السؤال :
مشكلتى انني اطلب القرب من الله عن طريق التحدث مع الناس ،
فعلي سبيل المثال ربما افعل المعصيه فاشعر بالذنب ،
فاذهب و اتكلم مع صديقاتى و اعظهن ان المعاصى حرام و الذنب الفلانى حرام ،
وربما اشير الى نفس الذنب الذي اقترفتة ،
لكنى بالطبع لا افضح نفسي و اقول انني فعلتة و الا لما تقبلوا نصحي و قد ابكى ،
واجد فهذا متنفسا عن شؤم المعصيه التي فعلتها،
وانا بهذا الفعل اشعر انني ارائى ،
وان فعلى ذلك اقرب الى النفاق منه الى الوعظ ،
اذ الاحري بى ان اصب دمع عيني بين يدى الله و ان اندم على معصيتى لدية ،
لا ان اهيج مشاعرى امام الاخرين .
ليس فهذا الامر فحسب ،
فالمعركه قائمة تكاد رحاها لا تقف بينى و بين الشيطان،
ففى جميع عمل افعلة اسعي جاهده قدر الامكان لتخليص نيتى لله عز و جل ،
ولكن الشيطان يحرص جميع الحرص على صرف هذي النيه و تلطيخها بالرياء و السمعه و ما شابة هذا ،
فما العمل؟
ارجو منكم النصح.
الجواب :
الحمد لله
نسال الله لنا و لك الثبات على دينة ،
وان يصرف عنا كيد الشيطان ،
انة عدو مضل مبين .
اعلمي ان الامر بالمعروف و النهى عن المنكر من صفات اهل الايمان .
قال الله تعالى : ( و المؤمنون و المؤمنات بعضهم اولياء بعض يامرون بالمعروف و ينهون عن المنكر … ) التوبة/71 .
و لكن يجب على الامر بالمعروف و الناهى عن المنكر ان لا يخالف قوله فعلة ,
بل يامر بالمعروف و ياتمر فيه ,
وينهي عن المنكر و ينزجر عنه .
قال تعالى : ( يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ) الصف/ 2،
3 .
و قال شعيب عليه السلام : ( و ما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه ) هود/ 88 .
و روي البخارى (3267) و مسلم (2989) عن اسامه بن زيد رضى الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( يجاء بالرجل يوم القيامه فيلقي فالنار فتندلق اقتابة – يعني امعاءة – فالنار فيدور كما يدور الحمار برحاة ،
فيجتمع اهل النار عليه فيقولون : اي فلان ما شانك اليس كنت تامرنا بالمعروف و تنهانا عن المنكر ؟
قال : كنت امركم بالمعروف و لا اتية و انهاكم عن المنكر و اتية ) .
و قال ابن باز رحمة الله :
” و من الاخلاق و الاوصاف التي ينبغى بل يجب ان يصبح عليها الداعيه ,
العمل بدعوتة ,
وان يصبح قدوه صالحه فيما يدعو الية ,
ليس ممن يدعو الى شيء بعدها يتركة ,
او ينهي عنه بعدها يرتكبة ,
هذه حال الخاسرين نعوذ بالله من هذا ,
اما المؤمنون الرابحون فهم دعاه الحق يعملون فيه و ينشطون به و يسارعون الية ,
ويبتعدون عما ينهون عنه ” .
انتهي مجموع فتاوي ابن باز (1 /346) .
و قال ابن عثيمين رحمة الله :
” من اداب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر ان يصبح الانسان اول ممتثل للامر و اول منتة عن النهى ” انتهي من “شرح رياض الصالحين” (ص 202) .
ومن و عظ اخاة فمعصيه يقع هو بها : فهذا مع كونة لا يليق بالمسلم الا انه ليس من النفاق او الرياء .
