لمسات حالمه

هل صحيح ان هنالك حبا من النظره الاولى؟
تامي و قع قلبها صريع الهوي حين لمحت ادم الذي لم يعرها التفاته ,

كانت رائعة و فاتنه و غنيه لكنة اهملها ,
ولم يقل لها كلمه ,

وحين دبر و الدها قضية زواجها من ادم ,

كانت متفائله بان الايام ستجعلة يخر عند قدميها طالبا عطفها و حبها ,

ولكن ما رد الجبل ظل نائما و لم يلتفت الى عروسة المحترقه بنار اللوعه ,

قال لها: بعد سنه تحصلين على الطلاق و تعودين الى حريتك ,

قالت له: احبك و سيتحطم قلبي اذا تخليت عني.

 

ومرت الايام و اقتربت السنه من نهايتها ,

فعلت تامي جميع ما فو سعها لجذب اهتمام ادم و ارضائة و شدة اليها ,

قال لها : النسر لا يصبح سعيدا الا متي حلق و حيدا فالفضاء الواسع ,

وتذكرت هي الحكمه القائلة: خلق الله الرجل و حيدا ,

ثم خلق له المرأة لتزيد من و حدتة ,

زراعه طريق الحب بالورود تتطلب شهورا ,

وتامي لم يعد امامها من سنه زواجها سوي يوم واحد ,

فهل يكفيها لتصل الى قلب ادم؟

 

 

1- رائحه الاغنام

اجتاز المدخل بخطي و اسعه كانة نفحه ريح جبليه نقيه ,

تشق طريقا و سط القاعه العابقه بمزيج من رائحه الدخان و العطور .



و فورا تناست تامي الاصوات الدائره حولها ,

رنين اقداح المرطبات ,

وضحكه الرضي الخافته الصاده عن و الدها و هو يقص طرف سيكار فاخر ,

وتسمرت عيناها على الغريب الاسمر تراقبانة و هو يسير قدما فالقاعه ,

ثاقب النظرات ,

يدور براسة الشامخ باهتمام فائق بين جموع المدعوين.


تلاشت الاصوات اذ اخذ الافراد يشعرون تدريجل بوجود الشخص الغريب المديد القامه ,
وراحوا يرمقونة بامتعاض لانة بغطرستة كمن يقول :


” من كان الرجل الاروع هنا قبل دخولي؟”.


لم تكن تامي بحاجة للالتفات حولها ,

عدد ضئيل من الحاضرين كانوا يفوقونة طولا ببضعه سنتيمترات ,

وكان منهم من تضاهى مناكبهم منكبية عرضا او من يفوقة و سامه ,

الا انه لم يكن بينهم واحد تحيط فيه هاله الرجوله الصارخه المحيطه بهذا الغريب .

وقالت فنفسها ان ذلك الرجل هو ابن هذي الارض الطيبه ,

ومع ان انسدال سترتة الانيقه بلياقه على كتفية و سلوكة المترفع دلا على عدم كونة غريبا عن المجتمع ,

فقد كان فتصرفة ما ينبىء عن عدم اتساع و قتة لمثل هذي المناسبات الاجتماعيه ,

وانة قد يانف الاتاحه لها ايجاد سبيل الى و قتة الثمين.


و هتفت احدي الصديقات هامسة:


” يعجبنى ,

يعجبنى يا تامي ,

عرفينى عليه ,

ارجوك”.


” لن يتم لك هذا ,

هذا الرجل لن يصبح الا لي”.


ترددت هذي الكلمات فمخيلتها .



ارتسمت على شفتيها ابتسامه غامضه ,

وتظاهرت بعدم سماع ما قالتة الصديقه و اجابت:


” استاذنك فالذهاب للاهتمام بهذا الضيف الذي وصل متاخرا “.


و كان همها ان تقوم ,
ولو لمره واحده ,

بواجبها كمضيفه باسلوب يحوز اعجاب و الدها و تقديرة ,

فانطلقت نحو الضيف الواقف و سط القاعه لا يبدو عليه الانزعاج من عزلتة .



انطلقت نحوة مدركه ان ثوبها الصوفى الفضفاض ينسجم و قوامها المتناسق الممشوق ,
وبصوتها المبحوح الذي قال الكثير من المعجبين انه خلاب ,

سالت:


” هل احمل اليك كوبا من المرطبات يا سيد…… اسفه لا اعرف اسمك ,

ادعي تامي ما كسويل و انت ,

احد اصدقاء و الدى على ما اظن؟”.


عندما استدار نحوها بدا عليها شيء من الزهو بانتظار سماع الاعجاب السريع الذي كان عاده يتبع تقديم نفسها الى رجل لائق ,

وما ان استقرت عيناة عليها حتي شعرت بالارض تميد تحت قدميها و اكتنفتها عاصفه من الاحاسيس ,

وشعرت و كان راسها فدوامه جارفة.


حاولت ان تمالك نفسها ,

وتخيلت كيف ستضحك صديقاتها اذا حاولت ان تصف لهن هذي التجربه المثيرة.


و مضه من االبصيره حملت اليها الحل لمشكلة شغلتها شهورا عديده ,

لم تستطع تفسير تلكؤها فمجاراه رفيقاتها اللواتى يعتبرن الانحلال الخلقى عنصرا ضروريا فالحياة العصريه ,
ولكنها لم تتمكن بعد من اقران القول بالفعل ,

كشابه متحرره ,

جاهرت باصرار ,

بايمانها بحق المرأة بالحريه فكل شيء.


جار ردة كدفقه من الماء البارد ,

كان ممكن لحيوان قذر ان يسترعى اهتمامة اكثر مما استرعتة الفتاة ذات الشعر المعقوص بشكل قبعه ناعمه ,

تتهدل على جبهه عريضه ,
وذات العينين العسليتين الساحرتين ,

والانف الشامخ و و التي هي محط انظار معظم الرجال ,

هذا الرجل ليس واحدا منهم.


قال باقتضاب:


” تشرفنا ,

انسه ما كسويل ,

ادعي ادم فوكس ,

اذا كان و الدك هو جوك ما كسويل فيصبح هو من خاطبت هاتفيا فمطلع ذلك المساء ,

ودعانى للحضور فالثامنة و النصف”.


ازاح طرف كم قميصة لينظر الى ساعتة :


” تكرمى بارشادى الية ,

وقتى ضيق”.


