هل تستطيع الفتاة السعي وراء رجل من اجل الزواج بوجود وسيط وهذا الرجل يريد الزواج وهو ارمل ولديه ولدان ولكنهم من بلاد مختلفة وسيكون التعارف على النت بضوابط شرعية لمدة قصيرة (قبول او رفض) هل هذه مغامرة وما رايكم بهذا الموضوع ؟
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه، اما بعد:
فان كان هذا الرجل ذا خلق ودين فلا مانع من السعي للزواج به ولو بطريق النت او الهاتف بشرط التزام الضوابط الشرعية ..
ومنها : وجود من ينتفي خوف الفتنة بوجوده، وان كان وليا او محرما فهو اولى، وان لم يمكن فوالدة او خالة او عمة او اخت، والاحسن ان يتولى من معك الحديث عنك .
ومنها : اقتصار الحديث على ما يلزم لاخباره بذلك .
ومنها : عدم الخضوع بالقول .
ومنها : عدم عرض صورتك له .
قال الامام القرطبي في تفسير قوله تعالى: اني اريد ان انكحك الاية: فيه عرض الولي ابنته على الرجل، وهذه سنة قائمة، عرض صالح مدين ابنته على صالح بني اسرائيل، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على ابي بكر وعثمان، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم،
فمن الحسن عرض الرجل وليته، والمراة نفسها على الرجل الصالح، اقتداء بالسلف الصالح قال ابن عمر: لما تايمت حفصة، قال عمر لعثمان: ان شئت انكحك حفصة بنت عمر، الحديث انفرد باخراجه البخاري. انتهى.
ونؤكد عليك ثانية الحذر من ان تستدرجي عن طريق الاتصال بهذا الرجل باي طريق من طرق الاتصال فينبغي ان تفوضي هذا الامر الى احد محارمك من الرجال او تشاركي فيه العقلاء من قريباتك، فكم نصب الخبثاء من الحبائل لبنات المسلمين حتى جروهن الى ما لا تحمد عقباه.
انا مطلقة وعمري 36 سنة، ابحث عن زوج عن طريق الانترنت، فهل يجوز لي ذلك؟
وشكرا
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اما بعد:
فيجوز لك ان تبحثي عن زوج صالح بالطرق المشروعة، فقد فعل ذلك من هو افضل منك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم فعله، ففي الصحيحين وغيرهما ان امراة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله جئت لاهب لك نفسي، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد النظر اليها وصوبه، ثم طاطا راسه، فلما رات المراة انه لم يقض فيها شيئا جلست، فقام رجل من اصحابه فقال: يا رسول الله، ان لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: “هل عندك من شيء؟ فقال: لا والله يا رسول الله . قال: “اذهب الى اهلك، فانظر هل تجد شيئا؟ فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئا. قال: انظر ولو خاتما من حديد، فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد، ولكن هذا ازاري. قال: سهل ما له رداء، فلها نصفه، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تصنع بازارك؟ ان لبسته لم يكن عليها منه شيء، وان لبسته لم يكن عليك شيء، فجلس الرجل حتى طال مجلسه، ثم قام فراه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا، فامر به فدعي، فلما جاء قال: “ماذا معك من القران؟” قال: معي سورة كذا، وسورة كذا، وسورة كذا، عدها. قال: “اتقرؤهن عن ظهر قلبك؟”. قال: نعم. قال: “اذهب، فقد ملكتكها بما معك من القران”.
وقد عرض عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ابنته حفصة بعد موت زوجها، عرضها على عثمان فاعتذر، وعرضها على ابي بكر فلم يجبه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “فخير من ذلك، اتزوج انا حفصة، وازوج عثمان ام كلثوم، فتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة، وزوج عثمان ام كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. والقصة في المستدرك وصحيح ابن حبان.
