اتبعوا ولا تبتدعوا

ولا تبتدعوا اتبعوا 20160913 2343

شرح اثر ابن مسعود – رضى الله تعالى عنه – “اتبعوا و لا تبتدعوا فقد كفيتم”

الحمد لله،
والصلاة و السلام على رسول الله،
واشهد ان لا الة الا الله و حدة لا شريك له،
واشهد ان محمدا عبدة و رسوله،
وبعد،،


قال ابن مسعود رضى الله عنه ،

اتبعوا و لا تبتدعوا فقد كفيتم


قوله ” اتبعوا ” يعني: ما جاء فكتاب الله و سنه رسولة صلى الله عليه و سلم قال تعالى: ﴿ و اطيعوا الله و رسولة و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم و اصبروا ان الله مع الصابرين﴾ [الانفال :46].
ففى اتباع السنه و الاخذ فيها طاعه لله و رسولة – صلى الله عليه و سلم – و هذا سبيل النجاه من الاختلاف المذموم.
عن ابي هريره رضى الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم – : انني ربما تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله و سنتى و لن يتفرقا حتي يردا على الحوض.
اخرجة الحاكم فمستدركة (319)،
والبيهقى فالسنن الكبري (20337).


و عبد الله بن مسعود من السابقين الاولين المهاجرين،
فهو من اكبر علماء الصحابة،
يقول – رضى الله عنه -: ” اتبعوا ” يعني: ما جاء فكتاب الله و سنه رسولة صلى الله عليه و سلم،
فهو يطابق قول الرسول – صلى الله عليه و سلم -عن العرباض بن ساريه – رضى الله عنه – قال: قال الرسول – صلى الله عليه و سلم-: فانه من يعش منكم بعدى فسيري اختلافا كثيرا ،

فعليكم بسنتى و سنه الخلفاء الراشدين،
عضوا عليها بالنواجذ،
رواة ابو داود و الترمذي،
وقال حديث حسن صحيح .

وهذا هو الاتباع الذي امرنا فيه النبى – صلى الله عليه و سلم -.


و قوله رضى الله عنه: “ولا تبتدعوا” فهو يطابق كذلك قول الرسول – صلى الله عليه و سلم – عن العرباض بن ساريه – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم -: و اياكم و محدثات الامور؛
فان جميع محدثه بدعه ،

وكل بدعه ضلالة.
هذا هو الابتداع،


و قوله صلى الله عليه و سلم: فان جميع بدعه ضلالة


قال ابن حجر – رحمة الله تعالى -:


” و المراد بقوله : ( جميع بدعه ضلاله ) ما اخر و لا دليل له من الشرع بطريق خاص و لا عام.
فتح البارى (3/ 254).


تعريف البدعة:


لغة:


قال الامام الشاطبي – رحمة الله تعالى – فالاعتصام:


و اصل ما ده ((بدع)) للاختراع على غير مثال سابق،
ومنة قول الله تعالى: ﴿بديع السماوات و الارض﴾ [البقرة: 117،
الانعام: 101] اي مخترعهما من غير مثال سابق متقدم.
انتهي (1/ 49).


و اما شرعا: كيفية فالدين مخترعه تضاهى الشرعيه يقصد بالسلوك عليها المبالغه فالتعبد لله سبحانه.
انتهى.
من كتاب الاعتصام للشاطبي (1/ 50).


عن عائشه رضى الله عنها ،

قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من اخر فامرنا ذلك ما ليس منه فهو رد.
اخرجة مسلم – رحمة الله تعالى -.


قال ابن حجر – رحمة الله تعالى-:


و ذلك الحديث – يعني حديث : من اخر فامرنا ذلك ما ليس منه فهو رد – معدود من اصول الاسلام و قاعده من قواعدة ؛

فان من اخترع فالدين ما لا يشهد له اصل من اصولة فلا يلتفت اليه.
الفتح (5/ 302).


و قال النووى – رحمة الله تعالى -:


قال اهل العربية : الرد هنا بمعني المردود ،

ومعناة : فهو باطل غير معتد به،
وهذا الحديث قاعده عظيمه من قواعد الاسلام،
وهو من جوامع كلمة – صلى الله عليه و سلم – فانه صريح فرد جميع البدع و المخترعات،
وهذا الحديث مما ينبغى حفظة و استعمالة فابطال المنكرات و اشاعه الاستدلال به.
شرح النووى على صحيح مسلم (12/ 16).


و قال ابن رجب – رحمة الله تعالى -:


فكل من اخر شيئا و نسبة الى الدين،
ولم يكن له اصل من الدين يرجع اليه،
فهو ضلالة،
والدين منه بريء.
جامع العلوم و الحكم (2/ 128)


و قال ابن حجر : و المراد بقوله : ( جميع بدعه ضلاله ) ما اخر و لا دليل له من الشرع بطريق خاص و لا عام.
الفتح و ربما تقدم تخريجه.


بعدها قال – رضى الله عنه – ” فقد كفيتم” معناة لا تحتاجون الى زياده و الى تكلف،
يكفيكم ان تعملوا بما جاء فكتاب الله و سنه رسولة صلى الله عليه و سلم،
وما قالة صحابه رسول الله – صلى الله عليه و سلم – لم يبق لاحد سبيل للزياده و النقصان،
ويخترع للناس امورا يظن انها خير،
وانها تقرب الى الله سبحانة و تعالى،


قال جل و علا: ﴿اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام﴾ [المائدة: 3].