” لماذا لا تبقي و تشاطرنا العشاء؟”.


و ارتسمت على شفتيها ابتسامه ما كره بعدها تابعت :


” انصحك بذلك ان شئت محادثه و الدى فامور تتعلق بالعمل ,

لانة يصبح اكثر لينا بعد و جبه فاخره ,

ولا تدع ذلك الحشد يمنعك من قبول دعوتي”.


قالتها بكيفية اقرب الى التوسل ,

واضافت:


” جاؤوا لتناول المرطبات فقط ,

وبعد قليل يرحلون ,

ولن يصبح الى المائده سواى و والدى ,

فاذا قررت مشاركتنا العشاء يمكننا تمضيه السهرة فالتعارف بعد ان تنجز عملك”.


و مره ثانية ارتفعت اليد و انحسر الكم و نظر الى ساعتة :


” يجب ان استقل القطار بعد اقل من ساعة”.


” و يحه”.


قالت بينها و بين نفسها و هي تسير فيه الى حيث كان جوك ما كسويل يسرد مصاعب الحياة التجاريه على جماعة من اترابة ,

واشرقت اسارير سامعية عندما اقتربت تامي و فاعقابها شاب مقطب الجبين.


” حفله ممتعه يا عزيزتى ,

تبدين جميلة الجمال ذلك المساء “.


صدرت هذي الكلمات عن رجل كهل.




ضاقت عينا جوك ما كسويل ,

وكان من البلاهه بحيث لم يدرك ان اللون الذي يكسو و جنتيى ابنتة مبعثة الانفعال ,

وقد لمحت عيناة الخبيرتا دموع الغيظ التي تترقرق فعينيها ,

رمق الشاب الذي يرافقها بنظره تفيض فضولا ,

ما من رجل فحياة ابنتة الصاخبه استطاع ان يخترق قوقعتها العصريه الى حد ابكائها ,

انفرجت اساريرة اعجابا عندما قدمتة تامي اليه.


” ابي ,

هذا السيد يقول انه على موعد معك”.


” لا شك انك ادم فوكس “.


قالها جوك باسما:


” يؤسفنى اضطرارى الطلب اليك بحث امور العمل خارج ساعات الدوام ,

ولكنك قلت ان و قتك ضيق فلم اجد مناصا من هذا ,

تفضل الى مكتبى فنتبادل الحديث دونما ازعاج”.


و افق ادم فوكس على الدعوه بايماءه من راسة و غادر القاعه فاعقاب جوك مخلفا تامي و راءة يساورها شعور بكونها مهجوره فو احه تغص باناس اشبة بالدمي ,

ولمدة عشر دقيقة راحت تتجول بين الحضور ,

وعيناها القلقتان عالقتان بباب مكتب و الدها ,
وكم كان ارتياحها عظيما عندما قام اول المدعوين مودعا ,

وما هي الا برهه حتي خلت القاعه الا من نفر ضئيل منهم ,

ونظرت الى الفوضي التي تعم القاعه و اطلقت زفره ,

كانت الحفله ناجحه فلماذا ينتابها ذلك الشعور بالقلق و عدم الرضى؟


كان ستيف هاريس احدث المغادرين فمدت الية يدها مودعه الا ان نظراتها التائهه استرعت انتباهه.


” حفله جميلة يا عزيزتى ,

ضمت الكثير من الناس المثيرين للاهتمام “.


قال هذا و ربت على جيب سترتة بعدها اضاف:


” توفرت لدى مواد تكفى زاويتى فالصحيفة لعده ايام”.


و بلهجه عاديه سال:


” من هو ذاك الشاب المتعجرف ؟

هل هو طريدتك الجديدة؟
لا تكتمى الامر عنى ,

ثمه تفاهم بيننا ,

هل تذكرين؟”.


هذي الكلمات اثارت حذر تامي ,

يحاول ستيف اصطياد المواد للزاويه التي يحررها فاحدي الصحف اليومية ,

كل صباح تلتهم مثيلاتها التعليقات التي يحررها عن المجتمع اللندنى ,

وكانت فالماضى نسر الية بمعلومات تجعلة يجرى كالملهوف لاستقصاء اخر الفضائح ,

اما الان فانها تعتبر تدخلة عدائيا.


و قالت ببرودة:


” انه احد معارف و الدى فالعمل ,

فلا تتماد معى لئلا تفقد موردا رئيسيا لمعلوماتك”.


” لا تلومينى على محاولتى ,

خاصة انك الوحيده التي لم تكن مره موضوعا لاحدي مقالاتى ,

لانك لم تقترفى ايه هفوه بعد”.


نظر اليها مليا و قال:


” يدهشنى هذا ,

فانت غارقه فالجو المتحرر ,

فى فرنسا فيللا فخمه تحت تصرفك ,

وهنا فلندن تملكين ذلك البيت و يختا دائم الاستعداد للابحار ,

ولديك وقت فراغ غير محدود ,

والمال الوفير لتحقيق كل رغباتك ,

ومغريات الوقوع فالخطا كثيرة احيانا ,

اما ان تكوني مثالا للفضيله او انك شديده التكتم !
”.


دفعت فيه عبر الباب للتخلص منه خشيه ان ينفتح باب مكتب و الدها و يضيع منها اروع رجل لاح فافق حياتها.


“| حديثك يضاهى كتاباتك سخافه يا ستيف ,

الي اللقاء”.


لم يكن ما يدعوها للخوف ,

اذ انقضي ما يناهز الساعة قامت خلالها بتنظيف القاعه و ترتيبها و فتحت النوافذ لتنقيه جوها من الدخان ,

ثم جلست على مقعد و ثير متظاهره بتصفح احدي المجلات ,

بينما كانت بالواقع تبذل جهدا فائقا لكي تبدو رصينه ,

كاد صبرها ينفد عندما فتح الباب و عاد ادم فوكس و والدها الى القاعة:


” تامي ,

هلا اعددت غرفه الضيوف ؟

لم يكن ادم ينوى المبيت هنا ,

ولكن حديثنا طال و فاتة القطار فاصريت على مبيته لدينا”.


نظرت تامي الى و الدها و ربما تجدد حبها لهذا الرجل المكتنز الذي ممكن الاعتماد عليه دائما كحليف.


و قالت متلعثمة:


” بكل سرور ,

ساهتم بذلك حالا”.