فهذان الحديثان يدلان على انه يجوز للمراة ان تبحث عن الزوج الصالح، وتعرض نفسها عليه. ويجوز لوليها ان يفعل ذلك نيابة عنها، وقد يكون في ذلك خير كثير ان صاحبه صدق واخلاص، كما حدث لعمر حيث نال ما لم يكن يخطر له ببال من الشرف في الدنيا والاخرة بمصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن هذا العرض لابد ان يكون – كما اسلفنا – بالطرق الشرعية، ولا شك ان فعل ذلك عن طريق الانترنت محفوف بالمخاطر، والمحاذير الشرعية التي تجعل ذلك وسيلة لا يجوز اللجوء اليها.
فمن تلك المخاطر والمحاذير الشرعية ان هذه المواقع المعهودة للبحث عن ذلك، والمعروفة بمواقع هواة التعارف، او البحث عن شريك الحياة او شريكتها، هذه المواقع اوكار للمفسدين والمفسدات الذين كل همهم هو الاصطياد في الماء العكر، وتضليل المغفلين والمغفلات، واللعب على عقولهم، وجرهم الى الفساد والرذيلة.
فلا يليق بمن لديه حرص على دينه وعرضه ان يدخلها، ولا ان يجعل لهؤلاء المفسدين عليه سبيلا، بل كيف يرضى ان يطلعهم علىحاله، ويعرفهم على حقيقة امره، حتى يتمكنوا من التشهير به، وكشف حاله من غير طائل.
ومن تلك المخاطر والمحاذير ان تلك المواقع من الصعب على المرء ان يتاكد من حقيقة ما يتلقاه عبرها من معلومات، فكم من شخص كان على صلة بمن يظنها فتاة، وفي اخر المطاف تبين له انه فتى من هؤلاء المفسدين!! وحصول ذلك للفتيات اكثر.
وحتى لو لم يتحصل تلبيس وتضليل بالنسبة لك، فان تزكية ذلك الشخص، ومعرفة حقيقة حاله من الصعوبة بمكان.
ومن تلك المخاطر ايضا ان داخلها قد يدخل بقصد صحيح ونية بريئة، ولكن سرعان ما ينجر الى ما فيها من فساد وفجور، فيكتفي بالعلاقات الغرامية، والمحادثات العاطفية، فينصرف عن طلب الحلال الى طلب الحرام. نسال الله السلامة والعافية. ونحن اذ نقول ما نقوله من عدم جواز دخول هذه المواقع واتخاذها وسيلة للبحث عن الزواج، فانا ننطلق من واقع هذه المواقع في الوقت الحالي، ولكن ان وجد موقع يشرف عليه اناس صالحون مزكون من طرف اهل العلم والصلاح ذوو خبرة وتجربة، يحتاطون في هذا الامر غاية الاحتياط، ويتخذون كل التدابير اللازمة لحماية موقعهم من ان يكون وكرا للفساد، اذا وجد موقع بهذه المواصفات، فلا حرج في ان يتخذ وسيلة للبحث في شؤون الزواج.
وعلى كل حال، فان الوسيلة النافعة المضمونة هي تقوى الله تعالى والالتجاء اليه وحده سبحانه، وتفويض الامر اليه، فانه الجواد الكريم الذي لا يرد سائلا، ولا يخيب املا، وبيده خزائن السماوات والارض، فعليك بطاعته وتقواه وحسن التوكل عليه. قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شيء قدرا) [الطلاق:2-3].
ويقول ايضا: (ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا) [الطلاق:4].
فعلى من يريد الزواج – رجلا او امراة – ان يتقي الله تعالى، ويفوض امره اليه، ويلح على ربه الكريم في الدعاء، ويرضى بما يقدره الله له ويقضيه، ويبحث عن الزواج بالطرق المشروعة المعهودة، فيوصي من يثق بدينه وورعه وحفظه للسر بالبحث له في محيطه وفيما حوله، فعسى ان يكون لديه خبر عمن يصلح لما يريد.
نسال الله للجميع التوفيق لما يحب ويرضى.
والله اعلم.