا..
انة شان جنائي بحت.

اطلق ضحكه ساخره قصيرة،
وقال فحده اكثر:

– هراء .
.
ما دام الامر يدور تحت قبه المجلس،
فلا فارق بين الحالتين .
.
اتتصورين ان فساد اي و زير مثلا،
هو امر جنائي بحت،
من اختصاص النائب العام و حده؟!..
ياللسذاجة،
في بلدنا يعتبر جميع ما يمس الساده امرا سياسيا،
حتي فسادهم،
وانحرافاتهم،
واخطائهم الفادحة،
التي قد يذهب ضحيتها المئات ….
صدقينى،
لو افني مسئول كبير قريه كاملة،
او حتي نشر و باءا فانيا،
وحتي لو باع الهرم ذاته،
سيعتبرون ذلك شانا سياسيا.

غمغمت فصوت شارد:

– خطا.

قال فعصبية:

– قد فمجتمعات اخرى،
اما هنا،
فكل شئ مرهون باراده الكبار..
مجتمع الخمسه فالمائة،
الذي قامت الثوره للقضاء عليه،
عاد مبرزا انيابة و مخالبه،
والتهم جميع ما فعلتة الثورة،
في عقدين من الزمان،
بل و قد تحول الى نص فالمائه ايضا..
علي الاقل،
كانت هنالك صحافه قادره على كشف الفساد قبل الثورة،
وراي عام يتفاعل معها،
وحكومات تمتلك ذرات من حياء،
لم يعدلة وجود فزمننا هذا،
و…

قاطعتة فصرامة:

– كفى..
لم اكن اشير الى جميع هذا،
عندما تحدثت عن الخطا.

سالها مبهوتا:

– اي خطا تقصدين اذن؟!

اشارت (نهير) الى مقياس الطيف امامها،
وهي تجيب فحزم:

– هذا.

حدق فالمقياس،
دون ان يفهم ما تعنيه،
فاعتدلت هى،
واضافت بكل حسم:

– لقد عرفت كيف قتلوا النائب (مازن).

وارتفع حاجبا (عزت) فدهشة..

بلا حدود.

 


في مجلس الشعب (الفصل الاول) نبيل فاروق