بدت الحيره على ادم فوكس ,

وبان الذهول فعينية ,

غير ان صوتة كان جارفا :


” اكدت لوالدك انه لا داعى لازعاجك ,

بامكانى المبيت فعينية ,

غير ان صوتة كان جارفا :


” اكدت لوالدك انه لا داعى لازعاجك ,

بامكانى المبيت فاحد الفنادق”.


قال جوك برقة:


” هراء يا بنى ,

انا من الشمال و اقدر لك ترددك فالقبول بمنة من احد ,

وارضاء لكرامتك ساطلب منك خدمه بالمقابل”.


سارع ادم الى القول:


” ارجوك ان تفعل”.


رسخ لدي جوك اعتقادة بانه يتعامل مع رجل حاد الطباع فقال ادم :


” كنت بالغ الكرم و خاصة فما يتعلق بالعمل ,

واذا كان من سبيل لاظهار امتناني…..”.


قال و الابتسامه تداعب شفتية :


” هناك يا بنى ,

بعد قليل ساضطر للخروج و ذلك يعني بقاء هذي الصغيرة و حيده معظم فتره الليل ,

هل تتكرم بالبقاء برفقتها ,

وفى هذي الخلال تريك المناظر الخلابه هنا؟”.


لاح الاستياء على محيا ادم فوكس ,

وما لبث ان زال بعد ان بذل جهدا كبيرا و قال باقتضاب:


” بكل سرور”.


اثار استخفافة غيظ تامي و كادت تنفجر غضبا ,

الا انها كبتت غيظها و اجتازت محنه تجاهل ادم فوكس لها و ربما كان طوال فتره العشاء يوجة جديدة الى و الدها مباشره ,

امارات الغم الممزوج بالغيظ الباديه على محياها اطربت جوك و بكل خبث راح يطيل تعذيبها بتشجيع ادم على الاسترسال فالحديث عن العمل ,

مما اضطرها للمشاركه فالحديث بعد عده محاولات لتغيير الموضوع.




” هل تتعاطي الاعمال التي يتعاطاها و الدى يا سيد فوكس؟”.


نظرتة اليها حملت العديد من الدهشه ,

وكانة كان يتوقع منها الالتزام بقيامها بواجبها كمضيفه فحسب ,

اجابها:


” ليس بالمعني الصحيح ,

والدك يملك مصنعا لغزل الصوف و حياكتة ,

وانا امثل مجموعة من مربىالاغنام على الحدود ,
ويهمنى ان ابيع الصوف ,

نربى الاغنام و جز صوفها لنوفر المواد الاوليه للاقمشه التي يحوكها و يبيعها و الدك”.


” ذلك ممتع”.


كانت نبره صوتها كاذبه …….فتابعت:


” عندما رايتك ادركت انك من محبى العمل فالعراء”.


اجاب موافقا:


“اننى فعلا امضى اطول وقت يمكن فجبال كمبريان “.


قالت مستفسرة:


” جبال كمبريان”.


اجابها و كانة يتساءل ان كانت هنالك جبال سواها:


” على الحدود الانكلوسكوتلاندية”.


انفرجت اسارير تامي ,

واخيرا و جدت قاسما مشتركا بينهما ؟



” هل سمعت هذا يا ابي؟
ربما كان اسلافنا جيرانا!”.


و وجهت حديثها الى ادم بحماس:


” تنحدر عائلة و الدى من انانديل على حدود سكوتلاندا الجنوبية”.


حتي لاحظ رده فعل ادم لدي سماع ذلك النبا ,

وتساءل عن اسباب ضغطة على شفتية و الحركات العبنوته التي يقوم فيها بقبضتة ,

وللحظه خبا بريق عينية كما يحدث عندما تمر غمامه عبر الشمس .

وعندما انقشعت الغمامه كانت نظره ادم اكثر اشراقا و راحت تجوب ملامح جوك و كانها تسبر غورها.


قال بعبوس :


” قد كنا فعلا جيرانا ,

اجد شبها كبيرا بينك و بين صورة ملعقه فمنزل احد جيرانى و هي تمثل رجلا يدعي جوك الاسود من انانديل”.


ما ل جوك الى الامام باهتمام قائلا:


” كم اود ان اراها ,

انتقلت عائلتى الى هنا منذ جيلين عندما افتتحنا اول مصنع للنسيج ,

ولكن انهماكنا فتنميه اعمالنا شغلنا عن زياره اقربائنا السكوتنديين ,

كنت اجهل ان لى امثال هؤلاء الاقرباء ,

اظنهم كانوا مرموقين “.


ثمه شيء فنظره ادم الحاده افقدت ضحكتة رونقها ,

فقال:


” كانوا معروفين جدا جدا فايامهم ,

ولا يزال اهالى الحدود يذكرون ما ثرهم حتي يومنا ذلك “.


ارتعد كيان تامي ,
كان صوتة مرتعشا و يبدو ان ما سمعة اسباب له صدمه ,

والعبارة التي استخدمها لوصف اسلافها كانت بعيده عن الاطراء ,

كان بامكانة و صفهم بالبارزين او بالمشهورين ,

ولكنة اختار عبارة معروفين جدا جدا ,

معروفين جدا جدا بماذا؟
الكثير من اللصوص و الاوغاد كانوا معروفين جدا جدا ,

وهذه الصفه ممكن ان تنطبق على القتله ايضا.


استبعدت تامي فكرة كونة نادما على تعاملة مع و الدها و كان جوك ما كسويل شهما عندما يخطىء احد الذين يعجبونة ,

ويبدو ان ذلك الغريب المديد القامه ربما حظي باعجابة ,

وهذا يفسر الرضي الذي لاحظتة تامي عليه لدي دخولة القاعه ,

واذا كان الغريب يمثل مجموعة كما يقول ,

فهو لا يملك الحريه باتباع ميولة الشخصيه ,

ولا يمكنة الانسحاب من الصفقه المعقوده حتي لو كان يتمني هذا ,

بل يحتم عليه الشرف وضع مصلحه مربى الاغنام فوق مشاعرة الشخصية.




2- جروه منبوذة!

خيم جو من التوتر طوال فتره العشاء ,

حتي جوك قليل الملاحظه شعر بان ضيفهما غارق فافكارة ,

وتولاة ضيق شديد لان ادم المنكمش على نفسة لم يخرج اي ميل لتلطيف الجو.