سئلت اللجنه الدائمه :
اذا كنت اعظ اخوانى و احذرهم من بعض المعاصى ،
لكن اقع انا فهذه المعاصى ؛
هل اعتبر منافقا ؟
فاجابت اللجنه : ” يجب عليك التوبه من المعاصى و موعظه اخوانك عنها ،
ولا يجوز لك الاقامه على المعاصى و ترك النصيحه لاخوانك ؛
لان ذلك جمع بين معصيتين ،
فعليك التوبه الى الله من هذا ،
مع النصيحه لاخوانك ،
ولا تكون بذلك منافقا ،
ولكنك تقع فيما ذمة الله و عاب فيه من فعلة فقوله سبحانة : ( يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ) و فقوله سبحانه: ( اتامرون الناس بالبر و تنسون انفسكم و انتم تتلون الكتاب افلا تعقلون ) ” انتهي من “فتاوي اللجنه الدائمة” (12 /268) .
وعليه فينبغى ان تستمرى فالامر بالمعروف و النهى عن المنكر ،
ولا يمنعك الوقوع فالمعصيه من النهى عنها ،
ولكن يجب عليك ان تجتهدى فتركها و ترك جميع معصيه ،
فان عاقبه عصيان الله و رسولة و بال على صاحبها فالدنيا و الاخره ،
وان تنتبهى كذلك الى انه اذا كان من الواجب على جميع احد ان يترك ما هو عليه من المعاصى ؛
فهذا الامر اشد و اوكد فحق من يامر الناس و ينهاهم ؛
لان كهذا حالة مذمومه مرذوله عند الله ،
كما سبق .
و لا شك ان معاتبتك نفسك على ذلك مما تحمدين عليها ،
فاستثمرى هذا ،
واحسنى الظن بالله ،
ولا تقنطى من رحمتة ،
وجاهدى نفسك على الترك .
واعلمي ان مجاهده النفس لتخليصها من شوائب الرياء و تجريد العمل لله من اعمال البر ،
ولكن توهم الرياء من النفس بعدها مدافعه الشيطان الذي زرع ذلك التوهم بها ليس من اعمال البر ؛
لان من طرق الشيطان كى يترك ابن ادم العمل ان يوهمة انه يرائى فيجب عدم الالتفات الى هذا و مدافعتة .
روي ابن المبارك ف“الزهد” (ص 12) عن الحريث بن قيس قال : اذا اردت امرا من الخير فلا تؤخرة لغد ،
واذا كنت فامر الاخره فامكث ما استطعت ،
واذا كنت فامر الدنيا فتوح ،
واذا كنت فالصلاة فقال لك الشيطان : انك ترائى ،
فزدها طولا ” .
انتهي من الزهد لابن المبارك (ص 12) .
وقال ابن مفلح رحمة الله :
” مما يقع للانسان انه اذا اراد فعل طاعه يقوم عندة شيء يحملة على تركها خوف و قوعها على و جة الرياء ،
والذى ينبغى عدم الالتفات الى هذا ،
وللانسان ان يفعل ما امرة الله عز و جل فيه و رغبة به ،
ويستعين بالله تعالى ،
ويتوكل عليه فو قوع الفعل منه على الوجة الشرعى .
و ربما قال الشيخ محيى الدين النووى رحمة الله : لا ينبغى ان يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من ان يظن فيه الرياء بل يذكر بهما جميعا ،
ويقصد فيه و جة الله عز و جل ” .
انتهي “الاداب الشرعية” (1 /333) .
فعليك بالقصد و السداد ،
وعدم الالتفات الى و ساوس الشيطان ،
وكلما جاءك الشيطان ليقذف فنفسك توهم الرياء فاصرى على العمل و سارعى به و لا تتثانية عنه يذهب عنك ذلك الوسواس ان شاء الله ؛
لان الشيطان اذا راي العبد كلما اوهمة انه يرائى ازداد فالعمل و نشط الية و لم يكترث فيه ايس منه و ترك ذلك الوسواس لانة ياتى بالنتائج العكسيه .
اما اذا و سوس الية فاتبع و سواسة زاد عليه منه حتي يصرفة عن العمل .
والله اعلم .