قال ابن كثير – رحمة الله تعالى-: “هذه اكبر نعم الله – تعالى – على هذي الامة؛
حيث اكمل تعالى لهم دينهم،
فلا يحتاجون الى دين غيره،
ولا الى نبى غير نبيهم – صلوات الله و سلامة عليه – و لهذا جعلة الله تعالى خاتم الانبياء،
وبعثة الى الانس و الجن،
فلا حلال الا ما احله،
ولا حرام الا ما حرمه،
ولا دين الا ما شرعه،
وكل شيء اخبر فيه فهو حق و صدق لا كذب به و لا خلف،
كما قال تعالى: ﴿وتمت كلمت ربك صدقا و عدلا﴾ [الانعام: 115]؛
اي: صدقا فالاخبار،
وعدلا فالاوامر و النواهي،
فلما اكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة؛
ولهذا قال تعالى: ﴿اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام﴾ [المائدة: 3] اي: فارضوة انتم لانفسكم،
فانة الدين الذي احبة الله و رضيه،
وبعث فيه اروع الرسل الكرام،
وانزل فيه اشرف كتبه”.
تفسير ابن كثير (5 /246).


روي البخارى و مسلم من حديث طارق بن شهاب – رحمة الله تعالى -،
عن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – ان رجلا من اليهود قال له: يا امير المؤمنين،
ايه فكتابكم تقرؤونها،
لو علينا – معشر اليهود – نزلت لاتخذنا هذا اليوم عيدا،
قال: اي اية؟
قال: ﴿اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام﴾ [المائدة: 3]،
قال عمر: ربما عرفنا هذا اليوم،
والمكان الذي نزلت به على النبى – صلى الله عليه و سلم – و هو قائم بعرفه يوم جمعة.


و قال على بن ابي طلحه – رحمة الله تعالى – عن ابن عباس – رضى الله عنهما-: قوله: ﴿اليوم اكملت لكم دينكم﴾ [المائدة: 3] و هو الاسلام،
اخبر الله نبية – صلى الله عليه و سلم – و المؤمنين انه ربما اكمل لهم الايمان فلا يحتاجون الى زياده ابدا،
وقد اتمة الله فلا ينقصة ابدا،
وقد رضية فلا يسخطة ابدا،
وقال ابن جرير و غير واحد: ما ت رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بعد يوم عرفه بواحد و ثمانين يوما.


ان الدين ربما كمل فلا يحتاج الى زياده ابدا،
فما يفعلة اهل الضلاله من البدع انما هو ابتداع فدين الله،
واتهام لهذا الدين بالنقص،


فقد كفيتم ،

فلا يجوز لاحد ان ياتى بعبارة من عنده،
او يتقعر و يتكلف و ياتى بمعان لم يقلها السلف خصوصا فباب العقيده و اختراع الكلمات فالاسماء و الصفات بما يعلم قطعا مخالفتة للكتاب و السنه و لم يقلها من سبق من السلف الصالح نعم ليس له سبيل فهذا،
بل ذلك هو الضلال فاغزر الناس علما هم الصحابة،
،
لا يتكلفون ،

وانما ياخذون من مقتضي الكتاب و السنه بدون تكلف،


و روي ابن حميد عن ما لك – رحمهما الله تعالى – انه قال : لم يكن شيء من هذي الاهواء فعهد النبى – صلى الله عليه و سلم – و ابي بكر و عمر و عثمان.
وكان ما لكا يشير بالاهواء الى ما حدث من التفرق فاصول الديانات من امر الخوارج و الروافض و المرجئة


و نحوهم ممن تكلم فتكفير المسلمين،
واستباحه دمائهم و اموالهم،
او فتخليدهم فالنار،
او فتفسيق خواص هذي الامة،
او عكس ذلك،
فزعم ان المعاصى لا تضر اهلها،
او انه لا يدخل النار من اهل التوحيد احد.
انتهى.
جامع العلوم و الحكم (2/ 132).


فما من خير الا و النبى – صلى الله عليه و سلم – دل امتة عليه،
وما من شر الا حذر امتة منه،
فليس لنا ان نتكلف فالنصوص،
قال ابو ذر رضى الله عنه : لقد تركنا رسول الله – صلى الله عليه و سلم – و ما يقلب طائر جناحية فالسماء الا ذكر لنا منه علما لهذا.
تفسير ابن جرير ( 5/188).


و اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم،
اغزر الناس علما،
واقلهم تكلفا،
قوم اختارهم الله لصحبه نبية صلى الله عليه و سلم،
لا يبعدون عن الكتاب و السنه فعلينا باثار من سلف و العمل بالكتاب و السنه على فهم السلف الصالح.


و الحمد الله رب العالمين،
وصلي الله و سلم على نبينا محمد،
وعلي الة و صحبة اجمعين.

  • اتبعوا ولا تبتدعوا
  • اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم
  • اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم صحة الحديث
  • حديث كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
  • قال ابن مسعود اتبعوا ولا

اتبعوا ولا تبتدعوا