بعد العشاء تولاة مزيج من الشعور بالاطمئنان و الفضول فاسرع ليترك الساحه لتامي ,

اسلوب الرجل الشمالى القليل الكلام كان بعيدا عن الاستهتار ,

ومع هذا كان جوك فاعماقة شديد الثقه ,

وضع كنزا ثمينا من المزايا الحميده لمن يرغب فالتنقيب عنه ,

ولكن هل كانت ابنتة المدلله المتقلبه الاهواء تملك القوه الكافيه و العزمالحقيقي اللازمين لاختراق قوقعت الرجل الصلبة؟
من الواضح انها و قعت فحبائلة ,

وهذا الاسباب =ادهش الشاب باستعدادة لشراء جميع ما لدية للبيع ,

وتعمد اطاله الحديث الى ما بعد موعد القطار ,

تعودت تامي منذ و لادتها ان تحصل على جميع ما ممكن شراؤة بالمال ,

وبما ان ادم فوكس لم يكن برسم البيع فقد سلك ذلك السبيل ليمهد الى المزيد من اللقاءات بينهما فالمستقبل متيحا لها الانفراد لبضع ساعات بالرجل الذي استهواها اكثر من اي رجل اخر.


قال و هو يتجة نحو الباب:


” اتمني لكما و قتا ممتعا ,

ساعود فحوالى الساعة الواحدة”.


سيطرت على تامي احاسيس شتي ,

فتهاوت على اريكه و ثيره و فرشت ثوبها حولها و خيل اليها انها تكاد يغمي عليها ,

ولكنها تمالكت نفسها و ربتت على المكان المجاور لها و بابتسامه رقيقه دعتة للجلوس قائلة:


” اجلس هنا ,

واخبرنى بكل شيء عن نفسك يا سيد فوكس ,
كلا ,

الا تعتقد ان اسم ادم اروع ؟

والاروع ان تنادينى باسم تامي”.


لوحت و جنتيها حمره الخجل عندما تجاهل دعوتها و اختار الجلوس قبالتها ,

تفصل بينهما سجاده كبيرة.


و بصوت رخيم قالت:


” ما الذي تنوى عملة ,

مشاهدة مسرحيه او ارتياد احد المقاهى او التجول فالمدينه و الاستمتاع بمباهجها ؟
”.


فاجاب:


” بالنسبة الى ,

لندن تفتقر الى المباهج ,

واجد احراجا فمشاهدة المسرحيات المعلن عنها ,

واعتبر المقاهى مثيره للسام ,

اما المباهج الحقيقيه فاجدها فاوساط تختلف كليا عن تلك التي ذكرت”.


قاومت تامي سخطها و ازداد انفها شموخا ,

ولو كان المتكلم رجلا سواة لاجابتة بانه فظ لئيم ,

وكانت هاتان العبارتان تراودان لسانها و عل اهبه الاانطلاق ,

الا ان و سامتة لجمتها مره ثانية ,

ووجدت نفسها غارقه فالعينين الزرقاوين الخلابتين .



” لا شك ان هنالك ما ترغب فملة ,

الا اذا كنت تفضل تمضيه الامسيه هنا”.


تفوهت بهذه الكلمات بوداعه فائقه .



سرعه نهوضة اعربت عن نبذة لتلك الفكرة .



” ارغب فتنشق الهواء الطلق ,

هل من منتزة قريب هنا ؟

والا فبامكاننا المشي على ضفه النهر”.


” المشي؟”.


رددتها بصوت خافت ,

لم يسبق لحذائها الثمين ان لامس الطريق ,

ومع هذا عندما اوما ايجابا هبت على قدميها و اندفعت نحو غرفتها.


” يجب ان ارتدى ثيابا اكثر دفئا ,

امهلنى خمس دقائق”.


راعها ذلك الاارتجاف فيديها ,

وهي تخلع عنها ثوب السهرة الانيق ,

وراحت تبحث فخزانتها عن ملابس مناسبه لتجول فالشوارع فهذه الامسيه الباردة.


كانت خزانتها تغطى جدارا كاملا من غرفتها ,

وتغص بعشرات الاثواب الانيقه ,

وجميعها صممت للارتداء فالاوساط الراقيه حيث تمضى تامي معظم اوقاتها.


و لكنها اشاحت عنها جميعا ,

ثم تذكرت رحله التزلج التي قامت فيها فالعام المنصرم و الملابس الكثيرة التي ابتاعتها لتلك الرحله ,

فاندفعت الى الطرف الاقصي للخزانه و فتحت بابها ,

بذلات و سترات و قمصان صوفيه سميكه ,

كانت الخادمه ربما كدستها تحت الاغطيه القطنيه ,
فتناولت اول بدله و صلت اليها يدها و ارتدتها .
توقفت امام المرأة لحظه قبل ان تهرول خارجة:


” لا باس “.


قالت هذا مثنيه على صورتها فالمرأة و ربما سرها ان البدله ابرزت جمال قوامها و ان قماشها الصوفى الزاهى يتناسب و شعرها الكستنائى الناعم.


” هذي البدله ستلفت انتباهة الى حتما”.


قالت هذا بحماس و استدارت على عقبيها يحدوها سوق لمعرفه تاثير جهودها عليه.


كان ادم فوكس يتنظر بفارغ الصبر ,

وقد امتدت يدة الى الباب عندما اجتازت السجاده راكضه نحوه.


” خمس دقيقة ,

كما و عدت”.


و ارتسمت على شفتيها الابتسامه الخلابه التي تحتفظ فيها لوالدها ,

ولما كانت تنتعل حذاء منخفض الكعب امالت براسها الى الوراء لتنظر الى و جهة الذي لوحتة الشمس و انتظرت بترقب ,

مشدوده الاعصاب ,

وعندما اجابها بدون اهمام:


” هيا بنا”.


شعرت و كانها جروه قذره منبوذة.




بعد ساعتين من الهروله فالطرقات ,

فى محاوله لمجاراه خطاة الواسعه ,

ادركت تامي ان الغايه من هذا هي ارهاقها جسديا ,

وكان ادم فوكس بين الحين و الاخر يلقى على محياها نظره عابره فيري امارات الالم باديه عليه و يرتسم طيف ابتسامه شامتة.


فالبداى ,

نبذت فكرة كونها ليست اهلا له ,

ولكن كلما كان غمها يزداد حده ازدادت امارات الرضي و ضوحا على محياة مما جعلها تتميز غيظا.


و جارتة الخطي بكل عناد فيما تزاحمت الافكار فراسها ,

لم تتعرض فحياتها الى هذي المعامله الخشنه و خاصة من الجنس الاخر ,

من البديهى انه كان يحتقرها و يحتقر الطبقه التي تنتمى اليها ,

وهذه هي طريقتة الوضيعه فالاعراب عن ازدرائة ,

تمنعة عجرفتة من مشاهدة مسرحيه ,

ويترفع عن ارتياد المقاهى ,

ودقيق جدا جدا فاختيار مرافقية ,

كان ادم فوكس المتعجرف ,

المعادي للمجتمع بحاجة الى من يستفزة ليقلع عن هذي الصفات البغيضه ,

وكانت هي الكفيله بذلك.


و حصل الاستفزاز بسهوله و بدون توقع:


توقف فجاه ليواجهها بقوله:


” فالواقع يا ابنه المجتمع المخملى ,

لاول مره فحياتك تبذلين جهدا جسديا ,

والواضح انك لا تجدين متعه فذلك ,

هل استدعى سيارة اجره تعيدك الى الشقه ؟

بذلك تساهمين و لو قليلا بعمل اجتماعى و هو مساعدة سائق السيارة على كسب عيشه”.


ذلك السيل من الكلمات الجارحه جعلها تحبس انفاسها ,
ولما حاولت الكلام كان عقلها يعمل بالسرعه و الدقه اللتين امتاز بهما و الدها الذي شهد له الكثيرون بكونة يملك اذكي عقل تجارى فبريطانيا باسرها.


كانا يجتازان احد الجسور عندما توقف فجاه و اخفاء لامتعاضها اتكات على السياج و راحت تنظر الى تدفق المياة الداكنه .



” يؤسفنى احتقارك لى ,

هل من عادتك الاستنتاج بسرعه ؟
”.


” اكون اعمي و اصم اذا لم اعرف اي نوع من الناس انت ,

فراشه مجتمع ,

طفيليه ,

تاخذين و لا تعطين شيئا بالمقابل ,

صحيح انك رائعة و لكنك تافهه ,

انانيه ,

انت تشكلين خساره تامه للجنس البشري”.


” يا لسعه ادراكك!”.


قالتها و فحلقها غصه و ربما تولاها غضب شديد من نفسها لان عينيها اغرورقتا بالدموع ,

لماذا تبالى براى ذلك الحطاب المتخلف؟
انها بنت مرغوبه و يتمناها عشرات الرجال الذين يفوقونة و سامه و لباقه ,

فلماذا انكمشت تحت لسعات ازدرائة لها؟
قالت له:


” اود ان اريك شيئا قبل ان نعود الى الشقه ,

واؤكد انه سوف يستهويك و هو ليس بعيدا ,

جارنى فذلك ,

ان لم يكن ارضاء لى فاكراما لوالدي”.


ذكرها لوالدها اصاب و ترا حساسا لدية ,

لا شك ان الصفقه المعقوده بينهما تضمن ربحا كبيرا لجماعة مربى الاغنام ما دام ممثلهم يبدى ذلك العرفان الفائق بالجميل.


فقال باستخفاف:


” سيرى امامي”.


كتمت تامي فرحتها بهذا الانتصار و سارت فيه نحو سلم ينحدر صوب النهر حيث اصطفت اعداد كبار من الزوارق الصغيرة ,

وسار خلفها يدفعة الفضول ,

وعندما توقفت مشيره الى زورق فخم رائع ,

ارتفع حاجباة دهشه و تبعها الى متن الزورق من دون ان يفوة بكلمه ,

ثم هبطا سلما الى المطبخ فاشارت بيدها الى المساحه الصغيرة و قالت:


” هلا اعددت لنا الشاى بينما اذهب لاقتراض زجاجه من الحليب؟”.


قالت هذا و قفلت راجعه الى سطح الزورق بدون ان تنتظر ردا منه ,

وتركتة يبحث بفضول فالمساحه الضيقه التي تحتوى على طاوله الى جميع جانب منها مقعد و ثير ممكن تحويلة الى سرير ,

وعلي مطبخ حسن التجهيز بخزائن حافله بالمواد الغذائية.


و عادت بعد نص ساعة تحمل نص زجاجه من الحليب ,

وكان ادم فوكس ربما اعد ابريقا من الشاى و وضع فنجانين على المائده .



” يدهشنى اعتبارك للذهاب ضروريا ,

الخزانه تغص بالحليب امعلب”.


تولي تامي الحياء و سارعت الى القول :


” اروع الحليب الطازج ,

فالحليب المعلب يفسد نكهه الشاي”.


شعرت بالارتياح عندما تقبل تفسيرها :


” اعتقد ان ذلك الزورق هو العوبه ثانية اشتراها و الد متساهل”.


“انة ليس العوبه ,

بل احبة و امضى فيه ساعات طويله اجوب فيه النهر”.


” بمفردك؟”.


” غالبا”.


” تدهشيننى ,

لم يخطر لى انك تحبين الوحدة”.


” و لكنك لا تعرف عنى الا القليل ,

واستنتاجاتك مبنيه على اراء و هميه ,

لا على معرفتك الشخصية”.




تجاهل قصدها .



” الزوارق تنتشل من الماء فالشتاء عندما لا تكون قيد الاستخدام ,

ويجب حمايتها من الطقس بقدر الامكان”.


” اعلم هذا ,

ولكننى استخدمة على مدار السنه و ليس فقط فالصيف ,

واقوم باعمال كثيرة لصيانتة ,

ثمه خبير يكشف عليه بين الحين و الاخر ,

وانا اقوم براب الشقوق و طلائة بنفسي”.


نظره عدم التصديق التي بدرت منه كانت مثيره للغضب فهبت على قدميها تاركه فنجان الشاى على المائده ,

وصعدت الى سطح الزورق ,

شعرت بموجه من السرور تسرى فشرايينها عندما ادارت المحرك و راح صوتة يتردد على مسامعها ,
,
وبلطف فائق ابتعدت بالزورق عن المرسي المزدحم اخذه بعين الاعتبار ان اي احتكاك بزورق ربما يقذف بوجبه الاكل ارضا ,

وعندما تاكدت ان ممرها خال انطلقت بالزورق الى عرض البحر.


و ما هي الا ثوان حتي لحق فيها كما كانت تتوقع.


” ما الذي تفعلينه؟”.


تعالى صوتة فوق ضجيج المحرك .



” البحر ليس مكانا للمبتدئين “.


و بسرعه التفتت يمينا و يسارا متفحصا الانوار على الجانبين ,
وبذلك كشف عن معرفتة لقوانين البحار مما اثار حميه تامي”.


” لا تقلق ,

فقد درست التقويم البحرى ,

وجدول المد و الجزر و نظام العوم و لذلك يمكنك الاطمئنان معي”.


كان سبر غور الظلام تسليه خطره بينما كان الزورق القوي ينطلق تحت توجية يديها الماهرتين ,

لا وجود ادم فوكس المحترق غيظا و لا شتائمة التي كانت تصفع مسمعها ,

استطاعت القضاء على شعورها بالقوه و بسيطرتها التامه على ذلك الرجل المتصلب.


كانت تتوقع موقفا ظيفا عندما تبدر من المحرك اولي اشاراتة بالتوقف ,

وكان عليها ان تبذل جهدا فائقا لابعاد رنه الشماته عن صوتها و هي تجيب على سؤاله:


” ما الامر؟”.


بقولها :


” لست ادرى ,

لم ادرس فن الميكانيك البحري”.


” يا الهي!”.


كان تصلبة لينا اذا قورن بنبره صوتة الغاضبه ,

وفى تلك اللحظه توقف المحرك كليا ,

مخلفا و راءة صمتا رهيبا.


” ما الذي حدث برايك؟”.


سالتة بوداعه و هي تتسلل من جانبة مبتعده عن قامتة الضخمه .



فاجاب متجهما :


” جهاز ادارة المحرك او الضغط او الوقود ,

اننى اشكر الله لكوننا بعيدين عن الخط الرئيسى لمرور السفن!
ولكن على سبيل الاحتياط راقبى جيدا بينما اكشف على المحرك”.


هزت تامي كتفيها حبسه ضحكه راودتها ,

بينما راحت تراقبة و هو يكشف على المحرك ,

وعندما اقتنع بانه غير معطل حول اهتمامة الى جهاز الضغط و كاخر سهم فجعبتة حل انبوب الوقود.


تشنجت و هي تتوقع ان ينفجر غاضبا ,

ولكن عندما استدار ليواجهها كان صوتة هادئا الى حد لا ممكن تصديقه.


” نفد الوقود …….
الخزان فارغ”.


” اة ,

يا لحماقتي!”.


كان ارتجاف صوتها حقيقيا لا تصنع فيه.” لا باس ,

سنضطر الى المبيت على متن الزورق و فالصباح نجد من يقطرة لنا”.


خيم صمت طويل مشحون بالترقب ,
وراحت تتململ باضطراب ,

واخذت تتساءل عن الافكار التي تتزاحم و راء عبوسة ,

والكلمات اللاذعه التي ستنطلق من فمة ,

وبجهد استطاع السيطره على نفسة و جعل ردة عبارة مقتضبة.


” اهبطي انت ,

سامضى الليلة على سطح الزورق”.


و اعترضت قائلة:


” و لكن البرد شديد”.


” اهبطي يا انسه ما كسويل “.


” سافعل ,

ولكن لا تلمنى اذا انهمر المطر عليك”.


امضت الساعات مستلقيه على الاريكه مصغيه الى و قع خطاة على سطح الزورق ,

ولما لاحت تباشير الفجر راحت تشجع نفسها على مواجهتة ,

ولكنها رات ان اروع و سيله لتهدئه الوحش الثائر هي اعداد افطار شهى له.




وسريعا ما عبق الجو برائحه الاكل المؤلف من البيض و اللحم ,

وكالمغناطيس اجتذبت اهتمام الرجل الكليل العينين فهرع الى المطبخ و طوق فنجان القهوه الساخن باصابعة المتجعده ,

نظره واحده الى عينية الزرقاوين المنغلقتين انباتها بان الوقت غير مناسب لتقديم الاعتذار ,

وبدون ان تفوة بكلمه و ضعت امامة صحنا حافلا بالاكل ,

وانتظرت بصمت الى ان التهم جميع محتوياته.


” ايها القوم”.


و صلهما ذلك النداء بوضوح عبر المياة ,

وتقابلت عيونهما بعدها قفز ادم مندفعا الى سطح الزورق و لحقت هي فيه ,

كان ثمه زورق دوريه نهريه بمحاذاه زورقهما.


” هل انتما فما زق؟”.


انطلق ذلك السؤال من مكبر الصوت.


و اجاب ادم :


” يلزمنا من يقطر لنا الزورق ,

هلا اسديتم الينا ذلك الجميل؟”.


و كان الجواب :


” بكل تاكيد ,

سنرسيكم باسرع ما يمكن”.


بعد ساعة بر طاقم الزورق بوعدة و اعادهما الى مرساهما سالمين ,

ولوحا بايديهما للطاقم شاكرين مودعين ,

تقبل الرجال قول ادم ان الوقود نفد منهما ساخرين ,

ولحسن حظ تامي كانت كلمات السخريه معدوده ,

ولكن بينما كان منقذوهما يرحلون شعرت بان صبر ادم ربما نفد.


و بينما كانا يترجلان الى الشاطىء ,

ثمه ساعة اعلنت الخامسة ,

تمتم قائلا:


” سنكون محظوظين اذا و جدنا سيارة اجره فهذه الساعة المبكره ,

استعدى لمسيره طويله للعوده الى الشقه “.


لاول مره منذ ساعات نظر مباشره الى محياها الرصين ,

ردت الية النظره بثانية جريئة و ربما ندمت على تسرعها ,

خوفها من الانتقام منعها من الاقرار بان ما حدث لم يتعد كونة مزاحا.


و مضه من نور بهرت عينيها ,

ولاول و هله عزت هذا الى تاثير ادم على مشاعرها ,

وعندما ادار راسة تبعت عيناها الاتجاة الذي تركزت عليه نظراتة المنفعلة.


لوح ستيف هاريس باله التصوير و على شفتية ابتسامه عريضه .



” صورة ثانية على سبيل الاحتياط !
”.


و ابتسم اخرى قبل ان تلتقط الاله صورة اخرى لهما و هما فحالة من الذهول الشديد!




3- حرب بين قلبين

نادرا ما كانت تامي تشارك و الدها اكل الافطار ,

ولذا بدت عليه الدهشه عندما راها تجلس فالمقعد المجاور له ,

لم يكن للسهر اي اثر على محياها باستثناء تعب طفيف فعينيها ,

زال عندما جالت ببصرها فمحياة الهادىء ,

كان من الواضح انه يجهل ما جري فالليلة المنصرمة.


تاكد لها هذا من تحيته:


“طاب صباحك ,

هل امضيت سهرة ممتعة؟
انا اسف لعودتى متاخرا اذ حدث ما اخرني”.


ارتسمت على شفتيها ابتسامه غامضه ,

سيئه و الدها الوحيده ,

اذا جاز التعبير ,

هى حبة للعب الورق حتي مطلع الفجر ,

وليس فهذا ما يضير ,

الا انه يابي الاقرار بذلك.


” لا باس يا ابي ,

انا كذلك تاخرت بالعوده “.


و قبل ان تباشر بتفسير هذا اطلق ضحكه العالم بالامور قائلا:


” لا تكوني ابنه ابيك اذا لم تنتهزى الفرصه التي هياتها لك ,

ذلك الشاب يعجبك ,

اليس ايضا ؟
”.


قال هذا ضاحكا و راح يدهن قطعة خبر بالزبدة و اضاف:


” لاول مره اوافق على اختيارك ,

و لذا خرجت عن المالوف لاوفر له صفقه جيده ,

كما تعلمين ,

اترك امور المشتريات الى الموظفين المقتدرين ,

ولكننى فهذه الصفقه قبلت بالخساره ,

ليس بدافع العطف على الشاب الذي توسل كثيرا بالنيابه عن شركائة طلبا لسعر اروع من هذا السائد فالسوق ,

بل لثقتى من انه بعد عقد الصفقه سيضطر للعمل بجميع اقتراحاتى ,

والان ,

اخبرينى ,

هل نجحت خطتي؟”.


قالها و هو يقضم قطعة الخبز:


” ذلك ما اود محادثتك به يا ابي”.


و راحت تامي تداعب منديلها بعبنوته ظاهره ,

لاول مره فحياتها لم تكن و اثقه من رده الفعل لدي و الدها ,

كانت على و شك الابتداء بالشرح عندما قوطعت للمره الاخرى برنين جرس الباب ,

وترددت ,

غير راغبه فاستئناف الحديث قبل ان يوليها و الدها جميع انتباهة .



انتظرا بصمت الى ان ادخلت الخادمه الزائر ,

ثم نظرا بدهشه عندما دخل ادم فوكس الغرفه بخطة ثابته تحدوة رغبه فائقه فالاسراع بالرحيل.


” ادم !

كنت اظنك لا تزال نائما!”.


” كلا ,

اكون عاده ربما انجزت نص اعمالى اليومية فمثل هذي الساعة ,

ذهبت الى المحطه للاستفسار عن مواعيد القطارات ,

هنالك قطار ينطلق بعد ساعتين و هذا يناسبنى تماما “.


جوك ,

الذى يعرف طباع ابنتة جيدا نظر اليها و تساءل عن اسباب اهتمامها المفاجىء بمحتويات صحنها ,

ليس من عادتها ان تتحاشي نظره احد ,

ولاحظ ان ادم لم يرمقها بنظره واحده ,
وبدا ان رغبتة فالرحيل تتعدي جميع تهذيب ,

ولما شعر بان و جودة غير مرغوب به تابط الصحيفة و غادر المائده ,

انة لا يفهم اساليب شباب اليوم ,

يسرهم ان يخرجوا غير ما يبطنون.


” ساراك قبل رحيلك”.


قالها و هو يتجة نحو غرفه الجلوس ساخطا لسوء استغلال تجاهلة ,

عندما ابح ادم و تمى و حدهما اخذا يتبادلان النظرات ,

يسيطر على ادم الجفاء و البرود ,

وتامي ياكلها الارتباك و الاحراج.


” هل يعلم؟”.


و تحركت عضله فو جة ادم:


” يعلم ما ذا؟”.


حاولت كسب الوقت و كان يعرف ذلك.


صرخه غضب مفاجئه من غرفه الجلوس اكدت لتامي ما كانت تخشاه.


” اصبح يعرف”.


قالت هامسه و اعدت نفسها للمجابهه التي لا مفر منها.


بدت على ادم دهشه مثيره للمجابهه التي لا مفر منها .



بدت على ادم دهشه مثيره للضحك عندما اندفع جوك الى الغرفه و هو يصرخ غاضبا و ملوحا بالصحيفة ,

وكادت تامي ان تنفجر ضاحكة.


” ما معني هذا؟”.


و لوح جوك بالصحيفة امام عيني ادم :


“اريد تفسيرا ……..
اريد تبريرا مقنعا”.


كان ادم يستعد للرد و اذ بعينية تقعان على صورة تمثل رجلا و بنت يبدو عليهما التعب و الشعور بالذنب ,

وتحت الصورة ملاحظه لاذعه تقول:


” ماذا سيقول الوالد؟”.


و تحت هذا و بحروف اصغر حجما كتب ستيف كلاما حافلا بالسخريه ,

الجملتان اللتان لمحتهما تامي من فوق كتف ادم كانتا كافيتين لتفسير امتقاع لونه:


” ابنه المجتمع المخملى تقضى الليل على امواج البحر ,

الانسه ما كسويل تقع اسيره شاب فاتن من الشمال ,

هل تصدقون ان عذرهما هو نفاد الوقود من زورقهما ؟
”.


” تبا له “.


و عصر ادم الصحيفة بقبضتية القويتين :


” سوف ادق عنق هذا الصحافى اللعين !
”.


اطلق جوك زفره حارة و قال:


” هلا ابديت لى عذرا يمنعنى من دق عنقك؟”.


حملق فيه ادم و قال:


” انك حتما لا تصدق هذي السخافات”.


صرخ جوك غاضبا:


” لا يهم ان صدقت او لا ,

السؤال هو كم من اصدقائنا سيصدقون هذا ؟

الحقت لعار بابنتى و لوثت سمعتى و سنكون محور احاديث اهالى لندن ,

اود ان اعلم بما تنوى ملة حيال هذا “.




استعادت تامي الجراه على الكلام ,

واندفعت تبدى الايضاح الذي تاجل مرتين:


” حقا يا ابي ,

لا لوم على ادم ,
بل يقع الذنب على ,

انا اخرجت الزورق و لم اتاكد من كميه الوقود فكانت النتيجة ان توقفنا لبضع ساعات الى ان قطرتنا دوريه الى الشاطىء فالصباح الباكر ,

وقد امضي ادم اليل على سطح الزورق و نمت انا تحت”.


لم يبد على جوك اي لين و زار صارخا:


” انا اصدقك ,

ولكن هل يصدق الناس ذلك؟”.


و تدخل ادم بعبارات تفيض احتقارا:


” و هل تبالى بتصرفات بعض الاغبياء؟”.


” انني و الله ابالي”.


قالها جوك حانقا.


فالجبال المعزوله تجد مناعه ضد الالسن الثرثارة,
اما نحن فنعايشهم يوميا ,

فى الاشهر القليلة ستكون ربما نسيت ذلك الحادث ,

بينما اطون و تامي هدفا للانتقادات اللاذعه و النظرات الحافله بالمعاني ,

الحقت العار بابنتى ,

فى الايام الغابره كان عمل كهذا يثير العداء المستحكم”.


اعربت تامي عن عدم تصديقها بقولها:


” كم ذلك سخيف يا ابي”.


استدار جوك نحوها و هو يرتجف غضبا و امرها قائلا:


” اذهبى الى غرفتك ,

لى حديث مع ذلك الشاب”.


القت تامي نظره على و الدها ,

كانت ربما راتة يصب غضبة على الاخرين ,

ولكنها لم تكن مره هدفا له ,

شده غضبة كانت مخيفه ,

ولاحظت العروق تبرز فصدغية و توشك ان تنفجر ,

كان يتنفس بصعوبه و احتقن و جهة بلون داكن مخيف.


توسلت الية و ربما اعترتها رهبه مفاجئه :


” يجب ان تهدا يا ابي!”.


نبرتها الهادئه لم تزدة الا انفعالا ,

وبغضب هائل لوح بذراعية باتجاة غرفتها مصرا على تنفيذها لامرة ,

وقفت متردده و نظرت الى ادم الذي اوما براسة فاذعنت و توجهت متمهله الى غرفتها .



جلست فغرفتها مدة ربع ساعة تصغى الى سوت و الدها الغاضب و الى اجوبه ادم الهادئه ,

كان يتكلم بنبره معتدله ,

مزيلا تدريجيا الحده من نبره و الدها .



اما الان و ربما اتيح لها التفكير بنتائج تصرفها الارعن شعرت بتانيب الضمير ,

لم تتوقع ان تسبب جميع ذلك العذاب لوالدها ,

منذ طفولتها و هي مقال محبه و الدها ,

ولو كان و الد سواة لكانت موضع كراهيتة ,

لم تكن المره الاولي التي تحن بها تامي الى حكمه و الدتها و مؤاساتها ,

دللها جوك الى درجه مشينه ضاربا بتحذيرات الاصدقاء عرض الحائط ,

مدعيا ان تصرفات ابنتة المعوجه سيصلحها الادراك السليم الذي و رثتة عن و الدتها و هي سيده فاضله من يوركشاير اعتمد جوك عليها كليا طوال العشرين عاما من زواجهما .



مولد تامي وضع خاتمه لزواج قام على مدي السنين على المحبه و الثقه ,
الطفلة التي طالما توسلاها جاءت متاخره جدا جدا فحياتهما ,

وتسببت بتضحيه و الدتها بحياتها من اجلها.


اغرورقت عينا تامي بالدموع و هي تفكر بالمحبه الفائضه التي لقيتها طوال حياتها ,

وتلطيفا لعذابة من جراء خسارتة ,

صب جوك جميع طاقتة على تنميه اعمالة و انهالت ثمار هذا عليها و هي لا تستحقها ,

كيف ردت الية الرائع ؟

بعمل طائش واحد خانت ثقتة و زعزعت ايمانة و اسكتت الى الابد مباهاتة بان تامي لم تسبب له لحظه من الهم منذ و لادتها .



قرع على الباب و صوت امر انتشلاها من افكارها اقاتمة:


” ارجوك ان تظهرى يا انسه ما كسويل ,

يرغب و الدك فالتحدث اليك”.


طار قلبها استجابه لنداء ادم و اسرعت الى الباب تفتحة ,

كان يقف على العتبه بقامتة المديده و شفتية المومومتين و نظرت الى حيث يجلس و الدها يرشف المرطبات.


” هل انت بخير يا ابي؟”.


و جرت لتجثو عند قدمية و تري بعينيها الخائفتين الامتقاع الغريب الذي يكتنف محياة .



ابتسم جاهدا و كانت فصوتة رنه يشوبها الامل و هو يشير نحو ادم قائلا:


” شرح لى ادم الامر يا عزيزتى ,

ويجب ان اعتذر لكما على ما بدر مني”.


” ادم شرح الامر؟”.


رددتها بحذر و التفتت الية تستقرىء محياة الرصين الهادىء.


” لا افهم لماذا و جدتما صعوبه فاطلاعى على حقيقة مشاعركما………”.


قال جوك متذمرا:


” ربما يهزا البعض بنظريه الحب من النظره الاولي ,

اخبرتك مرات عديده عن لقائى بوالدتك ,

حين رايتها ادركت انها الفتاة الوحيده التي اريدها زوجه لي”.


و مد يدة يربت فيها على راس تامي:


” اجل ,

تلك الساعات الاولي من اكتشاف الامر ربما تتحكم بتفكير المرء و تطرد جميع ما عداها من خواطر ,

اذكر لقاءنا الاول جيدا ,

كنا فحفله و تطوعت ان احمل اليها بعض المثلجات و كانت تقف فاحدي زوايا القاعه و حيده مرتبكه ,

يسيطر عليها الحياء ,

وعندما رجعت اكتشفت ان الحياء يلجم لسانى ,

التقت عيوننا و وقفنا صامتين يسبر احدنا غور الاخر الى ان ارتطم احدهم بذراعى فانسكبت المثلجات على مقدمه ثوبها.


الم الذكري عقد لسانة و بدا لها انه يشيخ امام عينيها الخائفتتين ,

ثم نفض عنه تلك الذكريات الاليمه و بشيء من حيويتة المعهوده خاطب ادم :


” الوقت مناسب الان لاعمل بنصيحتك ,

اشعر بالتعب ,

لذا سانام قليلا و اتركك يا ادم لتنتهز الفرصه التي كنت تتحين ,

لا اشك فما سيصبح ردها “.


لمسات حالمه